||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 375- فائدة تفسيرية: نسبة العدل إلى الإحسان

 301- وَلَا تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّه (6) الاصل العام (قولوا للناس حسنا) وحرمة سباب الاخرين

 26- فائدة ادبية بلاغية: نكات بلاغية في العدول عن صيغة المجرد الى صيغة المبالغة

 273- مباحث الأصول: (الموضوعات المستنبطة) (3)

 246- مباحث الاصول: (الحجج والأمارات) (4)

 376- فائدة كلامية: دليل حساب الاحتمالات على صحة الدعوة النبوية ومذهب أهل البيت

 383- فائدة أصولية: توقف الاجتهاد في المسائل الفرعية على الاجتهاد في مناشئ مقدماتها

 341- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (16) العدالة الاقتصادية كطريق إلى الديمقراطية

 353- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (4)

 172- مباحث الأصول : (مبحث الأمر والنهي) (1)



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23594172

  • التاريخ : 19/03/2024 - 10:19

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 302- الفوائد الأصولية (الحكومة (12)) .

302- الفوائد الأصولية (الحكومة (12))
5 ربيع الاول 1440هـ

الفوائد الأصولية (الحكومة (12))
جمع و اعداد الشيخ عطاء شاهين *

الفائدة الحادية والعشرون: أن الحاكم إذا انفصل عن المحكوم تعدد مدلولهما ، غاية الأمر أن الحاكم يتعايش مع المحكوم ولا يضاده ؛ إذ أن لسانه لسان المسالمة لا المنافاة والمصادمة بل هو متتم له ؛ حيث إن مدلول ( الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) غير مدلول )الصلاة يجب فيها الطهارة)؛ إذ أن تنزيل لهذا منزلة ذاك ؛ فهناك مدلول أول - وهو المنزّل عليه-  ومدلول ثانٍ مغاير له تماماً إلا أن الشارع نزّله منزلة الأول، والمدلول الثاني ليس نفس مدلول الأول بل هو أمر متمم بلسان المسالمة لا بلسان المصادمة ؛ وكذا الحال في (لا ضرر ) فإن مدلوله مغاير لمدلول (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) ؛ ولكن حيث فرض أحدهما ناظراً للآخر تقدم الأول على الثاني في الصوم الضرري ؛ فالعرف يرى أن لكل منهما مدلول ولكن يتقدم أحدهما على الآخر للناظرية أو الأظهرية أو غيرهما؛ ثم إن الحاكم وإن كان متصلاً فهو لا يستلزم قلب ظهور المحكوم؛ فإن  (صم إلى الليل) و(لا ضرر) لو قيل فيهما (صم إلى الليل ولا ضرر) لا يقلب ظهوره في المراد الاستعمالي بل يتصرف في المراد الجدي فحسب؛ ثم إن الناظرية لا تصلح بمفردها ملاكاً للحكومة ؛ إذا الناظرية ليست وافية بمفردها بدفع التنافي بين الدليلين ؛ فحيث وجد تناسب في (أكرم العلماء) و(الفاسق ليس بعالم) صحّ وكان الأخير حاكماً، بخلاف (أكرم العلماء) و(ليس المريض بعالم) فحيث فُقد التناسب فُقدت صحته.
ثم إن الناظرية أعم من الحكومة؛ إذ الحاكم إن لم يكن ظاهراً في الحاكمية لما صح القول بكونه حاكماً؛ وبذلك يظهر أن المدار على الأظهرية لا على الناظرية ؛ لأن (لا ربا بين الوالد وولده) و (حرم الربا) كما يحتمل فيه أن يكون الأول حاكماً  كذا يحتمل فيه أن يكون ناسخاً أو حكماً ولائياً  أو نهياً.

تفصيل الفائدة:
إن المحقق العراقي (قدس سره) قد انتصر لرأي الشيخ (قدس سره) ببيان دقيق ونافع، وسنطرحه ههنا بصياغة أخرى مع بعض الإضافات، ثم نتوقف عند بعض المناقشات عليه: فبعد أن ذهب إلى خروج الورود والحكومة عن دائرة التعارض، فصّل الكلام عن موقع الحكومة بين الحجج والأدلة المتقدمة على غيرها[1] حيث صنفها إلى ثلاث طبقات:

طبقات الأدلة لدى العراقي
الطبقة الأولى: موارد الجمع بالأظهرية، وهي أدنى الدرجات بنظره، والمقصود أدناها من حيث القوة والأولية في التقدم على الدليل الآخر.
الطبقة الثانية: القرائن المتصلة، وهي أعلى الدرجات.
الطبقة الثالثة: الحكومة، وهذه تقع وسطاً بين الأوليين ؛ إذ فيها بعض خصائص الأولى وبعض خصائص الثانية.
وتوضيح ذلك: أن مراده ( بموارد الجمع بالأظهرية ) هو العام والخاص والمطلق والمقيد وأشباهما، ومحل كلامه ما لو كان الخاص منفصلاً عن العام والمقيد منفصلاً عن المطلق ؛ لا متصلين وإلا اندرج في الثانية؛ وحينئذٍ نقول:

التقدم بالأظهرية: دالان ومدلولان
1- إن وجه كون تقدم الخاص على العام -  وسائر موارد الجمع بالأظهرية  أضعف الأدلة الثلاثة[2] التي تتقدم على طَرَفِها- هو أن العام والخاص لهما ظهوران ومدلولان أو فقل يوجد فيهما دالّان ومدلولان؛  فإنه لفرض انفصال الخاص عن العام تكون الإرادة الاستعمالية للعام قد انعقدت فتعضدها أصالة التطابق بين الجدية والاستعمالية، إلا أن ظهور الخاص حيث كان أقوى فإنه يتقدم على أصالة التطابق ؛  فإن ظهوره في كون مورده مراداً بالإرادة الجدية أقوى من ظهور العام في كون مورد الخاص [3] مراداً بالإرادة الجدية ؛  فههنا إذن دالان ومدلولان تقدم أحدهما على الآخر بالأظهرية والأقوائية.

تقدم القرائن المتصلة: دال ومدلول واحد
2- إن القرائن المتصلة مع ذيها تقع في الجهة المقابلة تماماً لموارد الجمع العرفي؛ وذلك لوحدة الدال والمدلول فيها؛ إذ العرف يرى مجموع القرينة وذيها كلاماً واحداً له مدلول واحد، وبذلك يتضح وجه تقدم القرينة على ذيها؛ إذ لا اثنينية ، ثم يتقدم هذا على ذاك للاقوائية ، بل هما لُبّاً أمر واحد ، أي مجموعهما كلام واحد له مفاد واحد هو المحصلة النهائية من مجموعهما، فلاحظ (رأيت أسداً يرمي) مثلاً يتضح لك الأمر جيداً.

تقدم الحاكم: دالان ومدلول واحد
3- وأما الحاكم فيقع بالوسط تماماً ؛ إذ يوجد فيه دالان وظاهران لكن مع مدلول واحد ؛ فقد أَخَذَ الحاكم من موارد الجمع العرفي تعدد الدال ومن القرينة المتصلة وحدة المدلول.
لا يقال[4]: لا يعقل تعدد الدال ووحدة المدلول لمقام التضايف!
إذ يقال: بل أنه ممكن واقع؛ ويتضح ذلك بقياس عالم الاعتبار والدلالات على عالم الواقع والحقيقة؛ حيث إنه إذا وجد سهمان – مثلاً-  فقد يشيران لأمرين؛ فههنا دالان ومدلولان.
وقد نصهرهما معاً أو نلصقهما بحيث عدّا أمراً واحداً حقيقة أو عرفاً، وتكون الإشارة إلى نقطة محددة واحدة ؛ فيكون هنا دال ومدلول نظير القرينة المتصلة مع ذيها.
وقد يشير السهم الثاني إلى نفس النقطة التي أشار إليها السهم الأول ؛ فيكون هنا دالان ومدلول أو مشار إليه واحد.
وأما التضايف فلا يقتضي إلا مدلولاً للدال ولا يقتضي التغاير حتماً ، فتدبر.
والوجه في تعدد الدال ووحدة المدلول في الحاكم هو أنه لانفصاله فقد تعدد الدال وانعقدت إرادتان استعماليتان وظهوران، ولكن حيث إنه ناظر للأول وشارح له فهو يشير إليه نفسه لا إلى مدلول آخر؛ إذ الفرض أنه ناظر له وشارح له لا لأمر آخر فكيف يكون مدلوله أمراً آخر؟.
والحاصل: أنه بمنزلة القرينة المتصلة من حيث وحدة المراد والمدلول وإن تعدد الدال ظاهراً.
قال المحقق العراقي (قدس سره): (ثم إنّ التعارض بكل واحد من المعنيين لا يكاد يصدق في موارد الورود التي يكون أحد الدليلين نافياً لموضوع الدليل الآخر حقيقةً، كما لا يصدق في موارد الحكومة أيضاً؛ إذ بعد كون أحد الدليلين ناظرا إلى شرح غيره فلا يرى العرف تنافيهما حتى بحسب مدلوليهما، بل يَرون الحاكم بمنزلة القرائن المتصلة الحاكية - مع ذيها - عن معنى واحد، غاية الأمر لا يقتضي الحاكم عند انفصاله قلب ظهور [المحكوم]؛ بخلاف القرائن المتصلة؛ فإنّها موجبة لقلب الظهور أيضاً، ففي القرائن المتصلة يكون الدال والمدلول واحدا و[تكون] الدلالة على وفق مدلوله، وهذا بخلاف موارد الحكومة؛ فإنّ دلالة المحكوم بعدما لم [تنقلب عمّا هي] عليه [فكانت] دلالة المحكوم على خلاف مدلوله؛ لأن مدلوله هو الذي تكفل الحاكم لشرحه بلا مغايرة بين مدلوليهما وإن كان في الدلالة بينهما المغايرة جزما.
وبذلك أيضا تفارق الحكومة الجمع بحمل الظاهر على الأظهر؛ إذ الغرض من الحمل في المقام هو رفع اليد عن التعبّد بالظهور ببركة الأظهر، لا بمعنى كون الأظهر قرينة على شرح الظاهر).[5] وقال: (فالحكومة من جهة وحدة المدلول فيهما [شبيهة] القرائن المتصلة، ومن حيث تعدد دلالتهما وعدم انقلاب ظهورهما عما هما عليه كانت شبيهة بموارد الجمع بالأظهرية، [فهي] في الحقيقة أمر بين الأمرين من القرائن المتصلة وموارد الجمع بالأظهرية)[6].

