بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وأهل بيته الطاهرين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.
كيف تغير نفسك نحو الافضل؟
وكيف تسيطر على اعصابك؟
(7)
قال الله العظيم في كتابه الكريم: Pإِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْO[1].
المقدمة: لقد أضحى التغيير من السيّء إلى الحسن، ومن الحسن إلى الأحسن، واحداً من أهمّ التحدّيات والضرورات في هذا العصر، الذي اشتدّت فيه حدّةُ التنافس، وازدادت فيه المخاطر، وتعاضد علينا فيه العدوّ الخارجي والداخلي، وهو النفس، النفس الأمارة بالسوء إلى جوار أصدقاء السوء بل والحكام الظلمة والمستبدون.
ولذلك، كان لا بُدّ من البحث عن أهمّ سُبُله وآليّاته؛ سواء على مستوى تغيير خصال النفس السيّئة من بُخلٍ، وجُبنٍ، وخوفٍ، وحسدٍ، وعُجبٍ، ورِياء، وغرور، وكبرياء، أم على مستوى تغيير أفعالِها السيّئة، كالإدمان على المعاصي كالكذب، والغيبة، وأكل أموال الناس بالباطل، وظلم القريب والبعيد، أم على مستوى تغيير أوضاعنا العامة من تخلف وتحكّم لقوى الاستبداد والظلام المحلية والإقليمية والعالمية على مصائرنا.
وانطلاقًا من الآية الكريمة: Pإِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْO، حيث جرى البحث عن معاني الباءِ الأربعة في (بقوم / بأنفسهم) وهي: المصاحبة، الاستعلاء، التبعيض، الإلصاق.
واسترسل البحث طارحاً فكرة اعتماد مُشجّرة الأسئلة، التي تستهدف صُنع هيكليّة عامّة للبحث واستيعاب أطرافه، وهي عبارة عن ثنائيّات: (ماذا ولماذا؟) و(كيف وهل؟) وثلاثيّات: (أين، متى، وإلى متى؟) و(مَن الفاعل؟ ومَن القابل؟ ولِمَن؟).
وقد استشهد البحث بشواهد طريفة، تأكيدًا لأهميّة تلك النقاط، مستدلًّا بالآيات، والروايات، وبعض الأشعار ثم ختم البحث بملخص لأهم الأفكار.
بصائر على ضوء آية التغيير
المدخل: قبل أن نبدأ الحديث عن بعض آليّات التغيير.. لا بُدّ أن نتوقّف قليلاً عند الآية الكريمة: Pإِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْO، فان الباء في PبِقَوْمٍO وPبِأَنْفُسِهِمْO يحتمل فيها بدواً أربعة معانٍ: المصاحبة، الاستعلاء، التبعيض، الإلصاق.
1- المصاحبة، كقوله تعالى: Pاهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَO[2]، حسب تفسير بعض المفسّرين لها بـ: (أهبط مع سلام)، فعلى هذا فـ: Pإِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْO، يعني ما صاحب أنفسهم من حالاتٍ أو صفاتٍ أو ظروف سواء أكانت مقارِنة أم بدت ملازمة.
2- الاستعلاء، كقوله تعالى: Pوَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَO[3]، بناءً على تفسير بعضهم له بـ: (من إن تأمنه على قنطار)، فلو كان معنى الباء في آية التغيير هو الاستعلاء، لأفاد في جملة ما أفاد أنّ ما علا القوم من قوى استبداديّة وحكومة دكتاتوريّة وسلطات ظالمة، لا يغيّره سبحانه وتعالى حتّى يغيّروا ما علاهم من سيطرة الأنانيّة عليهم وتعاملهم بظلم واستبداد مع من دونهم، سواء أكأنوا عوائلهم أم موظّفيهم أم عمّالهم أم مطلق من لهم عليه سلطة بنحوٍ ما.. ذلك أنّ الجزاء من سِنخ العمل، و(كيفما تكونوا يُولَّى عليكم)، فإذا كان الناس جهّالاً، سُلّط عليهم جاهل، وإذا كانوا ظلمة، سُلِّط عليهم ظالم، وإذا كانوا مُرتشين أو مختلسين، أو مرتشين، أو متحزّبين، سلّط عليهم واحد ممّن يتّصف بصفاتهم... وعليه، فإذا أردنا تغيير قمّة الهرم، فلا بدّ أن نبدأ من قاعدة الهرم.
