||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 283- (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) 8 الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق

 251- مباحث الاصول: (الحجج والأمارات) (9)

 469-فائدة فقهية: بعض وجوه حل التعارض في روايات جواز أمر الصبي

 200-احداث ( شارلي أپدو ) والموقف الشرعي ـ العقلي من الاستهزاء برسول الانسانية محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله)

 283- فائدة تفسيرية: الفرق بين: (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) و(وَأَنْصِتُوا)

 104- (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) مؤسسات المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي-17 هل الأصل الفرد أو المجتمع؟ مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني تجاه الناس (خطر النيوليبرالية مثالاً)-1

 114- فلسفة قواعد التجويد - كيف يكون القرآن الكريم تبياناً لكل شيئ ؟ - (التوبة) حركة متواصلة متصاعدة الى الله تعالى

 51- فائدة منطقية: إطلاقات القضية الخارجية

 366- (هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (15) الآيات المكية والمدنية: الثمرات وطرق الإثبات

 9- الإمام الحسين عليه السلام والأمر بالمعروف



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23698366

  • التاريخ : 28/03/2024 - 12:56

 
 
  • القسم : التزاحم (1440-1441هـ) .

        • الموضوع : 207- السبب في عدم اعتداد العقلاء بالكشف والشهود والكهانة والاحلام .

207- السبب في عدم اعتداد العقلاء بالكشف والشهود والكهانة والاحلام
الثلاثاء 10 شعبان 1440هـ



 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(207)

 

السرّ في عدم اعتداد العقلاء بالكشف والشهود والأحلام وشبهها

ثم ان السرّ في ان العقلاء بشكل عام لم يعتدّوا بالكشف والشهود ولم يعتبروا ذلك حجة، كما لم يعتبروا الأحلام حجة وكما لم يعتبروا قول الكاهن (المتصل بالجنّ) حجة، ولا قول قارئ الكف والفنجان، وذلك رغم انها قد تصيب أحياناً – قليلاً، أو كثيراً بزعم المذعنين لها، أو دائماً بزعم المؤمنين بها) لاتصال الكهنة بالجن وهم محيطون بأخبار كثيرة لم نحط بها خبراً، وكذلك الأحلام فان قسماً منها إلهام وقسم منها – حسب الروايات – رؤيا صادقة، ولكون بعض الكشف مطابقاً للواقع، أقول: ان السرّ في عدم اعتداد العقلاء بالكشف والشهود والأحلام وقول الكهنة والرمالين وقرّاء الكف والفنجان هو أمران:

 

إذ لا تُعلم نسبة إصابتها من خطأها

الأول: انها لا تعلم نسبة إصابتها من نسبة خطأها، فهل الكاهن أو الرّمال أو صاحب الكشف، مصيب عشرة بالمائة أو خمسين بالمائة أو تسعين بالمائة أو أكثر أو أقل؟ ذلك مما لا يعلم، ولذلك لم يعتبرها العقلاء حجة إذ كيف يعتبرون ما لا يعلم حاله ودرجة إصابته، حجة؟ وذلك عكس خبر الثقة فانهم حيث رأوا ان نسبة الإصابة فيه معدلاً هي ثمانين أو تسعين بالمائة مثلاً حكموا بحجيته، والحجية بمعنى الكاشفية النوعية وبمعنى لزوم الإتباع والمنجزية أو المعذّرية.

 

ولا يوجد ضابط مرجعي لتمييز صحيحها من سقيمها

الثاني: انه لا يوجد ضابط مرجعي لتمييز الصواب من الخطأ في تلك الأمور، عكس الحجج العقلائية؛ إذ ان الكاهن الناقل لقول الجن أو العارف الناقل لكشفه، لا يمكن – عادة – وضع ما ذكره على المحكّ بمعنى انه لا يوجد ميزان خاص لتمييز الصائب من الخطأ في النقولات الكشفية أو الكهنية أو الرملية، فلا يمكن الاعتماد عليها لكونها كالرمي في الظلام المطلق وكالحركة في المجهول المحض، وذلك على عكس الطرق العقلائية المعهودة للمعرفة، كالعقل والحس والتجربة وغيرها، فان لها ضوابط مرجعية؛ ألا ترى ان الحس – من سمع وبصر وذائقة وشامة ولامسة، هو – أولاً – مصيب غالباً وان الخطأ فيه هو الأقل (حتى لو فرض انه عشرون بالمائة مثلاً من المجموع، وهو ثانياً: مما توجد له مرجعية لتمييز حقه من باطله وصحيحه من سقيمه، فالمرجعية في خطأ الحواس مثلاً هو (العقل) و(العلم) و(التجربة) في مثل رؤية الكبير البعيد صغيراً والجسم الصغير المتحرك دائرياً بسرعة كبيرة، قوساً كاملاً وشبه ذلك.

