||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 94- من فقه الآيات: تحقيق في معنى العدل في قوله تعالى (وأمرت لاعدل بينكم)

 152- العودة الى منهج رسول الله واهل بيته (عليهم السلام) في الحياة ـ5 الحل الاسلامي للمعضلة الاقتصادية 1ـ ترشيق مؤسسات الدولة

 182- مباحث الاصول: (المستقلات العقلية) (4)

 الحوار الفكري

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 367- الفوائد الاصولية: الصحيح والأعم (10)

 237- فائدة أصولية: نفي الخلاف كالإجماع

 12- الأبعاد المتعددة لمظلومية الإمام الحسن عليه السلام

 121- فائدة فقهية: صور المعاملة المحاباتية ونسبتها مع الرشوة

 317- الفوائد الأصولية: الحكم التكليفي والحكم والوضعي (4)



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 177- أعلى درجات التواتر لاخبار مولد الامام القائم المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23699108

  • التاريخ : 28/03/2024 - 15:30

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 15- علم فقه اللغة الأصولي .

15- علم فقه اللغة الأصولي
14 جمادى الأول 1436 هـ

المقترح هو أن يُؤسس علم جديد بعنوان  (علم فقه اللغة الأصولي) و(فقه اللغة العام)، والمتصوّر أنه لو جرى بحثه بصورة جدية فإن الناتج سيكون ولادة علم جديد رديف لعلم الأصول يثريه ويغنيه ويتكامل معه.
وتتضح أهمية ذلك أكثر عندما نلاحظ حال القواعد الفقهية سابقاً، فإنه وكما هو واضح، فإن الأصولي إذا تعرض لقاعدة فقهية ما في مبحثه الأصولي فإنه حيث يعتبرها استطراداً فإن ذلك يضطره إلى أن لا يستوعب جوانب البحث فيها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه في بحثه الأصولي هذا لا يستطيع أن يتطرق إلى سائر القواعد الفقهية ـ هذا في حالة الدمج ـ  ولكن ومع فصل القواعد عن الأصول فأن المجال سيتسع لبحث القاعدة بشكل أدق وأشمل، وبالتالي سوف تُعطى حقها من البحث، كما يكون من المتيسر كذلك بحث القواعد الفقهية الأخرى إلى جنبها ما دامت في نفس السياق البحثي.
والحال في مقترحنا كذلك، فإن مباحث الألفاظ لو فصلت وجعلت ضمن علم جديد فإن الفائدة ستكون مزدوجة؛ حيث إنّ مجموعة من البحوث اللفظية ستوفّى حقها من البحث في علم الأصول بشكل أكبر؛ إذ كان ينبغي أن تُعطى بعداً أعمق، فلو فصلت في العلم الجديد فإن ذلك سيتحقق كفائدة أولى، وأمّا الفائدة الأخرى فإن الكثير من المباحث غير المطروقة، أو التي كان ينبغي أن تطرق ستبحث في هذا العلم الوليد، كما في مبحث شجرة المفردات السابقة الذكر.
العلوم العشرة التي يتركب منها علم فقه اللغة الأصولي:
 
وبعض تفصيل ذلك: أن علم فقه اللغة المستحدث ينبغي أن يتوافر على مسائل متعددة، تقتبس من عشرة علوم، وتطور وتحول، والعلوم التي تشكل علم فقه اللغة هي:
العلم الأول: الحكمة
 
إن مبحث الألفاظ يعتمد على بعض المسائل الحكمية أو الفلسفية، كما هو الحال في مبحث الوضع، كالوضع الخاص والموضوع له الخاص، وكمثال على ذلك: دعوى أن الوضع الخاص والموضوع له العام غير ممكن ـ بنظر الآخوند ـ ودليل ذلك فلسفي؛ إذ ادعي أنه لا يمكن أن يكون الخاص مرآة ووجها للعام([1])، وكذلك بحث المشترك، وهو: هل يمكن أن يستعمل اللفظ في أكثر من معنى على أن يكون كل منها هو تمام المراد؟ وهذا بحث فلسفي أيضاً يعتمد على أن اللفظ فانٍ في المعنى، ولا يمكن أن يفنى الواحد في الاثنين أو لا.. إلى غير ذلك.
وكذلك بحث الصحيح والأعم، فهل هذا اللفظ ـ كالصلاة ـ موضوع للصحيح أو للأعم؟ ومن وجوه النقاش: أن الصلاة هل هي موضوعة للأركان والأجزاء أم هي موضوعة للأركان فقط؟ فإن صِرنا إلى الثاني لزم أن لا تكون الأجزاء أجزاءً وهذا خلف، وإن قلنا بالأول لزم أن تنتفي الصلاة على الصحيح بانتفاء التشهد سهواً مثلاً، كيف التوفيق في المقام؟ وهكذا...
العلم الثاني: المنطق
 