من ثمرات كون الحاكم مع المحكوم مدلولاً واحداً: سراية إجمال الحاكم للمحكوم
ثم إنه (قدس سره) فرّع على ذلك بعض الثمرات:
منها: ما ذكره بقوله: (بل ومن الممكن دعوى سراية حكم إجماله إلى المحكوم أيضا بحيث لو كان مدلول الحاكم مرددا بين الأقل والأكثر لا يبقى مجال الأخذ بمدلول [المحكوم] حتى بالنسبة إلى المقدار الذي يكون [الدليل] الحاكم مجملا فيه، بخلاف موارد الجمع فإنه يؤخذ بظهور الظاهر ويرفع اليد عن إجمال الأظهر في الجهة الزائدة، فالحاكم من تلك الجهة أيضا شبيه القرائن المتصلة، غاية الأمر إجمال القرائن المتصلة [سارٍ] إلى ذيها حقيقة، بخلاف الحاكم، فإن ظهور المحكوم بعد بحاله، غاية الأمر يترتب حكم المجمل عليه، وذلك ظاهر)[7].
وعدم سراية إجمال الخاص للعام
أقول: وبذلك يختلف الحاكم عن الخاص، فإن إجمال الخاص المنفصل[8] لا يسري إلى العام وذلك لانعقاد الإرادة الاستعمالية والظهور في العام بانتهاء الكلام دون قرينة متصلة على الخلاف، ثم إذا جاء الخاص المجمل مفهوماً أخرج عن الإرادة الجدية للعام القدر المتيقن منه[9] وبقي القدر المشكوك مشمولاً لأصالة التطابق بين الجدية والاستعمالية في العام.
مثاله: لو قال: (أكرم العلماء) ثم قال غداً : (لا تكرم فساق العلماء) وتردد الفاسق مفهوماً بين فاقد الملكة[10] وبين مرتكب الصغيرة[11] فإن مرتكب الكبيرة والمصر على الصغيرة خارج عن (أكرم العلماء) حينئذٍ بلا كلام، وأما مرتكب الصغيرة فلا يعلم خروجه وقد كان داخلاً ببركة انعقاد ظهور العام وأصالة التطابق بين الإرادتين فلا دليل على خروجه بعد دخوله.
وذلك عكس الحاكم المنفصل فإنه- حسب رأي العراقي- حيث كان ناظراً كان شارحاً لنفس مدلول العام فمدلولهما واحد فالإجمال في هذا يسري إلى ذاك إن لم نقل ان إجماله إجماله.

مناقشات مع المحقق العراقي
ولكن قد يورد على كلام [12] بوجوه:
الحاكم والمحكوم: دالان ومدلولان
الأول: أن الحاكم مع المحكوم من قبيل الدالّين والمدلولين وليسا من قبيل الدالين والمدلول الواحد والحاكي مع ذيه عن معنى واحد كما ارتآه.
والحاصل: أنه في الحاكم والمحكوم يوجد دالان ومدلولان ولا تصح دعوى أن الموجود مدلول واحد فقط استناداً إلى أن الثاني[13] ناظر للأول فهو شارح له فليس مدلوله أمراً آخر، بل هو شرح له فهو هو.

تعايش أحد الدليلين مع الآخر ومسالمته دليل عدم وحدة المدلول
وذلك[14]: لأنه لا ريب في أن الحاكم إذا انفصل عن المحكوم -كما هو مورد كلامه[15]-  فإن مدلولهما متعدد، غاية الأمر أن الحاكم يتعايش مع المحكوم ولا يضاده بل يتممه ويكمله؛ إذ أن لسانه لسان المسالمة لا المنافاة والمصادمة، وأين وحدة المدلول من تعايش أحد الدليلين مع الآخر وتكميله له؛ بل أن نفس الإذعان بتعايش أحد الدليلين والمدلولين مع الآخر ومسالمته له دليل تغايرهما.
وذلك في الحكومة التنزيلية[16]- التي عدها بعض الأعلام أظهر مصاديق الحكومة بل القدر المسلّم منها[17]- واضح فكيف بغيرها؟ ألا ترى أن قوله (عليه السلام) : ( الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) [18] - مما يترتب عليه اشتراط الطهارة من الحدث والخبث فيه-  مدلوله غير مدلول )الصلاة يجب فيها الطهارة)؛ لوضوح أنه تنزيل لهذا منزلة ذاك ؛ فهناك مدلول أول هو المنزّل عليه ومدلول ثانٍ مغاير له تماماً إلا أن الشارع نزّله منزلة الأول، ومن الواضح أنه ليس مدلول الثاني نفس مدلول الأول بل هو أمر متمم له لكنه لا بلسان المصادمة بل بلسان المسالمة.
وكذا قوله: (لا شك لكثير الشك) فإنه استثناء من عموم حكم (الشاك حكمه البناء على الأكثر)[19] في الشكوك الصحيحة ، أو حكمه البطلان في الشكوك الباطلة، لكن بلسان نفي الموضوع وليس أنه هو هو مشيراً إلى نفس ما أشار إليه ذاك، بل أنه يشير إلى حكم مناقض للحكم العام في هذا المورد الخاص ، لكن لا بلسان الاستثناء الصريح بل بلسان الاستثناء غير المباشر عبر إخراجه موضوعاً – تنزيلاً - من دائرة الشك.
والأمر أوضح في غير التنزيليات كـ (لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ ) [20] فإن مدلوله مغاير بالبداهة لمدلول ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [21] فهما مدلولان مختلفان لكن حيث فرض أحدهما ناظراً للآخر تقدم (لا ضرر) على (اتموا) في الصوم الضرري ؛ فغيّر حكمه ؛ إذ حكم الصوم الضرري الحرمة [22].
وبعبارة أخرى: ليس الحاكم المنفصل معنوِناً للمحكوم كي يكون المدلول لهما واحداً، فوزانه وزان الخاص المنفصل حيث إنه ليس بمعنوِن للعام.
وبعبارة ثالثة: أن العرف لا يرون مدلول (لا ربا بين الوالد وولده) مع (حرم الربا) واحداً ، بل يرونهما مدلولين تقدم أحدهما على الآخر للناظرية أو الأظهرية أو غيرها.

الحاكم حتى المتصل لا يقلب ظهور المحكوم، إلا المعنوِن
الثاني[23]: أن الحاكم وإن فرض كونه متصلاً فإنه لا يستلزم قلب ظهور المحكوم ؛ فلا يصح مفهوم قوله (غاية الأمر لا يقتضي الحاكم عند انفصاله قلب ظهور المحكوم) ، ألا ترى أن قوله (لا ضرار ولا ضرار في الإسلام) وإن فرض اتصاله بمثل (أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) - كما لو قال: (ثم أتموا الصيام إلى الليل، ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام) - فإنه لا يقلب ظهوره في المراد الاستعمالي بل يتصرف في المراد الجدي فحسب؟ ويوضحه بداهة عدم كون (لا ضرر) معنوِناً لـ(أتموا الصيام) وإن أتصل به.
نعم ، إذا قال (اتموا الصيام إلى الليل إذا لم يكن ضررياً) صح ما قاله ، ولكنه مختص بالمعنوِن حينئذٍ فلا يشمل غير المعنون على ما هو مقتضى إطلاق مفهوم كلامه.
بل قد يقال: بأنه لا يكون حاكماً حينئذٍ بل يكون من القرينة المتصلة وذلك على المبنى- الظاهر من كلامه أيضاً- الذي يصير إلى كون الحاكم قسيماً للقرينة المتصلة؛ لما سبق منه من أن القرينة المتصلة يتحد فيها الدال والمدلول أما الحاكم فيتحد المدلول مع تعدد الدال.
نعم ، من يرى الحكومة أعم من القرينة المتصلة بمعنى أنها من مصاديق الحكومة لا يرد عليه ذلك[24].
وبعبارة أجمع: أن مفهوم قوله: (غاية الأمر...) غير تام إما مطلقا أو في الجملة:
أما الأول: إذا بنينا على كون القرينة المتصلة قسيماً للحاكم ؛ فإنه إذا أصبح مثل (لا ضرر) قرينة متصلة خرج عن كونه حاكماً.
وأما الثاني: إذا بنينا على أن المتصلة من مصاديق الحكومة؛ فإنه حينئذٍ يرد أنه عدم صحة إطلاق مفهوم كلامه؛ إذ لا يشمل مثل (أتموا الصيام، ولا ضرر)[25] فإن مثله لا يقلب الظهور والإرادة الاستعمالية كما سبق.