3- التبعيض: وذلك نظير قوله تعالى: Pوَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْO[4]، أي بعضِ رؤوسكم، أو قوله تعالى: Pعَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجيراًO[5]، أي يشرب بعضَها، على تفسيرٍ، فعلى هذا، فآية التغيير تعني: (لا يغيّر بعض ما بقومٍ حتى يغيّروا بعض ما بأنفسهم)، والأصحّ أن تعني على هذا: (لا يغيّر الذي ببعض القوم حتى يغيّروا الذي ببعضهم)؛ لمكان ورود الباء على قوم وأنفسهم، لا على ما الموصولة – فتدبَّر، فيعني ذلك أنَّ الذي ببعض القوم قد يكون السبب في البلاء الذي عمّهم جميعاً، نظير مَن يخرق السّفينة، فإنهم يعمّهم البلاء حينئذٍ، ولا يخصّه دونهم.
لكنّ هذا المعنى بعيد عن المتفاهم العرفي من الآية الكريمة.
4- الإلصاق، كما سبق، نظير قولك: (بزيدٍ داءٌ)، أي التصق به داء، والأقرب من المعاني في الآية الشريفة هو هذا المعنى، وستجري هندسة البحث على ضوء النقاط التالية:
تحدي التغيير الأكبر
أ- إنّ السؤال الذي ينبغي أن يؤرّق كلَّ واحدٍ منّا هو: كيف نغيّر أنفسَنا، وعوائلنا، وجماعتنا، من عشيرةٍ أو حزبٍ أو تيّارٍ أو منظّمةٍ، نحو الأفضل؟
وكيف نسيطر على أعصابنا، كي لا تنفلت، وعلى القوّة الغضبيّة، كي لا تحرق الأخضر واليابس، وتفسد الودّ القائم، والعلاقات الأخويّة والأسريّة؟ خاصة وأنّ انفلات الأعصاب وشدة سَوْرة حِدّة القوة الغضبية أصبحت من أظهر سِمات هذا العصر.
وكيف نتغلّب على الخوف، والجبن، والحسد، والحقد، والكسل، والوسوسة، وعلى القوّة الشهوية، وعلى الإدمان على المعاصي ورذائل الأخلاق؟
ب- إنَّ (التغيير) هو التحدّي الأعظم، والأكبر، والأخطر، الذي يواجهه كلُّ إنسانٍ طوال أيّام حياتِه، بل قد لا يتوقّف – حتى لساعةٍ واحدة – عن مواجهته.
ج- إن تحدّي التغيير يتجسّد في صورٍ وحالاتٍ: التغيير من السيّئ إلى الحَسَن، ثم من الحَسَن إلى الأحسَن، ثم من الأحسَن إلى الأحسنِ من الأحسَن، والأفضل من الأفضل.. وهكذا دواليك.
فقد يكون المرء حسوداً، أو حقوداً، أو كسولاً، أو جباناً، أو بخيلاً، أو غارقاً في المعاصي، ويريد التغيير ليكون إنساناً سويّاً، صالحاً، لا مغمزَ فيه ولا ملمز.
وقد يكون الفرد عالِماً نحريراً، أو أستاذاً قديراً، أو خطيباً مرموقاً، أو تقيّاً نقيّاً، إلّا أنَّه يواجه بتحدّي أن يتكامل أكثر فأكثر، ذلك أنَّ للكمال مراتب، ولمراتبِه درجات.. بل إنَّ سُلّمَ التكامل لا يقف عند حدّ، فإنَّ الإنسان يمكنه أن يترقّى في الأسباب، أسباب المعنويّات والكمالات، على امتداد سنيّ عمره، وإلى ما شاء الله تعالى.. أفليس من أكبر الخسائر أن يبقى هو، على ما هو عليه مهما كان موقعه، مع أنَّه يمتلك رأسمالاً مذهلاً، لكي يتطوّر أكثر فأكثر؟
بل إنّ الوقوف حيث وصل إليه الإنسان، مهما كان موقعاً مميزاً، يُعدّ خسارةً وتراجعاً، بل وبداية رحلة السقوط.. فإنّ المرء وإن كان واقفاً على القمّة، إلّا أنّ هناك فوق القمة تربض قمّة القمّة، ثمّ قمّة قمّة القمّة، وهكذا، فإذا وقف في مكانه وسار قطار الزمن، ومضى به العمر، فإنه يكون قد خسر رأس ماله (عمره ووقته وطاقاته) دون أن يربح المزيد ثم المزيد.
