• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : دروس في التفسير والتدبر ( النجف الاشرف ) .
              • الموضوع : 138- (قصد بيت الله) و (قصد خليفة الله) هما المقوّمان الاساسيان للحج .

138- (قصد بيت الله) و (قصد خليفة الله) هما المقوّمان الاساسيان للحج

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولاحول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم. 
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) ( ) 
الحديث حول هذه الآية القرآنية الكريمة متنوع الأبعاد , بل هو مترامي الأطراف ,وسوف نتوقف في مبحث اليوم عند بعض الأسرار الكامنة في حرف (الكاف) في كلمة (يأتوك) الواردة في الآية المباركة . 
بعض أسرار حرف الكاف 
هناك مجموعة من الأسرار ينبغي التوقف عند واحدة واحدة منها ,وسنشير الى بعض هذه الأسرار التي تيسر لنا معرفتها بالمقدار الذي يتيسر لنا في هذا المبحث, والى بعض الحقائق المستجلاة ببركة وجود هذه الكاف: 
1) الإشارة الى الوسيط الإلهي 
تشير الآية الكريمة الى وجود الوسيط الإلهي بين الخالق والخلق, وان هذا الوسيط السماوي هو المأتي إليه وهو المقصود أيضا إضافة الى قصد البيت بمشاعره ومشاهده. 
أي أن هذه (الكاف) تفيدنا بان المقصود إضافة الى البيت ,هو إمام البيت , اذ لم يقل الله سبحانه وتعالى : ...يأتون رجالا... بل قال تعالى : ..يأتوك رجالا... كما لم يقل رب العزة والجلالة : ...يأتون البيت ... كما هو مقتضى مساق الحديث لان فريضة الحج إنما تقع مشاعرها وشعائرها , في بيت الله تعالى ,الكعبة المشرفة, وما حولها. كما قال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)( ) 
إذن المقصود ليس هو إتيان البيت فقط ,بل إتيان إمام البيت وخليفة الله أيضا, خاصة وأن من المعلوم أن كل حرف في القرآن الكريم له أبلغ الدلالة وكانت إضافته أو حذفه على حسب منتهى الحكمة، كما أن الوسيط الإلهي يتجلى من قبل في كلمة (أذن), اذ أن الله تعالى عهد بالإعلان الى الوسيط الإلهي (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) 
وهذا يعني أن الداعي هو الوسيط , والوسيط هو المأتي إليه أيضا , وهو مزور , ومقصود لا البيت فقط, كما نلاحظ ذلك في أية أخرى (وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)( ), ومن الواضح إن الله تعالى لا يحتاج الى وسيط ,لكن هندسة الكون بنيت على نظام (الخالق) ,و(الخليقة) و(الخليفة), وهذا تأكيد لهذه الفلسفة الكونية الكبرى . 
فالوسيط الإلهي, في (الإعلام العام) هو الوسيط, في (المقصدية الطولية), هذه هي الحقيقة الأولى, وسنوضحها أكثر في مطاوي البحث إن شاء الله تعالى. 
2)منافع الحج متوقفة على إتيان ذلك الوسيط الرباني 
إن وجود الكاف في (يأتوك) ووجود اللام في (ليشهدوا) يكشف لنا عن أن الثمار والمنافع التي تترتب على الحج, هي متوقفة ومتفرعة على مجموع الأمرين , وليس على إتيان البيت فقط, يقول تعالى: (... يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ...) فليس (يأتون البيت... ليشهدوا), بل (يأتوك... ليشهدوا) فلا يصح أن يتجرد إتيانهم البيت عن إتيانك، بل لو اجتمعا فعندئذٍ (ليشهدوا منافع لهم) 
إذن قوله تعالى: (ليشهدوا) متفرع على قوله عز وجل (يأتوك), ومعنى ذلك :أن المنافع المترتبة على الحج , القدر المسلّم منها أن بعضهاـ على الأقل ـ متوقف على أن تأتي البيت, وتأتي في الوقت نفسه الوسيط بين السماء والأرض, قاصدا خليفة الله تعالى, وإلا فان هذه المنافع الكثير منها سوف لا تترتب ولا يمكن الحصول عليها, كما أن (ذكر الله ) سوف لايتحقق على حسب ما طلبه الله تعالى وأمر به؛ لان هذا الشخص الذي لم يأتِ إمام البيت, لم ينبعث عن أمر الله, كما أمر الله سبحانه وتعالى. 
