||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 40- الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله)2 (التبليغ) ومعانيه الشمولية والتحديات الكبري

 119- تطوير الاداء التبليغي -التبليغ التخصصي والجامعي

 189- مباحث الاصول : (مبحث العام) (2)

 152- فائدة فقهية: صور دوران عنوان اللهوية مدار القصد

 133- فلسفة التفاضل التكويني: 4- معادلة التناسب بين الامتيازات والمواهب وبين المسؤوليات والمناصب

 221- مباحث الأصول: (القطع) (2)

 192- مقاييس الاختيار الالهي : 1ـ الاتقان والاتمام في شتى مراحل الحياة

 296- الفوائد الأصولية (الحكومة (6))

 19- (وكونوا مع الصادقين)2 المرجعية للصادقين

 معالم المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23594615

  • التاريخ : 19/03/2024 - 11:21

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 303- الفوائد الأصولية (الحكومة (13)) .

303- الفوائد الأصولية (الحكومة (13))
9 ربيع الأول 1440هـ

الفوائد الأصولية (الحكومة (13))
جمع و اعداد الشيخ عطاء شاهين *

الفائدة الثالثة والعشرون: ومن خواص الحكومة على سائر أنواع الجمع العرفي : أن المخصص يكون بياناً للعام بحكم العقل؛ وأما الحاكم فهو بيان للمحكوم بلفظه ؛ فهو تخصيص في المعنى بتفسير لفظي بمنزله أعني ؛ لذا فهو  لا يحتاج إلى توسط حكومة العقل لرفع التعارض؛ إذ لا يوجد  تعارض أصلاً .
وفيه: أن ذلك المائز أخص من الحكومة ؛ إذ أنه يصح في الحكومة التنزيلية توسعةً وتضييقاً دون الحكومة برفع الحكم ؛ فإن  (لا ضرر) ليس مفسراً بلفظه للفظ الصيام في (كتب عليكم الصيام) ؛ وإنما هو حاكم على مدلوله ومؤداه ؛ ومقدم عرفاً لكونه ناظراً إلى مدلوله؛ أو لأن طبيعة الأحكام الثانوية عرفاً وارتكازاً أنها كذلك .

تفصيل الفائدة:
ومما تمتاز به الحكومة على سائر أنواع الجمع العرفي – كالتخصيص - حسب ما تبناه الشيخ (قدس سره) بقوله:  (والفرق بينه وبين التخصيص: أن كون المخصص بيانا للعام إنما هو بحكم العقل الحاكم بعدم جواز إرادة العموم مع العمل بالخاص، وهذا بيان بلفظه ومفسر للمراد من العام، فهو تخصيص في المعنى بعبارة التفسير)[1].
وبعبارة أخرى: أن الإرادة الجدية للخاص تعاند الإرادة الجدية للعام فتتقدم عليها بحكم العقل لاقوائيتها منها، وقد يعلّل ذلك بأن دلالة العام على كون أفراده مرادة بالإرادة الجدية إنما هو بالدلالة التضمنية لكون العام انحلالياً ، أما دلالة الخاص على كون مورده مراداً بالإرادة الجدية فمطابقية وهي أقوى منها[2]؛ فحيث كان هذا أقوى من ذاك وحيث أمتنع اجتماعهما حكم العقل بتقدم هذا على ذاك، عكس الحاكم فإنه تفسير لفظي للمحكوم فهو بمنزله أعني فلا يحتاج إلى توسط حكومة العقل لرفع التعارض؛ إذ لا تعارض أصلاً ولو بدواً.

المناقشة: هذا المائز أخص من الحكومة وطارد لبعض أنواعها بل لمعظمها
ولكن يرد عليه: أن ذلك المايز أخص من الحكومة ؛ وأنه إنما يصح في الحكومة التنزيلية بتضييق الموضوع أو توسعته كـ (لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَ وَلَدِهِ رِبا... ) [3] و ( الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة )[4] كما سبق ؛ لأنه ظاهر في تفسير الربا والصلاة، عكس الحكومة بالرفع فيما كان مصبه المحمول كـ(لا ضرر) ؛ فإنه من الواضح أنه ليس مفسراً بلفظه للفظ الصيام في (كتب عليكم الصيام) ؛ وإنما هو حاكم على مدلوله ومؤداه ومقدم عرفاً لكونه ناظراً إلى مدلوله؛ أو لأن طبيعة الأحكام الثانوية عرفاً وارتكازاً أنها كذلك[5] . هذا.

وهي دعوى بلا دليل
وقد أنكر الميرزا النائيني (قدس سره) هذه الدعوى وهذا الفارق واستدل بـ(فدعوى : أنه يعتبر في الحكومة أن يكون أحد الدليلين مبيناً لما أريد من مدلول الآخر وما يكون اللفظ ظاهراً فيه مما لا شاهد عليها، فإنه ليست الحكومة مدلول دليل لفظي حتى يدعى أن المستفاد من الدليل ذلك)[6].
وبعبارة أخرى: إذا كان لفظ الحكومة والحاكم قد ورد في آية أو رواية لأمكن التمسك به أو بإطلاقه لتصحيح كلام الشيخ بأن يقال إن ظاهر الحكومة- والتي تعني الهيمنة والسيطرة والقهارية- أن الحاكم بلفظه مهيمن على لفظ المحكوم[7] ؛ فهو مفسر له بلفظه؛ إذ الإعراض عن ذلك  دعوى أن المراد بحكومته حكومة مراده الجدي أو حكومة العقل - بعد أن رأى التصادم والتعارض- خلاف الظاهر جداً.

والمرجع خواص الحكومة الأساسية وهي تفيد الأعم
لكن حيث لم يرد لفظ الحكومة في دليل نقلي فلا بد أن نرجع إلى خواصها ومميزاتها الجوهرية لنكتشف مدى صحة مثل هذه الخاصية الظاهرية الثانوية، فمنها: أنه لا تلاحظ النسبة ، ومنها أنه لا تلاحظ الأظهرية[8] ؛ وهاتان الخاصيتان -كنظائرها - متحققتان في الأعم من التفسير بلفظه وتشملان مثل (لا ضرر).

تفسير النائيني لكلام الشيخ (التفسير يعني نتيجة التفسير)! خلاف ظاهره بل نصه
ثم إن الميرزا النائيني (قدس سره) حيث استبعد إرادة الشيخ (قدس سره) ظاهر كلامه - لوضوح ورود الإشكال عليه-  فسّره بما نرى أنه خلاف ظاهر كلام الشيخ  (قدس سره) بل خلاف نصه، قال الميرزا: (والظاهر أن مراد الشيخ (قدس سره) من التفسير في قوله : «وهو تخصيص في المعنى بعبارة التفسير» ليس هو التفسير اللفظي، بل المراد منه نتيجة التفسير وإن لم يكن تفسيرا لفظياً، بداهة أنه لو كان مفاد أحد الدليلين بمدلوله المطابقي ما تقتضيه نتيجة تحكيم الخاص والمقيد على العام والمطلق، لكان حاكماً على الآخر، مع أنه ليس في تحكيم الخاص والمقيد على العام والمطلق ما يوجب شرح اللفظ: فإن الخاص والمقيد لم يتعرض لما أريد من لفظ العام والمطلق، بل وظيفة الخاص والمقيد بيان الموضوع النفس الأمري وما تعلقت به الإرادة الواقعية من دون أن يتصرف في لفظ العام والمطلق، بناء على ما هو التحقيق : من أن التخصيص والتقييد لا يوجب التجوز في لفظ العام والمطلق. نعم : بناء على أن التخصيص والتقييد يقتضي المجازية، يكون الدليل الذي كان مفاده المطابقي ما تقتضيه نتيجة تحكيم الخاص والمقيد على العام والمطلق شارحا ومبينا لما أريد من لفظ العام والمطلق)[9].
لكن هذا التفسير خلاف صريح عبارة الشيخ السابقة[10] فراجعها، إضافة إلى أنه مناقض لغاية الشيخ وتصريحه بأن هذا هو الفارق؛ فإنه اعتبر هذا فارقاً بين الحكومة والتخصيص وأما على تفسير الميرزا للتفسير بأن المراد به نتيجة التفسير فإن هذا سيكون وجه اشتراك لا فارقاً!.