 

واما مرجعية العقل فالمنطق والاستدلال

لا يقال: فأية مرجعية للعقل وهو حجة الحجج وكثيراً ما يخطئ؟

إذ يقال: بعد ان المخطئ هو العقل المشوب لا العقل النوري أي العقل المضاف دون العقل المطلق كما فصلناه سابقاً، ان المرجع فيه هو (المنطق) ولذا سمي علم الميزان، وذلك من حيث العلة الصورة للقياس، واما من حيث العلة المادية فالمرجع فيه هو (الاستدلال) بمعنى ان العاقل لو ادعى أمراً فانه يطالب بالدليل والدليل الذي يقيمه، متعدٍّ للغير قابل للدراسة والأخذ والردّ وتحقيق حاله بتحقيق مقدماته وانه من البرهان أو المغالطة أو الجدل أو الشعر أو الخطابة مثلاً، لكن الكشف والشهود أمر لازم غير متعدي إذ كيف يمكن تقييم دعوى الكشف والشهود حسب ضابط مرجعي خاص بالكشوفات وأنواع الشهود؟

 

الكشف اما شيطاني أو رحماني أو صناعة القوة المتوهمة

بعبارة أخرى: الكشف – كما سبق – قد يكون شيطانياً وقد يكون رحمانياً وقد يكون من صناعة القوة المتوهمة، فما هو المائز بينها ليعلم به حتى صاحب الكشف إن كشفه من أي قبيل هو؟ ثم انه لو قطع فرضاً بانه رحماني (وقطعه ليس بحجة إذا كان مقصراً في المقدمات كما سبق بل حتى مع القصور فان الجهل الذي في ضمنه هو الحجة لا القطع كما سبق أيضاً)، فأي ضابط مرجعي يمكننا به تحقيق حاله وانه كذلك([1]) (غير قناعاتنا الكلية وهي ليست ضابطاً على أية حالة).

ويوضحه: ان المنطق ضابط مرجعي ولا دخل لقناعاتنا إذا أعملنا قواعده، في القضية سلباً ولا إيجاباً، بل هو ميزان مستقل بمعنى ان قواعده عَصِيّة عن ان تخضع لقناعاتنا المختلفة والمتغيرة؛ ولذلك نجد انه قد يفيد صحة الاستدلال رغم قناعتنا بخطأه وقد يفيد خطأه رغم قناعتنا بصحته فهو ضابط مرجعي مستقل، فأي ضابط مرجعي مستقل يوجد لتمييز الكذب من الصدق والخطأ من الصواب في قول العارف والكاهن والرمال وشبه ذلك؟

 

ودليل صحة كشوفات الأنبياء، المعجزة

ويدلك على ذلك اننا إنما آمنا بصحة كشوفات الأنبياء وشهوداتهم، لأجل إجراء الله تعالى المعجزة على أيديهم فهي ضابط مرجعي لتمييز الكاذب من الصادق والنبي من غيره، وليس تصديقنا لهم لمجرد انهم ادعوا الكشف والشهود أو لمجرد انهم علماء عظماء صادقون؛ إذ العلم والصدق أمر وقطعه بصحة كشفه أمر آخر إذ لعله من صناعة القوة المتوهمة مثلاً.

 

نماذج من مكاشفات العرفاء

أمثلة وشواهد: ان العديد من العرفاء ادعوا الكشف والشهود في مواطن كثيرة:

منها: شهود الـمُثل المعلقة وأرباب الأنواع.

ومنها: دعوى ابن عربي في (الرجبيون): (انهم يرون الشيعة بصورة الخنازير)! قال: (وكان هذا الذي رأيته قد أُبقِى عليه كشف الروافض من أهل الشيعة سائر السنة، فكان يراهم خنازير فيأتي الرجل المستور الذي لا يعرف منه هذا المذهب قط وهو في نفسه مؤمن به يدين به ربه فإذا مرّ عليه يراه في صورة خنزير فيستدعيه ويقول له تب إلى اللّٰه فإنك شيعي رافضي فيبقى الآخر متعجبا من ذلك فإن تاب وصدق في توبته رآه إنسانا وإن قال له بلسانه تبت وهو يضمر مذهبه لا يزال يراه خنزيراً)([2]) ودعواه ان كشف له فشاهد الكعبة وكانها كل عالم الخلقة وان الرسول الأعظم كان فيها كلبنةٍ ذهب وانه شاهد نفسه لبنةِ ذهب ولبنة فضة معاً!

