||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 116- فائدة اصولية: الدقة والتسامح في وضع الاسماء لمسمياتها

 90- (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) مؤسسات المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي-3 - مسؤولية الأفراد تجاه الناس ومؤسسات المجتمع المدني والدولة

 مناشئ الحقوق في شرعية الحاكم والدولة (5)

 197- ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ) ـ 8 ـ الموقف من استراتيجية تسفيه الاراء والتشكيك في الانتماء

 275- مباحث الأصول: (الموضوعات المستنبطة) (5)

 153- حقائق عن الموت وعالم البرزخ وسلسلة الامتحانات الالهية

 463- فائدة فقهية: دلالة السيرة على إمضاء معاملة الصبي الراشد

 282- (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) 7 تصحيح المسار في الصراط المستقيم على حسب الغاية والفاعل والموضوع والقابل

 فقه الرؤى

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23960938

  • التاريخ : 19/04/2024 - 09:17

 
 
  • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .

        • الموضوع : 416- وجوه الحكمة من المعاريض ـ روايات شاهدة على الوجوه الخمسة السابقة 6ـ للترويض على ملكة الاجتهاد .

416- وجوه الحكمة من المعاريض ـ روايات شاهدة على الوجوه الخمسة السابقة 6ـ للترويض على ملكة الاجتهاد
الأربعاء 14 رجب 1435هـ



بسم الله الرحمن الرحيم 
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط – معاريض الكلام 
 
سبق ذكر وجوه خمسة باعتبارها من حِكَم أو علل معاريض الكلام، فلنستشهد على كل منها بشاهد من الروايات ونترك استيعابها إلى وقت آخر، ثم لنضف بعض الحِكَم الأخرى، فنقول: 
 
1- لا محدودية المعاني، مع تناهي الألفاظ والأوقات والاستعدادات 
 
ومما قد يستشهد به على ذلك ما رواه في الكافي (عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَنْتُمْ؟ قَالَ نَحْنُ خُزَّانُ عِلْمِ اللَّهِ وَنَحْنُ تَرَاجِمَةُ وَحْيِ اللَّهِ وَنَحْنُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى مَنْ دُونَ السَّمَاءِ وَمَنْ فَوْقَ الْأَرْضِ))([1]) وقد وردت بمضمونها روايات عديدة. 
 
أقول: علم الله تعالى لا متناهي ولا محدود وذلك بديهي إضافة إلى انه قد أشارت إليه الآية الكريمة (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً) هذا من جهة ومن جهة أخرى فان الكلمات والجمل محدودة وكذا طاقة وخلايا المخ على استيعاب وانتقاش وحصول الصور العلمية بها([2]) فلا يمكن ان تحيط الكلمات والخلايا المحدودة بكلمات الله تعالى اللامحدودة إلا بواسطة (المعاريض) و(البطون) بان يكون لكل كلمة أو جملة سبعون بطناً أو معراضاً، والمراد من سبعين الكثرة فقد يكون لكل منها الملايين من المعاني، وذلك من وجوه تصوير كيفية كون القرآن الكريم (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ) مع ان كل شيء لا متناهي بنحو اللامتناهي اللا يقفي وكلمات القرآن محدودة([3]). 
 
اللهم إلا ان يقال: ان محل علومهم هو قلبهم المبارك وروحهم القدسية، وهي مجردة – على المشهور – وغير متناهية. فتأمل([4]) ولكن ومع ذلك فان المستظهر بالنظر لسنة الله تعالى كون العلوم، في وجه من وجوهها، مودعة عندهم على نظام التنزيل والتأويل والبطون والمعاريض، فالكلمة منها قد تكون مفتاحاً للملايين من العلوم، وقد يشير إليه قوله ( عليه السلام ): ((علمني رسول الله ألف باب كل باب يفتح ألف باب))([5]) 
 
كما يؤيده مثل الحروف المقطعة في القرآن الكريم. 
 
وقد يشهد له نظام التكوين حيث كل تفصيل فيه فانه مكنون في إجمال([6]) ومنه ما وصل إليه العلماء في الشفرة الجينية الوراثية حيث ان ما وصلوا إليه حتى الآن هو ان الجين الوراثي رغم لا تناهيه في الصغر فانه يتضمن ثلاثة مليار معلومة مما لا تستوعبها ألوف الكتب الضخمة! 
 