وجه التقدم في القرائن المتصلة، الأظهرية
الثالث [26]: أن ( المنزل عليه)  في كلامه- وهو القرائن المتصلة-  الملاك في تقدمها على ذيها هو الأظهرية ، فكيف بالمنزل[27]؟
ألا ترى أن القرينة لو كانت مساوية- حتى بمعونة كونها قرينة-  في الظهور لظهور ذيها عارضته ولم تتقدم عليه؟ وأنها لو كانت أضعف كان ذوها هو المتصرف فيها؟ ويتضح ذلك بالتدبر في المثالين التاليين: إن (يرمي) في (رأيت أسداً يرمي) قرينة على أن المراد بالأسد الرجل الشجاع، وكان مقتضى القاعدة العكس بأن يكون أسد قرينة على أن ( يرمي) يراد به رمي الحجارة –مثلاً-  بيده؛  وذلك لأن أسد مجاز في الرجل أما يرمي فحقيقة في الرمي بالنبال وفي رمي الحجارة، ولا شك أن المعنى الحقيقي متقدم على المعنى المجازي إلا أن الذي جرى هو العكس؛ وما ذلك إلا لأظهرية (يرمي) في الرمي بالنبل مع أن الرمي بالحجارة أيضاً معنى حقيقي أيضاً من أسد في المفترس[28].
والحاصل: أن الأظهرية -لا غير-  رجّحت المجاز على الحقيقة ؛ والسر في ذلك كثرة استشهاد الأدباء والأصوليين بهذا المثال على إرادة ذاك المعنى ولولاه لكان مجملاً.
سلمنا؛  لكن أيضاً للاظهرية عرفاً ، فتدبر.
وذلك ما يظهر بالمثال التالي أكثر: فإنه لو في الغابة مما يكثر فيها الأبطال والأسود معاً أو كانت قد حدثت معركة ضارية بين عشيرة من الأبطال وقطيع من الأسود، فقال: (رأيت أسداً ينزف) فإنه يكون مجملاً لعدم أظهرية ينزف في الرجل من الأسد في الأسد  ؛ ويؤكده ما لو قال: (رأيت أسداً يفترس) فإنه حيث كان يفترس أظهر في الحيوان من الإنسان - إذ يستعمل في الأخير توسعاً - فإنه مؤكد لكون المراد هو الحيوان الضاري رغم احتمال أن يكون قد تجوز بـ(يفترس) عن الرجل الشجاع، ونظيره ما لو وصفه بـ(يربض).

الناظرية لا تصلح بمفردها ملاكاً
الرابع: أن الناظرية ليست ملاكاً للحكومة بما هي هي وبمفردها ؛ بل لا بد من اجتماع شروط وضمها إليها لتكون بمجموعها سبب الحاكمية، ومن الشروط (التناسب) ووجود وجه شبهٍ، فليست الناظرية وافية بمفردها بدفع التنافي بين الدليلين [29]، فلا يخرج بها الدليلان عن دائرة التعارض[30]، وقد عدّها العراقي –كغيره-  من مستثنيات باب التعارض الخارجة عنه موضوعاً.
ألا ترى أنه لو قال: (أكرم العلماء) و(الفاسق ليس بعالم)[31]، صحّ وكان الأخير حاكماً، عكس ما لو قال: (أكرم العلماء أي المرضى) بناءً على كون المفسر بأي وأعني من الحكومة ، بل أظهر مصاديقها - كما ذهب إليه الميرزا النائيني-  عكس من أخرجه عنها واعتبرها نوعاً آخر قسيماً ومرتبة أعلى منها.
أو قال: (أكرم العلماء) و(ليس المريض بعالم) فإنه لو لم يكن تناسب في الرفع بلحاظ أثر أو جهة منفية عنه مما هي ثابتة للعالم لما صح الكلام بل عدّ غلطاً أو تحكماً.
نعم، لو لاحظ جهة تناسب - ككون المريض غير مستجمع لشتات ذهنه أو كونه على جناح النسيان أو شبه ذلك - صح بلحاظ هذه المناسبة تنزيله منزلة الجاهل ؛ ولولا ذاك لعدّ قوله غلطاً أو تحكماً أو ركيكاً لا يصدر من الحكيم.
ولذا كان قوله: (والفاسق ليس بعالم) صحيحاً في دائرة الحكومة التضييقية لوجود جهة التناسب ؛ إذ الوجه هو أن العلم يُتوخَّى منه الأثر والفاسق حيث لم يعمل بمقتضى علمه كان علمه كلا علم، ولو لم يلاحظ هذه الجهة أو نظائرها ومع ذلك ادعى الناظرية والحكومة كان خلاف الحكمة.
ولكن هذا الإشكال لا يتكفل بإثبات أن جهة التقدم هي الأظهرية وإن تكفل بعدم كون الناظرية بمفردها جهة التقدم[32]، فتدبر.

الناظرية أعم من الحكومة
الخامس: أن الناظرية أعم من الحكومة؛ وذلك لأن ما يدعى كونه حاكماً لو لم يكن ظاهراً في الحاكمية - بل أظهر فيها من قسائمه الآتية-  لما صح القول بكونه حاكماً، فبذلك يظهر أن المدار على الأظهرية [33] لا الناظرية ؛ فإن القسائم الآتية كلها ناظرة إلى ذيها [34].

احتمالات أخرى في الدليل الحاكم
توضيحه: أن مثل قوله (لا ربا بين الوالد وولده) و(لا شك لكثير الشك) ونظائرها كما يحتمل فيه أن يكون حاكماً على مثل (حرم الربا) و(حكم الشك كذا) يحتمل فيه كذلك  أن يكون ناسخاً،  أو حكماً ولائياً ،  أو نهياً.

احتمال الناسخية
ووجه الأول: أنه كما يحتمل كونه تخصيصاً بلسان الحكومة [35] فيكون إخراجاً من عموم العام من حين إنشائه (إنشاء العام) كذلك يحتمل كونه نسخاً منذ زمن صدوره (أي الخاص)[36] بأن يكون حكم هذه الحصة مؤقتاً فان النسخ تخصيص في الأزمان كما أن التخصيص رفع في الأفراد.
فالمرجع لنفي هذا الاحتمال هو أصالة عدم النسخ المستندة إلى الغلبة وشبهها والتي مرجعها إلى الظهور، فعاد الأمر إلى ملاكية الظهور والأظهرية دون الناظرية وحدها إذ الناسخ أيضاً ناظر للمنسوخ كما أن الحاكم ناظر للمحكوم عليه، فصِرف كونه ناظراً غير مصحح لدعوى الحكومة بل لا بد من ناظريةٍ خاصة وقوامها ليس، كما اتضح، إلا بالأظهرية.

احتمال الولائية
ووجه الثاني: احتمال كون مثل (لا ربا...) صادراً منه (عليه السلام) لمقام ولايته؛ لبداهة أن للإمام مقام الولاية، وهي المختلف فيها في الفقيه إلا أنها في الإمام لاريب فيها فيحتمل أن يكون قوله (لا ربا.. لا شك...) حكماً ولائياً فيتحدد – على بعض الأقوال – بزمن الإمام (عليه السلام) نفسه، وذلك كما في جعل الأمير (عليه السلام) الزكاة على الخيل العتاق دينارين بالسنة وعلى البراذين ديناراً حيث حمله عدد من الفقهاء على الحكم : الولائي – الحكومي.
وحينئذٍ نقول: إن الحكم الولائي أيضاً ناظر لما أخرجه من عمومه  كالحاكم ؛ فالناظرية أعم  ؛ فلا بد من التمسك بمثل أن الأصل كون القضايا الصادرة منهم عليهم السلام حقيقية لا خارجية ولا ولائية إلا ما ثبت بالدليل، ومرجع ذلك كله إلى الظهور والأظهرية ، فتدبر.

