||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 153- حقائق عن الموت وعالم البرزخ وسلسلة الامتحانات الالهية

 الوسطية والاعتدال في الفكر الإسلامي

 426- فائدة أصولية: جريان إشكال قصد المتكلم في القيد الاحترازي

 219- بحث فقهي: التعاون على البر والتقوى مقدمة لـ (إقامة الدين) بل مصداقه

 363- (هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (12) طرق استكشاف بعض بطون القرآن

 480- فائدة قرآنية في قوله تعالى: ((إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ))

 كتاب حرمة الكذب ومستثنياته

 127- محاسبة النفس وتقييم الذات

 36- (كونوا مع الصادقين)4 الجواب التاسع إلي الحادية عشر عن شبهة: لماذا لم يذكر الله اسم الإمام علي والأئمة عليهم السلام في القرآن الكريم

 478-فائدة أصولية:حجية الظنون المبنية على التوسعة



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23711688

  • التاريخ : 29/03/2024 - 13:55

 
 
  • القسم : البيع (1440-1441هـ) .

        • الموضوع : 348- تتمة التحقيق حول معنى (الحل) .

348- تتمة التحقيق حول معنى (الحل)
السبت 5 جمادى الاولى 1440هـ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(348)

تتمة: سبق (لأن متعلَّق الحِلّ إن كان هو الفعل أريد به الجواز
الثاني: وهو وجه أدق من سابقه ولا مناص للطرف الآخر من قبوله وإن رفض الدليل الأول، وهو ان هذه المعاني الخمسة يحددها متعلق أحلّ وحلّ وحلال أو وصفه أو فاعله؛ فانه إن تعلقت مادة الحل بأية صيغة كانت وفي أية جملة كانت (أحلّ كذا، كذا حلال.. الخ) بفعل من الأفعال كان ظاهراً في الجواز والإباحة، وإن تعلقت بالجواهر أو الحالات والصفات أو شبهها كان المراد أحد المعاني الأربع اللاحقة: أقّر وأثبت، أو أرسل وأطلق، أو فتح، أو ارخى عنانه)([1]).

شهادة كافة موارد استعمال الحل بالقاعدة
ويؤكد ذلك إضافة إلى ما سبق في الدرس السابق، تتبع كافة تفسيرات اللغويين لمادة الحل في هيئاتها المختلفة بحسب متعلقاتها المختلفة أو صفاتها أو ما أسند إليها:
فقد ورد (وحَلَّله الـحُلَّة: ألبسه إياها)([2]) فأنت تجد ان حلّله الحلة أسند لفاعل ومفعول وكلاهما من الأعيان لذلك لم يكن بمعنى الجواز والإباحة إذ لا معنى لها عند تعلق أحل بالجواهر فانه لا معنى لتفسير حلله الحلة بجوّزه أو إباحة الحلة إلا إذا قدّر فعل([3]) كما سبق، بل معناها ألبسه.
و(وأَحَلَّت الناقةُ عَلَى وَلَدِهَا: دَرَّ لبنُها)([4]) فكأنها انزلته عليه، ولا معنى القول بانه جاز أو حل لبنها إذ اسند أحل للناقة وهي جوهر وعين.

معنى (أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ)
و(حَلَّ عَلَيْهِ أَمرُ اللَّهِ يَحِلُّ حُلولًا: وجَبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: (أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ)([5]) وَمَنْ قرأَ: أَن يَحُلَّ، فَمَعْنَاهُ أَن يَنْزِل. وأَحَلَّه اللهُ عَلَيْهِ: أَوجبه)([6])
وتوضيحه: ان الغضب كأنه اعتبر كغطاء أو طبق أو شيء مّا ينزل من أعلا فيقع عليهم، وذلك بناء على ان يحُلّ هي بضم الحاء أي ينزل عليهم غضب الله، واما إذا قرأت بكسر الحاء – يحِلَّ – فان يحِلّ بمعنى يثبت و(يجب أي يثبت) أي يثبت عليهم غضب من الله ولذا كان معنى قوله تعالى (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها)([7]) أي ثبتت جنوبها على الأرض واستقرت كناية على مفارقتها الروح – وعلى أي فحيث أسند الحل إلى الغضب وهو حاله وليس فعلاً كان معناه النزول أو الثبوت ولا معنى لأن يراد به الجواز إذ ليس معنى الآية فيجوز عليهم غضب من الله.
وكذلك قوله (وحَلَّ الْعَذَابُ يَحِلُّ، بِالْكَسْرِ أَي وَجَب، ويَحُلُّ، بِالضَّمِّ، أَي نَزَلَ. وأَما قَوْلُهُ أَو تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ، فَبِالضَّمِّ، أَي تَنْزل)([8]) فان العذاب عين أو كيفية، ولا يجوز ان يراد من (وحَلَّ الْعَذَابُ يَحِلُّ) جاز وأبيح، ولو اريد ذلك لكان المراد بالعذاب الفعل أي التعذيب.

