||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 تلخيص كتاب فقه المعاريض والتورية

 115- بحث قرآني: تعدد القراءات وأثرها الفقهي، وحجيتها

 220- مباحث الأصول: (القطع) (1)

 الأوامر المولوية والإرشادية

 400- فائدة فقهية: اقتضاء الصحة في إنشاء الصبي والفضولي

 246- مباحث الاصول: (الحجج والأمارات) (4)

 329- فائدة فقهية دلالة (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) على حرمة مطلق الكذب

 182- تجليات النصرة الالهية للزهراء المرضية 4- النصرة بمقام القرب لدى رب الارباب

 162- صيانة القران الكريم عن التحريف

 239- عوالم الاشياء والاشخاص والافكار وسر سقوط الامم



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23593987

  • التاريخ : 19/03/2024 - 09:52

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 269- مباحث الأصول: (الدليل العقلي) (القدرة من شرائط التكليف) (3) .

269- مباحث الأصول: (الدليل العقلي) (القدرة من شرائط التكليف) (3)
22 رجب 1439هـ

مباحث الأصول: (الدليل العقلي) (القدرة من شرائط التكليف)
جمع واعداد: الشيخ عطاء شاهين*

الفائدة السادسة: أن إنشاء الحكم يتبع المصلحة ولا يشترط فيه القدرة؛ لأنه ضرب قانون وصرف اعتبارٍ  لفوائد عدة ؛ لذا لا يكون أنشائه في عدم القدرة لغواً .
قد يقال: عند عدم القدرة - أو علم المولى بعدم وصول الحكم إلى العبد-   يكون إنشاء الحكم لغواً[1]؟
ولكن يقال: إن الإنشاء يتبع أصل وجود المصلحة في المتعلق، ولا يشترط فيه قدرة المكلف حال الإنشاء كما هو واضح، بل ولا حال الوصول بالنسبة لكل مكلف مكلف، بل حتى نسبة لجميعهم في بعض الأزمنة[2]؛ إذ لا يراد به ـ بمجرده ـ فعلية الطلب و التكليف بداعي البعث والزجر الفعليين، بل هو صرف اعتبارٍ لعلَّهُ لمصالح أخرى، كضرب القانون، ولا يلازم الإرادة والكراهة الفعليين، فلا تشترط فيه القدرة لا حين الإنشاء ولا في أي وقت من الأوقات بالنسبة لكل مكلف[3]؛ ولذا نجد الأحكام تصدر ـ كقانون ـ عامةً، وإن كان بعض المخاطبين غير قادر أبداً عليها[4]؛ بل ولو كانوا بأجمعهم غير قادرين على المكلف به في أزمنة قصيرة أو طويلة[5].
فإن المشرّع قد ينشأ حكماً عاماً على كل المكلفين[6] ـ مع علمه بعدم قدرة البعض بل الكل أو عدم وصوله إليهم، لكن في زمن محدود، لا مطلقاً، بل قد ينشؤه ولا يوصله للفعلية لفترة من الزمن، مع علمه بقدرتهم ووصوله إليهم، وكل ذلك ـ ضرباً للقانون ـ أو لجهات وفوائد أخرى[7]، فمنها [8]:
أولاً: فعليته  دون حاجة لإنشاء جديد في عالم الاعتبار بمجرد تجدد القدرة للمكلفين، أو لبعضهم، في بعض الأزمنة المتأخرة.
وأشار الآخوند قدس سره لذلك بقوله: (كفى فائدة له، أنه يصير بعثاً فعلياً بعد حصول الشرط، بلا حاجة إلى خطاب آخر، بحيث لولاه لما كان فعلاً متمكناً من الخطاب... مع شمول الخطاب كذلك للإيجاب فعلاً بالنسبة إلى الواجد للشرط، فيكون بعثاً فعلياً بالإضافة إليه وتقديرياً بالنسبة للفاقد له).[9]
وأضاف السيد الوالد قدس سره: (إنه بعد ما لزم الإنشاء في وقت ما، لم يكن فرق بين التقديم والتأخير، فترجيح الثاني على الأول ترجيح بلا مرجح [10].
وثانياً : بعث المكلف نحو بعض المقدمات ـ حتى قبل زمان القدرة والفعلية ـ كالتعلم؛  كي لا تبقى للمكلف حالة  انتظارية عند حدوث القدرة، ولا يتأخر عن الامتثال نظراً لجهله ولاضطراره لتعلم الحكم الذي قد يستغرق وقتاً، أو لكون التعلم موقوفاً على مقدمات ـ كوجود معلم خبير ـ لا تتوفر عند تجدد القدرة له على المكلف به.
وثالثاً : استناد الإمام اللاحق إليه عند إظهاره لقطع الحجة على الخصم، كاستناد الأئمة لآية ﴿واعلموا أنما غنمتم﴾[11] في إثبات الخمس في أرباح المكاسب، بناءً على عدم فعلية الحكم زمن الرسول  صلى الله عليه وآله إلى زمن الصادقين عليهما السلام  لحِكَمٍ شتى[12].
ورابعاً: ترشح الوجوب على المقدمات بالفعل، خاصة على القول بإمتناع الترشح من المعدوم حالاً[13]، فيلجأ المولى لإنشاء الوجوب حالاً لكي يترشح منه على مقدماته فتكون ملزمة له، وإن أمكنت دعوى إمكان الترشح من الموجود مستقبلاً، على ما سبقه زمناً؛ لأنه اعتبار خفيف المؤونة، أو دعوى كفاية لحاظ العقلاء وجوباً مستقبلياً، لحكمهم بوجوب الإنبعاث نحو مقدماته حالاً، أو دعوى الانبساط [14]، فتأمل [15].
 
