• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : دروس في التفسير والتدبر ( النجف الاشرف ) .
              • الموضوع : 357-(هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (6) مرجعية العقل والنقل في التأويل .

357-(هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (6) مرجعية العقل والنقل في التأويل

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وأهل بيته الطاهرين، سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم.


مرجعية العقل والنقل في التأويل
(6)

قال الله العظيم في كتابه الكريم: ((هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ في‏ قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْويلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ))([1]).
يدور البحث بإذن الله تعالى عن المرجعيات الكبرى للتأويل السليم والضوابط، والمرجعيات الأساسية هي: العقل الصريح والنقل الصحيح واللسان الفصيح([2]) بالنسبة إلى النصوص والظواهر.. وسيأتي تفصيل الكلام عن ذلك كله.

مرجعية القياس، ولكن بتعبير حداثوي!

ولكنّ بعض المفسرين من الخاصة تبعاً لجمهرة العامة، ذهبوا إلى بعض المرجعيات الأخرى وأهمها مرجعية القياس، ولكن بتعابير حداثوية مع إضافة قيد ارتأوا انّ به تندفع الإشكالات على القياس في عملية استنباط البطون.
قالوا: (إن المراحل الصحيحة لإدراك البطون "المعاني الخفية" عبارة عن:
1- البحث عن هدف الآية.
2- موازنة ذلك الهدف مع الخصوصيات المذكورة في متن الآية.
3- إبقاء ما له علاقة بالهدف وحذف ما ليس له علاقة.
4- استخراج مفهوم كلي من متن الآية يصبّ ضمن هدف الآية، وحذف الخصوصيات المذكورة في الآية، وتطبيق الآية على الموارد المشابهة في كل مكان وزمان.
5- إن هذا المعيار يكون صحيحاً فيما إذا شكل مورد نزول الآية أحد مصاديق المفهوم العام، وأمّا إذا لم تكن هناك مناسبة قريبة بين ظاهر التنزيل والمفهوم العام، فإن مثل هذا الاستنباط يكون من قبيل التأويل الباطل والتفسير بالرأي([3])، ولكي يتضح المطلب بصورة تامّة لا بدّ من مُراجعة الأمثلة المتقدمة)([4]).

بعض تعريفات القياس

أقول: ان النقاط الأربعة الأولى ليست إلا القياس فان القياس هو (إلحاق حكم الفرع بالأصل لعله مشتركة بينهما) أي ان هناك أصلاً ثبت له الحكم وهناك فرع أو نظير أو موضوع مشابه نريد تسرية الحكم إليه فنبحث عن علّة الحكم في الأصل فإذا وجدناها في الفرع حكمنا عليه بنفس حكم الأصل.
وقد عرّفه القاضي أبو بكر الباقلاني بأنه «حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة»([5]). وفي المحصول: «واختاره جمهور المحققين منا»([6]) وقريب منه ما عرّفه به الغزالي([7]))([8]) وحيث استشكل على هذا التعريف بالدور وغيره عدل كلّ من الآمدي وابن الهمام عن ذلك التعريف إلى تعاريف أبعد عن المؤاخذات، فقد عرفه الآمدي بأنه عبارة «عن الاستواء بين الفرع والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل»([9])، وعرّفه ابن الهمام بـ: «هو مساواة محل لآخر في علة حكم له شرعي لا تدرك بمجرد فهم اللغة»([10]))([11]).
وأما عن حجية القياس فقد قال الآمدي: ("وبه([12]) قال السلف من الصحابة، والتابعين، والشافعي، وأبو حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل، وأكثر الفقهاء والمتكلمين"، وخالفهم في ذلك الظاهريّة، حيث أنكروا حجيّة القياس([13]))([14]).
وقال الفخر الرازي: (المراد من قولنا القياس حُجَّةً أنّه إذا حصل ظنٌّ أن حُكْم هذه الصورة مثل حُكْم تلك الصورة فهو مكلَّفٌ بالعمل به في نفسه، ومكلَّفٌ بأن يُفْتِىَ به غيرَه)([15]). فالحجية تابعة للظن إذاً بحسب تصريحه، وقد قال تعالى: ((إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْني‏ مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً))([16]).