إذا بقيت على القمة سقطت!
ومن الطريف أنّ بعض أصدقائنا المؤسّسين لإحدى الفضائيّات، قبل أكثر من عقدين من الزمان، تقرّر أن يدخلوا في دوراتٍ تدريبيّة، فكان ممّا قاله المعلّم لهم: إنّكم إذا كنتم في القمّة، من حيث إنتاج البرامج، ومن حيث المشاهدين وغير ذلك، فإنّ عليكم أن تركضوا، كي تزداد برامجكم جَودةً، ويزداد عدد المشاهدين، باستمرار، ذلك أنّ هناك منافسين جادّين.. فإذا وقفتم في مكانكم، حيث أنتم على القمّة الآن فرضاً، فسرعان ما يتقدّم عليكم منافسوكم، وينتزعون منكم قَصَب السَّبق، ويتربّعون على قمّةٍ أعلى، وإذا بكم، بعد أن كنتم الأوّل، تصبحون الثاني، ثمّ الثالث، والرابع، وهكذا..
وهكذا هي مسيرة الحياة.. وهنا مكمن التحدّي الكبير.. تحدّي التغيير: أن تستمرّ في الصعود والتكامل، وتزداد يوماً بعد يوم علماً، ومعرفةً، وعملاً، وعطاءً، وتقدّماً، وأخلاقاً.
د- ولكنّ المشكلة في كثير من الناس أنّهم في مرحلة الدراسة، في كليّة الطبّ أو الهندسة أو الكيمياء والفيزياء مثلاً.. أو في الحوزة العلميّة.. يجدّون ويجتهدون ويثابرون، حتى يتخرّجوا ليُصبحوا أطباء مميّزين، أو خطباء مشهورين، أو أساتذة مرموقين.. حتى إذا تيسّر لهم ذلك بعد جهادٍ وكفاحٍ مرير، ركنوا إلى ما هم عليه، وتراخوا، حيث إنّهم وجدوا أنّهم قد بلغوا المـُنى.. لكنّهم، منذ هذه اللحظة، لحظة استشعار الرضا عن النفس، وعن الخطابة أو الإدارة أو غير ذلك، يكونون قد توقّفوا وبدأوا رحلة التراجع، إذ العلم في تطوّر، وهم واقفون، والآخرون في سباق وتسابق، ألا يكونون حينئذٍ من الخاسرين؟
ثلاثيات التغيير وثنائياته
هـ - ولكي يمكن للإنسان أن يبدأ رحلة التغيير بكفاءة ونجاح، فعليه أن يطرح ما نسمّيه بـ (مشجّرة الأسئلة)، وهي أسئلة مكوَّنة من ثنائيات وثلاثيات:
فالثنائيات هي: (ماذا ولماذا)، و(كيف وهل).
والثلاثيات هي: (مَن، مَن، لِمَن)، ونعني بـ(مَن) الأولى: مَن الفاعل، أي المغيِّر، ونعني بـ(مَن) الثانية: (مَن) القابل، أي المغيَّر، ونعني بـ(لِمَن): المستهدف الآخر.
وهي أيضاً: (أين، ومتى، وإلى متى).
وهذه الثلاثيات والثنائيات محوريّة أيضًا في إعداد كلِّ محاضرةٍ ومنبرٍ أو دراسةٍ وكتاب، فإنَّها تصلح كدليلٍ عام يوجّه الكاتب والخطيب لكي يهندس بحثه على أعمدة، ولكي يصطنع لبحثه هيكليّة متكاملة تضمُّ شتاته من أقصاه إلى أقصاه.
فهي إذًا آليّات منهجيّة للتفكير، كما هي آليّات منهجيّة للكتابة والتأليف والمحاضرات والمنبر إذ أنها تتحول إلى عناوين ومداخل ومحاور.
فكرة بناء هيكل المحاضرة على ضوء مفردات العنوان!
ومن الطريف قبل أن ندخل في أسئلة المشجرة، أن نذكر ما نقله لي أحد العلماء قبل أربعين سنة تقريباً، حيث كان مدعوّاً كضيف شرف في مؤتمر عالمي في إحدى البلاد، وعندما حضر جلس في الصفّ المميّز.
