• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1432-1435هـ) .
              • الموضوع : 303- تتمة : مناقشة الاستدلال بالآيتين على دوران امر المشرك بين الإسلام والعقل ـ تتمة : أجوبة عن شبهة تحول ونسبية القران في مرحلة المفهوم : 1 ـ الروح مجردة والعلم قائم بها ، فلا تغيير 2ـ كثير من المفاهيم ليست متغيرة كالمستقلات العقلية والأحكام العقلية والرياضيات وبعض العلميات و الحسيات 3ـ (النص) هو الذي يرد الى الذهن بنفسه ، ولا تغير فيه ، بل حتى في معاني محاكية 4ـ وجود (المرجعيات ) لتغاير الافهام ، ومنها المنطق... .

303- تتمة : مناقشة الاستدلال بالآيتين على دوران امر المشرك بين الإسلام والعقل ـ تتمة : أجوبة عن شبهة تحول ونسبية القران في مرحلة المفهوم : 1 ـ الروح مجردة والعلم قائم بها ، فلا تغيير 2ـ كثير من المفاهيم ليست متغيرة كالمستقلات العقلية والأحكام العقلية والرياضيات وبعض العلميات و الحسيات 3ـ (النص) هو الذي يرد الى الذهن بنفسه ، ولا تغير فيه ، بل حتى في معاني محاكية 4ـ وجود (المرجعيات ) لتغاير الافهام ، ومنها المنطق...

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
مبادئ الاستنباط: 
 
تتمة مناقشة كلام الجواهر 
 
ثم ان استدلال صاحب الجواهر([1]) بالآيتين على تخيير غير الكتابيين بين الإسلام والقتل فقط (فلا خيار ثالث من جزية أو غيرها) غير تام 
 
أما آية (فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ) فهي على خلاف مقصوده أدلّ، إذ تتمّتُها صريحة في وجود بدائل أخرى: (حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) ولو كانوا لا يخيرون إلا بين الإسلام والقتل لما كان معنى لـ(فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) بل كان ينبغي أن يقال (فشدوا الوثاق فاما أن يسلموا أو يقتلوا) كما أشار إلى ذلك السيد الوالد في الفقه.([2]) 
 
واما آية ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ([3])، فالظاهر انها قضية خارجية وليست حقيقية وذلك: بلحاظ سياق الآيات وأولها (بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) فلاحظ 
 
وبلحاظ ما عمل به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بدر وحنين وحين فتح، مكة وتقرير المعصومين طوال أكثر من مائتي سنة كما سبق. 
 
وبلحاظ الروايات الظاهرة في خارجية القضية، ومنها ما رواه في تفسير القمي عن الإمام الرضا عليه السلام (فاجّل الله المشركين الذين حجّوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلوه حيث وجدوا). 
 
وفي تفسير العياشي ( (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) الناكثين) 
 
وفيه عن الإمام الباقر عليه السلام (خطب علي (عليه السلام) الناس... ومن كانت له مدة فهو إلى مدته ومن لم تكن له مدة فمدته أربعة أشهر...) وفيه (فإذا انسلخ أي انقضى الأشهر الحرم التي أبيح للناكثين ان يسيحوا فيها..) فتأمل 
 
الجواب عن شبهة تغيّر القرآن ونسبيته 
 
ولا بد من الإجابة على الشبهة السابقة التي طرحت حول القرآن الكريم (النص بوجوده الذهني متحول متغير غير ثابت) (لكن النص من حيث يتعرض له العقل الإنساني ويصبح مفهوما، يفقد صفة الثبات...) ([4]) (اما الإنساني فهو نسبي متغير) 
 
إذ يرد عليه: 
 
1- دعوى بلا دليل 
 
أولاً: لا دليل على هذه الكبرى الكلية (اما الإنساني فهو نسبي متغير) بل هي مصادرة ودعوى لم يُقِم عليها دليلاً([5]) 
 
2- بل الدليل على العدم 
 
ثانياً: بل نقول: حيث ان قيام العلم بالروح – أو العقل وهو غيره أو وجه من وجوهه على الرأيين – والروح مجردة، على رأي مشهور([6]) فانه لا يتغير إذ لا مجال للتغيير في المجردات. فتأمل 
 
3- ليس كل (مفهوم) فاقدا صفة الثبات 
 
ثالثاً: ليس كل إنساني متغيراً وليس كل (مفهوم) يفقد صفة الثبات، والسالبة الجزئية نقيض الموجبة الكلية([7]) ويدل على ذلك: 
 
أ- الرياضيات من حساب وهندسة فانها – كمفاهيم – أيضاً ثابتة غير متغيرة أبداً([8]). 
 