واستشهاده بما هو أغرب
ثم استشهد الميرزا بما هو غريب من مثله فقال: (وبالجملة: تحكيم قوله: «لا تكرم النحويين» على قوله: «أكرم العلماء» لا يقتضي أزيد من أن الموضوع النفس الأمري لوجوب الاكرام هو العام الغير النحوي، من دون أن يستلزم ذلك تصرفا في لفظ «العلماء» فلو فرض أنه كان هذا المعنى مدلول دليل آخر لا بلسان التخصيص والتقييد، كما لو قال عقيب قوله «أكرم العلماء»: «العالم هو غير النحوي» أو قال: «النحوي ليس عالما» كان قوله هذا حاكما على قوله: «أكرم العلماء» مع أنه ليس فيه شرح وتفسير لفظي، فتخصيص الحكومة بما يكون فيها شرح اللفظ بلا موجب)[11].
مع وضوح الفرق بين مثل (لا ضرر) ومثل ( لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَ وَلَدِهِ رِبا...) وظهور الثاني في أنه تفسير للفظ الربا بتوسعته في المصطلح الشرعي كما سبق، والغريب منه تسويته بين الحاكم والمخصص من حيث اللسان لمجرد أن كليهما في اللب استثناء وتخصيص.
والحاصل: أن اللازم التفرقة بين الحكومة التنزيلية توسعةً وتضييقاً ، والحكومة برفع الحكم والمحمول كما سبق.

تطويرالميرزا الكبير لكلامالشيخ وتفسيره  لـ(المفسّر) فيكلامه
ثمإنالميرزا الشيرازي الكبير فسّر (قدس سره)  -بل وطوّر- الفارق الذي ذكره الشيخ بين الحاكم والمخصص بقول:  ( وأما ميزان الحكومة فأحسن ما يقال فيه: أن يكون الحاكم - أولاً وبالذاتوبنفسه – مفسراً  للمرادمن المحكومعليه، ومبيناً لكمية مدلوله، لكنه غير رافع لموضوعه، بل هو مع وجود الحاكم صادق على المورد -أيضاً – وإنما الحاكم أوجب رفع الحكم المعلق عليه عن المورد ، والمراد من كونه مفسراً له أولاً أنه يكون بحيث لا يفهم التنافي بينه وبين المحكوم عليه من أول النظر، بل يكونكالقرائن المتصلة من حيث كونه موجبا لظهور المحكوم عليه في اختصاص الحكم الذي تضمنه بغير موردالحاكم ابتداء.
و بعبارة اخرى : ميزانه أن يكون بحيث يوجب ظهور المحكوم عليه في إرادة اختصاص الحاكم المعلق على الموضوع المذكور فيه بغير مورد الحاكم مع صدق ذلك الموضوع على ذلك المورد بنفسه, وذلك المورد بنفسه, وذلك بأن يكون ذلك الدليل الحاكم بمنزلة قول المتكلم أعني غير هذا المورد )[12].

أقول ههنا مطالب:
الفرق بين الحاكم بنفسه والحاكم بلفظه
المطلب الأول: أن الميرزا غيّر عبارة (بلفظه) الموجودة في كلام الشيخ[13] إلى (بنفسه) وذلك للخلاف المبنوي في اختصاص الحكومة بالأدلة النقلية أو عمومها للأدلة غير اللفظية أيضاً كالعقل والإجماع الذي لا معقد له , وقد سبق أن المنصور أنه يعم صوراً  أربع: ما كانا – أي الدليلان- لفظيين أو عقليين أو بالاختلاف , وسيأتي برهانه ؛ ولذا قال في الحاشية قولنا : (بنفسه) إنما عدلنا إلى ذلك , ولم نقل : (بلفظه) كما صنع المصنف (قدس سره) لأن الحاكم قد يكون دليلاً لبياً فلا يشمله اللفظ , ومن هنا ظهر أن إيراده - (قدس سره) – (قوله) : (بلفظه) لا يستقيم [14].

المطلب الثاني: أن الميرزوا فسّر (التفسير) بأمرين :
معنى (التفسير): أن لا يفهم التنافي ولو بدواً
الأمر الأول : أن لا يفهم التنافي بينه وبين المحكوم عليه من أول النظر , وتوضيحه: أن الخاص المنفصل ينافي العام بدواً فالتعارض بينهما بدوي غير مستقر أما المتصل فلا تعارض ولا بدوياً بينه وبين العام , وأما الحاكم فهو كالمتصل لا يعارض ولو بدوياً المحكوم  ؛ والسر في ذلك أن مثل ( ليس بين الرجل و ولده ربا...)[15] و(الطواف بالبيت صلاة)[16] مما ضيق الموضوع أو وسّع إنما يدور في عالم التنزيل وأما (حرم الربا) ففي عالم التكوين أي أن موضوع (حرم الربا) هو الربا التكويني أي ما هو ربا بالحمل الشائع خارجاً ، وموضوع (ليس بين الرجل و ولده ربا...) هو الربا التنزيلي فإنه نزل الربا بينهما منزلة اللاربا لا الربا التكويني ؛ لوضوح أن الربا يعني الزيادة وهي أمر وجداني خارجي ؛ فإنه إذا اقرض فأخذ الأكثر كان ربا وزيادة دون شك فهما من عامين مختلفين فكيف يتعارضان ؟
ويرد عليه : أن ذلك لا ينفي التعارض البدوي أو الإذعان بالتعارض البدوي غير المستقر فيكون كالخاص والعام من هذه الجهة ، فتأمل.
على أن هذا إن صح فلا يصح في الحكومة برفع الحكم كما في (لا ضرر) لوضوح التنافي البدوي بين (كتب عليكم الصيام)[17] و(لا ضرر) في مادة الاجتماع .
الثاني : أن يكون الحاكم موجباً لانقلاب ظهور المحكوم .

المناقشة :
ويرد عليه : أنه أخص من الحكومة ؛ حيث إن الالتزام به طارد لبعض أفرادها وذلك لما سبق؛ فإنه تام في في الحكومة التنزيلية تضييقاً أو توسعة دون الحكومة برفع الحكم كما في أدلة العناوين الثانوية لوضوح أن لا ضرر لا يوجب انقلاب ظهور (ثم أتمّوا الصيام إلى الليل)[18] بل قد يقال : أن تقدم عموم ( لا ضرر)  الشامل للصوم الضرري- وغيره - ليس أولى من تقدم عموم (ثم أتمّوا الصيام..) للصوم الضرري وغيره, لولا ما سيأتي .

