||   بسم الله الرحمن الرحيم | اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً | برحمتك يا أرحم الراحمين   ||   اهلا وسهلا بكم في الموقع   ||  


  





 218- قيادة الامة في مرحلة ما بعد النهضة والدولة والادوار القيادية للامام السجاد (عليه السلام)

 5- الهدف من الخلقة 1

 92- بحث اصولي: المعاني العشرة للحجة

 6- الهدف من الخلقة 2

 62- أنواع تعدية الفعل

 63- التعدي بالمادة

 260- مباحث الاصول: بحث الحجج (حجية الشهرة) (2)

 103- (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) مؤسسات المجتمع المدني في منظومة الفكر الإسلامي-16 مؤسسات المجتمع المدني والروح العامة للأمة

 دوائر الحكم بالعدل، ومساحات حقوق الشعب (4)

 174- ( عصر الظهور ) بين عالم الإعجاز وعالم الأسباب والمسببات



 اقتران العلم بالعمل

 متى تصبح الأخلاق سلاحا اجتماعيا للمرأة؟

 الحريات السياسية في النظام الإسلامي

 فنّ التعامل الناجح مع الآخرين



 موسوعة الفقه للامام الشيرازي على موقع مؤسسة التقى الثقافية

 183- مباحث الاصول (مبحث الاطلاق) (1)

 351- الفوائد الاصولية: بحث الترتب (2)

 قسوة القلب

 استراتيجية مكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)

 الأجوبة على مسائل من علم الدراية

 النهضة الحسينية رسالة إصلاح متجددة

 236- احياء أمر الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

 نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة

 161- مفردات ومصاديق مبادئ الاستنباط (8): علم الاديان الفقهي والاصولي المقارن



  • الأقسام : 85

  • المواضيع : 4431

  • التصفحات : 23592737

  • التاريخ : 19/03/2024 - 07:16

 
 
  • القسم : الفوائد والبحوث .

        • الموضوع : 306- الفوائد الأصولية: حجية الاحتمال (2) .

306- الفوائد الأصولية: حجية الاحتمال (2)
18 ربيع الأول 1440هـ

الفوائد الأصولية: حجية الاحتمال

جمع و اعداد الشيخ عطاء شاهين *

الفائدة الثانية: يمكن جعل الحجية للاحتمال ؛ سواء كان  ذلك الاحتمال في الجعل أم في الامتثال أم  في الحجية ؛ وذلك لحكم  العقل بوجوب إتيان المحتمل في أمور عدة ؛ فإن الاحتمال قد يكون رافعاً للتكليف أو مثبتاً له ؛ فأما الرفع فلأن إقصاء الاحتمال عن كونه مؤثراً خلاف دليل الامتنان الرافع للضرر؛ وأما الثبوت فلأن الاحتمال قد يكون ملزماً عقلاً وشرعاً بالحركة على طبقه كما في الشؤون الخطيرة وغيرها ؛ لأنه ليس عديم الكشف بل كاشفيته تكون بنسبته وبقدر أهميته؛ بالإضافة إلى أن عدد من معاني الحجة تنطبق عليه في الجملة.

تفصيل الفائدة [1]:

إن الوهم والاحتمال له كاشفية بنسبته؛ فلو احتمل بنسبة خمسة بالمائة فإنه كاشف بنفس النسبة، إلا أن يفرق بين الوهم و الاحتمال؛ فإن الاحتمال كاشف بنفس النسبة دون الوهم. والفرق إن الوهم إشارة للحالة الذهنية أو النفسية بلحاظ الوهن ، وأما الاحتمال فإنه إشارة للثبوت، أي لنفس نسبة ترجح أو مرجوحية أحد الطرفين على الآخر بلحاظه منسوباً للخارج، ولذا كان الشك غير كاشف؛ لأنه يعني الحالة النفسية الترديدية، دون الاحتمال المتضمن فيه فإنه كاشف بنسبة خمسين بالمائة، ويوضحه أن الوهم يقع في مقابل الظن والقطع ، عكس الاحتمال فإنه متضمن في كل منهما، وفي العلم أيضاً وإن كان بوجود اندكاكي؛ فإن القطع احتمال بالغ مرتبة اليقين.
وبعبارة أخرى: أن الوهم في مقابل القطع ، فكما قلنا إن الكاشفية عن الواقع ليست ذاتية للقطع إلا في ضمن فرده الآخر - وهو العلم دون الجهل المركب-  كذلك قولنا: إن الوهم ليست له الكاشفية إلا في ضمن الاحتمال الذي فيه وبقدره، وكذلك الشك فإنه لا كاشفية له إلا في ضمن الاحتمال الذي فيه وبقدره ؛ فتأمل.
وكالاحتمال في باب الإطاعة على ما نراه، من عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان فيها[2].
ونضيف: أن الاحتمال المرجوح قد يكون حجة في الجملة بحسب عدد من معاني الحجة التي ذكرناها في بداية الكتاب:
 منها : المعنى اللغوي؛  أي ما يصح أن يحتج به المولى على عبده أو العكس.
 ومنها:  الكاشفية؛ ولو الناقصة عن الواقع.
ومنها:  المنجزية والمعذرية كما هو على مسلك حق الإطاعة الإثباتي.
 ومنها :أنه يقع أوسط في القياس ؛ وهو المعنى المنطقي للحجة ؛ وهو المعنى الذي ذكره الشيخ قائلاً أن القطع ليس حجة بهذا المعنى .
ومنها:  لزوم الحركة على طبقه ، بل وحتى الحجية التكوينية ؛ فإن الاحتمال المرجوح في بعض الشؤون الخطيرة، كاحتمال هجوم الأسد الكاسر عليه، محرك تكويناً، وملزم عقلاً بالحركة على طبقه، وشرعاً، وكاشف ناقص عن  الواقع وقد يصيب، وهو مما يحتج به المولى على عبده، لو احتمل هجوم الأسد عليه فلم يتصدَّ للدفاع عن مولاه مثلاً[3][4].