وكان المتكلّمون ممّن قد اتُّفق معهم قبل شهر مثلًا لإلقاء كلمات محدّدة الموضوع، كما هي العادة، ولم يكن اسم هذا العالم مُدرجاً في قائمة المتحدّثين.
يقول: فوجئتُ عندما سمعتُ عريف الحفل يدعوني لإلقاء كلمة تحت عنوان: (الحجّ مؤتمر عالمي!!)، وكان الأمر مفاجئًا تمامًا، إذ إنَّ مثل هذه المؤتمرات التي تحضرها شخصيّات علمائيّة ودبلوماسيّة ووفودٌ من دولٍ عديدة، تحتاج إلى إعدادٍ مكثّفٍ مُسبق.
لكنَّ (الفاس وقع بالراس) حسب المثل المشهور، ولم يكن من المناسب أن يرفض طبعاً..
يقول: أحرجتُ جدًّا، وتحيرتُ ماذا أقول، لكنَّني هداني الله تعالى بفضله وكرمه، وأنا أقوم من مقعدي متّجهًا إلى المنصّة، إلى أن أتّخذ من الكلمات الثلاث مداراً للحديث ومحوراً: (الحج)، (مؤتمر)، (عالمي):
فتحدّثتُ عن (الحج): وأنّه القصد لغةً.. واصطلاحًا.. وعن فوائده: Pلِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْO[6].
ثم عرّجت إلى مفردة (مؤتمر) ومعناه، وأنواعه، وكيف أنَّ الحج يُشكّل مؤتمرًا من أعظم المؤتمرات.
ثم انتقلت إلى عنوان (العالمي) ودلالاته، وأنّ الحج مستوفٍ أكمل الاستيفاء لمقوّمات المؤتمر العالمي.. ولكن يبقى أن علينا سلوك سُبلِ ذلك..
يقول: ولقد لاقت الكلمة استحسان الحضور كثيراً.
أقول: كثيراً ما يعتمد المرء على ذاته، ويرضى عن محاضراته إذا كان قد أعدّ لها إعدادًا جيّدًا؛ فقد يكله الله تعالى حينئذٍ إلى نفسه وإعجابه بها، فلا تكون فيها البركة، وقد يرتجل كلمة، لكنَّه يعلق قلبه بالله تعالى طالباً منه العون، فيجري الله جل اسمه ينابيع الحكمة على لسانه، والبركة في كلماته، فيكون لها الأثر البالغ.
الفرق بين محاضرة خالصة لله تعالى وأخرى ربما شابتها شائبة
وقد جرّبتُ ذلك شخصيًّا... فقد دُعيتُ قبل أكثر من عشرين عاماً إلى إلقاء كلمة في مناسبةٍ مهمّة، يحضرها المئات من العلماء والفضلاء والوجهاء والشخصيّات، وكنتُ قد أعددتُ للكلمة إعدادًا جيّدًا جدًّا، ثم ألقيتُها.. وبعد الانتهاء، وجدتُ الآراء منقسمة: بين من يُثني، ومن ينتقد بعض محاورها أو أسلوبها.
ثم بعد ذلك، كنتُ مدعوًّا إلى مجلس يضمّ نخبة النخبة من شتّى الأطياف والمذاهب والأديان؛ من مسيحيّين ودروز، ومن العامّة والخاصّة، ومن الدبلوماسيّين، وأساتذة الجامعة، والعلماء.
وقد طلب منّي صاحب المجلس، رحمه الله، أن ألقي كلمة، فاعتذرت، إذ كان الفاصل بين الدعوة والإلقاء حوالي يوم واحد، وهو وقتٌ يضيق عادةً عن الاستعداد لكلمة مهمّة، في حضور نوعيٍّ مختلط ومهمّ.