وليس الاستدلال بالاستقراء ليقال انه ناقص بل بالاستقراء المعلل. فتأمل ويكفي الدليل النقلي من أمثال ما مضى وسيأتي غيره بإذن الله تعالى. 
 
2- ان تكون بمنزلة الكنوز المتجددة والذخائر للأجيال على مر التاريخ 
 
فحيث انهم صلوات الله عليهم أئمة للناس إلى يوم القيامة وحيث علموا حصول الغيبة الكبرى وطولها لذا اودعوا العلوم في معاريض الكلام وبطونه، فكلما تطوّر العلم والفقه والفقهاء وكلما كرروا النظر وأعادوا الفكر، اكتشفوا مكنوناً وبطناً أو معراضاً من كلامهم، ولذا فان فوائد كلماتهم لا تنتهي ولا تنقطع بل (أكلها دائم) فهي كالقرآن الكريم إذ وصفه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بـ ((أَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دِيناً نَاقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِهِ؟ أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى؟ أَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دِيناً تَامّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ ( صلى الله عليه وآله ) عَنْ تَبْلِيغِهِ وَأَدَائِهِ؟ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَفِيهِ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً وَإِنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ لَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ وَلَا تَنْقَضِي غَرَائِبُهُ وَلَا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِه))‏([7]) 
 
ومما يشهد لذلك ما رواه أيضاً في الكافي الشريف في باب ان حديثهم صعب مستصعب عن ((أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ وَ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ عِنْدَنَا وَ اللَّهِ سِرّاً مِنْ سِرِّ اللَّهِ وَ عِلْماً مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا يَحْتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ وَ اللَّهِ مَا كَلَّفَ اللَّهُ ذَلِكَ أَحَداً غَيْرَنَا وَ لَا اسْتَعْبَدَ بِذَلِكَ أَحَداً غَيْرَنَا، وَ إِنَّ عِنْدَنَا سِرّاً مِنْ سِرِّ اللَّهِ وَ عِلْماً مِنْ عِلْمِ اللَّهِ أَمَرَنَا اللَّهُ بِتَبْلِيغِهِ فَبَلَّغْنَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا أَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ فَلَمْ نَجِدْ لَهُ مَوْضِعاً وَ لَا أَهْلًا وَ لَا حَمَّالَةً يَحْتَمِلُونَهُ حَتَّى خَلَقَ اللَّهُ لِذَلِكَ أَقْوَاماً خُلِقُوا مِنْ طِينَةٍ خُلِقَ مِنْهَا مُحَمَّدٌ وَ آلُهُ وَ ذُرِّيَّتُهُ ع وَ مِنْ نُورٍ خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ مُحَمَّداً وَ ذُرِّيَّتَهُ وَ صَنَعَهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ الَّتِي صَنَعَ مِنْهَا مُحَمَّداً وَ ذُرِّيَّتَهُ فَبَلَّغْنَا عَنِ اللَّهِ مَا أَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ فَقَبِلُوهُ وَ احْتَمَلُوا ذَلِكَ فَبَلَغَهُمْ ذَلِكَ عَنَّا فَقَبِلُوهُ وَ احْتَمَلُوهُ وَ بَلَغَهُمْ ذِكْرُنَا فَمَالَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى مَعْرِفَتِنَا وَ حَدِيثِنَا فَلَوْ لَا أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ هَذَا لَمَا كَانُوا كَذَلِكَ لَا وَ اللَّهِ مَا احْتَمَلُوهُ))([8]) 
 
فان ظاهر (فلم نجد له موضعاً... حتى خلق الله لذلك أقواماً) هو ان هؤلاء الأقوام سيخلقون فيما بعد أو هو أعم من مَن ولدوا في حياتهم ( عليه السلام ) بعد صدور تلك الكلمات، وممن سيولدون إلى يوم الظهور المبارك. 
 
كما ان ظاهر (فبلغهم ذلك عنا فقبلوه) هو البلوغ بواسطة أما لبعد زمان أو لبعد مكان، كما استظهر ذلك أيضاً العلامة المجلسي في مرآة العقول (قوله ( عليه السلام ) فبلّغهم ذلك عنّا، أي بواسطة الروّات الثقات كما في البعداء في زمان حضور الإمام، وكما في جميع الشيعة في زمان غيبته، وقيل: هو مطاوع بلغنا ذكر للتأكيد).([9]) 
 
وذلك يدعو الفقيه وغيره لكي لا ينقطع عن تكرار التأمل والتدبر والتفكير والنظر في كلماتهم مرة بعد أخرى إلى ما شاء الله فقد يكتشف وجهاً جديداً أو فرعاً مستحدثاً يمكن استخراجه منه وهكذا، ويكفي التمثيل بقوله ( عليه السلام ) (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) حيث ذكروا له ستة وجوه واحتمالات وفرعوا عليه المئات من الفروع والمسائل. 
 