الدوران بين التعيين والتخيير
ومنها: كما لو دار الأمر في إنقاذ أحد الغريقين[5] بين: التعيين والتخيير ؛ لاحتمال كون أحدهما نبياً أو ولياً ؛ فإن احتمال كون أحدهما نبياً موجب لحكم العقل بالتعيين والتنجز؛ إذ لا ريب في جواز الإتيان به وتفويت الملاك الآخر؛ لدوران أمره بين أن يكون واجباً مخيراً بينه وبين الطرف الآخر، وبين أن يكون واجباً معيناً في مقام الامتثال، وعلى أي تقدير فإن الإتيان به خال من المحذور، على عكس الطرف الآخر؛ فإن الإتيان به[6] وتفويت الملاك المحتمل أهميته، لم يثبت جوازه؛ لأنه متوقف على عجز المكلف عن قسيمه[7] تكويناً ـ والمفروض قدرته عليه ـ أو تشريعاً ـ والمفروض عدم أمر المولى بإتيان خصوصه[8] ليوجب عجز المكلف عن تحصيل الملاك الذي احتمل أهميته، فلا يجوز تفويته، بل يستحق عليه العقاب بحكم العقل.
بل لا حاجة في مثله للاستدلال، لاستقلال العقل بحرمة المهم إذا أوجب تضييع الأهم؛ فيما كانت المرتبة بين الأهم والمهم مما يقتضي الوجوب ، لا صِرف الندب والاستحباب.
ومنها: ما لو دار الأمر بين التعيين والتخيير في الحجة، كما لو شككنا في  أن تقليد الأعلم[9] واجب تعييني على الجاهل العاجز عن الاحتياط أم أنه مخيّر بينه وبين تقليد غيره؟ فإن احتمال عدم حجية تقليد غير الأعلم -وعدم مبرئيته للذمة مع وجود الأعلم-  موجب لحكم العقل بعدم الحجية الفعلية.
وبذلك ظهر أن قولهم: «الشك في الحجية موضوع عدم الحجية» يراد به الأعم من الشك فيها ابتداءً، ومن غيره كالشك فيها لدى الدوران، كما يستظهر أن  «الشك» في قولهم «الشك فيها موضوع عدمها»، يشير في لُبّه إلى هذا؛ إذ لم يرد من «الشك» ما كان قسيماً للظن[10] والوهم ـ والحال أنه المراد في تقسيم الشيخ قدس سره ظاهراً[11] ـ بل المراد به الأعم منهما، وهو المساوق للاحتمال ما لم يورث الاطمئنان[12]؛ فإن عدم الحجية أثر ولازم الاحتمال.
كما أن احتمال‏ تعين تقليد الأعلم، منجز عقلاً[13]، وذلك كله على فرض عدم قبول وجود إطلاق في المقام، كما لو كان دليل التقليد لبياً كبناء العقلاء وقيل بعدم بنائهم على تقليد غير الأعلم، أو بإجمال معقده، وكما لو كان نقلياً مجملاً أو مهملاً.
والحاصل أنه كلما احتملت الحجية كان الأصل عدمها، وكلما احتمل تعيُّنها كان الأصل تعينها.
ومنها: ما لو دار الأمر بين التعيين والتخيير في مرحلة الجعل  في الأحكام الواقعية، ولذلك صور عديدة نكتفي بذكر واحدة منها ؛ وهي:
ما لو علم أن الشارع قد أنشأ وجوب فعل في الجملة كالقراءة في الصلاة ، وعلم أيضاً سقوطه عند الإتيان بفعل آخر كالصلاة جماعةً ، ودار الأمر بين أن يكون الفعل الثاني ـ وهو الجماعة في المثال ـ عِدلاً للواجب ـ وهو القراءة ـ ليكون الوجوب تخييرياً بين الجماعة والقراءة أو مسقِطاً لاشتراط التكليف بالقراءة بعدم الائتمام ، وحينئذ فلو تعذرت عليه القراءة فإن الإئتمام مبرئ للذمة قطعاً على كلتا الصورتين ،أي سواء كان عدلاً أو مسقطاً.
وأما الصلاة فرادى بدون قراءة، فهي مبرئة لو قلنا بأن الائتمام مسقط، فحيث لم يأتمّ ـ إذ الفرض أنه مسقط ولا دليل على وجوب المسقط للواجب ـ لا تجب عليه القراءة  للفرض أنه عاجز ، وأما لو قلنا بأن الائتمام عِدل فلا تصح الصلاة فرادى دون قراءة، لأن الواجب التخييري يتعين أحد طرفيه ـ وهو الائتمام ـ مع العجز عن الطرف الأول.
فتحصل: أن احتمال  كون الائتمام عدلاً موجب لوجوب الإتيان به عند تعذر القراءة[14].

بحث تطبيقي:
 قال في العروة  من شرائط صحة الصوم:  عدم المرض أو الرمد الذي يضره الصوم... سواء حصل اليقين بذلك أو الظن، بل أو الاحتمال الموجب للخوف، بل لو خاف الصحيح من حدوث المرض لم يصح منه [15].
نعم، ذهب الشهيد في الدروس[16] إلى عدم كفاية الاحتمال، ولكن الأكثر[17] ذهبوا إلى أن الاحتمال العقلائي المعتد به-  الذي يتحقق به الخوف- هو الطريق لإحراز الضرر، كما التزم به في المستند في شرح العروة الوثقى.
وقال السيد الوالد قدس سره في الفقه « أو الاحتمال الموجب للخوف عقلاً وإن كان وهماً، كما لو علم بأن واحداً من ثلاثة أشخاص يصومون، يبتلون بشدة المرض؛ فإن الاحتمال هنا وهم؛ لأنه واحد في مقابل اثنين، بل الواحد من العشرة أيضاً كذلك... وهذا هو المشهور وخصوصاً بين المتأخرين[18].
بل اعتبر أن إقصاء الاحتمال عن كونه مؤثراً خلاف دليل الامتنان الرافع للضرر[19]، فمقتضى الامتنان رفع التكليف بالصوم بمجرد احتمال الضرر العقلائي.
على هذا فالاحتمال قد يكون بذاته منشأ الأثر وقد يكون مجراه ، كما قد يكون كذلك ولكن مشروطاً بلحوق أو سبق أمر.
ولكن قد يقال: إن احتمال الضرر العقلائي هو منشأ الأثر في الصوم فليس مشروطاً هنا بلحوق أو سبق أمر، نعم مثل الشك في باب الاستصحاب مجرى للحكم بشرطٍ[20] إلا أن يجاب بأن منشأ الأثر ليس صرف احتمال الضرر، بل خصوص الموجب للخوف منه، كما هو ظاهر عبارة الفقه والعروة  [21].