مناقشة مرجعية القياس الحداثوي

وعوداً إلى التعبيرات الحداثوية عن القياس نقول: ان كافة المفردات الأربعة السابقة تعاني من إشكاليات أساسية لا يمكن للقائسين الإجابة عنها أبداً.
1- قال: (البحث عن هدف الآية) والهدف عبارة أخرى عن العلّة، ونقول:
أولاً: من أين لنا ان نعلم بان هذا المسمى بالهدف هو علّة وليس حِكمة؟ بتعبير آخر: ان على مدعي العِلّية ان ينفي وجود أية جهة مزاحمة أو هدف آخر يتدافع مع هذا الهدف الذي استكشفناه؟ وذلك هو عنوان (التزاحم) المعروف في علم الأصول([17]).
ثانياً: ولو فرض إنا سلّمنا ان ما استكشفناه علّة، فمن أين لنا أن نعلم بانها العلّة المنحصرة فلعلها عِلّة على سبيل البدل مع علل أو أهداف أخرى تقع في عرضها؟
2- قال: (موازنة ذلك الهدف مع الخصوصيات المذكورة في متن الآية) ونقول:
كيف لنا أن نعرف ان الخصوصيات المذكورة في متن الآية الكريمة هي من قبيل الشرط؟ أو القيد؟ أو انها مجرد ظرف أو صِرف مقارنات أو مشخصات فردية؟ وعلى التقديرين الأولين فهل هي من قبيل الشرط أو القيد المنحصر أو على سبيل البدل؟ والفرق بين الشرط والقيد كبير إذ القيد هو ما ينتفي المقيّد (والحكم) بانتفائه، أما الشرط فلا لأنه التزام في التزام، فمن أين لنا ان نعرف بعقولنا انّ ما ذكره الشارع قيد أو شرط إلا من طريقه هو، وهو خروج عن القياس!!
وإذا اتضح الإشكال على الركنين الأولين، انهدم الركنان الثالث والرابع آلياً، اتوماتيكياً، إذ اننا إذا لم نعرف العلة (المسماة بالهدف) ولا الخصوصيات (وانها شرط أم قيد... إلخ) فكيف نميّز بين ما له علاقة بالهدف لنبقيه وما لا علاقة له لنلغيه؟ وكيف يمكننا استخراج مفهوم كلي يصب في متن الهدف مادام الهدف نفسه لا يعلم انه علّة أو حكمة؟ وانه علّة منحصرة أو على سبيل البدل؟
ثم انه إذا انهدم الركنان الأولان، انهدم الركن الخامس أيضاً إذ انّ مورد نزول الآية وإن شكّل أحد مصاديق المفهوم العام، ولكن من أين نعلم ان لهذا المفهوم العام معارضاً نسبته معه العموم من وجه أو لا؟ وهل له مزاحم في بعض الحالات أو لا؟ فانه يحتمل ان يكون له معارض من وجه وكان شأن النزول مادة افتراقه عن معارضة أو مزاحمة؟ وبوجه آخر: كيف نطبّق هذا المفهوم العام على مصداق آخر لا يعلم انه يجمعه معه جامع نوعي، فلعل الجامع جنسي والحكم للمتفصّل بهذا الفصل دون ذاك؟ بل حتى إذا كان الجامع النوعي موجوداً لكن قد يكون هذا من صنف وذاك من صنف ولكل منها حكمه؟
إلى ذلك كله فإن المقياس يدور مدار الظهور وانطباقه على المصداق عقلاً أو عرفاً، لا المناسبة القريبة، على انه لا ضابط لكون المناسبة قريبة أو لا. فتدبر.

أمثلة توضيحية

ويمكن توضيح ذلك بالأمثلة التالية:

أولاً: الصوم:

قال تعالى: ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))([18]) فإذا بحثنا عن الهدف (وهو الخطوة الأولى) استكشفنا انه مثلاً السيطرة على القوة الشهوية وشبهها فنلغي حينئذٍ خصوصية الصيام عن الطعام، ونعدي الحكم بالوجوب إلى الصيام عن الكلام، وهو (صوم الصمت) ((فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا))([19]) وكان صوم الصمت مشروعاً لدى بعض الأديان السابقة، لكنه ليس مما شُرّع في شريعتنا، وعلى ذلك القياس نحكم بوجوبه، ايلتزم بذلك العامة؟ أو أحد من الخاصة؟ على ان للقائس ان يقول: انّ صوم الصمت أقوى في المفعول وفي تحقيق الهدف من الصوم المعهود؛ وذلك لأن صوم الصمت يتكفل بالسيطرة على القوة الغضبية أيضاً، إذ يمتنع الصائم صوم الصمت عن الكلام البذيء والسباب والحدة في الكلام، أما الصوم عن الطعام فيأجّج القوة الغضبية في الكثير من الناس!
ولئن قيل بان الهدف الذي نستكشفه والذي يقع وراء إيجاب الصوم هو إحساس الأغنياء بجوع الفقراء، وتحفيزهم بذلك لكي يتصدقوا عليهم صدقة واجبة كالزكاة أو مستحبة كغيرها، وبذلك ينخفض الفاصل الطبقي أيضاً باعتباره مقصداً من مقاصد الشريعة؟ قلنا: فَلِمَ وجب الصيام على الفقراء أيضاً؟ ولِمَ وجب على الكريم الجواد الذي يتصدق بأمواله دوماً على الفقراء حتى بأكثر من الواجب الشرعي؟، بل ان إيجاب الصوم على مثله لغو لأنه من طلب الحاصل!
بل نقول: لئن كان ذلك والذي سبقه هو الهدف والعلّة، فلم حُرِّم صومُ الوصال؟ وهو ان تصوم ثلاثة أيام متتالية، مع ان صوم الوصال أقوى من صوم نهار يوم واحد بكثير، في استشعار جوع الفقراء وفي السيطرة على القوة الشهوية.. إلخ! أو نقول: لم لا نجمع صوم الصمت عن الكلام إلى جوار الصوم عن الطعام، لنحصل على مضاعف الأهداف والآثار!
إنّ ذلك كله مما يكشف عن انّ كل ما نعدّه علّة فهو حكمة لا غير، وان الأحكام الشرعية، خاصة في العبادات، تعبدية أما في أصلها أو في خصوصياتها مما يعني اننا لا ندركها بكل ما له مدخلية في تشريعها فكيف نسري الحكم إلى غيرها ونستكشف البطون منها؟

ثانياً: الحج

واللافت في الحج ان الغرض منه مصرح به في القرآن الكريم (( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...))([20]) إذاً هنا علّتان مصرح بهما أ- ((لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)) والمراد بها المنافع الاقتصادية والمالية وربما الاجتماعية وحتى العلمية وشبهها مما يترتب على ما يسمى الآن بالسياحة الدينية ب - و((وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ)) بل حتى لو فكرنا في أهداف أخرى فضممناها أيضاً:
فنقول: حسب القياس: يجب ان يصح ان نقول بوجوب الحج إلى المسجد الأقصى وبيت المقدس مثلاً بل بتعيّنه فيما إذا احتضن هذين الهدفين والمنفعتين بشكل أقوى، كما لو صارت منافعه التجارية والمالية أكبر وصارت شبكة العلاقات الاجتماعية التي يمكن عبرها ان نمد جسور التواصل مع مسلمي العالم وغيرهم، أكبر، وتوفرت أجواء روحانية  أفضل وأشمل بحيث صارت إمكانية ذكرنا لله تعالى هنالك أكبر!!

ثالثاً: الربا

فان الهدف من تحريمه هو مثلاً خفض الفاصل الطبقي وعدم امتصاص الأثرياء لدماء الفقراء (المقترِضين) وشبه ذلك، قال تعالى: ((لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً))([21]) و((الَّذينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ))([22]).
فهل يصح أن يقول أحد اننا ما دمنا استكشفنا علّة تحريمه والهدف وألغينا الخصوصيات فلنا تسرية حكم الأصل (الربا) إلى الفرع بأن نقول بحرمة البيعين والعقدين إذا أفادا فائدته؟ فمثلاً بدلاً من أن يقرضه مائة مليون ويسترجع منه بعد سنة مثلاً مائة وعشرة ملايين، يقوم بالعملية التالية:
أولاً: يقول الثري للفقير أبيعك شقتي الشخصية([23]) بمائة وعشرة ملايين دينار، مع انها تسوى مائة مليون فقط، وحيث انك فقير لا تملك الثمن لذا سيكون البيع نسيئة أي بأن تعطيني الثمن بعد سنة مثلاً، فيُجريان عقد البيع كذلك.
ثانياً: ثم حيث مَلَكَ الفقيرُ هذه الشقة بهذه الطريقة، يبيعها للغني بمائة مليون دينار، فيأخذ منه مائة مليون نقداً وهي المبلغ الذي كان يحتاجه ولكنه بدلاً من ان يقترض ثم يسدد القرض بزيادة 10 ملايين المحرمة، يستعيض عنها بالطريقة المركبة السابقة.
والحاصل: ان الفقير حصل على مائة مليون نقداً (حسب المعاملة الثانية) وعليه ان يدفع للغني مائة وعشرة ملايين بعد سنة (حسب المعاملة الأولى).
مع ان العلماء لا يقولون بحرمة المعاملتين السابقين ما دامتا منفصلتين وإن كانتا متعاقبتين، رغم انهما تحتويان على نفس الغرض من تحريم الربا؟ فكيف صار ذلك؟ وألا يدل على ان علل أحكام الشارع ليست بأيدينا إلا الحِكَم منها، والحكمة غير معمِّمة ولا مخصّصة! هذا