احتمال كون (لا) ناهية
ووجه الثالث: أن (لا ربا...) وزانه وزان (لا ضرر...) الذي احتمل مثل شيخ الشريعة الاصفهاني كونه نهياً لا نفياً، فـ(لا ربا...) أي (لا مراباة) أي لا يجوز الربا، ولا دافع لهذا الاحتمال، الذي بدفعه تتم دعوى الحكومة، إلا بالقول بأن الأصل في (لا) كونها نافية لا ناهية فعاد الأمر للأظهرية؛ فان مرجع الأصل إليها، مرة أخرى، اما الناظرية فهي أعم إذ كلاهما ناظر[37] ،فتأمل .
دفاعاً عن العراقي: لو اجتمع الخاص والحاكم تقدم[38] للحكومة لتقدمها رتبة[39]
ويمكن الدفاع عن ما تبناه المحقق العراقي تبعاً للشيخ من أن وجه تقدم الحاكم هو ناظريته ؛ بأن يقال: لو اجتمع في دليل جهتان: كونه أخص وكونه حاكماً[40]، بأن كان بسياقه مثلاً ناظراً إلى الدليل الآخر  ، كما لو ورد (أكرم العلماء)، ثم قال ناظراً بقرينة حالية أو مقالية إليه : (لا تكرم زيداً العالم) فإنه يتقدم عليه لا لكونه أخص بل لكونه حاكماً ؛ وما ذلك إلا لكونه ناظراً إليه ؛ فثبت أن وجه التقدم في الحاكم هو الناظرية ، وأما الأظهرية فإن غاية الأمر أن يشارك الحاكمُ الخاصَّ في كونه أظهر؛ فلا يصلح وجهاً لكون التقدم بالحكومة لاشتراكه بينهما ؛ ووجه تقدمه عليه - لحكومته لا لأخصيته - هو تقدم الحكومة رتبة على التخصيص ؛ فإن التخصيص فرع التعارض البدوي وفي موارد الحكومة لا تعارض ولو بدوياً لما سبق وسيأتي من أن لسانه لسان المسالمة؛ ولأنه ينفي الحكم بلسان نفي الموضوع في الحكومة التضييقية والحكم ليس بمتكفل لموضوعه فلا منافاة- بحسب اللسان- بينهما ولو بدواً؛ فلا موضوع للتعارض حتى البدوي كي يتقدم الخاص عليه بالتخصيص.
 وبعبارة أخرى: أن موضوع الجمع العرفي هو وجود مدلولين مختلفين فيتقدم الخاص على العام لأنه أظهر ، أما موضوع الحكومة فهو وحدة المدلول[41] ؛ فإذا أفاد الحاكم وحدة مدلوله مع مدلول المحكوم لم يبق مجال لأن يتقدم الخاص[42] على العام بالتخصيص؛ إذ أصبح[43] كالسالبة بانتفاء الموضوع.
الجواب: النظر يقوي الظهور، وتقدمه للسان المسالمة
ولكن هذا الوجه عليل؛ لوجوه، منها ما سبق من أن النظر يقوي الظهور فيكون الحاكم متقدماً على المحكوم لاقوائيته منه ظهوراً؛ فإن الحاكم بمعونة مقام ناظريته لو ساوى في الظهور المحكوم لعارضه، ولو كان حتى مع ناظريته أضعف لتقدم عليه [44] ؛ ألا ترى أن العام- الآبي لسانه عن التخصيص- لو جاء بعده ما قد يعدّ حاكماً عليه تقدم عليه فصرفه عن النظر إليه، دون العكس؟
فمثلاً: لا شك- على مبنى الكثيرين- من حكومة لا ضرر ولا حرج على الأدلة الأولية، لكن لو ورد دليل أولي مورد الضرر أو الحرج أو كانت غالب أفراده ضررية كما لو قال: (صوموا أيها العمال في شدة الحر) فإن (لا ضرر) لا يتقدم عليه بل أنّ (صوموا...) بلسانه الآبي عن التخصيص يكون صارفاً للا ضرر ولا حرج عن الشمول لمورده.
وكذا الحال في الحكومة التنزيلية أو التضييقية كما سيأتي بيانه بوجه دقيق بإذن الله تعالى.
والحاصل: أن الدليل الحاكم مع ناظريته جميعاً لو كان أقوى من ظهور المحكوم تقدم عليه وإلا فلا، وذلك كالقرينة المتصلة فإنها إذا كانت مع مقام قرينيتها مساوية لذيها لما تقدمت عليه فكيف لو كانت أضعف[45]؟
وأما اشتراك الخاص والحاكم - على هذا في الأظهرية-  فلا يدفع كون تقدم ما اجتمعا فيه بالحكومة لا بالأخصية؛ لما سبق من تقدم الحاكم بما هو أظهر على الخاص - رغم كونه أظهر من العام- رتبةً، فإن الخاص أظهر لكن بلسان المصادمة ، والحاكم أظهر لكن بلسان المسالمة ، وأنه هو هو وليس غيره ؛ فلا يُبقي مجالاً للخاص ليتقدم بأظهريته، فتدبر.
وبذلك ظهر -حتى الآن-  أن الملاك ليس الناظرية بل الأظهرية[46].

الفائدة الثانية والعشرون: وقيل إن من خواص الحكومة: أن الحاكم لا يتدافع مع المحكوم في السند مطلقاً؛ وليس ذلك في الخاص والعام؛ إذ قد يقع التدافع بين سند العام في تخصيص الأكثر فضلاً عن الشامل؛ إذ مع هذا التضاد لا يمكن الحكم بصدورها وصدقها جميعاً ؛ وأما الحاكم فهو  حتى لو أخرج موارد المحكوم كلها فإنه لا يعارضه سنداً ؛ لأنه بمنزلة الشارح له والمفسر فهو كالقرينة المتصلة في تعيين مراد الظهور ؛ ويترتب على ذلك أنه لا نرجع في الحاكم والمحكوم إلى المرجحات السندية مطلقاً - ولا بعد فقدها - إلى التساقط كأصل أولي والتخيير كأصل ثانوي أبداً؛ إذ لا تزاحم في مرحلة السند أبداً بل الحاكم شارح ومفسر.
وفيه: أن هذا الفرق غير فارق ؛ إذ لا فرق بين الحكومة والتخصيص وسائر موارد الجمع العرفي من الجهة التي ذكرها ؛ فإنه كما قد يقع التدافع بين سند العام في تخصيص الأكثر كذلك يقع التدافع في الحاكم المستغرق لأفراد المحكوم في سنده أيضاً؛ وذلك لأن الحكومة تخصيص لكن بلسانٍ ألطف فحكمها حكمه ؛ إذ لا فرق بين تشريع حكم ثم استثناء كافة أفراده بلسان التخصيص أو استثناؤها بلسان الحكومة في مرحلة السند؛ نعم هذا يصح في موارد الحكومة التفسيرية دون الحكومة التنزيلية أو بالرفع؛ فدليله أخص من المدعى ؛ إذ لا يشمل أغلب وأهم موارد الحكومة ؛ بل أن المخصصات لا تطرح سند العام لمجرد معارضة مخصصات كثيرة له مستغرقة لكل أفراده ؛وإنما يلزم الرجوع للمرجحات المنصوصة أو الأعم ؛ حيث إن المخصصات بأجمعها وبوزان واحد تواجه العامّ؛ لأننا  بعد أن خرجنا عن مرحلة الجمع الدلالي إلى مرحلة التعارض السندي لابد من الرجوع لقواعد التعارض بين السندين؛ لا البقاء في دائرة تقدم الخاص على العام بالجمع الدلالي وتسرية الحكم من الخاص الواحد إلى الخاص المستغرق مع أن الخاص الواحد لا يعارض سند العام بينما الخاص المستغرق يعارض سنده على ما بنى عليه.

تفصيل الفائدة:
إن خواص الحكومة التي ذكرت - أو التي تذكر - قد تقارب العشرة وفي بعضها مناقشة بل مناقشات، وهي:
الحاكم لا يزاحم[47] سند المحكوم أبداً أما غيره (كالخاص) فقد يزاحم سند العام
أولاً: الحاكم لا يتدافع مع المحكوم في سنده مطلقاً بينما قد يتدافع الخاص –مثلاً- سنداً مع العام، وهذا ما صار إليه المحقق العراقي في مقالات الأصول.
وتوضيحه[48]: أن من المسلّم أن الخاص لا يعارض سند العام ؛ إذ لا تدافع بينهما إنما يعارض ظهوره على مبنى المجازية وحجيته على غيرها؛ فإنه لاقوائية ظهوره منه يكون قرينة على إرادة الخاص من العام ، أي على التجوز فيه على مبنى، وعلى مبنى آخر فإنه يتقدم عليه في مرحلة إرادته الجدية وإن لم يتصرف في مرحلة إرادته الاستعمالية كما عليه المشهور ؛ فإنه يبقى العام على ظهوره ولا يكون المتكلم به إلا مستعملاً له في ما وضع له لكن إرادته الجدية هي التي تكون مقهورة ومغلوبةً بالخاص.
فعلى هذا فقد يتوهم أنه كما أن الحاكم لا يزاحم سند المحكوم كذلك الخاص لا يزاحم[49] سند العام، لكن الفرق يظهر في بعض الصور ولذا عقدنا عنوان البحث بما مضى من (الحاكم لا يتدافع مع المحكوم في سنده مطلقاً بينما قد يتدافع الخاص سنداً مع العام)[50].

مزاحمة الخاص لسند العام في صورتين
بيان ذلك: أن التخصيصات لو كثرت فبلغت مرحلة تخصيص الأكثر المستهجن - فكيف لو شملت جميع أنواع العام ؟ -  فهنا يقع التدافع بين سند العام وسند التخصيصات بمجموعها؛  إذ لا يمكن الحكم بصدورها وصدقها جميعاً مع تضادها فيكون مجموع التخصيصات مع العام بمنزلة عام مباين لعامٍ آخر ؛ إذ التخصيص ببعضها ترجيح بلا مرجح ؛ وبها جميعاً يعارضه العام الآخر.
وذلك عكس الحاكم ؛ فإنه لو أخرج موارد المحكوم كلها عن ظاهره[51] واستأثر بها لنفسه فإنه لا يعارضه سنداً ؛ لأنه بمنزلة الشارح له والمفسر فهو كالقرينة المتصلة  ؛ فكما أن (يرمي) الصارفة لظهور (أسد) عن معناه الحقيقي لا تزاحم سنده ؛ إذ قد فسرته بتفسير عرفي مقبول وأفادت أن المراد به معنى آخر فلا تدافع، فكذلك الحاكم كـ ( لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَوَلَدِهِ رِبًا وَلَيْسَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ رِبًا[52] تضييقاً للموضوع و(الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة ) [53] توسعةً له و( لَا ضَرَر ) [54] تضييقاً للحكم.