3- ان تكون دليلاً على إمامتهم لكونها إعجازاً 
 
ويشهد له قوله تعالى(( (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) وقد روى في الكافي الشريف: فَرَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ قَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيلِ وَالتَّأْوِيلِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُنْزِلَ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ، وَأَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ، وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ إِذَا قَالَ الْعَالِمُ فِيهِمْ بِعِلْمٍ فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا، وَالْقُرْآنُ خَاصٌّ وَعَامٌّ وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ وَنَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ فَالرَّاسِخُونُ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ))([10]) 
 
وقال المجلسي في مرآة العقول: (واختلف في نظمه وحكمه على قولين: (احدهما) أنّ الراسخون معطوف على الله بالواو على معني أن تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله وإلا الراسخون في العلم، فانهم يعلمونه (ويقولون) على هذا في موضع النصب على الحال، وتقديره قائلين (امنا به كل من عند ربنا) وهذا قول ابن عباس ومجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير، وإختيار أبي مسلم، وهو المروي عن أبي جعفر ( عليه السلام )، والقول الآخر: أنّ الواو في قوله (والراسخون) واو الاستئناف، فعلى هذا القول يكون تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى، والوقف عند قوله: (إلا الله) ويبتدء بـ(والراسخون في العلم يقولون آمنا به) فيكون مبتدأ وخبراً، وهؤلاء يقولون أنّ الراسخين لا يعلمون تأويله، ولكنهم يؤمنون به (كل من عند ربنا) معناه المحكم والمتشابه جميعاً من عند ربنا، (وما يذكّر) أي وما يتفكّر في آيات الله ولا يرد المتشابه إلى المحكم (إلا أولوا الألباب) أي ذوو العقول)([11]). 
 
أقول الظاهر هو المعنى الأول وهو الذي وردت به الرواية عن الإمام الباقر ( عليه السلام )، إضافة إلى سلاسة المعنى واستقامته أكثر عليه، إضافة إلى انه موافق لسائر الآيات والروايات.([12]) 
 
4-5- اقتضاء التعليم والتربية التدريجية 
 
ومما يشهد له ما ورد في الكافي أيضاً ((أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ ذُكِرَتِ التَّقِيَّةُ يَوْماً عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمَ أَبُو ذَرٍّ مَا فِي قَلْبِ سَلْمَانَ لَقَتَلَهُ وَ لَقَدْ آخَى رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) بَيْنَهُمَا فَمَا ظَنُّكُمْ بِسَائِرِ الْخَلْقِ إِنَّ عِلْمَ الْعُلَمَاءِ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ فَقَالَ وَ إِنَّمَا صَارَ سَلْمَانُ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ امْرُؤٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلِذَلِكَ نَسَبْتُهُ إِلَى الْعُلَمَاءِ))([13]) 
 
وقال العلامة المجلسي في محتملات (لَقَتَلَهُ) (ما في قلب سلمان) أي 1- من مراتب معرفة الله ومعرفة النبي والأئمة صلوات الله عليهم وغيرهما مما ذكرنا سابقاً فلو كان أظهر سلمان له شيئاً من ذلك كان لا يحتمله ويحمله على الكذب والارتداد، 2- أو العلوم والأعمال الغريبة التي لو أظهرها له لحملها على السحر فقتله، 3- أو كان يفشيه فيصير سبباً لقتل سلمان، وقيل: 4- الضمير المرفوع راجع إلى العِلم والمنصوب إلى أبي ذر أي لقتل ذلك العلم أبا ذر أي كان لا يتحمله عقله فيكفر بذلك، 5- أو المعنى لو ألقى إليه تلك الأسرار وأمر بكتمانها لمات من شدة الصبر عليها، 6- أو لا يتحمل سرّه وصيانته فيظهره للناس فيقتلونه)([14]) 
 
وإذا كان أبو ذر ممن لا يتحمل فما بالك بسائر الناس؟ نعم قد يخرج من رحم الزمان، على امتداد القرون، علماء ذوو تحمل أكثر ممن سبقهم، إضافة إلى ان تطور العلوم التدريجي، والتراكم المعرفي على مرّ القرون مما يزيد من قابلية القابل وطاقته الاستيعابية وتحمل الأكثر. 
 
