||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 76- (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)-1 ماهية وإطار العلاقة بين الدول والشعوب

 450- فائدة فقهية: دلالة السيرة على صحة معاملة الصبي الراشد بإذن وليه

 107-فائدة فقهية: الاقسام الاربعة للتورية

 43- (وءآت ذا القربى حقه) في ذكرى شهادة الإمام السجاد عليه السلام؛ (التعرف) و(التعريف) و(التأسي) و(الدفاع) من حقوق أهل البيت عليهم السلام على الناس أجمعين

 303- الفوائد الأصولية (الحكومة (13))

 2- فائدة لغوية اصولية: مناشئ وجود المشتركات اللفظية

 31- موقع (يوم الجمعة) في نهر الزمن

 173- مباحث الأصول : (مبحث الأمر والنهي) (2)

 486- فائدة قرآنية: (عموم القرآن الكريم لمختلف الأزمنة والأمكنة والظروف)

 309- الفوائد الأصولية: حجية الاحتمال (5)



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23594812

  • التاريخ : 19/03/2024 - 11:47

 
 
  • القسم : دروس في التفسير والتدبر ( النجف الاشرف ) .

        • الموضوع : 261- الأصول الخمسة في معادلة الفقر والثروة وضمانات توازن الثروات عالمياً عبر العفاف والكفاف .

261- الأصول الخمسة في معادلة الفقر والثروة وضمانات توازن الثروات عالمياً عبر العفاف والكفاف
الأربعاء 6 شعبان 1438هـ





 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.
الأصول الخمسة في معادلة الفقر والثروة
وضمانات توازن الثروات عالمياً عبر العفاف والكفاف
(7)
 
قال الله العظيم في كتابه الكريم: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...)([1]) و(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)([2])
سبق بعض الكلام عن معالم النظرية الإسلامية بالنسبة للغنى والثروة والفقر والفاقة وسبقت خمسة وجوه للجمع بين طوائف الروايات الذامّة للفقر والمادحة له والذامّة للغنى والمادحة له، وسيتمحور البحث الآن حول وجه الجمع السادس والذي يلقي الضوء بدوره على الرؤية الإسلامية الكلية العامة للغنى والثروة والفقر والفاقة، وذلك يتضح في ضمن النقاط التالية:
 
لِيتحولْ الفقراء إلى أغنياء، ولِيعشْ الأغنياء عيش الفقراء!
 
النقطة الأولى: ان المستظهر هو ان مقتضى القاعدة الأولية هي: ان نحثّ الأغنياء ليعيشوا عيشة الزهاد والفقراء وان ينفقوا أموالهم بسخاء بالغ([3]) وان نحضّ في المقابل الفقراء ليصبحوا أغنياء وان يتعلموا ويسلكوا سبل الثروة والأثرياء! وذلك يعني، وبعبارة أخرى: ضروري أن يبتني المخطط الاقتصادي – الاجتماعي – التربوي الإسلامي العام على دَفْع الفقراء ليقلعوا من حضيض الفقر وينهضوا من قاع الحاجة ليصلوا إلى مستوى الغنى والأغنياء، وفي المقابل: دَفْع الأغنياء لينزلوا من (عرش) الثروة والغنى إلى (فرش) الزهد والفقر أو العيش عيشة الفقراء، فهذا المزيج الإبداعي من الحركة المتصاعدة للفقراء والحركة المتنازلة للأغنياء هو الأفضل من بين كافة المناهج الاقتصادية – الاجتماعية، للناس بشكل عام وللأغنياء والفقراء جميعاً بشكل خاص.
وبعبارة أخرى: أ- ان يتجه الأثرياء لا إلى زيادة ثرواتهم وكنزها يوماً بعد يوم أكثر فأكثر بل إلى انفاقها على المجتمع الذي يدينون له بثروتهم: على التعليم والمدارس والمكتبات، وعلى المعنويات والمساجد والحسينيات، وعلى الفقراء والمياتم والمستشفيات.. وغير ذلك.
ب- وان يتجه الفقراء للإقلاع نحو الثروة والثراء.
وسيتضح الوجه في هذا الدعوى المركبة التي قد تبدو غريبة في بادئ النظر، في ثنايا البحث القادم.
 