كلام المحقق العراقي
قال المحقق العراقي: (وبواسطة ذلك ربما [تظهر] جهة فارقة أخرى بينهما، و[هي] أن في باب الحكومة لا يخرج سند المحكوم عن الاعتبار حتى لو فرض اقتضاء دليل الحاكم طرح ظهور المحكوم رأسا بحيث لا يبقى تحت [ظهوره] شيء من مدلوله، لأنه بعد شرح مراده بمفاده كان بحكم [القرينة] المتصلة في تعيين مراد الظهور، ودليل التعبد بسنده لا يُلغى عن الاعتبار؛ إذ ينتهي الأمر إلى العمل بمراده ولو بتوسيط شارحه ، وهذا بخلاف باب الجمع فإن دليل الأظهر لا يكون شارحاً لمراد العام، بل العام الظاهر باقٍ بعد على ظهوره في المراد منه مع احتمال كون المراد الواقعي على طبق ظهوره، غاية الأمر يجب رفع اليد عن حجيته عند قيام حجة أقوى على خلافه)[55].
وقوله (بل العام الظاهر باقٍ...) مبني على أحد المبنيين[56] كما سبق ، وأما على المبنى الآخر فسيأتي بيان حاله.
وقال[57]: (ولازمه حينئذ بقاء مقدار من الدلالة بحاله لزوما بلا [لزوم طرحه] أجمع، وإلا يلزم طرح سنده أيضا لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل، بل يصير حال الظاهر بعد عدم حجية ظهوره وطرحه رأسا حال المجمل المعلوم عدم معنى [للتعبد] بسنده).
وقال: (ومن [الممكن] دعوى كون موارد الجمع من التخصيص والتقييد والمجاز في الأمر والنهي ليس مما يطرح ظهورها رأسا، بل يبقى تحت ظهور العام والمطلق والأمر والنهي و [أمثالها] مقدارا من الدلالة، فيبقى مقدار من مدلوله على وجه يكون ظهوره حجة فيه، وهو المصحح أيضا للتعبد بسنده).
وتوضيحه: أما في التخصيص والتقييد غير المستهجن فواضح؛ إذ تبقى سائر الموارد، وأما في الأمر والنهي فهو مبنيّ على أن الأمر له ظهوران: رجحان متعلَّقه والإلزام به؛ إذ بعد الذهاب إلى أنه ظاهر في الوجوب مجاز في الندب فإذا دل دليل على (اغتسل للجمعة) مثلاً وجاء دليل آخر مفادة (لا بأس بترك غسل الجمعة) تقدم على اغتسل لكونه نصاً في عدم الوجوب، لكن بعض دلالة (اغتسل) تبقى إذ الأمر يدلّ على أمرين:
الأول: مطلق الرجحان.
الثاني:  الإلزام والمنع من الترك.
وثانيهما منتفٍ بالمعارض[58] فيبقى اغتسل دالاً على الأوِّل؛ ولذا قال: (بل يبقى تحت ظهور الأمر والنهي مقدار من الدلالة).

الثمرة
الثمرة: ويترتب على الفارق الذي ذكره أنه لا نرجع في الحاكم والمحكوم إلى المرجحات السندية مطلقاً[59] ولا بعد فقدها إلى التساقط كأصل أولي والتخيير كأصل ثانوي أبداً، إذ لا تزاحم كما سبق في مرحلة السند أبداً بل الحاكم شارح ومفسر ؛ فلا معنى للرجوع للمرجحات أو التخيير بعد فقدها والتكافؤ.

مناقشات مع المحقق العراقي:
ولكن قد يناقش كلام المحقق العراقي بوجوه:
الحاكم كالمخصص في مزاحمة سند المحكوم لو استغرق الأفراد أو أكثرها
الوجه الأول: أنه لا فرق بين الحكومة والتخصيص وسائر موارد الجمع العرفي من الجهة التي ذكرها ؛  فإنه إن زاحمت[60] المخصصات المستغرقة لأفراد العام - أو التي بلغت من الكثرة مرحلة تخصيص الأكثر المستهجن-  سند العام؛ زاحم الحاكم المستغرق لأفراد المحكوم - أو الشامل لأكثر أفراده بما يبلغ به تلك المرتبة-  سنده أيضاً؛ وذلك لأن الحكومة تخصيص لكن بلسانٍ ألطف فحكمها حكمه، وأيّ فرق بين تشريع حكم ثم استثناء كافة أفراده بلسان التخصيص أو استثناؤها بلسان الحكومة-  من جهة لزوم لغوية تشريع ذلك الحكم وأنه إذا لم يمكن تشريعهما معاً تكاذبا وكان التعاند حسب مبناه[61]- في مرحلة السند؟
وبعبارة أخرى أدق وأشمل: أن الفارق الذي ذكره غير صحيح في موارد الحكومة بالرفع ولا في موارد الحكومة بالتنزيل غاية الأمر أنه صحيح في موارد الحكومة التفسيرية خاصة، ولعل ذهنه الشريف انصرف إلى هذا النوع الأخير من الحكومة ؛ فإنها كالمخصص المتصل - أو هي منه - فيجري عليها حكمه الذي ذكره.

التعاند في الحكومة التضييقية في الرفع
بيان ذلك: أن الحكومة التضييقية محمولاً - كما في لا ضرر ولا حرج - لا شك في قبح شمولها لكافة أفراد المحكوم ؛ وأنه كما يكون التعبد بـ(صم إلى الليل) و(حج) و(خمّس) في ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[62] و﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾[63] و﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾[64] وغيرها لغواً قبيحاً إذا خصّصّه بمخصصات أخرجت كل أفراده منه[65]؛ كذلك التعبد بها مع إخراجها بلسان الحكومة-  كقوله لا ضرر ولا حرج ولا إكراه - إذا كان ذلك يستلزم خروج كافة أفراد الصوم عن دائرة الوجوب لإدخاله[66] إياها بأجمعها في دائرة العناوين الثانوية؛ إذ أي وجه يكون لايجابه الصوم مع إلغائه وجوبه مطلقاً بأصناف الأدلة الحاكمة المستغرقة لكل أفراده؟
وإنما كان لا ضرر حاكماً على الأدلة الأولية مع كون نسبته من وجه؛ لأنه ناظر من دون أن يستلزم إخراج الكل ولا الأكثر.

التعاند في الحكومة التنزيلية التضييقية
وكذا الحال في الحكومة التنزيلية التضييقية موضوعاً؛ ألا ترى أنه لا يصح تشريع (حَرَّمَ الرِّبَا) مع تشريعه مجموعة من الأدلة الحاكمة عليه بحيث لا يبقى مورد واحد للربا المحرم[67]؟ ولو فعل ذلك تكاذب السندان؟

صحة كلامه في الحكومة التفسيرية
نعم، غاية ما يصح كلامه (قدس سره) فيه هو خصوص ما كان الحاكم ناظراً بلسان الشرح بحيث لوى عنق الظاهر إلى مدلول آخرو ؛  كما لو قال أعني أو أي[68] أو ما كان بمنزلته كما لو قال: (أكرم العلماء) وقال: (العلماء هم الفنّانون)[69] أو قال: (العلماء هم من حصلوا على العلم بالإلهام) مع فرض ندرتهم في هذا الزمن أو عدمهم بالمرة؛ فإنه لا بأس به لما ذكره من وجود جهة الشرح ؛ فكأنّ الشارح لوى عنق المحكوم وأبان أن المراد به كلي آخر وأفراده هي أفراد أخرى، لا مثل لا ضرر ولا ربا النافي لأفراد المحكوم – موضوعاً أو حكماً - من غير أن يحوّل دلالته إلى معنى آخر له أفراد أخرى.
بل نقول: أن دليله (قدس سره) هو عليه لا له ؛ إذ قوله: (إذ ينتهي الأمر إلى العمل بمراده ولو بتوسيط شارحه) خاص بالحكومة التفسيرية دون غيرها ؛ فدليله أخص من المدعى جداً ولا يشمل غالب - بل أهم - موارد الحكومة.