التفصيل بين الحكومة المصطلحة والعرفية
فالحق هو التفصيل بين نوعي الحكومة : الحكومة المصطلحة أو التفسيرية أو البيانية وهي المتحققة في مثل (لا ربا) و (الطواف بالبيت) والحكومة العرفية وهي الجارية في مثل (لا ضرر ) والتي عرفها السيد الاصفهاني مقتبساً من كلام الآخوند بقوله: (الحكومة العرفية المعبر عنها بالتوفيق العرفي , وهي عبارة عن كون الدليلين بحيث إذا عرضا على العرف يوفقون[19] بينهما بالتصرف في أحدهما أو كليهما بالحمل على معنى لا ينافي أحدهما أو كليهما بالحمل  على معنى لا ينافي أحدهما الآخر بلا ملاحظة نسبة بينهما, بل يقدمون أحد الدليلين على الآخر ولو كان أضعف دلالة منه وكانت النسبة بينهما عموماً من وجه , ولمشاكلتها مع الحكومة الاصطلاحية في عدم ملاحظة النسبة والاظهرية بين الدليلين عرفاً عُبِّر عنها بالحكومة العرفية , وذلك كالأدلة النافية للعسر والحرج والضرر ونحوها مما يتكفل لأحكامها الثانوية بالنسبة إلى أدلة الأحكام بعناوينها الأولية, حسبما تقدم في قاعدة لا ضرر على ما هو المختار عند المصنف وعندنا)[20].
وأما الحكومة المصطلحة فهي (عبارة عن كون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي ناظراً لبيان مدلول الدليل الآخر , وناظراً إلى مقدار دلالته وكمية مقداره, توسعة وتضييقاً, وهل يعتبر فيه الشارحية الفعلية...)[21] .

المرجع في الخلافات المبنوية وغيرها
المطلب الثالث: أن المرجع في حسم مثل هذا الخلاف -وسائر الخلافات في هذا المقام وغيره-  هو الخواص المتفق عليها للحكومة أو الخواص التي يراها الأصولي مسلّمة للحكومة, والأول لدى الخلافات المبنوية بين الأعلام ، والثاني لدى شك الأصولي -أو الفقيه-  نفسه فإنها تكون حينئذ عنده [22] هي المرجع بالبرهان الإني لتشخيص حال سائر الفوارق مطلقاً والضوابط الثانوية خاصة, مثل هذا الضابط والفارق أو الضابط السابق[23].

ضابط الحكومة المرجعي
وضابط الحكومة المرجعي - عموماً أو خصوصاً[24] - الذي لا شك فيه أحد أمور :
أولاً: أنه لا تلاحظ النسبة بين الدليلين وذلك فيما إذا رأى العرف تقدم أحدهما على الآخر بنفسه ولو كانت النسبة بينهما العموم من وجه, وذلك كلا ضرر ولا حرج مع أدلة العناوين الأولية فإنه وإن صح أنه كما يمكن الحكم بتقدم لا ضرر على مورد الاجتماع وهو الصوم الضرري كذلك يمكن العكس بتقدم (ثم أتمّوا الصيام) على الضرر ليجب الصوم مطلقاً وإن كان ضررياً, إلا أن السبب في تقديم العناوين الثانوية على الأولية دون العكس هو أن العرف يرى الثانوية متقدمة رتبةَ على الأولية أنها متى اجتمعت كانت هذه المهيمنة وذلك من مرتكزات العرف المسلّمة.
فعدم ملاحظة النسبة مرجعأصلي في تشخيصالحكومة، وحيث لبيقسمي المصطلحة والعرفية عمّتهماالحكومة فوجب أنيكون تعريفها كذلك ، ولميصح التقييد بإيجابالحاكم انقلاب ظهورالمحكوم ولا كونه لفظياً ولا شبه ذلك.
ثانياً: أنه لاتلاحظ الأظهرية، ولكنسبق النقاش فيذلك مفصلاً [25].


الفائدة الرابعة والعشرون: ومن خواص الحكومة عن سائر أنحاء الجمع العرفي: أنه لا تعارض بين الحاكم والمحكوم مطلقاً؛  بخلاف الخاص والعام إذ توجد معارضة بدوية؛  وفي سبب  نفي ذلك التعارض أقوال ؛ أولها : بإرجاع القضية الحملية إلى قضية شرطية ؛ كما  (الربا حرام) و(لا ربا  بين الرجل و ولدِهِ ) إذ الأول يرجع  إلى قضية شرطية  وهي إذا كان ربا فهو ليس بحرام؛  والشرطية غير متكفلة بتحقق موضوعها؛  وبما أن الثاني  نفى الموضوع فلا يقع التصادم بينهما ؛ وثانيها: لعدم المنافاة بين الوجود  التنزيلي والتكويني ؛  فإن ( لا ربا بين الرجل و ولدِهِ  )  و(حرم الربا)  حيث كان الأول من عالم التنزيل والثاني من عالم التكوين فلا يقع التصادم بينهما؛ إذ أنهما من عالمين مختلفين؛ وثالثها: هو أن العرف لا يفهم ولا يرى تعارضاً بين الحاكم والمحكوم ؛  فإنه وإن كان أحدهما  مثبت للحكم وآخر  ناف له  ولكنه مرحلة فهم العرف للدليل لا يوجد  تعارض ؛ ورابعها: أنها جميعاً متعارضة بالتعارض البدوي، ولكن الفرق بين الحاكم والمخصص هو أن الحاكم يعارض المحكوم بالتعارض البدوي  بنحو أضعف ، وأما الخاص فيعارض العام بالتعارض البدوي بنحو ضعيف؛  إذ الحاكم لكونه بلسان المسالمة  فهو يوهن التعارض إلى أبعد درجاته ، و أما الخاص فليس بذلك الوهن رغم أنه غير مستقر.
ويُرد على الأول: أن ذلك الإرجاع خلاف القاعدة والعرف والإمكان أعم من الوقوع ؛ بل أن الحملية أيضاً لا تتكفل موضوعها ؛ لذا فإن إبقاء الحملية على حالها  يتم  به المطلوب على المدعى،  ويرد على الثاني : أن ذلك لا ينفي التعارض البدوي ؛ لأنهما حيث تطابقا على مورد واحد تعارضا؛  إذ يكون هذا الربا حراماً بحكم القياس إلى هذا ويكون حلالاً بحكم القياس إلى ذلك؛  فالتعارض وإن لم يكن  بين الأول والثاني بما هما هما ذاتياً لكنه تعارض عرض؛ ويرد على الثالث: أن تلك الخاصية غير منحصرة  بهما ؛  يشترك بها العام والخاص أيضاً؛ إذ العرف لا يفهم التنافي بين (أكرم العلماء) و ( لا تكرم زيداً منهم) وإن وُجد التعارض الواقعي لكون العام انحلالياً فيعارض الخاص في مورده  ؛ بل ويرد عليه  أن ذلك يستلزم خروج (لا ضرر) ونظائره عن الحكومة؛ فحيث كانت النسبة بينها وبين العناوين الأولية هي من وجه  فهي متعارضة في مرحلة الفهم أيضاً ؛ بالإضافة إلى أن الأسماء موضوعة لمسمياتها الثبوتية لا لما يفهم منها ؛ كذلك فإن الأوصاف للموضوعات أوصاف لها بما هي هي لا للمفهوم منها  ؛ فالمتعارضان صفة للخبرين الثبوتيين بما هما هما وليسا صفة للمفهوم منهما ؛ فالصحيح هو القول الرابع.

تفصيل الفائدة:
ومما عدّ ميزة للمحكوم على سائر أنحاء الجمع العرفي, أنه لا يوجد تعارض حتى بدوي بين الحاكم والمحكوم, عكس مثل الخاص والعام فانه يعارضه معارضة بدوية غير مستقرة, ويمكن الاستدلال على عدم وجود المعارضة حتى البدوية بوجوه:

رجوع القضية الحملية إلى شرطية
منها: ما تبناه المحقق النائيني (قدس سره)  من إرجاع القضية الحملية إلى قضية شرطية, وبه يظهر عدم التنافي بين قوله تعالى: (حرّم الربا) أو (الربا حرام) و (وليس بين الرجل و ولدِهِ ربا... ) [26] إذ (الربا حرام) يعود إلى أنه إذا كان ربا فانه ليس بحرام والشرطية غير متكفلة بتحقق موضوعها و(لا ربا..) متكفل لنفي الموضوع فلا تصادم بينهما البتة.