كما هو الحال في القضايا الحقيقية والخارجية، وقد أشرنا إلى ذلك في مباحث الاجتهاد والتقليد بالتفصيل.
العلم الثالث: الصرف
 
كما في الفرق بين المصدر واسم المصدر، وهذا البحث هو بحث سيّال, ولعل تطبيقه نجده من أول الفقه إلى آخره، فإنه وعلى ضوء الفرق يختلف الاستنباط بحسب الأدلة، وقد مثلنا لذلك في مبحث كتب الضلال.
العلم الرابع: النحو
 
كما في بحث (الباء) في آية: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)([2])، فهل هذه الباء سببية أو للاستعانة أو لغير ذلك؟ وقد فصلناه سابقاً، فتحقيق الحال هنا يؤثر في عملية الاستنباط بصورة مباشرة.
العلم الخامس: التاريخ
 
فإن علم فقه اللغة يبتني ـ فيما يبتني عليه ـ على علم التاريخ، وقد عبرنا عنه بشجرة الألفاظ وجذرها، ولم يفرد لذلك علم مستقل، ومن مسائل هذا العلم مبحث الحقيقة الشرعية أو المتشرعية أو ما قبل الشارعية، وهذا البحث هو تاريخي وبامتياز، ولكنه لا زال فقيراً نسبياً.
العلم السادس: البلاغة
 
كما في مباحث الحقيقة والمجاز والكناية والإغراق والمبالغة والتورية، ويبحث في الأصول في مبحث الألفاظ، ولكن محله هو علم فقه اللغة المقترح، ومن مسائله المطروحة: هل أن المجاز مستعمل في الموضوع له أم في غيره؟ والرأي المشهور هو أن المجاز مستعمل في غير الموضوع له، ولكن يوجد رأيان آخران، أحدهما: هو أن المجاز مستعمل في الموضوع له بنحو الحقيقة الادعائية, وهذا هو ما ذهب إليه السكاكي([3])، فتأمل.
وهناك رأي آخر ذهب إليه أبو المجد الأصفهاني([4]) هو أكثر تطورا من ذلك وتفصيله في محله.
العلم السابع: علم اللغة
 
أي: ما يرتبط بمعاني الأصول اللغوية ومفاهيم وفروق المفردات, كما في قوله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)([5])، وقوله: (شَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)([6]) فهل هناك فرق بين الشورى والاستشارة؟
فإن البعض ذهب إلى عدم الفرق، وإن الشورى هي نفس الاستشارة, فلا تكون ملزمة، وأمّا البعض الآخر فقد ذهب إلى أن الشورى هي غير الاستشارة، وهذا بحث لغوي بامتياز.
العلم الثامن: علم التفسير
 
ومن مباحثه مبحث الظهر والبطن..
إن بحث البطون هو من البحوث المهمة جدّاً،ً وقد وردت فيه روايات كثيرة، والذي ينبغي هو أن تدرس هذه المسألة في هذا العلم المقترح ـ أي: علم فقه اللغة الأصولي ـ من زاوية أصولية([7]) , فلم نجد بحثاً عاماً في الأصول ـ إلا بنحو الاستطراد ـ عن البطون رغم كثرة الابتلاء به؛ فإن الكثير من الآيات والروايات ـ إن لم تكن كلها ـ ذات بطون ومعانٍ مكتنزة، ترتبط بالفقه والكلام وغيرهما من العلوم([8]).
ضوابط الظهور والبطون:
 