3) الحركة الإيمانية حركة متجددة على مر الأزمان والعصور 
إن هذه المفردة القرآنية النورانية , تدل على حركة متجددة بتجدد الأزمان ,وبتجدد وجود الأجيال القادمة ,الى يوم القيامة, وليست أمرا جامدا في فترة زمنية خاصة (وأذن في الناس.. ) والمراد الناس على امتداد الأزمان فتكون (اذّن) خطاباً لهم بأجمعهم, والروايات الواردة من طرق الفريقين ,تؤيد هذه الحقيقة ,وان الخطاب عام لكل الناس على امتداد الأزمان ,وذلك عندما اعتلى إبراهيم (عليه السلام) ,الجبل ,وأذّن معلنا الدعوة إلى فريضة الحج العظيمة ,فقد كان خطابه الى كافة الناس ,من في الأصلاب وغيرهم , من في الشرق , ومن في الغرب , ولم يكن الخطاب خاصا بالموجودين في ذلك الزمن , بل هو خطاب عام للأجيال على مر التاريخ ,كما تدل عليه مختلف الآيات والروايات. 
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ), وهنا نسال كيف نأتي إبراهيم النبي (عليه السلام)؟ او المخاطب بهذا الضمير أياً كان، مع أنه غير موجود, وهو ميت وقد قبضه الله اليه ؟ 
إن ظاهر الآية هو أن الحركة حركة متجددة مستمرة, على مر الأزمان, وإنك إذ أذّنت بالحج فأنهم سيأتونك , واذا تعذر المعنى الحقيقي فإنه حينئذٍ يصار الى المعنى المجازي ,لكن سيتضح أن المعنى الحقيقي ليس بمتعذر, بل هو واضح على ضوء الآيات والروايات وذلك لأن الآية تريد أن تشير بهذه (الكاف) وبـ(الناس) الى أن إتيان الناس لإمام البيت ,للوسيط بين الله تعالى وبين الخلق , لخليفته على خلائقه على امتداد الأزمان, اذ أن هذا بيت الله وهو يحتاج الى خليفة , وخليفة الله في ذلك الزمان هو إبراهيم النبي (عليه السلام), أما خليفة الله في هذا الزمان فهو إمام العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فهل يتصور مجاز في (يأتوك) بعد ذلك. 
من هو المخاطب؟ وهنا نسال بما يكمل الصورة ويوضحها أكثر: من هو المخاطب بـ(يأتوك)؟ 
الجواب: الاحتمالات, او الأقوال ثلاثة: 
1 ) المخاطب هو إبراهيم النبي (عليه السلام), وتدل على هذا القول بعض الروايات . 
2 ) المخاطب هو رسول الله المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله), وهذا القول تذكره روايات واقوال الفريقين( ). 
وهنا نقول : لا مانعة جمع بين هذه الروايات وتلك الروايات, بل يكّمل بعضها بعضا , وبالتالي يكون هذا الجمع بين الروايات ,هو مضمون الراي الثالث الذي يجمع بينهما في ضمن إطار أعم وكليّ شامل لهما ومن أشبههما في الإمامة: 
3 ) الخطاب موجه على مدى الأزمان الى خليفة الله سبحانه وتعالى في تلك الأزمان على الأرض, والى الإمام والخليفة من بعدهم الى يوم القيامة. 
وهذا يوضح الحركة التجديدية في الخطاب القرآني ,فقوله تعالى: (وأذن في الناس) خطاب الى إبراهيم (عليه السلام)؛ لأنه كان إمام ذلك الزمن , لا لخصوصية خاصة في شخصه (عليه السلام).
قال تعالى: (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) فعندما نجح (سلام الله عليه) في الامتحان الإلهي كأسمى ما يكون النجاح أصبح خليفة الله, والوسيط بين الله وبين خلقه , ومنه تؤخذ الشرائع , وهو الحجة , وتـجب معرفته, ومن لم يعرف إبراهيم (عليه السلام) في ذلك الزمن, فحجُّه غير مقبول. 