المناقشة والحل
وفيه: أن إعادتها لها خلاف القاعدة والعرف والإمكان أعم من الوقوع؛ إضافة إلى أن الجواب غير متوقف على ذلك[27] , بل يصح مع إبقاء الحملية على ظاهرها ؛ إذ الحملية أيضاً لا تتكفل موضوعها المثبت للحكم على طبيعيِّ الربا من غير تطرق لوجوده – أي الحاكم – وعدمه ؛ وذلك عكس الخاص كـ(ليس هذا النوع من الربا بحرام) فإنه يعارض (الربا حرام) في حكمه في مورد الخاص.

لعدم المنافاة بين الوجود التكويني والتنزيلي
ومنها: ما ذكرناه من أن السر في ذلك أن مثل (وليس بين الرجل و ولدِهِ ربا...) و (الطواف بالبيت صلاة) [28] - مما ضيق الموضوع أو وسّع - إنما يدور في عالم التنزيل  ؛ وحيث كان موضوع  (حرم الربا)  يدور في عالم التكوين [29]، وموضوع (وليس بين الرجل و ولدِهِ ربا...) هو الربا التنزيلي أي عالم التنزيل -  فإنه نزّل الربا بينهما منزلة اللاربا لا الربا التكويني؛ لوضوح أن الربا يعني الزيادة وهي أمر وجداني خارجي ؛ فإنه إذا أقرض فأخذ الأكثر كان ربا وزيادة دون شك-  فهما من عالمين مختلفين فكيف يتعارضان؟[30].

تفصيل المناقشة
وقد أجبنا عنه بـ(ويرد عليه: أن ذلك لا ينفي التعارض البدوي؛  فإن  عالم التكوين وإن لم يرتق إلى عالم التنزيل لكن التنزيل يتنزّل إليه ؛ إذ أنه تطرق لحكم عالم التكوين إذ مفاده بالمآل أن الربا التكويني ليس بحرام وإن كان لتنزيله منزلة اللاربا [31].
ونضيف: أن ههنا ثلاثة أدلة:
الدليل الأول :حرم الربا.
الدليل الثاني : لا ربا بين الوالد وولده.
الدليل الثالث : قيام العلم أو العلمي –كالبيّنة-  على أن هذا ربا [32].
ولا تعارض  بين الأول والثاني لو كانا بمفردهما لما سبق[33], كما لا تعارض بين الأول والثالث ؛ إذ أنه منفتح لموضوعه, إنما التعارض بين الأول والثاني بلحاظ وجود الثالث ؛ إذ أفاد الثالث الصغرى وأفاد الأول الكبرى[34].
وأما الثاني فإنه وإن أفاد التنزيل وكان التنزيل من عالم الاعتبار - وهو أجنبي عن عالم التكوين والأعيان-  إلا أنهما حيث تطابقا على مورد واحد تعارضا؛  إذ يكون هذا الربا حراماً بحكم القياس الأول ويكون حلالاً بحكم (لا ربا) , فالتعارض وإن لم يكن بين الأول والثاني بما هما هما ذاتياً لكنه تعارض عرضي .
وبعبارة أخرى: الحيثية التعليلية فقد تطابق الحكمان على مورد واحد فكان حلالاً حراماً فهذا هو المتضاد.
نعم ، لوكان الحيثيتان تقييديتين لتعدد الموضوع فلم يقع تضاد بين الحكمين, وذلك هو ما أشرنا إليه: فإن للتكوين وإن لم يرتق إلى عالم التنزيل لكن التنزيل تنزل إليه إذ تطرق لحكم عالم التكوين؛  إذ مفاده بالمآل أن الربا التكويني ليس بحرام وإن كان لتنزيله منزلة اللاربا.
وعليه فالتعارض البدوي موجود، نعم حيث كان هذا مفسراً كان حاكماً. هذا.
تخلص الشيرازي عن إشكال التعارض بوجه دقيق بنقل الكلام إلى الفهم
ولكن الميرزا الشيرازي (قدس سره)  قد تخلص عن إشكال التعارض بين الحاكم والمحكوم بوجه دقيق لطيف؛ إذ أنه نقل البحث عن التعارض بين الحاكم والمحكوم إلى فهم التعارض والتنافي وعدمه؛  فقال (قدس سره) : (والمراد من كونه مفسراً له أولاً: أنه يكون بحيث لا يفهم التنافي بينه وبين المحكوم عليه من أول النظر)[35] .
وهذا دقيق لطيف ؛ إذ لا شك أن الحاكم يعارض المحكوم من حيث المآل في الحكم ؛ إذ هذا مثبت وذاك ناف - ولو كان بلسان المسالمة والنظر - لكنه لا تعارض في مرحلة الفهم [36]؛ إذ العرف لا يفهم ولا يرى تعارضاً بينهما فالفرق بين الثبوت والإثبات كبير, والمراد بالثبوت: تعارض الحكمين بالمآل ،  والمراد بالإثبات: فهمنا للدليلين.
ولكن هذا الوجه إذا تم كان الخاص مع العام مشتركاً مع الحكومة في هذه الجهة ؛ إذ العرف لا يفهم التنافي بين (أكرم العلماء) و (لا تكرم فساقهم أو لا تكرم زيداً منهم) وإن وُجد التعارض الواقعي لكون العام انحلالياً فيعارض الخاص في مورده .

عليه يبتني وضوح صحة تخصيص الكتاب بالخبر الظني
وإن تم كلام الميرزا (قدس سره) [37] كان هذا وجهاً أقوى في رد شبهة العامة : في أنه كيف يُخصّص الكتاب القطعي السند بالخبر الظني السند؟ لأنه إذا لم يفهم العرف التعارض ولو البدوي بينهما فلا منافاة أصلاً كي يستشكل بكيف يخصص؟ بل أحدهما حينئذٍ مكمل للآخر.
نعم، على التنافي -ولو البدوي-  يأتي شبح الإشكال وإن لم يصح, لكن دفعه على نقل الكلام إلى الفهم أوضح, فتدبر جيداً.

مناقشة مع الميرزا الشيرازي
وتحقيق مدى تمامية تخلص الميرزا الشيرازي من إشكال التعارض المبدئي غير المستقر في موارد الجمع العرفي - كالخاص والعام والحاكم والمحكوم- يقتضي رسم أمور:

المباني الأربع في مصب التعارض
الأمر الأول: أن في تحديد مصب التعارض خلافاً مبنوياً؛ فقد ذهب المشهور[38] إلى أنه المدلولان ؛ ولذا عرفوه بـأنه: تنافي مدلولي الدليلين على وجه التناقض والتضاد.
وذهب البعض- كالآخوند-  إلى أنه (الدلالتان)[39]، بينما أضاف البعض الآخر-كالأصفهاني- وجهاً وموطناً آخر للتنافي وهو (الحجية) ، وقد فسرها بمعنى جعل المماثل ، بينما نرى تفسيرها بلزوم الاتباع ؛ إذ لم نفسرها بالكاشفية[40].
وأما الميرزا الشيرازي فقد ذهب - حسب ظاهر كلامه في بحث الحكومة خاصة – إلى أن المصب هو (الفهم).
وحينئذٍ نقول: أولاً:  لا ريب في أن مدلولي العام والخاص والحاكم والمحكوم متعارضان؛ إذ مفاد أحدهما وجوب إكرام العلماء حتى العالم الفاسق ومفاد الآخر عدم وجوب إكرامه[41] وإن اختلف اللسان كما سبق؛ فقد تعارضا في مورد الخاص والحاكم.
وثانياً: كما أن الدلالتين كذلك ؛ لوضوح معارضة دلالة (أكرم العلماء) على وجوب إكرام الفساق منهم لأجل مقام العموم، لدلالة (لا تكرم فساق العلماء) على عدم الوجوب أو الحرمة.
وثالثاً: وكذلك الحجيتان؛ إذ يتنافى الإلزام باتباع هذا مع الإلزام بإتباع ذاك في مورد الخاص ،  وكذلك يتنافى جعل مماثل هذا وذاك معاً.
ورابعاً: أما (الفهم) فلا؛ إذ لا يفهم العرف تنافياً بين الخاص والعام ولا بين الحاكم والمحكوم[42].
نعم ، يبقى البحث في أمر خامس وهو هل أن التنافي - (في أي مصب من المصابِّ الأربع فرض[43])-  في مرحلة الإرادة الجدية أو الاستعمالية؟ وقد سبق بحثه مفصلاً ولعله تأتي الإشارة إليه.