الفائدة السابعة: يمكن للملتفت إلى عجز  العاجز أن يكلفه ؛ ولا يلزم منه انفكاك الطلب عن المطلوب  والبعث عن المبعوث إليه ؛ لجواز  أن يكون مجرى أمره حالاً وتنفيذه  مستقبلاً، وهذا أيضاً موافق لبناء العقلاء وسيرتهم.
هل يفهم من قوله تعالى : ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا﴾ [16] أو قوله تعالى: (لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾[17] إن أصل التكليف والبعث منوط بالقدرة[18]،وليست القدرة شرطاً في مقام الامتثال فقط دون مقام أصل التكليف كما ذهب إليه بعض آخر؛ وذلك بدعوى أن تكليف غير القادر فعلاً قبيح ولغو، وإن كان قادراً في ظرف الفعل والواجب.
بل قد يقال : بعدم إمكان تكليفه بالفعل ـ بداعي الجد ـ من الملتفت إلى عدم قدرة المكلف حينه[19] وإن كان قادراً في ظرفه؛ وذلك للزوم انفكاك الطلب عن المطلوب والبعث عن المبعوث إليه، وعلى هذا فالمراد بالآية ﴿لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها﴾ قدرته في حين التكليف.
والجواب: أما عن الإمكان؛ فإنه لا شك في إمكانه والوقوع ؛ بل كثرته أدلّ دليل عليه؛ وعليه بناء العقلاء وسيرتهم .
وأما الانفكاك فلا بأس به؛ بل هو المتحتم ؛لأن الطلب لم يكن متعلقاً بالمطلق، بل بالشيء في ظرفه المستقبلي، بل لو لم ينفك للزم تخلف المعلول عن العلة؛ فإن تخلف نحو وجود المعلول كتخلف أصله عن العلة غير ممكن؛ لتبعيته في خصوصياته لنحوِ تعلقها به كتبعيته في أصل الوجود، وأما اللغوية فقد سبق الجواب عنها[20].
والحاصل : بأن له أن يطلب حالاً ويبعث فعلاً نحو فعل كذا في زمن كذا القادم؛ فيكون الوجوب حالياً والواجب استقبالياً، ولا يمكن غيره مع فرض ذلك الاعتبار والإنشاء، كما له أن يعلق أصل الطلب والبعث على تحقق الزمن القادم؛ ليكون الوجوب كالواجب استقبالياً،
وأما الآية الشريفة فهي بإطلاقها شاملة للصورتين[21] بعد الصيرورة للإمكان ثبوتاً.
وبعبارة أخرى: المفهوم عرفاً ـ ودقة ـ هو أن عقد الإيجاب فيها يعني: ما آتاها قدرته، أي القدرة على امتثاله في ظرفه؛ فإنه تعالى يكلف النفس به، وهو شامل للتكليف الحالي وإن كان المكلف به والقدرة عليه مستقبلياً.
وبعبارة ثالثة: إن :﴿لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها﴾  يراد به كلما آتاها القدرة عليه في ظرف الفعل-  أي الظرف الذي طلب المولى أداءه فيه-  فإن الله يكلفه.
ولكن هل يكلفه من الآن بنحو الوجوب الفعلي والواجب الاستقبالي أم في ظرفه سيكلفه[22] ؟ إن ظاهر الآية أعم، ولا أقل من كونها ساكتة، ولا ظهور لها في نفي إمكان أو وقوع التكليف حالاً عما يقدر عليه استقبالاً؛ لعدم القدرة عليه حالاً.
بل لو سلم ظهورها في نفي التكليف حالاً[23] فإنها تنفي وقوع التكليف لا إمكانه، فالقدرة شرط فعليته ووقوعه، فبدونها لا فعلية، وإن أمكن تكليف غير القادر إلا في ظرف الامتثال[24]، إلا أن يوجه بإرادة نفي  الإمكان الوقوعي؛ لأن ذلك ليس من الحكمة، وفيه ما سبق من وجهها[25].
 