قاعدتان واستثناءان
 
النقطة الثانية: ان تلك الثَّنائية السابقة (التوجه العام للأغنياء المتعاكس مع التوجه العام للفقراء) يتفصَّل، في نظرة أكثر دقة وتفصيلاً، إلى رُباعية تتضمن قاعدتين واستثنائين بما يفتح لنا افقاً أرحب لفهم النظرية الإسلامية بشكل أوسع وأدق في الوقت نفسه، والرباعية هي:
 
تزهيد الأغنياء في الثروة إلا ما كان طريقياً
وتزهيد الفقراء في الفقر إلا ما كان رسالياً!
 
أ-ب- (الأغنياء) علينا أن نزهّدهم في الاستحواذ على الثروات أو التمسك بالغنى وكنز الثروات، إلا ما كان منها طريقياً.
ج-د- (الفقراء) علينا أن نزهّدهم في الفقر في كلتا مرحلتي العلة المحدثة والمبقية، إلا ما كان منه هادفاً رسالياً.
فههنا قاعدتان تشكلان الإطار العام للمنهج الذي يجب ان يسير عليه الأغنياء والفقراء، واستثناءان – وقد يكون كل منهما عريضاً جداً أو ضيقاً جداً – يفتحان نوافذ ومخارج وأبواباً في جدران القاعدتين.
وعلى ذلك فان طوائف الروايات يمكن تصنيفها في ضمن هذه الرباعية:
 
أ- طوائف الروايات الذامّة للمال والثراء:
 
أولاً: طوائف الروايات التي تذم المال والثراء وتردع عنه وتعتبره منشأ المفاسد والإضرار، وهذه تشير إلى القاعدة الأولى:
ومنها: قوله عليه السلام "أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى (عليه السلام) يَا مُوسَى (عليه السلام) لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَلَا تَدَعْ ذِكْرِي عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ تُنْسِي الذُّنُوبَ وَإِنَّ تَرْكَ ذِكْرِي يُقْسِي الْقُلُوبَ"([4]).
والوجه في ان كثرة المال تنسي الذنوب هو ان المال يستحوذ على مشاعر الإنسان ويشغله بأشد أنحاء الانشغال، بل انه يورثه العُجب والكبر والكبرياء والطغيان فلا يعود يهتم بذنب صدر منه بل انه سرعان ما ينساه إذ تراه يغرق في بحار تصريفات أمواله وفي مختلف منطلقات شهواته!.
ومنها: قوله عليه السلام "مَا قَرُبَ عَبْدٌ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا تَبَاعَدَ مِنَ اللَّهِ وَلَا كَثُرَ مَالُهُ إِلَّا اشْتَدَّ حِسَابُهُ وَلَا كَثُرَ تَبَعُهُ إِلَّا وَكَثُرَ شَيَاطِينُهُ"([5]).
والرواية تعد من أهم الروايات المفتاحية التي تعطينا أسس الحياة الإيمانية السعيدة ومقوماتها الرئيسية؛ إذ تشير إلى قواعد ثلاثة جوهرية:
 
كلما اقتربت من السلطان ابتعدت عن الله تعالى!
 
القاعدة الأولى: "مَا قَرُبَ عَبْدٌ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا تَبَاعَدَ مِنَ اللَّهِ..." ذلك ان السلطة تمتلك إغراء شديداً وهي منطقة رمال متحركة خطرة يغرق فيها الناس، إلا النادر، بالتدريج شيئاً فشيئاً إذ (إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)([6]) بل إنها عبارة عن حقل ألغام خطير فإن حب السلطة يدفع أكثر الناس إلى التشبث بها ولو بسحق حقوق الآخرين وظلمهم والارتشاء والسرقات المقنّعة، بل ان الاقتراب من السلطان يتوقف على ان تتخذه إلهاً بدل أن يكون الخالق جل وعلا إلهك! والسر واضح فان منهج الحكام والسلاطين يتعارض مع منهج الرب جل وعلا في العدل والإحسان والإنصاف وان تكون الأولوية لإحقاق حقوق الرعية لا للتسبيح بحمد الحاكم ومجده!! فكلما اقترب الشخص من أصحاب القوة والسطوة ومن الحاكم والرئيس أو السلطان والقائد - الضرورة كان عليه ان يقدم تنازلات أكثر من مواقفه الإنسانية والرسالية والدينية وكان عليه ان يكون التابع المخلص له، لا الآمر له بالمعروف والناهي له عن المنكر! وهل يعقل ان يستبقي السلطان أمثال أبي ذر ممن يرفعون عقيرتهم ضده عند اجتراح أدنى مخالفة للشرع أو العقل أو الضمير والوجدان؟.
 