الإشكال بتبعية المبنى الرابع لما سبقه
الأمر الثاني : أنه قد يقال: إنه كيف يعقل التفكيك بين المصب الرابع وما سبقه؛ إذ الفهم متفرع على الدلالة فإذا تنافت الدلالتان لزمه تنافي الفهمين ؛ وكذا لو تنافى المدلولان أو الحجيتان؟

الجواب والمناقشة
وقد يجاب: أن ذلك يعود إما للقول بأن ظهور العام معلق على عدم مجيئ المخصص المنفصل؛  فإذا لم يجئ انعقد له الظهور وإذا جاء انعقد ظهوره في الأخص[44] ؛ ولذا لا يفهم العرف التنافي بينها، وأما للقول بأن ظهور العام أضعف ومحكوم بأظهرية الخاص لذا لا يفهم العرف التعارض؛ ولكنه غير تام على كلا المبنيين:

مبنى تعليق ظهور العام على عدم مجيء المنفصل
أما على مبنى التعليق: - فمع قطع النظر عن الإشكال مبنىً بأن ظهور العام إذا لم يتصل به مخصصه تنجيزي لا تعليقي؛ وإلا للزم مساواته للمطلق وللزم كون الخاص وارداً على العام مع أنه إما حاكم أو مخصص كما سبق بحثه-  فإنه يلزم منه عدم المنافاة بين الدلالتين والمدلولين والحجتين أيضاً؛ إذ مع كون العام تعليقياً فلا ظهور له في العموم إلا إذا عدم المخصص في الأزمان اللاحقة بنحو الشرط المتأخر ؛ فإذا وُجد كشف عن عدم انعقاد ظهور للعام في العموم أصلاً -وكان منذ حين صدوره مراعىً- فلم يكن مدلولان ولا دلالتان لتتنافيا، ولا حجتان بالتبع.
فقد تساوت المباني الأربع - من هذه الجهة - فلم يكن لمبنى إضافة قيد الفهم وجعله المصب مزية ولا فائدة في جهة البحث.

مبنى تنجيزه وتقدم المنفصل بالأظهرية
وأما على مبنى الأظهرية : - إذا التزم به الميرزا-  فإنه يلزم منه نقض الغرض أيضاً ؛ إذ الالتزام بتقدم الخاص على العام -والحاكم على المحكوم - للاظهرية إذعان بالتعارض؛ إذ هو اعتراف بأن هذا ظاهر وذاك أظهر فهما متعارضان إلا أن هذا يتقدم على ذاك بالأظهرية.
وعليه تتساوى المباني الأربع أيضاً؛ إذ كما المدلولان- على هذا- متعارضان والدلالتان والحجيتان بالمعنيين الآنفين كذلك؛  كذلك ما يفهم منها ؛ إذ يفهم أظهرية هذا من ذاك المستبطن لظهور ذاك فالتعارض ثابت في مرحلة الفهم البدوي.
نعم، ليس مستقراً إذ يرتفع بأدنى تبصر ؛ لكنه على المباني الثلاث الأخرى كذلك ؛ فالتعارض البدوي متحقق في المراحل الأربع والمستقر منتفٍ فيها بأجمعها[45].

ما المرجع في تحديد مصب التعارض؟
الثالث: أن المرجع في تحديد مصب التعارض هو الفهم العرفي لـ(المتعارضين) و(المختلفين) الواردين في أحاديث الباب، فلا بد من تحديد ما يستفيده العُرف؟
مناقشة مع الميرزا الشيرازي في دعوى كون مصب التعارض هو الفهم
ولكن قد يورد على دعوى كون مصب التعارض هو (الفهم) - أو (ما يفهم من الخبرين) الذي استفيد من كلام الميرزا الشيرازي السابق- أمران:
إنه يستلزم خروج (لا ضرر) ونظائره عن الحكومة
الأمر الأول : أنه يستلزم خروج أمثال (لا ضرر) من أدلة العناوين الثانوية - مما يرفع الحكم بلسان رفع الموضوع[46]- عن الحكومة، لوضوح أنه حيث كانت النسبة بينها وبين العناوين الأولية هي من وجه كانت متعارضة في مرحلة الفهم أيضاً.
نعم ،يتقدم العنوان الثانوي على الأولي لكونه ناظراً إليه ؛ فهما متعارضان بدواً حسب المفهوم من ظاهرهما؛ لكنه يرتفع بملاحظة أن طبع الحكم الثانوي هو التقدم على الحكم الأولي[47]
المتعارضان صفة بالحمل الشائع للخبرين؛ لا لما يفهم منهما
الأمر الثاني: - وهو العمدة – أن كون مصب التعارض هو الفهم[48] من المجاز ومن الوصف بحال المتعلق الذي هو خلاف الأصل ؛ ولا يصار إليه إلا لدى تعذر المعنى الحقيقي أو سوق القرينة إليه ؛ وليس أي منهما متحققاً حتى في الحكومة التنزيلية تضييقاً أو توسعة.
بيانه: أنه كما أن الأسماء موضوعة لمسمياتها الثبوتية لا لما يفهم منها - لوضوح أن الأسماء موضوعة للمسميات الواقعية لا للصور الذهنية عنها ومفهومها أو ما يفهم منها- كذلك فإن الأوصاف للموضوعات أوصاف لها بما هي هي ولوجودها الواقعي لا للمفهوم منها أو الصورة الذهنية عنها، فقولك الصخرة جامدة والنبات نامٍ والماء راوٍ للعطش صفات لها بلحاظ وجودها الخارجي لا بلحاظ وجودها الذهني والمفهوم من موضوعاتها.
وفي المقام: قوله (عليه السلام) :  ( الْخَبَرَانِ أَوِ الْحَدِيثَانِ الْمُتَعَارِضَان )[49] أو ( بِحَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْن ) [50] فإن (المتعارضان) صفة للخبرين الثبوتيين بما هما هما ؛ أي للخبرين الصادرين عن زرارة وحمران –مثلاً- وليسا صفة للمفهوم منهما وللصورة الذهنية عنهما ؛ وإلا كان من الوصف بحال المتعلق ليكون المعنى: الخبران المتعارض المفهوم منهما أو المتعارض ما يفهم منهما.

المسلك المختار في مصب التعارض
ثم الحق أن المتعارضين صفة للدلالتين لا للمدلولين[51] ؛ فإنهما واسطة في الثبوت وحيثية تعليلية وليسا واسطة في العروض وحيثية تقييدية؛ فإن الخبر بما هو خبر ذاتيّه الأخبار والدلالة وهي متضادة أو متناقضة في مثل : يجب إكرام العلماء ويحرم إكرام العلماء أو لا يجب.
نعم ، سبب عروض التعارض عليه هو تضاد المدلولين أو تعارضهما؛ ألا ترى أن الأسود واللاأسود متناقضان حقيقة مع أن السبب هو كون مدلوليهما متناقضين ؟ فهما حيثية تعليلية لثبوت التناقض لنفس المفهومين.