وعندما حضرت كمستمع، ارتقى أحدُهم من أحد الأديان المنصّة، ثم جاء دور مُمثّل الشيعة، فألقى كلمةً كانت دون المستوى بكثير، ممّا سبّب إحراجًا شديدًا لنا، ولصاحب المنزل الذي كان من وجهاء الشيعة، أن يمثّلَنا شخصٌ امتلأت كلمته بالأخطاء، إضافةً إلى أنَّ مضامينها كانت عاديّة جدًّا.. وهنا، وعند أواخر الكلمة، أحسستُ بأنَّه قد يكون من واجبي أن أُلقي كلمةً رصينةً، أسترجع بها مكانة الطائفة.. وهكذا، أشرتُ لصاحب المجلس — وكان يُعِزُّني كثيرًا — أنَّه إن لم يكن لديك مانع، فسألقي كلمة بعد هذا المتكلّم أو متى حدّدتَ.. فوافق بحماس، ودعاني للإلقاء بعد تلك الكلمة مباشرة، ولم يَزِد الوقت الذي حصلت عليه للتحضير عن بضع دقائق، لكنَّني استعنتُ بالله تعالى، إذ كانت الحميّة الدينيّة، والغيرة على المذهب، هي الحافز ولا غير.. وقد هداني الله أن اخترتُ محورًا اجتماعيًّا ذا عمقٍ فلسفيٍّ مميّز، يرتبط بالمناسبة، بحيث يستقطب اهتمام جميع الأطراف وبأعلى الدرجات.
فلمّا نزلتُ من المنبر، ووجهتُ بثناءٍ غير متوقّع من جميع الفرقاء.
والطريف أنَّ أحد الأصدقاء، ممّن كان حاضرًا في المجلس الكبير السابق، وكان ناقدًا له، انشرح بدون حدود لهذه الكلمة، وقال: عجيبٌ أمرك! أين هذه الكلمة من تلك؟! فقلتُ: لعلَّ السبب أنَّ هذه الكلمة كانت خالصةً لله وحده، وأمّا تلك، فلعلّه شابها بعضُ الرضا عن النفس، أو العُجب، أو حبّ الشهرة.
ولنشر إلى بعضها الآن في هذه الحلقة، مرجئين الحديث عن سائرها إلى حلقةٍ قادمةٍ بإذن الله تعالى، أو إلى الكاتب والخطيب ليستكشف بنفسه حال سائرها.
وقد كانت ستةٌ من هذه الأسئلة هي التي طرحها علينا قبل حوالي خمسة عقود[7] أحد أساتذتنا في فن الخطابة، وكنّا لا نزال في مقتبل العمر وريعان الشباب، لكنَّه، كلّما مضى الزمن أكثر، نجد ضرورتها أكثر فأكثر.
ثنائيّا ماذا ولماذا؟
أ- ماذا أو ما هو في حد ذاته أو ما هو تعريفه والمراد منه؟ إذ علينا أن نتساءل أولاً: ما هو التغيير؟
ويمكن الجواب مثلًا بأنه الانتقال من حالةٍ أو صفةٍ — والصفة أكثر رسوخًا من الحالة، بحسب ما اصطلحه بعضهم — أو موقفٍ، أو موقع، أو منصب، إلى صفةٍ أخرى أو موقفٍ أو موقعٍ آخر، وقد يكون المنتقَل إليه أفضل، وقد يكون مساوياً، وقد يكون أسوأ، وهذا الأخير ممّا يمكن أن ندرجه تحت سؤال آخر، وهو: ما هي أنواع التغيير؟ ومنه يظهر أنَّه ليس كل تغيير إيجابيّا، ولا مطلوبًا ومرغوبًا إليه، بل قد يكون سلبيّاً ومرغوباً عنه.
ب- لماذا التغيير؟ ويمكن الجواب بأنّ التغيير مطلوب لأسبابٍ أربعة:
أولاً: لأنّ الفرص متوفّرة، ودرجات الكمال لا متناهية، ومع توفّر الفرص التي تتيح للمرء أن يحلّق نحو درجةٍ أعلى من الكمال والعطاء، أليس من الجهل والنقص أن يبقى حيث هو؟ ولنتصوّر من يدير مؤسسة ناجحة، لكنَّه يستمر على إدارتها بنفس النمط القديم، متغافلًا عن دراسة الأساليب الجديدة في فنّ الإدارة عن بُعد، وفي مهارة الإدارة الجماعيّة، وفي الإدارة عبر فن التفويض... إلخ.