مبنىً لا تعبد في دليل السند، بل إمضاء وتأكيد بدون تتميم للكشف
الوجه الثاني : مبنى ؛  بأنه لا تعبد في دليل السند أبداً ؛ فقوله: (ودليل التعبد بسنده لا يلغى عن الاعتبار) و(بل يصير حال الظاهر بعد عدم حجية ظهوره وطرحه رأسا حال المجمل المعلوم عدم معنى للتعبد بسنده)[70] مما فرع عليه قوله: (وإلا يلزم طرح سنده أيضا لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل) و(إذ ينتهي الأمر إلى العمل بمراده ولو بتوسيط شارحه) غير تام.
بيان ذلك: أن الحجج العقلائية - كخبر الثقة والظواهر وغيرها - إمضائيات وليست تأسيسيات وهذا هو المشهور،  ولكن نضيف أن الشارع في إمضائه لها لم يزد عن أنه أكّد كاشفيتها لا أنه أعمل مولويته في كاشفيتها ولا أنه تمم كاشفيتها أو جعلها كما صار إليه الميرزا النائيني[71] وجمع من الأصوليين.
والدليل على ذلك واضح ؛ إذ بالعودة إلى أدلة حجيتها نجدها كافة مقررة لبناء العقلاء على حجية تلك الطرق وبانية على أنها كاشفة ومرآة كما رأؤها ولا إعمال فيها لمقام المولوية أبداً ولا حتى إشعار بتتميم الكشف أو الجعل؛ فلاحظ قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾[72] - بناءً على شموله وعمومه لغيرهم عليهم السلام كما بنوا عليه -  فإنها ظاهرة في أنه اسألوا لتعلموا المراد به الأعم من العلمي عرفاً ؛ وليس المراد اسألوا فقد جعلتُ حجية العلم - أي العلمي- أو تممت كشفه!!.
وكذلك قوله: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾[73]، وقوله (عليه السلام) : (الْعَمْرِيُّ ثِقَتِي فَمَا أَدَّى إِلَيْكَ عَنِّي فَعَنِّي يُؤَدِّي...) [74] لظهوره في الأخبار عن أنه يؤدي عنه لا الإنشاء والجعل وغيرها.
والحاصل: أن وزان الشارع الأقدس لكونه محيطاً بالجهات- بالنسبة للعقلاء في إمضائه طرقهم[75]-  وزان الخبير بقول مطلق بالنسبة إلى ناشئ في علم الطب أو الفلك مثلاً ؛ فإذا استظهر الناشئ أن هذا النبض مثلاً علامة كاشفة عن المرض الفلاني بنسبة 90% مثلاً[76] ولكنه أراد الاطمئنان على سلامة ما استظهره فسأل الخبير المتضطلع فأيّده وأقره وأمضاه على ما اكتشفه؛ فإنه ليس بذلك بمتمّم للكشف ولا بمعملٍ مقام المولوية[77] أو غيرها بل أنه صِرف مبيّن أن ما اكتشفه من المرآتية الناقصة هو كذلك، بل ظاهر حاله ذلك لا أنه يتمم كاشفية العلامة ومرآتيتها، بل لعل دعوى ذلك غريبة لدى العقلاء، وعلى أي فإنه يكون مفاد ذلك التنجيز عند الإصابة والاعذار عند الخطأ.
وإنما يلجأ العقلاء لإتباع الطرق الناقصة الكشف لكفاية مقدار كاشفيتها وإصابتها لديهم وأنه لا ضرورة- بنظرهم-  لتجشم عناء الأكثر حتى وإن تيسر ، ولعل لمصلحة التسهيل دخلاً.
بل أن الشارع رغم انفتاح باب العلم أجاز إتباع العلمي كما في إرجاعات الأئمة (عليهم السلام) للرواة رغم وجود الإمام نفسه، وهذا مسلك عقلائي لجهات عديدة بيناها في موضع آخر[78].

عدم انحصار ثمرة التعبد بالمجمل في العمل به، كي تلزم اللغوية
إن التعبد بالمجمل صحيح عقلائي واقع فلا يصح قوله (المجمل المعلوم عدم معنى للتعبد بسنده) حتى لو قبلنا المبنى[79]؛ وذلك لأن الثمرة من التعبد بالمجمل والغاية منه لا تنحصر في العمل ليقال بأنه لا معنى للتعبد بحجية السند مع عدم إمكان العمل لكونه لغواً حينئذٍ؛ والثمرات المتصورة متعددة:

الثمرات
الإذعان بالقصور
منها: الإذعان بالقصور، فقد يجعل المولى الحجية لخبر الثقة المتضمن للمجمل أو المجملات ويتعبدنا به - على مبنى أنه يجعلها ويتعبدنا بها - لا للعمل ؛ بل لكي نذعن بقصور أذهاننا وضعف أفهامنا؛ وذلك لعله من حِكَمِ ورود الحروف المقطعة في القرآن الكريم؛ ألا ترى أنه يصح أن يتعبدنا المولى بصدور هذه الحروف المقطعة منه بجعل حجية خبر الثقة وروايته لها- وإن فرض[80] عدم وصوله لنا بطريق قطعي-  لهذه الحكمة؟
فلا يقال: إن القرآن قطعي السند فلا جعل ولا تعبد؛ إذ القطع حجيته ذاتية.
إذ يجاب: أنه لو فرض أن المولى علم أن كلامه المشتمل على مثل هذه الحروف المقطعة لا يصل لنا بطريق قطعي، أفلم يكن يصح له أن يتعبدنا بحجية سند خبر الثقة الناقل له لمجرد أنه لا يمكن العمل بهذا المجمل؟ وألم تكن تلك الحكمة - الإذعان بالقصور وأن القرآن مع أنه مكّون من مثل هذه الحروف لكنكم عاجزون عن تأليف مثله رغم أن كافة أدواته بأيديكم - كافية لجعل الحجية لهذا الطريق الظني؟.

الإيمان إجمالاً به
ومنها: الإيمان إجمالاً به، وهي ثمرة عملية ؛ فإنها أعم من الجوارح والجوانح، فإن امتنع العمل الجوارحي للإجمال لم يمتنع الجوارحي بالإيمان إجمالاً، وهذا[81] هو مفاد الآيات الكريمة في حكم المتشابه في القرآن الكريم قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾[82] على أحد التفسيرين ، فتأمل.
فالواجب الإيمان بأن المتشابه كالمحكم من عند ربنا وإن لم يمكننا العمل به لإجماله وتشابهه ، وتكفي هذه الثمرة لتشريع حجية السند الظني (كلما كان كذلك).

الامتحان
ومنها: الامتحان ؛ فقد يتعبدنا بالمجمل ليمتحننا؛ ألا ترى أنه تعبدنا بالظواهر المخالفة للواقع-  (كالظواهر الدالة على التجسيم كـ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾[83] و﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾[84] والظواهر الدالة على الجبر كـ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾[85] وغيرها - ليمتحننا ؛ مع أن الاعتقاديات الغاية منها والمطلوب هو الاعتقاد بها ، فإذا أمكن أن يتعبدنا بسند[86] ظواهر هي على خلاف الواقع كي يمتحننا أفلا يمكن أن يتعبدنا بالمجمل ليمتحننا؟

مناقشات وأجوبة      
لا يقال: لكنه أقام القرينة في تلك الظواهر على خلافها من عقل ونقل.
إذ يقال: ذلك وإن صح إلا أن تلك الظواهر رغم القرائن هي التي سببت إضلال كثيرين؛  قال تعالى: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ... ﴾[87] و﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ﴾[88] و﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً﴾[89] و﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ﴾[90] والمصحح الامتحان ، فكذا المقام.
لا يقال: لكن ذلك غير تام في أحكام الفقه ؛ إذ الغرض منها العمل ومورد كلام العراقي هو روايات الأحكام؟
إذ يقال: أولاً: ما سبق من عدم حصر الثمرة في العمل ، بل قد تكون- رغم تعذر العمل- لإحدى الجهات الثلاث السالفة .
نعم، لو أمكن العمل كان هو الثمرة الأولى وتكون بعض الثمرات الأخرى في طولها أو عرضها، فتأمل.
ثانياً: سلمنا، لكن ذلك في المجمل من كل الجهات في كل الأزمنة؛ إذ الكلام في الأحكام المنشأة بنحو القضية الحقيقية فلا يضر الإجمال في عصر أو عصور أو جيل أو أجيال إذ المصحح حينئذٍ عمل من يلحقهم، فيكفي ارتفاع الإجمال زمن الظهور المبارك –مثلاً- حتى إذا حصرنا الثمرة في العمل، وإنما لا يصح جعل الحجية لما لا ثمرة عملية له - في جيل أو زمان-  في خصوص القضية الخارجية دون الحقيقية،  فتدبر جيداً.

الثمرة العملية هي التخيير بين المتعارضين حسب الأصل الثانوي
سلمنا ، لكن الثمرة العملية في المتعارضين بالتباين متحققة موجودة؛ فإن مجموع التخصيصات التي عارضت العام بشمولها لكل أفراده تكون بمنزلة عام واحد معارض؛ فإنها في عرض واحد تواجه العام؛ لما ثبت في بحث عدم انقلاب النسبة، وكما أن جعل الحجية للخبرين المتعارضين وتعبد الشارع إيانا بهما ليس بلغو بل هو الواقع الذي قد دل عليه الدليل، ولا يلزم- عدم انتهاء أمر سنده إلى العمل- كذلك جعل الحجية لمجموع التخصيصات؛ وذلك لوضوح أن الأصل الثانوي في الأخبار المتعارضة هو التخيير وهو ما دلت عليه الأخبار وألتزم به أعلام الأصوليين ومنهم المحقق العراقي بنفسه فكيف يقول بـ(وإلا يلزم طرح سنده أيضاً لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل)؟.
وكأنّ ذهنه الشريفة انصرف إلى مقتضى الأصل الأولي وهو التساقط؛  إذ يصح عليه أن يقال: (أن جعل الحجية للمتعارضين وتعبدنا بالعام ومعارضه والعام ومجموع مخصصاته المستغرقة لكل أفراده لغو لأنه لا ينتهي أمر التعبد بسندهما إلى العمل) لكن المسلّم أن الأخبار دلت على التخيير كأصل ثانوي [91]،  فيكون الشارع قد تعبّدنا بسندهما - العام ومجموع مخصصاته- كي ننتهي إلى العمل بهما تخييراً، ولعل الحكمة في ذلك أنه رأى أن العمل في الجملة بالحكم الواقعي[92] - المتفرع على التخيير بينهما- خير من عدم العمل به مطلقاً - المتفرع على الحكم بالتساقط- أو هو خير حتى من العمل بالاحتياط ولو بلحاظ هذه المصلحة[93] مع المصالح الأخرى.
وبعبارة أخرى: لا شك في أن الأصل الثانوي في المتعارضين هو التخيير والمقام صغرى المتعارضين، فكيف يُدّعى طرح سند العام المعارَض بمجموع مخصصات يكون مجموعها كعام معارِض واحد، لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل مع أن صريح الروايات الترجيح بالمرجحات السندية أولاً وإلا فالتخيير لا التساقط وطرح السند؟ .     