إن إبراهيم (عليه السلام) ليست له الموضوعية كشخص, وإنما لأنه (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً), والإمام هو الذي يُقصد, والذي يؤتم به , والمتّبَع , فعند الذهاب الى بيت الله , لابد من مرشد, ودليل يعرِّف الناس قوانين هذا البيت, وشرائع هذه المملكة الإلهية, فعليك أن تقصد خليفة الله. 
إن النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) في زمانه هو الإمام , وموسى او عيسى في زمانه هو الإمام , وبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله),الإمامُ علي بن أبي طالب, ثم الإمام الحسن المجتبى، ثم الإمام الحسن الشهيد بكربلاء, ثم الإمام زين العابدين , الى أن تصل الى ولي الله الأعظم الحجة المنتظر (عجل الله فرجه الشريف), فهو الإمام في هذا الزمان. 
إذن الرأي الثالث يرى أن الخطاب, وان كان ظاهره خاصا بإبراهيم او النبي المصطفى (صلى الله عليهما والهما) , إلا أن واقعه عام للإمام بما هو إمام لا للشخص بما هو شخص, وان هذا المقام هو مقام خليفة الله تعالى فهو المؤذِّن السماوي بالحج وهو المقصود للناس. 
توضيح تأكيدي 
وإن مما يوضح ذلك أن بناء القران على كون الحكم عاماً وإن كان الخطاب خاصاً: مثلا الخطاب في: (أقم الصلاة), ظاهره خاص بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله), لكن واقعه عام للنبي (صلى الله عليه وآله), وغيره من الناس. 
وبعبارة أخرى : طرف الخطاب هو النبي (صلى الله عليه وآله), ولكن الحكم عام لجميع الناس. 
وفي الآية الشريفة: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ...) الأمر والخطاب موجه لخليفة الله تعالى, أي للوسيط بين الله وبين خلقه وإن كان شأن النزول خاصاً, ففي أي زمن كان ذلك الخليفة الإلهي وأينما وجد ذلك الوسيط السماوي, فهو المخاطب بهذه الآية المباركة. 
وقد ورد في كتب الفريقين الحديث النبوي المشهور, (أن من مات ولم يعرف إمام زمانه , مات ميتة جاهلية), ومعنى ذلك أن في كل زمن يوجد إمام من قبل الله سبحانه وتعالى, عليك أن تعرفه, وان تأتيه, وان تطرق بابه, وان تتعرف عليه, وان تلج الباب من خلاله. 
الروايات على الأقوال الثلاثة والروايات في هذا الحقل كثيرة , يمكن أن تراجعوها في تفسير البرهان ,والتي ينقلها عن الكافي الشريف ,وعن تفسير علي ابن إبراهيم القمي , وهذه الروايات على طوائف ثلاثة تدل على الأقوال الثلاثة: 
الطائفة الأولى من الروايات: 
علي ابن إبراهيم قال: (ولمّا فرَغ إبراهيم (عليه السلام) من بناء البيت، أمره الله أن يُوذَن في الناس بالحَجّ، فقال: يا ربّ، وما يبلُغُ صوتي؟ فقال الله تعالى: عليك الأذان وعليَّ البلاغ. وارتفع على المَقام وهو يومئذ يُلاصِق البيت، فارتفع به المقام حتى كأنه أطول من الجبال، فنادى، وأدخل إصبعَيه في أُذنيه، وأقبَل بوَجهه شرقاً وغرباً، يقول: أيها الناس كُتب عليكم الحجّ إلى البيت العَتِيق فأجيبوا ربّكم فأجابوه من تحت البحور السبعة، ومن بين المشرق والمغرب إلى منُقطع التُراب من أطراف الأرض كلها، ومن أصلاب الرجال وأرحام النساء بالتَلْبية: لبَّيك اللهم لبَّيك. أولا ترونهم يأتون يُلبون؟ فمن حجّ من يومئذٍ إلى يوم القيامة فهم مِمَّن استجاب لله، وذلك قوله: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ) يعني نداء إبراهيم (عليه السلام) على المَقام بالحج). 
الطائفة الثانية من الروايات: 
محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم، (عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عُمير، عن مُعاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحُجّ، ثمّ أنزل الله عز وجل عليه: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم، بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يَحُجّ في عامه هذا، فعَلِم به من حضَرَ المدينة وأهل العوالي والأعراب، فاجتمعوا لحجّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنّما كانوا تابعين ينظُرون ما يؤمرون به ويتبعونه، أو يصنع شيئاً فيصنعونه. فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أربع بَقينَ من ذي القعدة...) 