ثانياً: ولأنّ المخاطر متكثّرة، فإنّ للإيمان وللنجاح و... أعداء كثيرين، وإنَّ البقاء على القمّة أصعب من الصعب؛ ذلك أنَّه في كل آن، يمكن أن تَزِلَّ قدم الإنسان، فيهوي إلى أسفل الوادي وبطن الهاوية، ولذلك، فإنّ التغيير ضروري دوماً، ونعني تغيير بعض الظروف أو الشروط أو الأوضاع، التي قد تتحوّل بمرور الزمن من ضمانات بقاء، إلى عوامل فناء.
فلنتصوَّر مثلاً أن يستمرّ شخص باستخدام الحصان متجاهلاً السيّارة، أو يستمرّ آخر باستخدام السيّارة متغافلًا عن الطائرة في المسافات البعيدة، أو يستمرّ ثالث في مطالعة الكتب الورقيّة فقط، متجاهلًا الحاسوب، أو يستمرّ رابع على البحث في (كوكل) ونحوه، متجاهلاً الذكاء الصناعي.
قصة العابد والفاسق اللذين تعاكس مصيرهما
وممّا يبرهن خطورة المستقبل على الإيمان مثلاً، أنَّ من لا يحتاط لتقلّباته قد يسقط في لحظةٍ واحدة، ما نُقل عن شخصين، ولعلّهما كانا في بني إسرائيل، ولعلّها رواية: كانا أخوين، وكان أحدهما عابدًا، والآخر فاسقًا، وكان أحدهما يعيش في الطابق الأعلى، والآخر في الطابق الأسفل، وكلٌّ منهما ماضٍ في حاله ودربه ومسيرته.
واستمرا على هذا الحال مدة طويلة، خمسين سنة مثلاً، فهذا الأخ في طور العبادة، والتهجّد، والتضرّع، والصلاة، والبكاء... وذاك الآخر غارقٌ في المعاصي والفجور.
ثم — وهنا مكمن امتحان الله العسير، ومعادلة حُسنِ العاقبة وسوء العاقبة — خطر ببال الفاسق أن يتوب إلى الرب الجليل توبةً نصوحًا، وأن يذهب إلى أخيه تائبًا، في نفس الوقت الذي خطر ببال العابد العكس، إذ وسوس له الشيطان: إنّك عبدت الله خمسين سنة، فما الذي حصلت عليه؟! وإنّك حرمت نفسك من جميع لذائذ الدنيا، وإلى متى؟
ففكّر أن يلتحق بأخيه كي يلتذّ بالملاهي آخرَ عمرِه.
ومن عجيب القدر، أنَّ أحدهما صعد والآخر نزل في نفس الوقت، فالتقيا في وسط السلّم (الدَّرج): هذا تائبًا، وذاك نادمًا على عبادته، وهنا نزل الأمر الإلهيّ إلى عزرائيل بقبض روحيهما معاً على تلك الحال؛ فذهب التائب إلى الجنّة، إذ كانت توبته نصوحاً، وكان مصير العابدِ إلى النار، إذ أحبط عمله بندمه على عبادته وطاعته، ولعلّه كان قد شكَّك في أصل وجود بارئه، فمات كافراً، فاستحقّ النار: Pكَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَريءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمينَO[8].
إنّ اخطر تحدي يواجه كل إنسان هو تحدي حسن العاقبة.. ويجب أن يستهدف التغيير توفير ضمانات كافية وافية متزايدة وإلا لضاعت جهود الإنسان طوال عشرات السنين أدراج الرياح Pوَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوينَ * وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَO[9].
ولذا ورد في الدعاء الذي يقرأ في عرفة Sوَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ [إِلَهِي] حَاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي وَ إِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِR[10]
ثالثاً: ولأنّ نقاط الضعف متنوّعة، وكثيرًا ما تكون متجذّرة.
رابعاً: ولأنّ نقاط القوّة كثيرًا ما تكون متزعزعة الأساس أو تكون على شفا جرفٍ هارٍ، فتندرج حينئذٍ في المخاطر، أو ببساطة: قد تكون غير كافية لمواجهة الظروف والتحدّيات المستجدّة.
ضرورة دراسة العلّة الغائية والجواب عن لماذا؟
والمحصلّة: إنَّ دراسة العلّة الغائيّة — والتي تشكّل الإجابة عن السؤال بـ (لماذا؟) — أكثر من ضرورية، لأنَّها تشكّل الحافز الأكبر للإنسان للانطلاق نحو التغيير، نحو الأفضل.