معنى (لَا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ)
و: (وَمِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: لَا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وبِلٌ أَي حَلال، بِلٌّ إِتباع، وَقِيلَ: البِلُّ مُبَاحٌ، حِمْيَرِيَّة)([9]) فان المقدر هو الاستعمال أي لا أحل استعمالها أي زمزم لمغتسل فلا يجوز الاغتسال فيها بل يجوز الشرب منها فقط، فحيث أسند أحل للفعل المقدر كان المراد الجواز.

معنى (أحلَّ من إحرامه)
و: (حَلَّ الـمُحْرِمُ مِنْ إِحرامه يَحِلُّ حِلًّا وحَلالًا إِذا خَرج مِنْ حِرْمه. وأَحَلَّ: خَرَج، وَهُوَ حَلال، وَلَا يُقَالُ حالٌّ عَلَى أَنه الْقِيَاسُ)([10]) أقول: فقد فسر الحل حيث أسند للعين وهو المحرم بالخروج لا بالجواز إذ لا معنى لأن يفسر (حَلَّ أو أحلَّ الـمُحْرِمُ مِنْ إِحرامه) بـ(جاز أو أجاز وأباح المحرمُ من إحرامه).
والوجه في تفسيرها بالخروج ان الإحرام كيفية اعتبارية إذ هو حكم وضعي كالزوجية التي هي كيفية اعتبارية يلحقها الحكم التكليفي، فان من لبّى تلبية الحج يدخل في حالة الإحرام فيحرم عليه تبعاً لكونه في هذه الحالة محرمات الإحرام المعهودة، وعلى أي فلو أريد الجواز لقيل حلّ للمحرم النظرُ للمرآة مثلاً وهو فعل لا حل المحرّم أو أحل من إحرامه.

معنى الصلاة تحريمها التكبير
والأمر في الصلاة كذلك إذ ورد (وَفِي الْحَدِيثِ: الصَّلَاةُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وتَحْلِيلها التَّسْلِيمُ أَي صَارَ الـمُصَلِّي بِالتَّسْلِيمِ يَحِلُّ لَهُ مَا حُرِمَ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ مِنَ الْكَلَامِ والأَفعال الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وأَفعالها، كَمَا يَحِلُّ للمُحْرِم بِالْحَجِّ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ مَا كَانَ حَراماً عَلَيْهِ)([11]) وليس تعبيره بالدقيق، والدقيق هو ان الإنسان يدخل بالتكبير في هيئةٍ أو حالةٍ معينة هي المسماة بالصلاة وهي كالحكم الوضعي وتليه الأحكام التكليفية ألا ترى انه يقال إن قصد القطع أو القاطع مبطل للصلاة؟ فان ذلك يعني ان لها حالة اتصالية يقطعها قصد القاطع مثلاً ولو كانت مجرد واجبات دون حالة وهيئة اتصالية – كما ذهب إليه العلامة الحلي([12]) خلافاً لشبه المجمع عليه – لما صح التعبير بالقطع وبالاتصال إلا مجازاً.
والحاصل: انه بالصلاة يدخل في حالة كحالة الإحرام وهي هيئة متصلة أولها التكبير وأخرها التسليم فـ(تحريمها التكبير) أي ان الذي يدخله في حالة إحرام الصلاة هو التكبير والمخرِج التسليم، ولو أريد بالتحريم والتحليل الجواز والحرمة لما صح نسبتهما إلى الصلاة بل لوجب القول (الصلاة يحرّم تكبيرها كذا وكذا من الأفعال: كالكلام والضحك والحركة الكثيرة المخلة) أو قيل (يحرم بتكبيرة الصلاة كذا من الأفعال) لا ان توصف الصلاة نفسها بـ(تحريمها التكبير) وقد يراد من (تحريمها التكبير): (ان تحريم الصلاة للأفعال الخاصة هو بالتكبير) فتأمل.