المختار في تعارض موارد الجمع العرفي وعدمه
ثم إن المحتملات في كون الحاكم والمحكوم - والعام والخاص وغيرها من موارد الجمع العرفي- متعارضة بالتعارض البدوي[52] أو لا، أربعة :
الاحتمال الأول: أنهما متعارضان بالتعارض البدوي، ولعله المشهور.
الاحتمال الثاني: أنهما لا تعارض بينها بالمرة ، أي حتى بالتعارض البدوي.
الاحتمال الثالث: أن العام والخاص متعارضان بالبدوي، أما الحاكم والمحكوم فلا تعارض بينهما حتى البدوي؛ نظراً لمقام التفسير.
الاحتمال الرابع: التفصيل بالقول بأنها جميعاً متعارضة بالتعارض البدوي، لكن الفرق بين الحاكم والمخصص هو أن الحاكم يعارض المحكوم بالتعارض البدوي لكن بنحو أضعف ، أما الخاص فيعارض العام بالتعارض البدوي ولكن بشكل ضعيف؛ وذلك لأن الضعف والقوة من الحقائق التشكيكية ذات المراتب ولسان الحاكم لكونه لسان المسالمة يوهن التعارض إلى أبعد درجاته وحدوده ، أما الخاص فليس بذلك الوهن رغم أنه غير مستقر.
وهذا الاحتمال هو المنصور ، وعليه يبتني عدّ هذا خاصيةً وميزة أخرى للحكومة على سائر موارد الجمع العرفي ، ولعله يأتي له مزيد إيضاح كما ستأتي بعض الثمرات المترتبة على ذلك، فتدبروا حتى ذلك الحين[53].

الثمرة على الأقوال
ثم إن الثمرة على ما اخترناه وعلى الأقوال الأخرى- في القول بتميّز الحاكم عن المخصص بأنه ليس مع المحكوم من المتعارضين ولو بدواً أما الخاص مع العام فمنهما بدواً، أو القول بأنهما جميعاً من المتعارضين بدواً لكن التعارض البدوي بين الحاكم والمحكوم أضعف من التعارض البدوي بين الخاص والعام فإنه ضعيف مع جامع كونهما جميعاً من البدوي غير المستقر كما اخترناه، وبين القول بأنهما من المتعارضين بدواً بدرجة واحدة أو عدم كونهما من المتعارضين أصلاً- تظهر في مواضع :

انقلاب النسبة بين الأدلة لتقديم الحاكم دون الخاص
منها : بحث انقلاب النسبة ؛ فلو ورد عام وحاكم ومخصص وكان تقديمهما جميعاً على العام يستلزم استثناء الأكثر المستهجن أو كانا يستغرقان أفراد العام كلها فإذا كانت جميعاً في عرض واحد تعارض – بناءً على القول بأنهما من المتعارضين - سند العام مع مجموع سندي الحاكم والخاص ؛ والمرجع حينئذٍ التساقط أو الترجيح والتخيير.
وأما لو قلنا- كما هو المنصور- بأن تقدم الحاكم على العام المحكوم أظهر من تقدم الخاص عليه وأن معارضة المحكوم للحاكم ضعيفة جداً وأما معارضة الخاص للعام فضعيفة، فمقتضى القاعدة تقديم الحاكم فيخصص به العام ؛ ثم حيث كان تخصيص العام بالخاص الآخر مستلزماً للاستهجان - أو الاستغراق - تعارض العام معه سنداً والمرجع المرجحات إذا كانت؛  وذلك لأن أظهرية الحاكم مرجّح لتخصيص العام به أولاً عكس الخاصين المعارضين للعام؛ إذ لا ترجيح لتخصيص العام بهذا دون ذاك - أو العكس - فتتعارض جميعاً، فتأمل.
والأمر على مسلك أن الحاكم ليس بمعارض ولو بدوياً والخاص معارض بدوياً أوضح؛ إذ يتقدم الحاكم لأنه مفسر ثم بعده تلاحظ النسبة بين العام المفسَّر المخصص بالحاكم وبين الخاص الآخر[54].

بحث تطبيقي:
وتحقيق القول في ذلك - تقدم الحاكم على العام أولاً ثم ملاحظة النسبة بين الخاص الآخر وهذا العام بعد تخصيصه بالحاكم- يتم بالإشارة إلى بعض الصور التي ادعي فيها انقلاب النسبة ؛ ووجه قول المشهور بعدم الانقلاب ؛ ووجه تفصيلنا بالقول ههنا بالانقلاب؛ فنقول: إن صور تعارض الأدلة-  فيما لو كانت ثلاثة فصاعداً- التي قد يقال فيها بانقلاب النسبة كثيرة ويكفي ههنا ذكر إحداها وعَرْض رأي المشهور وغير المشهور لنصل إلى الرأي الثالث المنصور:
 
لو وُجد عام وخاصان منفصلان
فمن الصور: ما إذا وجد دليل عام ودليلان خاصان منفصلان وكانت النسبة بين المخصصين التباين، فتارة لا يستلزم تخصيصه بهما محذوراً فيخصص بهما بلا كلام، وتارة أخرى يستلزم محذوراً- كبقاء العام بلا مورد أو تخصيص الأكثر المستهجن- والكلام والتفصيل والثمرة إنما هي في الصورة الثانية، ولها صور عديدة:

لو كان العام مرجوحاً سنداً
منها: ما لو كان العام مرجوحاً سنداً بالنسبة إلى كلا الخاصين، فذهب المشهور إلى طرحه والعمل بهما ؛ وذلك لأن الخاص الواحد وإن كان متقدماً على العام دلالة لكن فرض وجود خاصين - يستلزم إعمالهما تخصيص الأكثر المستهجن أو بقاء العام بلا مورد- يوجب سريان التعارض إلى سندها؛  إذ الخاصان – مجموعاً – لا يجتمعان مع العام فيتعارضان سنداً معه ؛ وأما إعمال أحدهما فترجيح بلا مرجح ؛ وحيث كان سندهما الراجح طرحا العام.

لو كان العام راجحاً سنداً، رأي المشهور وغيره
ومنها: ما لو كان العام راجحاً سنداً على كليهما، وهنا ذهب المشهور إلى طرحهما ؛ إذ التعارض واقع بين العام ومجموع الخاصين وحيث رجح سنداً عليهما طرحهما، وذهب بعض الأعلام إلى أن التعارض ليس بين العام ومجموع الخاصين إذ المعلوم كذب احدها لا غير ؛ فالتعارض فيها بين اثنين من الثلاثة[55] وحينئذٍ فاللازم الأخذ بالعام لرجحانه سنداً ؛ فبعد الأخذ به يقع التعارض السندي العرضي بين الخاصين إذ لا يمكن الأخذ بهما معاً بعد الأخذ بالعام؛ وحينئذٍ فإن كان أحد الخاصين أرجح سنداً أخذ به وإلا تخير بينهما بناء على قبول مسلك دلالة الأخبار على التخيير.
ولكن للمشهور أن يجيبوا عن دعوى أن التعارض ليس بين مجموع الأدلة الثلاثة بل بين العام وأحد الخاصين أو شبهه[56] إذ التكاذب ناتج من العلم بكذب أحدها فقط: بأن ذلك وإن كان دقة كذلك إلا أنه ليس كذلك عرفاً ؛ إذ العرف الذي هو المرجع في تشخيص الموضوعات يراها كمجموع متعارضة.
المنصور: التفصيل بين كون أحد الخاصين أظهر وعدمه
وعلى أي فالمنصور هو رأي ثالث وهو التفصيل بفرع جديد؛ وهو أن الدليلين - الذين هما أخص مطلقاً من العام - تارة يكونان من حيث الظهور بدرجة واحدة فالأمر كما ذكر [57]، وتارة يكون أحدهما أظهر من الآخر، وذلك كما في مورد البحث[58] وهو كون أحدهما حاكماً والآخر خاصاً فقط؛ فإنه حينئذٍ لا تصل النوبة للتعارض السندي مع وجود الجمع الدلالي بلا محذور المعارضة، إذ مع كون أحدهما حاكماً فإنه أظهر في تخصيص العام من الخاص الآخر فيكون تخصيص العام به- أي بهذا الحاكم الأخص مطلقا- دون الخاص الآخر ترجيحاً مع مرجح لا بلا مرجح.
وإنما اعتبرنا في فرض المشهور مجموع الخاصين معارضاً للعام لأجل كونهما متساويين ظهوراً  فلا يصح تقديم أحدهما على العام لأنه ترجيح بلا مرجح ، ولا كليهما إذا كان العام أرجح أو كانت كلها متساوية، ولكن لا يجري هذا المحذور في المقام ؛ إذ ترجيح أحدهما - وهو الحاكم الأخص - ترجيح مع مرجح ؛ وعليه يجب أن يُخصَّص العام به ثم يلاحظ حاله بعد تخصيصه به مع الخاص الآخر فقد يقدم عليه وقد يقدم الخاص الآخر.
ومنه ظهر حكم ما إذا كان العام مساوياً سنداً لمجموع الخاصين مع كون أحدهما أظهر لكون أحدهما حاكماً أخص والآخر خاصاً فقط. هذا.