ومن الواضح أنَّ مَن لا تتجسّد في مخيّلته فوائد التغيير، من الكسل إلى النشاط، ومن البخل إلى الكرم، ومن الجبن إلى الشجاعة، ومن الوسوسة والجربزيّة إلى الاعتدال، ومن الاستبداد والأنانيّة والظلم والعدوان إلى أضدادها، فإنَّه لا يمكنه عادةً تغيير ما به من سلبيّات، إذ الإدمان لا يمكن اقتلاعه عادةً إلّا بحافزٍ قوي، يشحذ إرادةً فولاذيّةً لا تلين أبداً.
وممّا يؤكّد ضرورة إيلاءِ التغيير نحو الأحسن أبلغ الاهتمام، الحادثة التالية:
فقد كان هناك — قبل عقود قد تصل إلى الثمانية — زميلان في الدراسة، لكنَّ أحدهما أصبح مرجعاً عالميّاً، وكان له وكلاء كثيرون، قيل إنَّهم تجاوزوا الخمسة آلاف وكيل، ولكنّ ذلك الزميل لم يترقّ إلا لكي يصبح أحد وكلائه لا غير!.
فما الذي ميّز هذا على ذاك، حتى صار أحدهما قِمّةً من القِمَم الشامخة، وبقي الآخر في مستوى عادي جدّاً؟
إنَّنا جميعاً في مستقبل أمرنا إمّا أن نكون هذا، أو أن نصير ذاك، والخيار بيد الإنسان، والزمن يمضي سريعاً، وكلُّ ثانيةٍ لها قيمتها، فلننظر كيف نعمل، وإلى أين نصل!.
متى نبدأ التغيير؟ وخطر التسويف
ج- متى نبدأ التغيير؟
والجواب: إبدأ منذ هذه اللحظة؛ ذلك أن أحد أخطر المخاطر على الإنسان هو خطر التسويف فإنّه واحد من أمضى أسلحة إبليس، وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) فيما كتبه إلى بعض أصحابه: Sفَتَدَارَكْ مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ، وَلَا تَقُلْ غَداً أَوْ بَعْدَ غَدٍ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ بِإِقَامَتِهِمْ عَلَى الْأَمَانِيِّ وَالتَّسْوِيفِ حَتَّى أَتَاهُمْ أَمْرُ اللَّهِ بَغْتَةً وَهُمْ غَافِلُونَ، فَنُقِلُوا عَلَى أَعْوَادِهِمْ إِلَى قُبُورِهِمُ الْمُظْلِمَةِ الضَّيِّقَةِR[11].
وعنه أيضاً قال: Sلَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَ[يَرْجُو] يُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَلِ... إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ الْمَعْصِيَةَ وَسَوَّفَ التَّوْبَةَR[12].
وفي مناجاة الإمام زين العابدينَ: Sوَانْقُلْنِي إِلَى دَرَجَةِ التَّوْبَةِ إِلَيْكَ، وَأَعِنِّي بِالْبُكَاءِ عَلَى نَفْسِي، فَقَدْ أَفْنَيْتُ بِالتَّسِّوِيفِ وَالْآمَالِ عُمُرِي، وَقَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الْآيِسِينَ مِنْ خَيْرِي، فَمَنْ يَكُونُ أَسْوَءَ حَالًا مِنِّي إِنْ أَنَا نُقِلْتُ عَلَى مِثْلِ حَالِي إِلَى قَبْرِي لَمْ أُمَهِّدْهُ لِرَقْدَتِي، وَلَمْ أَفْرُشْهُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ لِضَجْعَتِي...R[13].
وقال الإمامُ الباقرُ: Sإِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفَ؛ فَإِنَّهُ بَحْرٌ يَغْرَقُ فِيهِ الْهَلْكَىR[14].
ولنتدبّر في حال ذاك الذي يُسوِّف دفع الخُمس، أو الزكاة، أو الديون، وإذا به يفاجئه الموت، فيندم حيث لا يفيد الندم.
أو ذاك الذي يُسوِّف استرضاء خصومه الذين اغتابهم، أو اتَّهمهم، أو ظلمهم بنحوٍ من الأنحاء، إذ يقول: أتوب وأفعل كذا وكذا غدًا... بعد شهر... بعد سنة... وهو غافل عن أنَّ هذه أحبولة من أحابيل إبليس، حتى يفاجئه عزرائيل.