كلما كثر مالك اشتد حسابك!
 
القاعدة الثانية: "وَلَا كَثُرَ مَالُهُ إِلَّا اشْتَدَّ حِسَابُهُ..." فان كل درهم يحصل عليه الإنسان يحاط بحساب ثنائي الأبعاد شديد: من أين اكتسبه؟ وفي أين انفقه؟ ونضيف بعداً ثالثاً وهو: كيف استبقاه؟.
 
كلما كثر أتباعك كثرت شياطينك([7])!
 
القاعدة الثالثة: "وَلَا كَثُرَ تَبَعُهُ إِلَّا وَكَثُرَ شَيَاطِينُهُ" وليس المراد ان الاتباع كلهم شياطين بل المراد زيادة الكمّ في إطار النسبة بزيادة المجموع، فلو كان له من الأتباع ألف مثلاً كان شياطينه منهم مائة، إذا افترضنا ان نسبة الفاسدين هم 10% ولو كان له من الأتباع مليون كان شياطينه منهم مائة ألف، إذا افترضنا النسبة ثابتة.
ومن الواضح ان إحاطة مائة ألف شيطان بالإنسان ولو في ضمن مليون أخطر على الإنسان جداً من إحاطة مائة شيطان في ضمن ألف، خاصة إذا تذكرنا ان طرق الشياطين وشباكهم وأحابيلهم متطورة جداً، وتذكرنا معادلة الأكثرية الصامتة.
ومنها: ما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): "الْمَالُ مَادَّةُ الشَّهَوَاتِ"([8]).
 
ب- طوائف الروايات الدالة على الاستثناء:
 
ثانياً: طوائف الروايات التي تؤكد على الاستثناء من القاعدة الأولى فيما لو وقعت الثروة والغنى طريقاً للعطاء والبذل ودعم الفقراء واستنهاض المؤسسات والمجتمع بشكل عام.
ومنها: ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) "إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً يَخْتَصُّهُمُ اللَّهُ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ فَيُقِرُّهَا فِي أَيْدِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ ثُمَّ حَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ"([9]) وذلك، كنظائره، بنحو المقتضي الذي لا يمنع الاستثناء بل ولا كثرة الاستثناءات، إضافة إلى ان الرواية لا تُصدِر حكماً كلياً ولا هي مسوّرة بسور الكل بل ظاهرها انها مسورة بسور البعض وان بعض الأثرياء كذلك فلاحظ قوله "إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً..." ولم يقل: ان كل من أثرى فهو ممن اختصه الله بالثروة لمنافع العباد فإذا منعوها...
وقال أبو عبد الله (عليه السلام): "مَيَاسِيرُ شِيعَتِنَا أُمَنَاؤُنَا عَلَى مَحَاوِيجِهِمْ فَاحْفَظُونَا فِيهِمْ يَحْفَظْكُمُ اللَّهُ"([10]) والروعة تكمن، فيما تكمن، في قوله (عليه السلام) "أُمَنَاؤُنَا" وقد يفسر ذلك بالملكية الطولية إذ ملكية الله تعالى للأشياء حقيقية مطلقة بالقيومية وملكيتنا اعتبارية محضة وبينهما ملكية الرسول (صلى الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام) إذ "بِيُمْنِهِ رُزِقَ اَلْوَرَى وَبِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ اَلْأَرْضُ وَاَلسَّمَاءُ"([11]).
وقد روى علي بن إبراهيم القمي في تفسيره قال: "ذَكَرَ رَجُلٌ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الْأَغْنِيَاءَ فَوَقَعَ فِيهِمْ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) اسْكُتْ فَإِنَّ الْغَنِيَّ إِذَا كَانَ وَصُولًا لِرَحِمِهِ وَبَارّاً بِإِخْوَانِهِ أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ الْأَجْرَ ضِعْفَيْنِ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى‏ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ)([12]) "‏([13])
كما قال عليه السلام: "الْفَقْرُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْغِنَى إِلَّا مَنْ حَمَلَ كَلّا أَوْ أَعْطَى فِي نَائِبَةٍ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مَا أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةُ غَنِيٌّ وَ لَا فَقِيرٌ إِلَّا يَوَدُّ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ مِنْهَا إِلَّا الْقُوتَ"([14]).
 