بحث تطبيقي آخر:
إن قاعدة الفراغ جارية في الوضوء لو شك بعده؛ وذلك لموثقة بكير بن أعين[22] قال: قلت له: الرجل يشك بعد ما يتوضأ؟ قال هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك[23].
فإن تعليل[24] الإمام عليه السلام بالظن النوعي الحاصل- وهو الأذكرية حين الوضوء- هو الحاكم على قاعدة الاشتغال لدى الشك في العنوان والمحصّل [25] وعلى أصالة العدم فلا يعتنى بالاحتمال، بينما نبقى على الأصل في قاعدة العنوان والمحصل وفي الاستصحاب لدى تجاوز المحل؛  فلا تجري قاعدة التجاوز رغم وجود الأذكرية أيضاً  لصحيحة زرارة الآتية، مما يستنبط من مجموع ذلك[26] كون بعض أنواع الظن النوعي فقط مخرجاً عن أصل الاشتغال في صورة الشك في العنوان والمحصل دون غيره.
وصحيحة زرارة هي كما رواها الحر العاملي عن محمد بن الحسن الطوسي عن الشيخ المفيد عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ـ وهو من مشايخ المفيد[27]ـ عن أبيه عن أحمد بن إدريس وسعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «إذا كنت قاعداً على وضوئك فلم تدرِ أغسلت ذراعيك أم لا، فأعد عليهما، وعلى جميع ما شككت فيه إنك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء [28].
وأستاذ الشيخ المفيد وإن وقع فيه كلام لأنه لم يذكر في حقه توثيق، إلا أن الرواية صحيحة بالسند الآخر الذي ذكره الحر العاملي في آخر الرواية.
والحاصل: أن احتمال عدم إتيانه بالجزء السابق من الوضوء مادام متشاغلاً به وإن كان ضعيفاً، إلا أنه منجز للرواية وللاستصحاب ولقاعدة العنوان والمحصل ولقاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية، وإن لم نقل بكون المقام فرضاً من باب العنوان والمحصل صغرى، أو قلنا بأن بحث هذه القاعدة إنما هو لو حصل الشك  في المحصِّل من جهة الشك في اشتراط أمر أو جزئية جزء، لا ما لو كان من جهة القيام به وأدائه أو لا؛ إذ لا حاجة لقاعدة العنوان والمحصل فيه، بل تكفي قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينة، فتأمل[29][30].

بحث تطبيقي ثالث :
الظاهر أن  (التعاون على البر) واجب بكل أنواع الوجوب: الفطري والعقلي والعقلائي والشرعي.
أما الفطري[31]: فلما فيه كما في التعاون لدفع العدو المهاجم وفي تعاون الأب مع المعلم والعالم ليمتثل أمره تعالى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)[32] وفي تعاون العلماء لدفع المنكرات، بل في كل بر واجب توقف على التعاون أو مطلقاً [33]؛ وأما كونه بالغاً ليكون واجباً فإن أدنى عقوبة على ترك أي واجب هي أبلغ من البليغ[34].
بل يكفي احتمال كون التعاون كذلك - أي دافعاً للضرر البالغ المحتمل- فإن الدفع الاحتمالي للضرر المحتمل أيضاً واجب، كأن يلبس الدرع محتملاً أنها تدرأ خطراً محتملاً لقتله، فإن الدافع للضرر كالوضوء للطهارة سبب توليدي [35] ؛ فلا مجال لأن يقال بأنه مجرى البراءة شرعاً .
إذ يقال فيه : أنه مما علم فيه غرض المولى فيكون من الشك في العنوان والمحصِّل[36].
وبعبارة أخرى إن متعلق التعاون مسبَّب توليدي له، وفي مثله المجرى الاشتغال لكونه كالعنوان له كما ذكره الشيخ والمحقق النائيني، فتأمل.
ويدل عليه بالبرهان الإني ما نرى من سلوك وسيرة الإنسان والحيوان الكبار والأطفال على حد سواء من التعاون في كل شأن خطير.

