||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 223- الانوار المادية والمعنوية والغيبية للرسول الاعظم المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله)

 76- تطوير تعريف الأصول بما يشمل أنواع الحجج

 169- فائدة فقهية: الفرق بين تقليد العامي للمجتهد واعتماد المجتهد على مثله

 307- الفوائد الأصولية: حجية الاحتمال (3)

 359- الفوائد الاصولية: الصحيح والأعم (2)

 الموجز من كتاب الهرمينوطيقا

 مفهوم الهِرمينوطيقا ومدركاتها

 26- (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه)2 الحقائق التاريخية والفضائل والمصائب في مقياس علم الرجال

 143- الامام السجاد (عليه السلام) رائد النهضة الحقوقية

 82- فائدة أصولية: المراد من اصالة ثبات اللغة



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23699807

  • التاريخ : 28/03/2024 - 17:38

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 130- من فقه الحديث: تحليل قوله صلى الله عليه وآله: (ورجلاً احتاج الناس اليه لفقهه فسألهم الرشوة) .

130- من فقه الحديث: تحليل قوله صلى الله عليه وآله: (ورجلاً احتاج الناس اليه لفقهه فسألهم الرشوة)
6 جمادى الآخرى 1438هـ

من فقه الحديث: تحليل قوله صلى الله عليه واله: (ورجلا احتاج الناس اليه لفقهه فسالهم الرشوة)*
جاء في رواية يوسف بن جابر[1] أنه (عليه السلام) قال: (لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له، ورجلاً خان أخاه في امرأته، ورجلاً احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة)[2] [3]، فان النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) قد وضع العنوان الثالث في سياق الأولين، وهما من أقبح المعاصي والموبِقات، مما يدل على مدى فداحة جريمة أن يسأل الفقيه من الناس الرشوة على بذله فقهه.
 
تحليل أوّلي لرواية يوسف بن جابر:
وكتحليل أولي للرواية نقول: إنه لابد من تحديد متعلَّق الحاجة في كلام الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو (الفقه) حيث قال: (احتاج الناس إليه لفقهه)، فما هو المقصود من ذلك؟
إن الدوائر المحتملة بين ضِيق وسِعة متعددة، فإنها تشمل الفقيه قطعاً، ولعلها تشمل الخبير ومطلق العالم، ولو أراد الرسول(صلى الله عليه وآله) من ذلك المعنى المصطلح فإنه من خلال تنقيح المناط يمكن الوصول إلى كون الحكم يشمل الأوسع دائرة, ولا يختص بالفقه بالمعنى الأخص, أي: (رجلا احتاج الناس إليه لعلمه) فتأمل.
 
وجوه احتياج الناس إلى فقه العالم:
وتوجد وجوه متعددة لاحتياج الناس لفقه الرجل، فقد يكون احتياجهم له من جهة الإفتاء؛ لكونه مرجع تقليد وهو أجلى من لاحقه، وهو ما لو احتاج الناس إليه في نقل المسائل الشرعية، كالوكيل، إذا طلب الرشوة على نقله للفتاوى، وقد يكون احتياجهم له في التدريس, بأن يحتاج الناس إليه للتدريس فيسألهم الرشوة على ذلك، وقد يكون احتياج الناس إليه في المذاكرة والمباحثة, أو في التأليف أو المنبر، إضافة إلى ما لو احتاجوا إلى فقهه في القضاء, وهو القدر المسلم في المقام[4].
وقال المحقق الايرواني: (...فيشمل ما دفع لأجل تصدي ما هو من وظائف الفقيه, كتولي الأوقاف العامة, وحفظ مال الصغير والغائب، لصدق الاحتياج إليه لفقهه على أن يكون الفقه واسطة في الثبوت..)[5]، وهذه الكلمة دقيقة؛ إذ المقصود أن الاحتياج إليه لشخصه كان لعلةٍ وهي فقهه، ففقهه هو الواسطة في ثبوت حاجة الناس له ـ لا في الإثبات ـ فصَدَقَ عليه بالحمل الشائع الصناعي قوله(صلى الله عليه وآله) (رجلاً احتاج الناس إليه لفقهه).
 
العلة الغائية لبذل الفقه ونحوه:
ثمّ إنّ العلة الغائية لبذل الفقه متنوعة متعددة؛ فإن الفقيه قد يبذل فقهه في مقابل شيء، ويمكن تصوير ذلك بأمثلة كثيرة[6]:
منها: أن يبذل الشخص الفقه ـ كالفتوى ـ للسلطان الجائر كي يحصل ـ أي: فقيه السوء ـ على منصب من المناصب[7]، أو يحصل على مال أو غيره، فيكون فقهه هو مصداق الرشوة التي يرشو بها السلطان أو الحاكم، والمقبوض في قبالها هو المنصب أو المال, أو أي شيء آخر.
ومنها: أن يكون المبذول هو الفقه, ولكن لا لسلطان جائر، وإنما لجهة أخرى، كأن يبذل فقهه ليستدرّ به رضا الشباب، وهذه مسألة ابتلائية كبيرة[8]، حيث قد يرشو فقيه مّا الشباب بفتاوى معينة كي يتبعوه, أو ليكون له موقع متميز ومكانة لديهم، وقد يرشو بفقهه التجار، وقد يرشو بفقهه التيار الفكري المعروف بالحداثوي, والحداثويين مثلاً, وما أكثر أمثلة ومصاديق ما مضى.
ثمّ إنّه لو فعل الفقيه ذلك من حيث يشعر ويعلم فهو آثم قطعاً ولا كلام هنا، ولكن قد يكون كل ذلك من حيث لا يشعر[9]، بل قد يصل الأمر إلى أن فقيهاً قد يرشو بفقهه ويوظفه لكي يتناسب والجو العالمي الخارجي, والضاغط عليه باتجاه معاكس، كي يعتبره العالم إنساناً منفتحاً, وكي يكون مقبولاً، والأمر قد كون بالعكس, فقد يرشو بفقهه المتطرفين لكي يتزعمهم ويقودهم أو فصائل منهم وهكذا، ولذا فإن هذه المسألة عامة الابتلاء, وفي صميم بحثنا, فيجب علينا أن نلتفت كثيراً عندما ندخل إلى ساحة الاجتهاد والفتيا, لئلا نقع في شراك النفس الأمارة بالسوء, وحبائل الأهواء والشهوات، أعاذنا الله جميعاً من ذلك بمحمد وآله الطاهرين.
 