6- للترويض على ملكة الاجتهاد 
 
وذلك هو نفس السبب الذي دعا الأئمة الأطهار (عليهم السلام) إلى فتح باب الاجتهاد في حياتهم فقالوا ((عَلَيْنَا إِلْقَاءُ الْأُصُولِ وَ عَلَيْكُمُ التَّفْرِيعُ))([15]) فمع ان باب العلم كان بنفسه منفتحاً في زمنهم بإمكان سماع الأحكام والعلوم منهم مباشرة، للكثيرين، مع ذلك فتحوا بأنفسهم (عليهم السلام) باب الاجتهاد رغم انه ظني وان كان معتبراً وذلك لعلمهم بان زمن الغيبة سيبدأ وسوف يطول ولا مفزع للشيعة إلا الاجتهاد فكان لا بد من تأسيسه وتربية الشيعة عليه في زمنهم كي يكون حاله طبيعية واضحة الحدود والمعالم حتى بعد غيبتهم، فيكون الشيعة أقرب الناس للصواب في الفروع كالأصول. 
 
وذلك بعينه هو وجه الحكمة في (معاريض الكلام) أيضاً. 
 
ولذلك بعينه نعارض تبعاً لجمع من الأعاظم تبسيط الكتب الدراسية فان الكتب المعمقة، كالقوانين والضوابط والعناوين وبدائع الأفكار والرسائل والمكاسب والكفاية والفوائد والبدائع وغيرها هي التي تنمي ملكة الاجتهاد، أما المبسطة ففائدتها لمن أراد الدراسة المحدودة لا تنكر إلا انها ضعيفة في تنمية الملكة بالقياس إلى الكتب المعمقة الدقيقة. 
 
والحاصل: ان الأحاديث ذات المعاريض والبطون وان الكتب المعمقة – لا لتعقيد لفظي - هي التي تنمي الملكة وتضاعف قوة الإبداع والاجتهاد والاستنباط. وللحديث صلة 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) الكافي ج1 ص192. 
 
([2]) هذا على حسب أحد المباني في حقيقة العلم، والأقوال فيه أكثر من ستة أشار إلى ستة منها في (المنظومة): 
 
من تلك أنْ في جنسه أقوالُ 
 
 
 
 
كيفٌ، إضافةٌ، أو انفعالٌ 
 
 
 
 
([3]) ذكرنا في بعض الكتب وجوها تسعة لتصوير ذلك وقد استفدنا أكثرها من حاشية المشكيني على الكفاية وأضفنا لها وجوهاً أخرى. 
 
([4]) إذ ذكرنا في بعض المباحث عدم ثبوت مجرد غير الله تعالى، نعم تناهيها – أي أرواحهم المطهرة – غير ضار بامكان استيعابها لكل الكلمات لأن أرواحهم أوسع منها وتلك لا يقفيه وليست مطلقة. 
 
([5]) الاختصاص ص283. 
 
([6]) ونظيره ما عبروا عنه بالعلم الإجمالي في عين الكشف التفصيلي. 
 
([7]) نهج البلاغة: ص61. 
 
([8]) الكافي ج1 ص402. 
 
([9]) مرآة العقول ج4 ص320. 
 
([10]) الكافي ج1 ص213. 
 
([11]) مرآة العقول ج2 ص434. 
 
([12]) وقد فصل الحديث عن ذلك وعن رد ما توهمه (الميزان) من ان الواو في (والراسخون) استئنافية، كتاب (بحوث هامة في المناهج التوحيدية) فراجع. كما ذكر العلامة الأمييني في الغدير والعلامة المجلسي في البحار وصاحب العبقات في العبقات للشيخ البحراني والسيد الابطحي في عوالم العلوم ومستدركاتها الروايات الكثيرة المتواترة الدالة على إحاطتهم صلوات الله عليهم لكل العلوم. 
 
([13]) الكافي ج1 ص401. 
 
([14]) مرآة العقول ج4 ص315. 
 
([15]) وسائل الشيعة ج27 ص62.

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الأربعاء 14 رجب 1435هـ  ||  القرّاء : 3980



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net