ب- الأحكام العقلية مثل استحالة الدور والتسلسل والترجّح بلا مرجح وكون الجزء أعظم من الكل... وهكذا 
 
ج- المستقلات العقلية، كحسن العدل وقبح الظلم 
 
د- وكثير من القضايا العلمية، كحركة الأرض الانتقالية والوضعية، وذوبان الحديد في درجة 400 والفولاذ في درجة 600... وهكذا 
 
هـ- كثير من المحسوسات بالحواس الظاهرة أو الباطنة، ككون الحديد صلباً وكالحب والبغض والحقد... فانها كمفاهيم ثابتة لدى الكل في أصلها، والاختلاف إنما هو في الدرجات أو الاتجاه. 
 
4- ليس كل (نص) متغيراً 
 
رابعاً: وليس كل (نص) متغيراً، فإن ما توهمه من تحول النص القرآني الكتبي إلى مفهوم ذهني متغير، خاطئ موضوعاً، إذ ان نفس النص له وجود ذهني أيضاً فإن القرآن كنص ينتقل للذهن، نعم ترجمته مفهوم متغيرِّ وليس نصاً وكذا لو حفظ شخص الآية بالمضمون. 
 
وعلى أية حال فإن مثل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) هو أمر ثابت أ- كنص موجود بالوجود الذهني ب- وثابت كمفهوم أيضاً فإن مفهوم (يأمر) مثلاً واضح يفهمه الكل ولا تغيُّر فيه، وكذا العدل، والاختلاف إنما هو في مصاديقه لا مفهومه، والقرآن لم يتطرق لتحديد المصداق كي يقال مصاديق العدل متغيرة نسبية.([9]) 
 
وكذلك قوله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وقوله (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ... ) وهكذا 
 
5- (المرجعيات) مقياس تصحيح الأخطاء المفهومية 
 
خامساً: ان بعض المفاهيم وإن كان متغيراً لدى تعرض العقل الإنساني له، إلا ان الله تعالى ببالغ حكمته خلق (مرجعيات) تعد كمقاييس للتصحيح، وذلك: 
 
كمرجعية العقل([10]) لدى خطأ الباصرة إذ ترى الخطين المتوازيين يلتقيان بعد مسافة([11]) وكمرجعيته لتمييز خطأ المرايا المحدبة والمقعرة إذ يفيدنا ان العاكس حقاً هو المرآة المسطحة، والأذهان كالمرايا بأقسامها الثلاثة، والمستوي منها([12]) هو العاكس للحقيقة كما سيأتي. 
 
وكمرجعية الكثير من قواعد علم المنطق فمثلاً ما سبق من (الطلاق متوقف على النكاح الشرعي، والنكاح الشرعي متوقف على رضا الطرفين، فالطلاق متوقف على رضا الطرفين) خاطئ لمخالفته ضرورة الفقه، لكن إنتاج الشكل الأول بديهي أيضاً فكيف التوفيق؟ نقول: (المرجعية المنطقية) هي الحل فإن قاعدة لزوم تكرر الحدّ الأوسط بنفسه لكي ينتج القياس، هي المرجع لتمييز الخطأ في هذا المفهوم المركب([13]) إذ الحد الأوسط في الصغرى هو (متوقف على النكاح الشرعي) وفي الكبرى (النكاح الشرعي) فلم يتكرر، ولو كُرّر لكان (والمتوقف على النكاح الشرعي متوقف على رضا الطرفين) لكن هذه الكبرى غلط إذ المتوقف على النكاح الشرعي هو الطلاق، والطلاق غير متوقف على رضا الطرفين. فتدبر وللحديث صلة 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) الجواهر ج22 ص 403. 
 
([2]) الفقه ج48 ص 29-30. 
 
([3]) التوبة: آية 5. 
 
([4]) إذ لعل الكثيرين لا يمكنهم الوصول لذلك الكتاب، فكان لا بد من الإجابة كي لا تبقى الشبهة عالقة. 
 
([5]) وما قد يذكرونه لا يعدو كونه استقراء ناقصاً لجزئيات لا تصنع كبرى كلية. 
 
([6]) وان كان لنا فيه تأمل إذ أدلة تجردها غير تامة كما أشار إليه الوالد أيضاً. 
 
([7]) فكيف إذا كانت السوالب كثيرة. 
 
([8]) إذ لا تتغير معادلات الحساب والهندسة، باختلاف الأذهان. 
 
([9]) على ان هذا القول باطل أيضاً. 
 
([10]) أو التجربة أوالعلم، ولا مانعة جمع بين الثلاثة. 
 
([11]) فالمبصَر الذي تحوَّل إلى مفهوم (وهو التقاؤهما)، هناك مرجِع يصحِّحه. 
 
([12]) من المرايا ومن الأذهان. 
 
([13]) أي القضية والقياس بصغراه وكبراه.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=563
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأحد 15 ذي القعدة 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28