إن معادلات الظهر والظهور واضحة محددة، وقد استوعب علم الأصول إلى حد كبير البحث عنها، كما في بحث العام والخاص والمطلق والمقيد وغيرها.
ولكن وفي مقابل ذلك لم يستعرضوا ضوابط البطون، ولم يبحثوها في الأصول, وإن كان بعض ضوابطها واضحاً مصرحاً به في الروايات، كما أنه يوجد بعض البحث عن البطن والبطون في بعض كتب التفسير([9]) كمقدمة للتفسير، ولكنه ليس بحثا فقهياً وأصولياً متكاملاً([10])، فلا يفي بالغرض المرجو.
هذا إضافة إلى أنه توجد بين الظهر والبطن علاقة، وهذه العلاقة قطعية، ولكن كيف نستطيع أن نستكشف من الظهور البطون؟ وما هو الحجة من غير الحجة في هذا المجال؟
العلم التاسع: الحديث
 
وأمّا العلم التاسع في سلسلة العلوم التي ينبغي أن يتركب من بعض مسائلها علم فقه اللغة الأصولي، فهو علم الحديث، فإن بعض مسائله ينبغي أن تدرج في علم فقه اللغة الأصولي، وهي تلك المسائل القريبة للاستنباط، وهذه المسائل هي التي تقع في آخر حلقة في هذه العملية؛ حيث صرنا في موضوع علم الأصول إلى أنه >الحجة المشتركة القريبة في الفقه<، ومن أمثلة هذه المسائل([11]) ـ والتي قد أشير إليها بشكل مقتضب, ومن الحري أن تبحث بحثاً مفصلاًـ : هل يجوز للراوي أن ينقل بالمضمون؟([12])، وهذه المسألة مطروحة على بساط البحث، والرأي المنصور في المقام ـ وهو الذي عليه المشهور([13]) ـ هو جوازه.
والروايات تصرح بذلك([14]). هذه هي المسألة الأولى، ولكنها مبدأ بعيد حيث ترتبط بعلم الحديث بما هو هو، وأمّا المسألة الأخرى والتي ترتبط بالفقيه ومن يريد أن يستنبط فهي: بناءً على جواز نقل الراوي للحديث بالمعنى والمضمون ـ كما هو المنصور بضوابطه ـ  فمع هذا النقل المضموني هل يمكن التمسك بالعلة الصورية؟ أي: هل الحديث المنقول بالمضمون حجة من حيث هيئته وعلته الصورية؟ وهل يصح لنا أن نتمسك بظاهر اللفظ الذي لا يُعلم بأنه من الإمام عليه السلام؟
وهذا البحث من الأهمية بمكان لأن سلسلة من البحوث الأصولية تبتني عليه، فمثلاً: لو تعارض العام مع المطلق ـ وكلاهما يرتبط بالعلة الصورية, أي: بالهيئة ـ فما هو المقدم منهما؟
يوجد رأيان في المقام([15])، أحدهما: إن العام هو الذي ينبغي أن يقدم؛ لأن دلالته بالوضع، وأمّا المطلق فحيث إنّه في إطلاقه يعتمد على مقدمات الحكمة، ومنها عدم وجود القرينة على الخلاف، والعام قرينة؛ لذا فإن العام وارد عليه.
ولكن وبحسب هذا المبنى أنه يجوز للراوي ـ أعاظم الرواة وغيرهم ـ النقل بالمضمون، فإن هذا البحث سيعاني من إشكالية حقيقية، فإن البنية التحتية لمسألة تعارض العام والمطلق ـ مثلاًـ تعتمد عليه([16])، ونظائر ذلك عديدة، ولا نريد أن نطيل الكلام في المقام الآن. نعم, كتب بعض الفقهاء بعض البحث في هذه المسألة, ولكنه يحتاج إلى مدى أوسع وأعمق لتكون النتائج والثمار متكاملة متقنة.
والظاهر أن السبب في عدم إعطاء هذه البحوث مداها الذي تستحقه هو عدم وجود علم متخصص في هذا الحقل.
إذن: العلم التاسع هو علم الحديث في مسائله القريبة والنهائية المرتبطة بالاستنباط الفقهي مباشرة, والتي تشكل إحدى اللبنات المتعددة لعلمنا المقترح.
العلم العاشر: علم نسبية النصوص والمعرفة والحقيقة (الهرمنيوطيقا) ([17])
 