ج- طوائف الروايات المحذّرة من الفقر:
 
ثالثاً: طوائف الروايات التي تزهّد في الفقر بل التي تحذّر منه وتشير إلى مفاسده وأضراره ومنها: كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد بن الحنفية "يَا بُنَيَّ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ الْفَقْرَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَإِنَّ الْفَقْرَ مَنْقَصَةٌ لِلدِّينِ مَدْهَشَةٌ لِلْعَقْلِ دَاعِيَةٌ لِلْمَقْتِ"([15]).
وقوله "مَنْقَصَةٌ لِلدِّينِ" لأن الفقر يجرّ الكثير من الناس إلى السرقة والاختلاس والارتشاء وغير ذلك.
و"مَدْهَشَةٌ لِلْعَقْلِ" لوجوه عديدة منها ان الفقر يعد من أهم عوامل توتر الأعصاب ومرض الكآبة وسائر الأمراض الروحية والعقلية المختلفة.
و"دَاعِيَةٌ لِلْمَقْتِ" قد يراد به أ- مقت الناس للفقير ب- أو مقت الفقير للناس أو للحياة أو حتى للخالق جل وعلا  - والعياذ بالله -، وكل من المحتملين بل المحتملات له وجه، وقد نفصّل هذا وسائر ما سبقه في وقت آخر.
ومنها: "كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً"([16])
ومنها: "الْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ"([17])
ومنها: "الْفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ وَ الْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ"([18]).
 
د- طوائف الروايات الدالة على الاسثتناء
 
رابعاً: طوائف الروايات التي يستفاد منها استثناء (الفقر الهادف) أو إن شئت فقل (الفقر الرسالي):
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله): "الْفَقْرُ فَخْرِي وَبِهِ أَفْتَخِرُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ"([19]) فانه (صلى الله عليه وآله) بفقره كان أفضل اسوة للحكام والرؤساء والقادة على مر التاريخ، وكان (صلى الله عليه وآله) أفضل معلِّم نهضوي جنّد كل طاقاته وقدراته وثرواته للهدف الأسمى وهو إشاعة الإيمان والعدل والإنصاف والإحسان في ربوع الأرض عبر المنهج النبوي القويم ومن بوابة إقامة أقوى وأفضل وأكمل وأنزه حكومة على وجه الأرض. من غير ان ينفي هذا المعنى، المعنى الآخر للرواية الذي سبق بيانه في بحث ماض([20]).
ومنها: قوله عليه السلام "مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً"([21]) وقد سبق الكلام عن وجهه.
كما ان من أروع الشواهد على حسن الفقر الهادف بل وضرورته القصة التالية:
 
التجارة كطريق للقضاء على الفوارق القومية والعرقية وغيرها
 
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "أَتَتِ الْمَوَالِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَقَالُوا: نَشْكُو إِلَيْكَ هَؤُلَاءِ الْعَرَبَ! إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) كَانَ يُعْطِينَا مَعَهُمُ الْعَطَايَا بِالسَّوِيَّةِ وَزَوَّجَ سَلْمَانَ وَبِلَالًا وَصُهَيْباً وَأَبَوْا عَلَيْنَا هَؤُلَاءِ وَقَالُوا: لَا نَفْعَلُ.
فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَكَلَّمَهُمْ فِيهِمْ.
فَصَاحَ الْأَعَارِيبُ: أَبَيْنَا ذَلِكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَبَيْنَا ذَلِكَ!!.
فَخَرَجَ وَهُوَ مُغْضَبٌ يُجَرُّ رِدَاؤُهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمَوَالِي، إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ صَيَّرُوكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَتَزَوَّجُونَ إِلَيْكُمْ وَلَا يُزَوِّجُونَكُمْ وَلَا يُعْطُونَكُمْ مِثْلَ مَا يَأْخُذُونَ، فَاتَّجِرُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ: الرِّزْقُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ فِي التِّجَارَةِ وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا"([22]).
وفي الرواية الشريفة دروس وعبر كثيرة، ومنها: ان الإمام (عليه السلام) لم يكتف بالنهي عن المنكر، بل انه مارس دور القائد الرحيم إذ أراهم خارطة طريق الخلاص من الاستضعاف وهي ان يتحولوا إلى تجار وأثرياء، وحينئذٍ ستجد نفس أولئك الأعاريب يخطبون وُدَّهم ويتقربون إليهم! فهذه من طرق القضاء على الفوارق القومية واللونية والعرقية المبتدعة! وقد ذكرنا في كتاب (استراتيجيات إنتاج الثروة ومكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام))
(ولهذا الحديث يستبطن دلالات كثيرة ومنها:
1- تصدِّي الإمام (عليه السلام) لهموم الناس، وترابيته وتميزه بعيشه بين ظهرانيهم.
2- تواضع الإمام (عليه السلام) وهو حجة الله على الخلائق؛ حيث ذهب بشخصه الكريم إلى الأعاريب ولم يكتف بإرسال مندوب إليهم.
3- أن الإمام تصدى بدور قيادي هام وهو إعطاء المشورة الاقتصادية للموالي وهي:
4- ان على الطبقة الفقيرة، والمتوسطة، ان تتوجه للتجارة، كي تخرج عن دائرة التهميش والإهمال والعزلة الاجتماعية والاستضعاف.
وعلى أئمة المسلمين والعلماء والخطباء والمفكرين والأساتذة، التأسي به صلوات الله عليه في كل ذلك.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "تعرّضوا للتجارة فإنّ فيها غنى لكم عمّا في أيدي الناس"([23])([24]).
 