ومنها: (رؤيا ابن عربي الكعبة مبنية بلبن فضة و ذهب

ولقد رأيت رؤيا لنفسي في هذا النوع وأخذتها بشرى من اللّٰه فإنها مطابقة لحديث نبوي عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حين ضرب لنا مثله في الأنبياء عليهم السلام

فقال صلى اللّٰه عليه وسلم مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى حائطا فأكمله إلا لبنة واحدة فكنت أنا تلك اللبنة فلا رسول بعدي ولا نبي فشبه النبوة بالحائط والأنبياء باللبن التي قام بها هذا الحائط وهو تشبيه في غاية الحسن فإن مسمى الحائط هنا المشار إليه لم يصح ظهوره إلا باللبن فكان صلى اللّٰه عليه وسلم خاتم النبيين فكنت بمكة سنة تسع وتسعين وخمسمائة أرى فيما يرى النائم الكعبة مبنية بلبن فضة وذهب لبنة فضة ولبنة ذهب وقد كملت بالبناء وما بقي فيها شيء وأنا أنظر إليها وإلى حسنها فالتفت إلى الوجه الذي بين الركن اليماني والشامي هو إلى الركن الشامي أقرب فوجدت موضع لبنتين لبنة فضة ولبنة ذهب ينقص من الحائط في الصفين في الصف الأعلى ينقص لبنة ذهب وفي الصف الذي يليه ينقص لبنة فضة فرأيت نفسي قد انطبعت في موضع تلك اللبنتين فكنت أنا عين تينك اللبنتين وكمل الحائط ولم يبق في الكعبة شيء ينقص وأنا واقف أنظر واعلم إني واقف واعلم إني عين تينك اللبنتين لا أشك في ذلك وأنهما عين ذاتي)([3])

وهل لعاقل ان يصدق أمثال ذلك؟ والمفروض انه حتى لو جاء شخص محايد (من المريخ فرضاً) فهل يصح ان يقبل أية دعوى للكشف والشهود من أي شخص مهما بلغت درجته علمه وعظمته؟ هذا.

ثم ان ذلك كله كان على مبنى الإضافة الاشراقية بتفسيراتها المختلفة، واما على سائر الأقوال في العلم:

 

العلم الحضوري بالصورة العلمية المعلومة بالذات

واما على القول المشهور لدى المناطقة من ان العلم هو الصورة الحاصلة للشيء لدى الذهن، فنقول: ان المعلوم بالعرض هو تلك الحقائق الخارجية والمعلوم بالذات هو الصورة العلمية أو الذهنية عنها وهذه الصورة معلومة للنفس بالعلم الحضوري لا بالعلم الحصولي أي لا بصورة أخرى وإلا للزم التسلسل، فيكون علم النفس بها كعلمها بقواها وآلالاتها وكعلمها بنفسها فانها جميعاً من أنواع العلم الحضوري، وعليه: فلا يوجد أمر ثالث في البين بل الموجود هو العالم فقط وهو النفس أو العقل والمعلوم بالذات وهو الصورة العلمية، وليس هناك أمر آخر اسمه العلم، نعم هو عين المعلوم بالذات فهو معلوم وهو علم.

وعليه: فالحجة هو العقل أو اللوح أو النفس والعقل من مراتبها أو قوة أخرى على الخلاف، والإدراك هو بحضور المعلوم بنفسه لدى العالم ولا يوجد أمر غير المعلوم بالذات يسمى علماً كي يوصف بانه الحجة، نعم هو هو ويصح الوصف بناء على تغايرهما الاعتباري الإضافي فتدبر.

 

الانكشاف

ومن الاقوال في حقيقة العلم انه الانكشاف فان عاد إلى سابقه فهو، وعلى أية حال فانه عليه يتم المقصود أيضاً إذ لا يوجد امر آخر غير العالم والانكشاف، كي يسمى بالعلم أي العلم هو نفس انكشاف المعلوم لدى العالم فالحجة هو العقل أو النفس الذي انكشف له المعلوم بذاته. فتأمل وللبحث صلة بإذن الله تعالى.

 

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

 

قال زين العابدين عليه السلام: ((كَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ، وَكَمْ مِنْ مَغْرُورٍ بِحُسْنِ السَّتْرِ عَلَيْهِ، وَكَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ)) (تحف العقول: ص281).

 

 

-----------------------------------------------

([1]) أي رحماني لا شيطاني.

([2]) محيي الدين بن عربي، الـفتوحات المكية، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ج2 ص8. وراجع الدرس 270 من بحث الاجتهاد والتقليد في موقع التقى الثقافي بتاريخ 20 / ج2/ 1434هـ.

([3]) محيي الدين بن عربي، الـفتوحات المكية، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ج1 ص318-319.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : الثلاثاء 10 شعبان 1440هـ  ||  القرّاء : 3865



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net