أمثلة للبحث
ويمكن التمثيل للمبحث بأمثلة عديدة:
المثال الأول : ما لو دل دليل على استحباب الإحسان للناس كافة استناداً إلى مثل ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾[59] ودل دليل آخر على وجوب الإحسان للوالدين[60] استناداً إلى مثل ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾[61] ودل دليل ثالث على حرمة الإحسان للعصاة، وفرض أن مجموع الاستثنائين يستلزم تخصيص الأكثر المستهجن، ثم يفرض أحد الخاصين بلسان الحكومة التنزيلية بالتضييق.
المثال الثاني: لو دل دليل على استحباب التعليم وآخر على وجوبه في الصناعات والعبادات كفاية، وثالث على حرمته إذا علّمه ليظلم ويعتدي أو لمن يتقوى به على الظلم.
المثال الثالث: لو دل دليل عام على استحباب الصدقة وآخر على وجوبها للمضطر، وثالث على حرمتها لمن يصرفها في الظلم.
المثال الرابع: ما لو ورد: يستحب إكرام العلماء ، وورد خاصان: يجب إكرام العالم العادل، ويحرم إكرام العالم الفاسق.
ولا تخفى المناقشة في بعض الأمثلة السابقة لعدم كونها من كون النسبة بين الخاصين هي التباين بل النسبة من وجه، ولكن يمكن تقييد أحد الخاصين بما يباين به الآخر، على أن البحث هو البحث ، فتدبر جيداً.

من الأدلة على المدعى
ويدل على ما ذكرناه من دعوى التقدم بالأظهرية: أنه لورود ﴿حَرَّمَ الرِّبَا﴾[62] وورد ( لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَ وَلَدِهِ رِباً...) [63] وورد يجوز الربا بين الزوج والزوجة والمسلم والذمي أو الحربي – مثلاً- وفرض أن هذين الخاصين استغرقا أكثر أفراد العام، فإن من الواضح أن لسان (لا ربا) حيث كان منقحاً للموضوع حكومةً يتقدم على (حَرَّمَ الرِّبَا) أولاً ؛ فإنه بمنزلة المفسر له.
بل قد يقال: بأنه بمنزلة الوارد ؛ فكما أن أحد الخاصين لو كان وارداً على العام تقدم عليه بالبداهة دون الخاص الآخر ، فكذلك الحاكم بلسان تضييق الموضوع ؛ فإنه عرفاً مثله بعد إذ تنزل منزلته.
الاستدلال على انقلاب النسبة بعدم تحقق ركن التعارض الثاني في (الحاكم والخاص مع العام)
كما يدل على المدعى أيضاً أن تحقق التعارض متقوّم بتحقق أمرين معاً:
الأمر الأول: العلم بكذب إحدى الظهورات، مع بقائها على حالها.
الأمر الثاني: عدم قرينية بعضها على البعض الآخر.
وبهذا يتنقح قيد الأمر الأول ، فتدبر، وهذا كبرى.
وأما صغرى: فإن العام مع الخاصين حيث كانا في عرض واحد وكان تخصيص العام بهما مستلزماً لاستثناء الأكثر المستهجن – حسب الفرض – كان تقديم أحدهما على العام وحده ترجيحاً بلا مرجح وتقديمها معاً مما لا يمكن إلا إذا كان راجحين سنداً ، فإذا تساوت كان المرجع التخيير كأصل ثانوي في الأخبار وإذا كانا مرجوحين سنداً طرحهما العام، فعليه: إذا كان أحد الخاصين أظهر من الآخر أو كان أحدهما حاكماً والآخر خاصاً فقط كان ترجيحه مع المرجح لا بدونه.

تعميم ثمرة البحث لمطلق كون أحد الخاصين أظهر
ومما سبق ظهر أن فائدة البحث والتفصيل الذي صرنا إليه لا تنحصر في ما لو وُجد حاكم أخص وخاص آخر مع عام مخالف، بل يعم مطلق ما لو كان أحد الخاصين أظهر من الخاص الآخر، كما لو كان منقولاً باللفظ والآخر منقولاً بالمعنى أو كان أحدهما أفصح أو شبه ذلك.

وجه آخر للاستدلال على المدعى: كلام النائيني في العامين والخاص
ويمكن الاستدلال على المدعى -من انقلاب النسبة وتقديم تخصيص العام بالحاكم الأخص ثم ملاحظة النسبة بينه بعد تخصيصه به وبين الخاص الآخر فقد تكون من وجه- بالاستناد إلى ما ذكره الميرزا النائيني (قدس سره) في بحث آخر في صورة أخرى من صور التعارض ؛ وهي لو وُجد عامان متباينان وخاص مخصص لأحدهما- وصورتنا بالعكس أي ما لو وُجد عام وخاصان- فقد ارتأى (قدس سره) بداهة انقلاب النسبة حينئذٍ[64] فيخصص العام بالخاص ثم نلاحظ نسبته مع العام الآخر ؛ وذلك كما لو ورد أكرم العلماء وورد لا تكرم العلماء وورد مخصص للأول أكرم العلماء غير الفساق ؛ فإن أكرم العلماء يُقيَّد حينئذٍ بالعدول فيكون أخص مطلقاً من لا تكرم فيخصصه أيضاً.

وأن مركز التعارض الحجية لا الظهور، فتنقلب النسبة
وذكر (قدس سره) في الوجه في ذلك: أن مركز التعارض هو الحجية لا الظهور ؛ فإنه إن كان مركز التعارض الظهور فلا تنقلب النسبة ؛ إذ الظهورات الثلاثة فعلية لفرض انفصال الخاص عن العام فتتعارض جميعاً في عرض واحد ولا وجه لتقديم الخاص على أحد العامين أولاً.
وأما لو كان مركز التعارض هو الحجية فلا بد من تخصيص العام أولاً بالخاص ؛ وذلك لأن العام الذي انفصل عنه مخصصه وإن أنعقد له الظهور في مرحلة الإرادة الاستعمالية لكنه ليس حجة إلا فيما عدا مورد الخاص؛ فإن دلالته على أنه مراد بالجدية موقوفة على مجيء الخاص ؛ فإذا قلنا إن التعارض إنما هو تعارض الحجج فإن العام بعد التخصيص يكون حجة لا قبله؛ إذ قبله حجيته تعليقية، فبعد إذ صار حجة بإلحاق مخصصه به وتخصيصه به يواجه العام الآخر ؛ وحيث كان أخص منه مطلقاً تقدم عليه[65].