العلة الغائية تندرج في شرائط الاجتهاد المعذّر:
ثُمَّ إنّ مسألتنا هذه تندرج في شرائط الاجتهاد المعذّر[10]، بل هي مقوِّم له؛ ولذا يمكننا أن ندرجها في المبادئ التصديقية للفقه، وقد تعتبر مسألة أصولية على التوجيه الذي ذكرناه أول بحث الاجتهاد والتقليد، فإن من شرائط الاجتهاد المعذِّر عند الله تعالى أن لا يرشو الفقيه بفقهه الشباب, أو التجار أو الحكومة أو السلاطين أو النساء, أو الجو العالمي أو غير ذلك، بل عليه أن يستفرغ وسعه لاستنباط الحكم الشرعي الواقعي بينه وبين ربه، لا بما تدفعه إليه الأهواء والشهوات, وطلب رضا المخلوق.
 
تحييد العلامة الحلي للضاغط اللاشعوري:
ولنمثل لمسألتنا بمثال معروف يدل على شدة ورع وذكاء العلامة الحلي قدس سره، فقد كانت لديه بئر في منزله، فوقعت فيها نجاسة، فقرر العلامة أن يشرع في البحث في مسألة البئر من حيث تنجسه بوقوع ميتة أو غيرها فيه[11]، وكما هو معلوم ـ قبل العلامة ـ فإن البئر تنجس بالملاقاة, ولا تطهر إلا بالنزح وبالكميات المذكورة في كتب الفقه، وقد تنبه العلامة عند بحثه في هذه المسألة إلى أن هناك ضاغطاً داخلياً هو اللاشعور, قد يؤثر عليه فيحرّف استقامة استنباطه في المسألة؛ وذلك نظراً لاحتياجه الشديد للبئر, فقد تكون الحاجة باعثاً لا شعورياً لتحويل اتجاه ذهن العلامة ليصب في نتيجة أن البئر لا تنجس بملاقاة النجاسة إلا لو تغير أحد أوصافها, ثمّ إنّها لا تطهر إلا بالنزح، ولذا ومن أجل التخلص من احتمال تأثير الحاجة لا شعورياً قام بردم البئر؛ ليكون استنباطه من الأدلة خاضعاً للموازين الحق, وبمسيرة صحيحة بعيداً عن ضغط منطقة اللاوعي أو اللاشعور، فبذلك ـ أي: بطمه للبئر ـ تخلص من المؤثر الخفي اللاشعوري, والذي في حالات ـ لعلها تكون في البعض كثيرة ـ توجِّه رأي المجتهد وفقهه باتجاه معين، ثم بعد ذلك وبعد البحث والتحقيق توصل العلامة إلى طهارة البئر, وكون النزح مستحباً، واستقر رأي المشهور من بعده على ذلك.
وهذه المسألة ـ أي: الضغط الخارجي ـ هي مسألة عامة البلوى[12]، كما نجد ذلك في قضايا المرأة المعاصرة، ومن يحاول أن يتماشى والرؤى والنظريات الحديثة, مدعياً إنصاف المرأة وإعطائها حقوقها من خلال بعض الاجتهادات الغريبة, والتي قد تلبس لباساً فقهياً استدلالياً يجوِّز للمرأة من خلاله ما هو بعيد عن روح الشريعة، بل ونصوصها وعن الإسلام الأصيل، بحجة تطور الفقه وضرورة مواكبة الظروف ومسايرة العالم[13]. والمهم في الأمر أن على الفقيه أن يسعى جهده لكي يعزل هذا العامل اللاشعوري ويحيِّده, وذلك للتوصل إلى النتائج الصحيحة والمرضية عند الله تبارك وتعالى[14].
إذن: هذه سلسلة من الأمثلة الشديدة الابتلاء؛ ولذا لابد للفقيه أن يكون محتاطاً في كل ذلك أشد الاحتياط، وكل هذه العناوين والأمثلة التي ذكرناها يمكن أن تندرج في الرشوة موضوعاً, فنبحث عن حكمها، ولكن لو لم تندرج موضوعاً فهل تندرج حكماً؟ ولذا فلابد من بحث هذه المسائل وبكلا البعدين.
 -----------------------------------------------
 
 

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 6 جمادى الآخرى 1438هـ  ||  القرّاء : 12771



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net