الفائدة: الثامنة: أن بين السعة والقدرة وعموم وخصوص؛ إذ قد يكون المكلف قادراً ولكن لا سعة له.
إن ﴿إلا ما آتاها﴾ لا تنفي إلا غير المقدور، فيحتاج في نفي غير ذي السعة إلى ﴿إلا وسعها﴾؛ فإن عدم الوسع أعم من عدم القدرة، فإنه قد يكون قادراً عقلاً ولكنه ليس في سعة ولا سعة له، بل هو في أشد الضيق والضغط ، اللهم إلا أن يقال: بكون ﴿ما آتاها﴾ كناية عن (ما وسعها)، أو المراد به (إلا ما آتاها وسعه)[26].
 
----------

* هذه المباحث الاصولية تجميع لما طرحه سماحة السيد في مختلف كتبه وبحوثه، قام باعدادها وجمعها و ترتيبها مشكوراً فضيلة الشيخ عطاء شاهين وفقه الله تعالى
[1] وغير خفي اختصاص هذا الإشكال بـ﴿ما آتاها﴾ دون ﴿وسعها﴾؛ إذ لا لغوية ـ أو شبهها ـ في إنشاء ما لا وسع فيه، لفرض قدرته عليه، نعم مقتضى اللطف التكليف بالوسع.
[2] إذ بالنسبة لجميعهم في كل الأزمنة لو انتفى الوصول والقدرة، فلا وجه للإنشاء، إلا بنحو الأمر الامتحاني أو شبهه مما لم ينبعث الأمر فيه من مصلحة في المتعلق فتأمل.
[3] بل تكفي القدرة في بعض الأوقات لبعضهم.
[4] ومن الأمثلة على وذلك الجهاد في قوله تعالى :﴿قاتلوا أئمة الكفر﴾[4] و قوله تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة﴾[4] أو صلاة الجمعة في قوله تعالى: ﴿إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر لله﴾[4] بناءً على عدم وجوبها ، بل وحرمتها زمن الغيبة ، وغير ذلك.
[5] لكن لا دائماً، وإلا كان الإنشاء لغواً كما سبق، فتأمل.
[6] من غير فرق في ذلك بين الواجب المشروط باصطلاح المشهور ـ مما كان القيد فيه للهيئة ـ أو المعلق باصطلاح صاحب الفصول ـ مما القيد فيه للمادة ـ.
[7] أو لوجود حِكَمٍ أخرى.
[8] الفائدتان الأوليان خاصتان بصورة (عدم القدرة)، والثالثة أعم، ويمكن بيان الفائدة الأولى بنحو تكون أعم أيضاً.
[9] الوصول إلى كفاية الأصول: ج2ص 55.
[10] المصدر نفسه.
[11] سورة الأنفال: 41.
[12] المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول: ص141.
[13] وهو (الوجوب) على القول بأنه استقبالي أيضاً.
[14] ذكرنا بعض تفصيل ذلك في كتاب: الأوامر المولوية والإرشادية.
[15] المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول: ص145.
[16] سورة الطلاق: 7.
[17] سورة البقرة: 233.
[18] كما هو مذهب الميرزا النائيني على ما جاء في  أجود التقريرات.
[19] أي حين التكليف.
[20] إذ ذكرنا فوائد عديدة لكون الوجوب فعلياً، وإن كان الواجب استقبالياً.
[21] أي صورة القدرة حين التكليف وعدمها بعد أن يكون قادراً حين الامتثال والفعل.
[22] فالوجوب والواجب استقباليان.
[23] بأن يكون المراد منها: ما لم يُؤتِ قدرته في ظرف الامتثال، وما لم يُؤتِ قدرته في ظرف إرادة الاعتبار والإيجاب، أو نقول: ما آتى الله قدرته في كلا الظرفين، يكلف به وإلا ـ بأن انتفت إحدى القدرتين ـ فلا.
[24] أي بأن يكون التكليف والبعث فعلياً لغير القادر فعلاً مع كونه قادراً على الأداء في ظرفه المطلوب منه، والحاصل أنه المقدور عليه حينذاك على الفرض.
[25] المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول: ص152.
[26] المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول : ص129.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 22 رجب 1439هـ  ||  القرّاء : 7294



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net