أخبار التوقف تنفي دعوى طرح السند
وهذا الجواب إنما هو على سبيل البدل مع سابقة ؛ فإن أخبار التوقف كـ ( فَأَرْجِهِ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ...) [94] تفيد وجوب إرجاء البت في أمر المتعارضين حتى لقاء الإمام، والإرجاء والتوقف يضاد الطرح الذي التزم به المحقق العراقي [95] ؛  لوضوح أن الإرجاء يعني عدم البت وعدم الحكم بشيء، أما الطرح فالحكم بالعدم، فلاحظ الفرق بين قوله (عليه السلام): ( خُذْ بِمَا اشْتَهَرَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَدَعِ الشَّاذَّ النَّادِرَ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي إِنَّهُمَا مَعاً مَشْهُورَانِ مَرْوِيَّانِ مَأْثُورَانِ عَنْكُمْ فَقَالَ (عليه السلام) خُذْ بِقَوْلِ أَعْدَلِهِمَا عِنْدَكَ وَأَوْثَقِهِمَا فِي نَفْسِكَ فَقُلْتُ إِنَّهُمَا مَعاً عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ مُوَثَّقَانِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَى مَا وَافَقَ مِنْهُمَا مَذْهَبَ الْعَامَّةِ فَاتْرُكْهُ وَخُذْ بِمَا خَالَفَهُمْ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيمَا خَالَفَهُمْ فَقُلْتُ رُبَّمَا كَانَا مَعاً مُوَافِقَيْنِ لَهُمْ أَوِ مُخَالِفَيْنِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ إِذَنْ فَخُذْ بِمَا فِيهِ الْحَائِطَةُ لِدِينِكَ وَ اتْرُكْ مَا خَالَفَ الِاحْتِيَاطَ فَقُلْتُ إِنَّهُمَا مَعاً موافقين [مُوَافِقَان] لِلِاحْتِيَاطِ أَوْ مخالفين [مُخَالِفَانِ] لَهُ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ ع إِذَنْ فَتَخَيَّرْ أَحَدَهُمَا فَتَأْخُذُ بِهِ وَ تَدَعُ الْآخَرَ) [96]
وبين : (فَأَرْجِهِ ).
وعلى أي فسواء أذهب المحقق العراقي إلى التخيير بين الخبرين المتعارضين كما هو مقتضى جملة من الروايات، أم إلى التوقف كما هو مقتضى جملة أخرى منها؛ فإنه لا يصح القول بطرح سند العام لدى تعارضه مع المخصصات المستغرقة لأفراده المُنزّلة منزلة عام واحد معارِض.
تنبيه: لا يخفى أن الظاهر أنه لا تنافي بين طائفتي روايات التخيير والتوقف؛ إذ الظاهر أن روايات التوقف محمولة على زمن إمكان اللقاء بالإمام (عليه السلام) ؛ وروايات التخيير محمولة على غيره ؛ لقرائن داخلية في الروايات نفسها ، ومنها قوله: (فَأَرْجِهِ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ ).

لا تطرح المخصصات سند العام بل المرجع المرجحات  
إنه لو لم يُبقِ الأظهر –كالخاص-  للظاهر[97] شيئاً من مدلوله لا يلزم ما قاله (قدس سره) من (وإلا يلزم طرح سنده[98] أيضاً لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل) ، بل يلزم الرجوع للمرجحات المنصوصة المذكورة في الروايات أو الأعم منها ؛ فإن تكافأت فالتخيير، لا طرح سند العام لمجرد معارضة مخصصات كثيرة له مستغرقة لكل أفراده بحيث لم تُبقِ له شيئاً من ظهوره؛ وذلك لأنه في هذه الصورة – وعلى ما التزم (قدس سره) به - يتعارض سند العام مع سند مجموع المخصصات؛ إذ على ما ثبت في مبحث عدم انقلاب النسبة، فإن المخصصات تواجه بأجمعها وبوزان واحد العامّ ؛ لا أن أحدها يقابله أوّلاً فيخصصه مثلاً ثم نلاحظ النسبة بين العام المخصَّص بالمخصِّص الأول مع المخصِّص الثاني؛ فإنه ترجيح بلا مرجح.
والحاصل: أن مجموع المخصصات تكون بمنزلة دليل واحد معارض للعام المقابل ؛ فيجب ملاحظة المرجحات السندية وغيرها بين هذا العام وبين تلك المخصصات ؛ لا إطلاق القول بأن المخصصات تطرح سند العام.
وكأنّ منشأ الاشتباه هو عدم التفاته (قدس سره) إلى أننا خرجنا عن مرحلة الجمع الدلالي إلى مرحلة التعارض السندي ؛ وأنه وإن كان الخاص يتقدم على العام بالجمع الدلالي إلا أنه حيث استغرقت التخصيصات أفراد العامّ انتقل البحث من الدلالة إلى السند على مبناه أيضاً إذ قال: (ولازمه حينئذ بقاء مقدار من الدلالة بحاله لزوما بلا [لزوم طرحه] أجمع، وإلا يلزم طرح سنده أيضا لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل)[99] .
فإذا انتقل البحث إلى السند بأن كان التعارض سندياً فلابد من الرجوع لقواعد التعارض بين السندين أو الأسانيد لا البقاء في دائرة تقدم الخاص على العام بالجمع الدلالي وتسرية الحكم من الخاص الواحد إلى الخاص المستغرق مع أن الخاص الواحد لا يعارض سند العام بينما الخاص المستغرق يعارض سنده على ما بنى عليه، فتدبر.
ما احتمله المحقق العراقي في العام المخصص وشبهه: أن العموم مراد بالإرادة الجدية
وقال المحقق العراقي: (كما أن اطلاق مثل تلك العناوين في الظهورين المنفصلين أيضا ليس على الوجه الذي يكون للمتبادر إلى الذهن - من اقتضاء الجمع كون المراد من العام هو الخاص واقعا وأمثاله، بل من المحتمل كون المراد منها ما هو ظاهرها، غاية الأمر قامت الحجة الأقوى على تعيين الحكم الواقع مع احتمال بقاء الظهور على طبق مراده الجدي بحاله، غاية الأمر ليست تلك الظهورات بحجة في قبال الأقوى، ونتيجته حينئذ اجراء حكم التخصيص والتقييد والمجاز على مثلها كما هو ظاهر)[100].

المحتملات الثلاث في العام المخصَّص من حيث الإرادتين والحجية
أقول: وبعبارة أخرى أشمل وأحرى بالوفاء بأطراف المطلب: إن المحتملات في العام المخصَّص بمنفصل- ونظائره- هي ثلاثة:
الاحتمال الأول: أن لا يكون المتكلم قد أراد - عند إنشائه العام-  الخاصَّ المستثنى لا بنحو الإرادة الجدية ولا بنحو الإرادة الاستعمالية، بأن يكون قد استعمل العام في الخاص [101]؛  ولازم ذلك كون استعمال العام حينئذٍ مجازياً إذ استعمله في غير الموضوع له، وهذا ما ذهب إليه البعض.
الاحتمال الثاني: أن يكون قد أراده بنحو الإرادة الاستعمالية دون الجدية؛ فيكون قد استعمله في الموضوع له فلم يكن متجوِّزاً فيه؛ لكنه لم يرده بالإرادة الجدية إذ الفرض أنه يستثني بعض أفراده، وهذا هو المشهور.
ولكن المحقق العراقي احتمل وجهاً ثالثاً غير هذين ؛ وهو:
الاحتمال الثالث: أن يكون قد أراده -أي الخاص المستثنى- بنحو الإرادة الاستعمالية والجدية معاً.
إن قلت: كيف والفرض أنه خصّصه أو سيخصصه؟
قلت: ذلك وإن صح فإنه – على هذا الاحتمال – أراده بالإرادة الجدية لكن إرادته الجدية للمخصِّص أقوى فتقهر الإرادة الجدية للعموم نظير باب التزاحم لكن التزاحم في المقام هو تزاحم الإرادتين فتقهر الإرادة الأقوى الأضعف.
وبعبارة أخرى: توجد ههنا ثلاثة أمور: الإرادة الاستعمالية فالجدية فالحجية، والعام والمخصص مشتركان في الأوّلين لكن الخاص يتغلب على العام بالثالثة ولذا قال: (بل من المحتمل كون المراد منها ما هو ظاهرها، غاية الأمر قامت الحجة الأقوى على تعيين الحكم الواقع مع احتمال بقاء الظهور على طبق مراده الجدي بحاله، غاية الأمر ليست تلك الظهورات بحجة في قبال الأقوى) وفرّع عليه أنه بحكم التخصيص وليس به حقيقة، فتدبر في قوله أنه بحكم التخصيص (إجراء حكم التخصيص...).