القاعدة الخامسة: أمّ القواعد الأربع: (الكفاف) لا الفقر ولا الثراء!
 
النقطة الثالثة: ان هنالك قاعدة خامسة تعد أصل الأصول الأربعة السابقة، أي انها هي القاعدة الأولية العامة وتلك الأربعة (قواعد واستثناءات) هي الاستثناء منها، وهذه القاعدة هي التي تشكل جوهر التعاليم الدينية في الموقف العام – المبدئي من الغنى والثروة أو الفقر والفاقة، وهي ان المطلوب الأولي والأساس الأولي، لولا الطوارئ والعناوين الثانوية التي تحتضنها القواعد الأربعة السابقة، والذي ينبغي أن يبني عليها المجتمع المؤمن حياته في البعد الاقتصادي هو (الكفاف) لا الغنى ولا الفقر.
وذلك هو ما تدل عليه الرواية التالية: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) اللَّهُمَّ ارْزُقْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَمَنْ أَحَبَّ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ الْعَفَافَ وَالْكَفَافَ وَارْزُقْ مَنْ أَبْغَضَ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ الْمَالَ وَالْوَلَدَ"([25]).
والعفاف: يراد به العفاف عن المعاصي وعفّ عنه أي تركه وزهد فيه ومنه عافت نفسه كذا.
والكفاف: ما لا يزيد عن الحاجة ولا ينقص عنها بل يكون بقدر الحاجة تماماً!.
كما جاء في الرواية: "طُوبَى لِمَنْ أَسْلَمَ وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً"([26]).
وورد أيضاً "وَلَا تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ الْكَفَافِ وَلَا تَطْلُبُوا مِنْهَا([27]) أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ"([28])
 
الحكمة الكبرى وراء أصالة (الكفاف) العامة:
 
ولعل من أسرار ذلك ومن حِكَمِه – ووجوه الحكمة فيه عديدة قد نتطرق لها في وقت لاحق فنقتصر هنا على وجهٍ وحِكمةٍ وفلسفةٍ واحدة – الحقيقة الهامة التالية:
 
مجموع الثروات لمجموع البشر، وما عدا ذلك إفراطٌ أو تفريط
 
وهي ان ثروات الأرض محدودة، وقد خلقت كمجموع للبشر كمجموع؛ ولذا قال تعالى: ( خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً)([29]) وقد جرت حكمة الله البالغة ان تكون ثروات الأرض كمجموع لو وُزِّعت على البشر كمجموع بحيث ينال كل إنسان منها قدر (الكفاف)! وذلك من غرائب صنع الله تعالى.
وعليه: فكل إفراط في هذا الجانب بزيادة ثروة أشخاص عن حدّ الكفاف يؤدي إلى تضييع حقوق أناس آخرين في الجانب الآخر، وقد صرح بذلك أمير المؤمنين عليه صلوات المصلين في قوله: "مَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ"([30]) فلو قسمت ثروات الأرض توزيعاً عادلاً على البشر كافة لما بقي فقيراً أبداً.
 
لغة الأرقام والإحصاءات تشهد!
 