أو ذاك الذي يُسوِّف قضاء الصلوات، والصيام، والحج، و... وغيرهم ممن يُسوِّف، ويُسوِّف، ويُسوِّف.
واللطيف هو أنّ المستفاد من الروايات هو ضرورة القيام بعكس ما يفعله الناس، إذ إنَّهم يبادرون إلى المعاصي — من غِيبةٍ، وتهمةٍ، و... إلخ — ويُسوِّفون الطاعات، مع أنَّ المستفاد من الروايات، ومن حُكم العقل، هو العكس، أي: إذا عنّت لك معصية، فسَوِّف، وقل: غدًا، أو بعد غد، فإنّ نفس هذا التسويف نوعٌ من الجهاد: Pوَالَّذينَ جاهَدُوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَناO[15]، وكثيرًا ما تزول شهوة المعصية بتأجيلها.
وإذا عرضت لك طاعة، فبادر إليها، مخافةَ أن يتآزر على إغوائك الشياطين — شياطين الجنّ والإنس — لثَنيه عنها.
التسويف الذي ألقى بصاحبه في عمق جهنم
وممّا يُؤكّد خطورة التسويف، الأبيات الثمانية التي قالها عمر بن سعد، مُبرّراً ارتكابه جريمة قتل الإمام الحسين (عليه السلام)، والتي اشتهر منها ثلاثة أبيات فقط، وهي:
فواللّه ما أدري وإني لحائر
|
|
أفكّر في أمري على خطرين
|
أأترك ملك الرّي والرّي منيتي
|
|
أم أرجع مأثوماً بقتل حسين
|
حسين ابن عمي والحوادث جمّة
|
|
لعمري ولي في الرّي قرة عين
|
وإنَّ إله العرش يغفر زلّتي
|
|
ولو كنت فيها أظلم الثقلين
|
ألا إنما الدنيا بخير معجّل
|
|
وما عاقل باع الوجود بدين
|
يقولون إن اللّه خالق جنة
|
|
ونار وتعذيب وغلّ يدين
|
فإن صدقوا فيما يقولون فإنني
|
|
أتوب إلى الرحمن من سنتين
|
وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة
|
|
وملك عظيم دائم الحجلين!!
|
والغريب أنَّه يُحَتِّم على الله تعالى مغفرته لزلته، (ويعتبر قتل سيّد شباب أهل الجنة مجرّد زلة!!)، وإن كان أظلم الثقلين! فشابه بذلك قول اليهود والنصارى: Pوَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْO[16]، ولاحظ استحواذ الشيطان عليه، إذ يرى المعاد مجرّد قول أناس، ثم يُثنّي بقوله: (فإن صدقوا...)! ولاحظ كيف رمى به التسويف إلى قعر جهنّم والعياذ بالله.
الخاتمة: وبذلك، خلصنا إلى أنَّ التغيير يجب أن يكون مدار اهتمامنا، ومحور تفكيرنا، على امتداد ساعات العمر، وأنَّ الذي يقنع بالوقوف على القمّة، سيسبقه المتسابقون، وسوف يتراجع إلى الصفوف الخلفيّة.
وأنَّ التغلّب على سيّئ الخصال، وقبيح الإدمان على الأفعال، ممكن، لكنَّ ذلك مشروطٌ باتّباع آليّاتٍ متكاملة، تأخذ بالإنسان خطوةً فخطوة، نحو النجاح والفلاح، ومنها: طرح مشجّرة الأسئلة، والتعامل معها على طول الخط، وخاصة تجنّب داء التسويف، إضافةً إلى التسلّح بسلاح الفهم الواضح والمعمّق للضرورات الداعية إلى التغيير، والتي تختزلها مفردة (لماذا)، مُعلّلةً بوجود: فرص، ومخاطر، ونقاط قوّة، ونقاط ضعف، كلُّ ذلك، انطلاقًا من قوله تعالى: Pإِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْO، وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
[9] سورة الأعراف: 175-176.
[10] إقبال الأعمال (ط ـ القديمة): ج1 ص347. من أدعية يوم عرفة.
[11] الشيخ الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران: ج2 ص136.
[12] نهج البلاغة: الحكمة 150.
[13] مصباح المتهجد وسلاح المتعبد: ج2 ص591.
|