ردّ دعوى ابن منظور: حدوث معنى الجواز للحِل
ثم ان لسان العرب ذكر (وحَلِيلة الرَّجُلِ: امرأَته، وَهُوَ حَلِيلُها، لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحَالُّ صَاحِبَهُ، وَهُوَ أَمثل مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنما هُوَ مِنَ الحَلال أَي أَنه يَحِلُّ لَهَا وتَحِلُّ لَهُ، وَذَلِكَ لأَنه لَيْسَ بِاسْمٍ شَرْعِيٍّ وإِنما هُوَ مِنْ قَدِيمِ الأَسماء. والحَلِيل والحَلِيلة: الزَّوْجان)([13]).
أقول: اجتهاده خطأ؛ واستدلاله باطل؛ إذ استدل على ان الحلال ليس باسم شرعي بانه كان من قديم الأسماء أي كان (حليلها) و(حليلة الرجل) من قديم الأسماء فلا يُفسران بمعنى محدث وهو الحلال مقابل الحرام ليكون حليلة الرجل بمعنى انها تحل له؛ وذلك لوضوح ان الحلال والحرام كانا منذ بدأ البشرية وان آدم جاء بشريعة فيها الحلال والحرام، ومن الواضح أيضاً ان العرب قبل النبي صلى الله عليه وآله كانت تستخدم مصطلح الحرام والحلال؛ ولذا ورد في القرآن هذا اللفظان وقد فهم العرب منهما الحرمة والجواز، لا أن الشارع اخترع اصطلاحاً لم يفهموه إلا بعد ان أوضحه لهم في مثل قوله (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا)([14]) فانه جواب على المشركين بلفظ فهموه ولم يسألوا الشارع تفسيره له وكذا كافة الآيات التي فيها لفظ الحل والحرمة كما سيأتي.
هذا إضافة إلى انه لسان العرب هو بنفسه فسر الحلال والحرام بالمعنى المعهود كما فسر الحل بسائر المعاني بوزان واحد وواضح انه فسره بما هو عند العرب لا كحقيقة شرعية فلاحظ قوله (والحَلال: ضِدُّ الْحَرَامِ)([15]) وغيره.

شواهد قرآنية على إرادة الجواز من أحلَّ
ثم ان ما يؤيد ان (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْع )يراد به الحلية والجواز مقابل الحرمة، وورد هذه اللفظ في آيات أخرى أريد بها كلها هذا المعنى حسب متفاهم العرف فلاحظ قوله تعالى: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ)([16]) و(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى‏ نِسائِكُم‏)([17]) و(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ)([18]) و(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ)([19]) وغيرها فان الظاهر المفهوم عرفاً منها الحلية بمعنى الجواز والإباحة لا معنى الفتح وغيره – فلاحظ كم هو غريب ان تُفسّر آية (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهيمَةُ الْأَنْعامِ) أي فتحت عليكم أو أرسلت وأطلقت لكم ولم تشدّ أو تعقَد أو أُثبتت لكم وأُقرّت ولم ترحّل أو أُرخي عنانها لكم!!..
نعم هذا مؤيد لا دليل فان السياق ليس بحجة، فكيف بما هو أبعد من السياق؟ كما فصلناه سابقاً وهو ورود الكلمة في مواضع أخرى من القرآن الكريم بمعنى أو آخر، لذلك فان تفسير بعض مفردات القرآن بمعنى لمجرد ان هذه المفردة وردت في مكان آخر بمعنى معين بل حتى في عدة أماكن أو حتى في كافة الأماكن، غير تام فان ذلك لا يصلح دليلاً بذاته، واما لو أفاد الاطمئنان فانه علم عرفي وهو حجة بذاته من أي طريق حصل. فتأمل([20]).
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال النبي عيسى عليه السلام: (رَأَيْتُ حَجَراً مَكْتُوباً عَلَيْهِ قَلِّبْنِي فَقَلَّبْتُهُ فَإِذَا عَلَى بَاطِنِهِ مَنْ لَا يَعْمَلُ بِمَا يَعْلَمُ مَشُومٌ عَلَيْهِ طَلَبُ مَا لَا يَعْلَمُ وَمَرْدُودٌ عَلَيْهِ مَا عَلِمَ)
(عدة الداعي، ص78).


----------
([1]) الدرس (347).
([2]) ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية – بيروت، ج11 ص207.
([3]) كـ: حلّله لِبس الحلّة.
([4]) ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية – بيروت، ج11 ص205.
([5]) سورة طه: آية 86.
([6]) ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية – بيروت، ج11 ص204.
([7]) سورة الحج: آية 36.
([8]) ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية – بيروت، ج11 ص204.
([9]) المصدر نفسه: ص201.
([10]) المصدر نفسه: ص199.
([11]) المصدر نفسه: ص206.
([12]) على ما ببالي.
([13]) المصدر نفسه: ص197.
([14]) سورة البقرة: آية 275.
([15]) ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية – بيروت، ج11 ص199.
([16]) سورة المائدة: آية 1.
([17]) سورة البقرة: آية 187.
([18]) سورة المائدة: آية 4.
([19]) سورة الأحزاب: آية 50.
([20]) لما فصّلناه في موضع آخر مبنياً على معاني الحجية العشرة.

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : السبت 5 جمادى الاولى 1440هـ  ||  القرّاء : 3976



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net