وهذا العلم هو علم مستحدث, قد ألجأتنا إليه وإلى بحث مبانيه ونقدها وتقييمها ضرورة العصر، فإن العالم وبسبب تطوره العلمي والفكري قد ولّد موجة من الأفكار التشكيكية المضادة للأديان, أو للمعرفة بقول مطلق, وهي التي تتمحور حول عدم وجود واقعية ثابتة، وإنما توجد نسبية في النصوص والمعرفة والحقيقة، والعلة الغائية لهذا العلم إثبات عدم ثبات وإطلاق المقدمات البنيوية والارتكازية لمصادر المعرفة الصحيحة، ويسمى هذا العلم بـ(الهرمنيوطيقا) وله مدارس عديدة يتطرق كل منها لجانب من النسبية, إما في النصوص أو في المعرفة أو في الحقيقة، والبحث طويل في هذا المجال وفي تقييم مختلف مدارس هذا العلم([18]).
لذا كان لابد من أن تتصدى مجموعة من المفكرين الإسلاميين والعلماء الواعين للوقوف أمام هذا التيار الحداثوي, الذي يهدف إلى ضرب حتى ضروريات الحجج وأسس المعرفة، وبالتالي نسف الأديان التي تربط الإنسان بالسماء، ومن المؤسف أنه لا زالت الكتابات في هذا الحقل من جهتنا قليلة جدّاً لا ترتقي إلى ما عمل عليه الغرب لعشرات السنين؛ إذ رصدوا رأسمالاً علمياً ومعرفياً كبيراً لتأسيس هذا العلم, وتبيين مسائله وتشييد أركانه ـ فيما زعموا ـ وحيث إنّ جملة من مسائل هذا العلم تهدف إلى تقويض دعائم الحجج العقلية والنقلية، كان لا بد للأصولي بما هو أصولي مناقشتها وتفنيدها.
إشكال على المنهج المقترح وأجوبة:
 
ولكن توجد عدة إشكالات قد تطرح من البعض على مقترح العلم الجديد ومنها: إن علم الأصول الحالي بما هو يستنزف الكثير من الوقت ويجهد الطالب، ولذا فإن الطالب، بل والأستاذ المجتهد يغرق في حيثياته وتفرعاته, حتى أنه قد لا يستطيع أن يستفرغ الوسع في الفقه، بل يغرق في بحر المقدمات والأدوات فيضيع الثمرة، ولو كان الأمر كذلك، فكيف بنا إذا أسّسنا علماً جديداً آخر رديفاً لعلم الأصول يضاف إليه؟
إن([19]) هذا الكلام ليس بتام، لوجهين:
الوجه الأول: إن مقترح تأسيس هذا العلم الجديد لا يراد منه أن يكون حتماً مادة دراسية بكل مسائله وتفاصيله، وإنما المزيج من كلا الأمرين، أي: أن بعض مسائل هذا العلم ينبغي أن تحول إلى مادة دراسية حسب المستويات المتدرجة للطلبة، وهذه ضرورة لا كلام فيها، وأمّا البعض الآخر من المسائل، وبتحقيق أوسع وأعمق، ستكون ككتب ومصادر مرجعية، وكما هو الحال في الجامعات الأكاديمية في عصرنا الحاضر, وكما هو الحال عندنا أيضاً, فإن الجواهر مثلاً هو كتاب مرجعي وليس دراسياً، عكس كتاب المكاسب في حوزاتنا المباركة.
وعليه, فإنه ينبغي أن تكتب بعض مسائل العلم الجديد, وباستدلال مبسط يتناسب ومراحل الدراسة المختلفة, والبعض الآخر من المسائل تكتب كمراجع مصدرية للمحققين من العلماء، حتى أنه لو أراد الفقيه أن يبحث مفردة معينة فإن تلك المراجع ستكون في متناول يده، كما هو الحال في مفردة الرشوة، وهي مفردة مهمة لم تنقح بشكل كامل([20]) ـ وغيرها كثير ـ ولو نقحت لاستطاع الفقيه وبسهولة أن يرجع إليها، هذا من جهة.
الوجه الثاني: إن نفس هذا التطوير المقترح سيسهم في تهذيب وتشذيب علم الأصول نفسه, وعلى عكس ما توهم في الإشكال؛ فإن كثيراً من البحوث الأصولية في مبحث الألفاظ ستلغى عندئذٍ بصورة طبيعية, وتندرج في علم فقه اللغة العام، كتلك البحوث التي استغرقت الكثير من الصفحات في الكتب الأصولية, مع أنّها لا ترتبط باستنباط المسألة الفقهية بالمرة، والظاهر أن سبب إدراجها في علم الأصول هو عدم وجود علم آخر يفرد ويفرغ الفقيه فيه استنباطاته المذكورة؛ ولذا قد يضطر إلى درجها وبحثها في الأصول، وذلك مثل بحث (الوضع), كمَنْ هو الواضع؟ فإن هذا البحث ليس أصولياً، وإنما هو بحث لغوي, أو من المبادئ التصديقية لعلم الأصول، وكذلك بحث حقيقة الوضع وأنه هل هو التعهد أو الجعل أو غيرهما؟ فإن هذا البحث قد أدرج في علم الأصول وليس بمسألة أصولية، وكذلك بحث تقسيم الوضع إلى أقسامه الأربعة، وأيضاً بحث علقة اللفظ بالمعنى، وكذلك بحث حقيقة الإنشاء, وهل هو إيجاد اعتبار في عالمه أو هو اعتبار مبرَز؟ وهكذا، فإن كل هذه البحوث هي بحوث استطرادية أخذت حيزاً في علم الأصول.
إذن: المقترح على الفضلاء الكرام أن يشمر مجموعة منهم عن ساعد الهمة والجد لتطوير (علم فقه اللغة العام) كي يستخدم بشكل أوسع في التفسير والحديث, وكي يكون علة معدة للاستثمار في الفقه, ولتأسيس (علم فقه اللغة الأصولي) المقترح والله المستعان.
 