وقد يعترض: بان أعداد البشر تزداد باستمرار ولكن الأرض محدودة لا تتوسع، فكيف تتكفل الأرض المحدودة بالزيادة المضطردة في نفوس البشر كل عام؟ فالبشر الآن 7 مليارات والنصف تقريباً وحسب الإحصاء فانهم سيصلون عام 2050 إلى 9.7 مليارات فكيف تتكفل الارض باحتياجاتهم؟
والجواب: هو: ان تحسُّن وسائل الإنتاج وتطور التكنولوجيا وزيادة الخبرة والتراكم المعرفي زائداً (الحكمة) وعدم الإسراف والهدر والحيلولة دون إتلاف المحصولات عمداً بالمباشرة أو بالواسطة عبر الحروب أو الإهمال وسوء التخزين والنقل وغير ذلك، كفيل بإعادة التوازن دوماً بين كمية الثروات والمحاصيل الزراعية والدواجن والماشية وغيرها وبين حاجات البشر.
 
800 مليون يعانون نقص التغذية ومليار يعانون سوء التغذية!
 
وتشهد الأرقام الإحصاءات العلمية على ذلك ولنقتبس بعضها ههنا:
(ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة (FAO)، فإن هناك في العالم اليوم 800 مليون إنسان يعانون من نقص التغذية – أي لا يأكلون بمقادير كافية. وهو ذات الرقم الذي كان موجوداً العام 2000، أو العام 1995، أو... العام 1900! وإلى هؤلاء سيُضاف مليار من البشر يعانون من سوء التغذية – أي أولئك الذين لا يتغذّون بغذاءٍ يكون على قدرٍ كافٍ من التنوّع، والذين يعانون من تدهور صحتهم بسبب القصورات والنقص "في الفيتامينات والبروتينات، والعناصر المعدنية... الخ")([31]).
 
مليار طن وثلاثمائة مليون طن من الأطعمة ترمى سنوياً!
 
 وفي مقابل ذلك كله نتوقف عند التقرير التالي:
(وثمّة اختلال آخر ينبغي له أن يستثير انتباهنا: هو الهدر: إذ تعتبر منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة (FAO) أن 1.3 مليار طنّ من الأغذية تُرمى سنوياً، وتمثل ثلث المحصول العالمي. وتقع هذه الخسارة في بلدان الجنوب أساساً بسبب فقدان تجهيزات التخزين والنقل المناسبة فيها. أما في بلدان الشمال فان نمط الحياة هو ما يسبّب هذا الهدر. وعلى هذا، بات من الملحّ والعاجل تقليص هذا الهدر في كل مراحله: من الحقل إلى المائدة!)([32])
ورقم الهدر السابق قريب من حل كلتا معضلي نقص التغذية (800 مليون) وسوء التغذية (مليار) خاصة وأن نقص التغذية لا يعني انعدام التغذية بالكامل، وان سوء التغذية لا يتلازم مع النقص الكمي في التغذية، وذلك لأنه لو وزعت هذه الـ1.3 مليار طن من الأغذية على الجياع الذين يعانون من نقص التغذية وهم ثمانمائة مليون وأعطينا كل واحد منهم ألف كيلو من الأغذية سنوياً لبقي لنا فائض قدره 500 مليون طن وهي تكفي، إذا تمتعت بالتنوع الكافي، لحل مشكلة سوء التغذية للمليار بشر الذين يعانون منها!([33]).
ويكشف ذلك عن عمق القول بـ: (ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيع) و"مَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ"([34]).
والغريب ان شطراً وافراً من هذا الهدر متعمد، تتعمده الدول الكبرى والوسطى والشركات العابرة للقارات وغيرها، لأجل المحافظة على الأسعار لأن العرض كلما ازداد انخفضت الأسعار فكي يربحوا أكثر يعدمون – إضافة إلى ما يتلف أساساً لنقص الخبرات أو الأجهزة والمخازن أو سوء التخزين – آلاف الأطنان سنوياً كما تشهد عليه الإحصاءات وليَمُت بعد ذلك (في كل عشر ثوان طفل واحد) كما جاء في الإحصاء الرسمي أيضاً وليعانِ بعد ذلك 800 مليون من نقض التغذية ومليار من سوء التغذية!.
 
الجوع ظاهرة سياسية!
 