الطائفة الثالثة من الروايات: 
منها: ((عن أبي عبيدة قال :سمعت أبا جعفر (عليه السلام), ورأى الناس بمكة وما يعملون قال فقال: (فعال كفعال الجاهلية أما والله ما أُمُروا بهذا , وما أمُروا إلا أن يقضوا تفثهم, وليوفوا نذورهم , فيمروا بنا , فيخبرونا بولايتهم , ويعرضوا علينا نصرتهم ...)) والروايات عديدة ومتنوعة لكن المقام لا يسع لاستعراضها بأجمعها. 
وهذا الذي ذكرناه حتى ألان يطابق حكمة الله سبحانه وتعالى في عالم التكوين , اذ أن حكمة الله جرت على أن بناء الكون قائم على نظام (الخليفة ,ثم الخليقة ). 
وكذلك نجد أن البناء التشريعي للقران الكريم أيضا ,مبني على الوسائط (الربانيين) كعالم التكوين تماما . 
يقول تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ), (فهل يكفيهم أن يطرقوا باب الله تعالى مباشرة؟ كلا , بل لابد من إتيان الخليفة, ولو لم تطرق باب الله طوليا عن طريق هذا الوسيط, فإنه لا يقبل منك) جاءوك (ضعوا هذه الكاف إلى جوار الكاف في يأتوك) فاستغفروا الله (وهل يكفي هذا الاستغفار؟ كلا, بل (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) 
إذن وجدانهم لتوّابية الله ,ورحمانيته تعالى , متفرعة على استغفار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) لهم، ولو كان المجيء للرسول (صلى الله عليه وآله) واستغفار الرسول (صلى الله عليه وآله) لهم مما لا مدخلية له في قبول توبتهم، بل كان كما يقال كالحجر بجنب الإنسان، لكان ذكره لغواً، تعالى الله عن ذلك. 
وبذلك يفسر قوله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ), او (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) فان ظاهر (قل) أنها للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) مع أن النبي متوفى , لكن علينا أن نكرر هذا الخطاب , لكي يتأكد ويتجذر في أنفسنا أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله), هو الوسيط , ولولا هذا الوسيط لما قُبِلت طاعة , ولا تقرب الى الله سبحانه وتعالى متقرِّب. 
وفي الختام نقول : 
على المؤمنين الكرام والأساتذة الأفاضل ومرشدي حملات الحج أن يوجهوا الحجاج الى بيت الله الحرام في هذه السنة او السنين اللاحقة إن شاء الله , لكي يضعوا في بالهم عند عزمهم على الحج مقصدين : 
1) بيت الله تعالى بمشاعره ومشاهده. 
2) والإمام من قبله تعالى على الخلق أجمعين, أن يتعرفوا عليه وأن يعرضوا عليه ولايتهم, وان يمدوا له يد المعونة والنصرة. 
وسوف نتحدث بمشيئة الله تعالى مستقبلا عن القسم الثاني من الكلام وهو : معرفة الإمام , وكيف أن الإنسان يمكنه أن يصل في الحج الى هذه المرتبة ويصل الى هذا المقام ؟. لكننا نكتفي هنا بهذه الرواية الشريفة: 
"عن الإمام الباقر (عليه السلام ) : ونحن الذين بنا تنزل الرحمة ,وبنا تُسقون الغيث ,ونحن الذين بنا يصرف عنكم البلاء , فمن عرفنا ,ونصرنا, وعرف حقنا, واخذ بأمرنا, فهو منا والينا" . 
فمن يذهب الى الحج, عليه إضافة الى قصد زيارة هذه المشاهد المشرفة والمنورة المباركة , عليه أن يضع في باله ونيته ,كهدف رئيسي , وواجب الهي أن يتعرف على إمام زمانه بشكل أفضل , وان يعرض عليه نصرته بشكل أو بآخر ,وان يعرف حقه بشكل أفضل , وان يأخذ بأمره أيضا سرا وجهارا . 
وللحديث تتمة .. 
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين . 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=877
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء 16 ذو القعدة 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28