انقلاب النسبة في المقام سواء أكان مركز التعارض الظهور أم الحجية
أقول: ما ذكره هنالك نعتبره مدخلاً لتحليل فرعنا وهو ما لو كان عام وخاصان ؛ إذ نسأل: هل مركز التعارض هو الظهور أو الحجية؟
فإن قيل بأنه الظهور ؛ فلا يمكن تقديم تخصيص العام بأحدهما على تخصيص الآخر له إذا كان متساويين ظهوراً، لكن الفرض عدم تساوي الحاكم والخاص - وكذا المنقول باللفظ أو بالمعنى ونظائرهما- مع الآخر فيتقدم ويقدم ليتخصص العام به أولاً لأنه أظهر فتنقلب النسبة.
وإن قيل بأنه الحجية ؛ فالكلام الكلام[66] ؛ إذ الفرض أنه ليس حجة إلا بعد مجيء المخصص لكن المشكلة مجيء مخصصين يكون تقديمهما عليه موجباً لاستثناء الأكثر المستهجن وتقديم أحدهما خاصة يكون ترجيحاً بلا مرجح، لكن ذلك لا يجري في الحاكم والخاص ؛ إذ يكون تقديم الحاكم وتخصيص العام به أولاً مع مرجح لا بلا مرجح ؛ فيكون العام حجة بعد تخصيص الحاكم له؛  فيواجه حينئذٍ العام الآخر ؛ وحيث صار أخص منه مطلقاً تقدم عليه، فهذا هو انقلاب النسبة في العام والخاص والحاكم على كلا التقديرين[67].
تنبيه: سبق أن مصب التعارض أحد أربعة أمور: المدلولان، الدالان، الحجيتان، المفهومان، وقلنا هنالك خامس: هو الإرادة الجدية بناءً على أن الاستعمالية من الدالّين.
والميرزا ذكر من هذه الخمسة الثالث[68] والظهور الذي هو وليد الإرادة الاستعمالية أو هو هي[69] ، فتدبر وتأمل[70].

 
------------

* هذه المباحث الاصولية تجميع لما طرحه سماحة السيد في مختلف كتبه وبحوثه، قام باعدادها وجمعها و ترتيبها مشكوراً فضيلة الشيخ عطاء شاهين وفقه الله تعالى
[1] فرائد الأصول: ج4 ص14.
[2]  لكن هذا الدليل لا إطلاق له كما لا إطلاق لكون الخاص أقوى من العام، كما سبق بيانه.
[3]  الكافي : ج5 ص147.
[4]  عوالي اللئالي العزيزية: ج1 ص214.
[5]  والأول نظر بالفعل والثاني بالشأنية أو القوة. فتدبر.
[6]  فوائد الأصول: ج4 ص711.
[7]  أو على المراد من العام، حسب تعبير الشيخ، وما أخترناه أدق ، فتدبر.
[8]  على بحث سبق.
[9]  فوائد الأصول: ج4 ص711.
[10]   وهذا بيان بلفظه... .
[11]  فوائد الأصول: ج4 ص711-712.
[12]   تقريرات آية الله المجدد الشيرازي: ج 4 ص178-177  .
[13]   إذ قال   وهذا بيان بلفظه... .
[14]  تقريرات آية الله المجدد الشيرازي: ج4ص 177 الحاشية.
[15]  الكافي : ج5 ص147.
[16]  عوالي اللئالي العزيزية: ج1 ص214
[17]  سورة البقرة : الآية 183
[18]  سورة البقرة :  الآية 187
[19]  لا أن أحدهما يوجب قلب ظهور الآخر.
[20]  منتهى الوصول: 257
[21]  منتهى الوصول: ص256
[22]  أو عند الجميع لدى الاتفاق.
[23]  كونه حاكماً بلفظه أو بنفسه.
[24]  أي لدى هذا الأصولي الشاك, خاصة.
[25]  مباحث التعارض:  الدرس 157، 158.
[26]  الكافي  : ج5 ص147 .
[27]  إعادة الحملية للشرطية. فلا تنافي بين  الربا حرام  وبين   ليس بين الرجل وولده ربا... المتطرق لنفي الموضوع تنزيلاً.
[28]  عوالي اللئالي : ج1 ص214.
[29] أي ما هو ربا بالحمل الشائع خارجاً  .
[30]  انظر:  الدرس رقم  158 .
[31]  انظر:  الدرس رقم  158 ..
[32] العلم كما لو كانت الزيادة عينية, والعلمي كما لو كانت الزيادة اعتبارية أو معنوية. فتأمل
[33]  إذ سبق أنهما من عالمين مختلفين.
[34] هذا ربا ، وكل ربا حرام ؛ فهذا حرام.
[35]  تقريرات الميرزا الشيرازي: ج4ص 178.
[36]  أي فهمنا للدليلين.
[37]  وسيأتي التأمل فيه بإذن الله .
[38]  على حسب ما نقله الشيخ في الرسائل بقوله:  ولذا ذكروا...  ج4 ص11 إن كان  ذكروا  دالاً على أنه المشهور والأمر بحاجة إلى تتبع.
[39]  قال:  التعارض هو تنافي الدليلين أو الأدلة بحسب الدلالة ومقام الإثبات...
[40]  فصلنا الكلام عن الأقوال هذه في الدرس 18  580  فراجع.
[41]  فيما لو ورد  أكرم العلماء  و لا تكرم فساق العلماء .
[42]  سيأتي في البحث القادم الكلام عن ذلك.
[43]  بل في بعضها، فتدبر.
44]
[45]  ولهذا البحث تتمة لعلها تأتي إن شاء الله تعالى.
[46]  حسب بعض المباني، ولا فرق من حيث ورود الإشكال بين هذا المبنى في معنى  لا ضرر  وبين غيره.
[47]  أو لغير ذلك، مما فصل في محله.
[48]  أي ما يفهم منهما.
[49]  مستدرك الوسائل: ج17 ص303.
[50]  وسائل الشيعة: ج27 ص121.
[51]  كما لا يكون صفة لما يفهم منهما أو للفهم كما سبق.
[52]   وإنما قيدنا بالبدوي لوضوح انتفاء التعارض المستقر.
[53]  مباحث التعارض: الدرس 159 ، 160، 161.
[54]  مباحث التعارض : الدرس 163.
[55]  فبطرح واحد يزول التعارض فلا وجه لطرح الأكثر.
[56]   كالخاص والخاص أو العام الآخر فتأمل.
[57]  والأرجح رأي المشهور.
[58]  وسيأتي ذكر موارد أخرى بإذن الله تعالى.
[59]  سورة النحل: آية 90.
[60]  أو مع قيد غير العصاة، ليباين الخاص الآخر، فتدبر.
[61]  سورة البقرة: آية 36.
[62]  سورة البقرة: آية 275.
[63]  الكافي: ج5 ص147.
[64]  وإن كان الأصل عدم انقلابها.
[65]  أي تقدم العام المخصص على العام الآخر الذي كان مبايناً له والذي صار الآن أخص منه مطلقاً.
[66]  من حيث انقلاب النسبة.
[67]  ملاكية الظهور أو الحجية.
[68]  أي الحجية .
[69]  إن أريد من الإرادة الاستعمالية الدلالة الاستعمالية.
[70]  مباحث التعارض: الدرس 163، 164.

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 9 ربيع الأول 1440هـ  ||  القرّاء : 6438



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net