ولأجل ذلك كله نجد بعض الخبراء يصرحون: (وعلى هذا، فإن الجوع هو ظاهر سياسية. إنه نتيجة:
1- الجهل.
2- والحرب.
3- وقصورات السلطات العامة.
4- والنزاعات التي تدور حول الاستيلاء على الموارد الطبيعية.
5- وهو إلى هذا يتحول يوماً بعد يوم، إلى نتيجة فرعية من نتائج العولمة: عقيدة "السوق الحرة" التي تبثها المؤسسات المالية الدولية وتنشرها.
6- وغياب الرقابة العامة عن الشركات المتعددة الجنسيات، تحمل كلها مسؤولية ثقيلة في ذلك. فقد مارس "القوم" سياسات معقدة من نشر الجوع. وهذا خبرٌ سيءٌ وخبرٌ جيدٌ في آنٍ معاً. ذلك أنّ ما صنعه الإنسان، يستطيع هو نفسه تقويضه. وإذا كان الجوع بادئاً، حدثاً سياسياً، فإنّ اجتثاثه يكون سياسياً أيضاً)([35]).
وسيأتي البحث تفصيلاً عن ان الرأسمالية الجشعة والطمع الوحشي أنتج أجيالاً وشركات ودولاً بل وشعوباً لا تعرف الرحمة ولا تفهم إلا المال ثم المال ثم المال ثم المزيد من المال، ولذلك استحلّوا إتلاف المحاصيل وبيع الأسلحة الفتاكة وإثارة الحروب وترويج المخدرات وإشاعة الجريمة المنظمة وغير ذلك مما سيأتي لاحقاً، عكس الإسلام الذي يدعوا إلى (الكفاف) دون الطمع والجشع والاستغلال والإسراف والتبذير.
ولنعد إلى لغة الأرقام من جديد لنجد انه كان من نتائج سياسة الجشع البشري المقرف انه قد ارتفعت (في أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء) أعداد من يعانون نقص التغذية بين العامين 1970 و2010، من 87 مليوناً إلى 234 مليون نسمة، وكذلك في شبهة القارة الهندية حيث يظل العدد ثابتاً، وعلى نحوٍ يبعث على اليأس، أي في حدود 220 مليون نسمة)([36]).
وذلك رغم تطور التكنولوجيا ووسائل الإنتاج وزيادة الثروات والمحاصيل في العالم بشكل مذهل.
 
عدد البشر في العام 2050 ومعضلة الطعام!
 
وسوف نذهل أكثر من المصير المظلم الذي ينتظر البشرية لو استمرت وتيرة الجشع الحالية كما هي ولم نَعُد إلى سياسة الكفاف الإسلامية، عندما نعرف الحقيقة التالية: (لابدّ لكي يأكل الجميع من إنتاج ما يكفي الآكلين، ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة، فإنه ينبغي زيادة الإنتاج الزراعي العالمي، من الآن حتى حدود العام 2050، بنسبة 70%. ويفسر هذا الرقم بالتأليف بين عاملين. زيادة سكان العالم الذين يُفترض أن يصلوا إلى 9.7 مليار نسمة في العام 2050 "أي بزيادة 33% عما كانوا عليه العام 2015")([37]).
وهل يعقل حل هذه المعضلة إلا بالعودة إلى سياسة (الكفاف)! لا طريق غير ذلك إذا أردنا الوصول إلى سياسة (الجوع – صفر) أو (صفر جوع).
ولقد توصل الخبراء أخيراً إلى عدد من الحلول التي صرحت بها الروايات العديدة قبل مئات السنين كما سيأتي تفصيله لاحقاً بإذن الله تعالى.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
==========================
 
([24]) ومن الواضح ان المقصود ليس هو ان يترك كافة الناس أعمالهم ويتجهوا للتجارة ولذا قيّدنا بـ(لو دار أمره بين التوظف والتجارة)، بل المقصود هو ان من يتوظف لمجرد ان تكون الوظيفة مصدراً للرزق له، فالأفضل أن يتجه للتجارة مع توفير شروط النجاح فيها، أما الذين يمارسون أدواراً أخرى وذوو الاختصاص في الفيزياء والكيمياء والطب والهندسة والتكنولوجيا المتطورة، والبحوث العلمية والأكاديمية ونظائرها، فليس الحديث عنهم فإن تلك الحقول واجبات كفائية كالتجارة ولا تقل عنها أهمية، بل يجب أن تتكامل وتتلاحم التجارة و الاختصاصات وغيرها لبناء الوطن المزدهر والمجتمع السعيد – استراتيجيات إنتاج الثروة ومكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام) ص 172 - بتصرف.
 

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الأربعاء 6 شعبان 1438هـ  ||  القرّاء : 11313



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net