ليس التمسك بالإطلاق بل بحكم عام للفطرة
إلا أن يقال :إن الوجوب الفطري دليل لبي لا إطلاق له[37] فلا ينفع لإثبات وجوب التعاون على كل أمر واجب.
لكن قد يقال[38]: إن كل (بر واجب شرعاً)؛ فهو أمر خطير؛  لأن العقوبة - على ترك أدنى واجب-  هي أخطر من كل خطير؛ فليس الدليل التمسك بالإطلاق بل هو بصريح حكم عام للفطرة[39] لكل أمر خطير مما يشمل المقام ولا يرد ذلك بوجود المؤمِّن، إذ هي دعوى عهدتها على مدعيها ؛ بل نقول لا مؤمن والإطلاق واضح في ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾وغيره.
وبعبارة اخرى: دليل العموم هو:
أولاً: ما فيه من التوصل لأغراض المولى الملزمة كما فصلناه في مكان آخر، وفي عدمه الضرر البالغ أو احتماله مما تحكم الفطرة بلزوم تجنبه.
وثانياً: لما فيه من شكر المنعم، فإن التعاون على امتثال أوامره نوع شكر له وكلاهما عام.
لا يقال: هذا لو توقف الامتثال على التعاون دون ما لو لم يتوقف؟
إذ يقال: إن الحكم العقلي والفطري عام ثبوتاً ، فتأمل.
وأما في مرحلة الإثبات فإطلاق المادة يقتضي الشمول لكليهما.
وبعبارة أخرى: لم يقيد بما إذا لم يأت بمقدمة موصلة أخرى، إلا أن يقال بانصراف (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ) [40] إلى ما لو توقف البر على التعاون ولم يوجد سبيل غيره ؛ وفيه ما سبق.
فالظاهر كون الإطلاق محكِّماً خاصة مع لحاظ ما ذكرناه في موضع آخر من المصلحة السلوكية وذكرنا لها وجوهاً عديدة فليراجع ،إلا فيما علم ـ بارتكاز أو سيرة أو غير ذلك ـ عدم لزوم التعاون فيه وإن تمام الغرض بأداء المأمور به كما هو الحال في كثير من الواجبات، هذا.
ولكن يمكن القول - على الانصراف وعلى الصارف[41] - بالوجوب التخييري[42] فيرفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب التعييني للانصراف ، ولا وجه لتوهم كون الانصراف عن أصل الوجوب في صورة وجود القسيم للتعاون، فتأمل جيداً[43].