=======================================
 
([1]) انظر: كفاية الأصول: 10 حيث يقول:>ثم إن الملحوظ حال الوضع إما يكون معنى عاماً فيوضع اللفظ له تارة ولأفراده ومصاديقه أخرى، وإما يكون معنى خاصاً لا يكاد يصح إلا وضع اللفظ له دون العام، فتكون الأقسام ثلاثة، وذلك لأن العام يصلح لأن يكون آلة للحاظ أفراده ومصاديقه بما هو كذلك، فإنه من وجوهها، ومعرفة وجه الشيء معرفته بوجه بخلاف الخاص، فإنه ـ بما هو خاص ـ لا يكون وجهاً للعام ولا لسائر الأفراد، فلا يكون معرفته وتصوره معرفة له ولا لها أصلاً ولو بوجه<.
الهرمنيوطيقا: كلمة يونانية مشتقة من اسم الإله الإغريقي (هرمس) معناها التفسير والتعريف، وتطلق على عملية كشف الغموض الذي يكتنف شيئاً ما، الهرمنيوطيقا وصف للجهود الفلسفية والتحليلية التي تهتم بمشكلات الفهم والتأويل، وتقوم الهرمنيوطيقا على فلسفة التعمق خلف ما هو ظاهر من تعبيرات وعلامات ورموز للكشف عن المعاني الكامنة, والجوانب غير المتعينة من الخبرة أو التجربة في محاولة لفهم المجهول بالمعلوم ــ حيث تبدأ عملية الفهم دائماً من المعلوم في تجربتنا لتنفذ إلى المجهول ــ في محاولة لفهم التجربة التأريخية. فجوهر عملية التأويل هو الكشف عما يكمن خلف الأشياء الظاهرة من دلالات ومعانٍ, ومحاولة كشف الغموض البادي في الظاهر بالتعمق خلفه, والكشف عن آفاق للمعاني لا ندركها من مجرد النظرة الظاهرية الخارجية, وكانت الهرمنيوطيقا لفترة طويلة منشغلة بتحليل النصوص المكتوبة حتى بدايات القرن التاسع عشر, ثم تحولت إشكاليات التأويل من نطاق البحث الديني إلى نطاق البحث الفلسفي واللغوي. المحقق.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 14 جمادى الأول 1436 هـ  ||  القرّاء : 16113



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net