مناقشة ما احتمله العراقي: لا يعقل ذلك في الشارع والملتفت
أقول: كلامه غير تام في عمومات الشارع وإن صح في عمومات المشرّع الجاهل؛ فإن المشرّع الجاهل- بأنه سيخصص لاحقاً - يصح القول بأنه انعقدت إرادته الجدية على العام إذ لم يكن يعلم بأنه سيخصص[102] ثم إذا شرَّع الخاص تقدمت هذه الإرادة على تلك ونسختها.
أما الشارع المحيط العالم بأن حكمه غير شامل لبعض الأفراد - لعدم وجود مصلحة فيها[103] وأنه سيستثني لاحقاً- فكيف يمكن ثبوتاً أن يريد بالإرادة الجدية شمول الحكم لمورد التخصيص؟ الظاهر أنه محال من الملتفت الحكيم إلا أن يكون صورة إرادة ، أما الإرادة الجدية فمستحيلة وقوعاً ، والله العالم[104].

--------------

* هذه المباحث الاصولية تجميع لما طرحه سماحة السيد في مختلف كتبه وبحوثه، قام باعدادها وجمعها و ترتيبها مشكوراً فضيلة الشيخ عطاء شاهين وفقه الله تعالى
[1]  مع بقاء موضوعها.
[2]   القرائن المتصلة ، والحكومة.
[3] وهو بعض أفراد العام.
[4]  إضافة توضيحية منّا  لكلامه.
[5]  مقالات الأصول : ج2 ص456-457.
[6]  مقالات الأصول : ج2 ص457.
[7]  مقالات الأصول: ج2 ص457-458.
[8]  أما المتصل فيسري، والمنصور لدينا التفصيل لا بين المنفصل والمتصل بل بين المعنوِن وغيره.
[9]  من الخاص.
[10]  بناءً على أن العدالة هي الملكة.
[11]  بناءً على ان العدالة الاستقامة على جادة الشرع.
[12]  وهو قوله (قدس سره) المتقدم :   إذ بعد كون أحد الدليلين ناظرا إلى شرح غيره فلا يرى العرف تنافيهما حتى بحسب مدلوليهما، بل يَرون الحاكم بمنزلة القرائن المتصلة الحاكية - مع ذيها - عن معنى واحد  و فالحكومة من جهة وحدة المدلول فيهما [شبيهة] القرائن المتصلة.
[13]  أي الحاكم.
[14]  تعليل لكونهما من قبيل تعدد الدال والمدلول وأيضاً جواب عن الدعوى.
[15]  ولذا قال عنه انه بمنزلة القرائن المتصلة فانه إذا كان متصلاً كان منها وليس بمنزلتها، وأيضاً: ولذا فرّق بينه  الحاكم  وبين الخاص لوضوح أن المراد الخاص المنفصل لا المتصل وإلا كان من القرائن المتصلة. فتدبر.
[16]  -والرفع التنزيلي.
[17]  وسيأتي ما فيه.
[18]  عوالي اللئالي العزيزية: ج2 ص167.
[19]  مع الإتيان بركعة احتياط أو ركعتين أو ما أشبه.
[20]  الكافي  ط - الإسلامية : ج5 ص293.
[21]  سورة البقرة: آية 186.
[22]  أو الجواز لو لم يكن الضرر بالغاً أي لو وازن الضررُ المنفعةَ، على رأي.
[23]  من الوجوه التي ترد على كلام المحقق العراقي (قدس سره).
[24]  وسيأتي تحقيق ذلك عند التطرق لسائر المباني في نكتة تقدم الحاكم.
[25]  وإن شمل مثل  اتموا الصيام إذا لم يكن ضررياً .
[26]  من الوجوه التي على كلام المحقق العراقي (قدس سره).
[27]  وهو الحاكم.
[28]  أي الأسد الحقيقي .
[29]  الناظر والمنظور إليه.
[30]  وذلك على عكس الأظهرية بلسان المسالمة كما سيأتي.
[31]  متصلاً أو منفصلاً، لا فرق في جهة البحث.
[32]  تقدم الحاكم على المحكوم.
[33]  في الحاكمية.
[34]  المدعى كونه محكوماً.
[35]  إذ الحاكم في الحكومة التضييقية وفي النافي حكماً، لبّاً مخصص لكن بلسان آخر من تضييق للموضوع أو شبه ذلك. .
[36]  في فرض تأخره.
[37]  إذ سواء كانت  لا ربا...  نهياً أو نفياً فانها ناظرة إلى حكم الربا العام.
[38]  أي على العام.
[39]  أي على التخصيص.
[40]  المراد، مبدئياً، صلاحية كونه حاكماً بتوفره على جهته.
[41]  ؛– كما سلف بيانه من كلامه  (قدس سره)  –
[42]  الحاكم.
[43]  أي التقدم بالتخصيص.
[44]  أي تقدم الآخر - المدعى أنه المحكوم- عليه.
[45]  وقد سبق فراجع.
[46]  مباحث التعارض: الدرس 135، 136، 137، 138.
[47]  المزاحمة قصد بها هنا المعنى اللغوي أي المدافعة لا الاصطلاحي.
[48]  مع إضافات على كلامه وتغيير، وسيأتي نص كلامه.
[49]  المراد المعنى اللغوي للمزاحمة لا الاصطلاحي.
[50]  فلاحظ  مطلقاً  و قد  إذ الفارق بهما.
[51]  ظاهر المحكوم.
[52]  الكافي : ج5 ص147.
[53]  عوالي اللئالي : ج1 ص214.
[54]  الكافي : ج5 ص293.
[55]  مقالات الأصول : ج2 ص459.
[56)  هو عدم التجوز في العام.
[57]  التفكيك بين كلماته مع انها متسلسلة، لورود بعض المناقشات على كل فقرة كما سيأتي.
[58]  فانه الذي عارضه لا الأكثر  وهو الرجحان .
[59]  ولا المضمونية ولا الجهوية بل ولا سائر أنحاء الجمع فتدبر.
[60]  المراد المعنى اللغوي لا الاصطلاحي، أي عاندت وعارضت وضادت.
[61]  إذ سيأتي النقاش في ذلك أيضاً.
[62]  سورة البقرة: آية 187.
[63]  سورة آل عمران: آية 97.
[64]  سورة الأنفال: آية 41.
[65]  كما لو قال لا يجب الصوم على العلماء، وقال لا يجب الصوم على الجهال وقال لا يجب على الرجال وقال لا يجب على النساء مثلاً بحيث استغرق كل أفراد الصوم أو معظمها المستهجن.
[66]  أي الدليل الحاكم.
[67]  كقوله: ( لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَوَلَدِهِ رِبًا ) وقوله مثلاً: لا ربا بين العلماء ، وقوله لا ربا بين الجهال ،  وقوله لا ربا بين أهل المدن ، وقوله لا ربا بين أهالي الأرياف،  ولا بين  أهل البدو ، وغير ذلك .
[68]  بناءً على كونها من الحكومة كما هو مسلك المحقق النائيني (قدس سره).
[69]  إذ العلم غير الفن والعالم غير الفنان.
[70]  مقالات الأصول : ج2 ص459.
[71]  راجع فوائد الأصول ج3 ص17 و31 و108 وغيرها حيث يصرح بأن حجية الظن بجعل شرعي وبمتمم الكشف.. الخ.
[72]  سورة النحل: آية 43.
[73]  سورة الحجرات: آية 6.
[74]  الكافي : ج1 ص330.
[75]  إن لم نقل بالاكتفاء بعدم الردع.
[76]  قال حذاق الأطباء : إن النبض الظاهر يدق بسبعين نوعاً مختلفاً كل منها يكشف عن مرض خاص، والنبض الخفي الباطن – ولا يعرفه إلا الأوحدي – يكشف أكثر بكثير جداً.
[77]  إن كان له هذا المقام.
[78]  وتمام الكلام في ذلك بما يسد ثغراته ويذب عن حياضه ويتصدى لمناقشة الإشكالات عليه في محله.
[79]  وأن الحجية بمعنى التعبد بالسند.
[80]  وفرض المحال وغير الواقع ليس بمحال.
[81]  لزوم الإيمان إجمالاً.
[82]  سورة آل عمران: آية 7.
[83]  سورة الفتح: آية 10.
[84]  سورة القيامة: آية 22.
[85]  سورة الأنفال: آية 17.
[86]  المقصود في غير القرآن إذ سنده قطعي كما سبق.
[87]  سورة الرعد: آية 27.
[88]  سورة الأعراف: آية 155.
[89]  سورة البقرة: آية 26.
[90]  سورة المدثرة: آية 31.
[91]  أو التوقف، وسيأتي.
[92]  المدلول عليه بأحد الدليلين المتعارضين.
[93]  العمل في الجملة بالحكم الواقعي المدلول عليه بالدليل.
[94]  الكافي : ج1 ص68.
[95]   حيث قال :  وإلا يلزم طرح سنده... .
[96]  عوالي اللئالي : ج4 ص133.
[97]  كالعام.
[98]  أي الظاهر.
[99]  مقالات الأصول : ج2 ص459.
[100]  نفس المصدر.
[101]  أي في بعض أفراده وهي غير هذا الخاص المستثنى.
[102]  أو كان نسي أنه قد خصص من قبل.
[103]  كعدم وجود مصلحة في إكرام فساق العلماء.
[104]  مباحث التعارض: الدرس 150 ، 152، 153

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 5 ربيع الاول 1440هـ  ||  القرّاء : 6716



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net