----------

* هذه المباحث الاصولية تجميع لما طرحه سماحة السيد في مختلف كتبه وبحوثه، قام باعدادها وجمعها و ترتيبها مشكوراً فضيلة الشيخ عطاء شاهين وفقه الله تعالى
[1] اختصرنا في هذه الفائدة على بعض الأمثلة؛ لأنه سيأتي المزيد منها في الفوائد الآتية.
[2] الحجة معانيها ومصادقيها: ص 82.
[3] المصدر نفسه : ص273.
[4] وسيأتي مزيدا من التفصيل في هذا الخصوص.
[5] أو أحد السجينين، أو أحد المحكوم عليهما بالقتل والإعدام ظلماً، وكذا يمثل لذلك بـ(هداية) أحد شخصين لو دار الأمر فيهما بين (تعيين) أحدهما؛ نظراً لكون هدايته سبباً لهداية المئات أو الألوف ـ لكونه شيخ العشيرة أو عالم البلد مثلاً ـ وبين التخيير بينه وبين الآخر ـ الذي ليست له تلك الخصوصية كآحاد الناس العاديين ـ.. وهكذا.
[6] أي بالمهم.
[7] أي الأهم.
[8] أي المهم.
[9] أو الأورع، أو الأعرف بأهل زمانه والأقدر على إدارة العباد وإرشادهم، أو الأكثر حكمةوبُعد نظر، لكن الأقربية للواقع والإصابة لو كانت هي محط النظر في اشتراط الأعلمية لما كان للأخيرين مدخلية في ترجيح تقليد الأعلم بهذا المعنى،  إلا في ما لو كان التقليد في الشؤون العامة التي لعلها المتبادر أو المصداق الأبرز لقوله عليه السلام : (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) نعم ، لو استظهر أن الأعلمية أحد الملاكات في التقليد-  بدليل اشتراط مثل العدالة والحرية وغيرها - لكان وجه ؛ لاحتمال مدخلية الملاكين الأخيرين.
[10] أي غير المعتبر.
[11] لكن لعله اعتبر الشك قسيماً للظن ومقسماً للوهم.
[12] أي ما لم يكن ظناً معتبراً.
[13] فلو تركه استحق العقاب بالمخالفة.
[14] الحجة معانيها  ومصاديقها :  ص 252.
[15] العروة الوثقى : ج2 ص139.
[16] الدروس: ج1 ص271.
[17] حسب ما حكي عنهم .
[18] الفقه: ج36 ص13.
[19] المصدر: ص14.
[20] هو مسبوقيته باليقين أو كونه ملحوظاً فيه الحالة السابقة.
[21] الحجة معانيها ومصاديقها :  ص 266 مع بعض التصرف.
[22] رواها الشيخ الطوسي عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن بكير بن أعين ؛ وكلهم ثقات.
[23] وسائل الشيعة: الباب 42 من أبواب الوضوء ح7.
[24] بناء على أنه (تعليل) كما لعلّه المستفاد منه عرفاً، دون ما لو قلنا إنه (حكمة)، والغريب أن بعض الأعلام-  في نقاش معه-  أنكر حتى (الحكمة) ولم يبين وجه ذلك، ولعله قصد أن (الأذكرية) مشير فقط، وهو كما ترى.
[25] وسيأتي أن المقام منه.
[26] أي جريان قاعدة الفراغ دون قاعدة التجاوز رغم اشتراكهما في (الأذكرية).
[27] الحجة معانيها ومصادقيها: ص 262.
[28] وسائل الشيعة: ج1 ص330 الباب 42 من أبواب الوضوء ح1.
[29] لوجوه، منها: أن المنجز هو الغرض أو العنوان الذي تعلق به الأمر، أو الأمر الذي لم يحرز امتثاله، أو اليقين السابق لا الاحتمال، وقد يجاب بنظير ما سبق من أن الاحتمال جزء العلة أو شرط.
[30] الحجة معانيها ومصادقيها: ص 262.
[31] اختصرنا هنا على بذكر الوجوب الفطري فقط  لعلاقته بالفائدة.
[32]سورة  التحريم :6.
[33] كما فصلناه في موضع آخر .
[34] أي الضرر البليغ.
[35] فالتعاون على البر وكل ما يدفع الضرر سبب توليدي لاندفاعه وللحفظ والحماية.
[36]  فإن متعلق غرض المولى هو الحفظ والحماية من الضرر؛ فاللازم إتيان ما يحرز معه هذا العنوان.
[37] ولا معقد إطلاق له، كما يمكن في الإجماع.
[38] كما أشرنا إليه سابقاً.
[39] أو إدراك لها، وقد فصلنا في موطن آخر كون الفطرة حاكمة كالعقل والشرع.
[40]سورة المائدة: 2.
[41] أي الصارف من سيرة وارتكاز.
[42] فالواجب هو أداء المأمور به بأحد الطريقين: متعاون عليه وغير متعاون، والتخيير عندئذ عقلي إن كان هناك جامع كالتخيير بين أفراد الطبيعة الواحدة ؛ وإلا فشرعي كالتخيير بين خصال الكفارة بناءً على التفريق بين التخييرين بذلك.
[43] فقه التعاون على البر والتقوى: 201.

 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 18 ربيع الأول 1440هـ  ||  القرّاء : 6709



 
 

برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net