المرجعيات السليمة للتأويل ومعرفة البطون

وأما الضوابط الصحيحة للتأويل فهي:
أولاً: العقل الصريح، ونقصد به ما يحكم به العقل في مستقلاته وهي التي إذا عرضت على العقلاء بما هم عقلاء وجدوها متينة تامة، وبعبارة أخرى: العقل المرجعي، لا المشوب بالهوى وغيره مما أسميناه في بحث آخر بـ(العقل المضاف).
ولنمثّل هنا بمثالين دقيقين لكيفية استخراج البطون القرآنية عبر الرجوع إلى العقل الصريح، وذلك بحسب ما طرحناه في كتاب المعاريض والتورية:

أولاً: دلالة (أحد) على عينية صفات الله لذاته

دلالة (قل هو الله أحد) - لمن يذعن بالقرآن الكريم - على أن صفات الله تعالى عين ذاته؛ وذلك بأن يقال: إن صفات الله سبحانه إن لم تكن عين ذاته فإما أن تكون خارج ذاته، أو جزء ذاته، وعلى التقديرين: إما أن تكون واجبة أو ممكنة، فإن كانت واجبة لزم تعدد القدماء؛ إذ الفرض أن الصفات خارج ذاته وهي واجبة كما هو واجب، وإن كانت جزء ذاته لزم تعدد القدماء أيضاً؛ إذ كل جزء غير الآخر، وكلها واجبة حسب المدعى، إضافة إلى لزوم تركب الواجب من أجزاء، والمركب محتاج إلى أجزائه، فليس بواجب.
وعلى أية حال، فلا يكون حينئذٍ (أحد) بمعنى ما لا جزء له إن قلنا بان صفاته جزء ذاته - وما لا ثاني له، إن قلنا بان صفاته خارج ذاته.
والحاصل: إنه ليس حينئذٍ (أحد) بمعنى الواجب الذي لا ثاني له؛ إذ الخارج ثانٍ، أما الجزء الداخل فانه وإن لم يكن ثانياً([24]) لكنه ينفيه الإذعان بأن الله واجب، والواجب غني بالذات، أما المركب فهو بحاجة إلى أجزائه، فلم يكن غنياً، فلم يكن واجباً هذا خلف)([25]).
وبذلك نكون قد استنبطنا عينية صفاته تعالى لذاته من نفس قوله تعالى (قل هو الله أحد) أي اعتبرنا ظاهر الآية أو نصّها المبنى الذي منه ننطلق ونغوص إلى باطن الأحد وما يتضمنه من عمق وما يعود إليه من عينية صفاته لذاته.

ثانياً: ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) في برهان السبر والتقسيم([26])

ومن أمثلة البطون ومصاديق دلالة الاقتضاء التي هي من مفردات (المعاريض) قوله تعالى ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))([27]) حيث يستدل بها على عدم صحة خلافة أبي بكر وعمر للرسول ((صلى الله عليه و اله وسلم))، احتجاجاً منّا على العامة بهذه الآية، مع إقرارهم بأنهما كانا مشركين قبل إسلامهما([28]) وذلك استناداً إلى برهان السبر والتقسيم، الذي هو من المعاريض أيضاً على حسب عدد من تفسيراته كما سيأتي.

كيف تدل الآية على بطلان خلافة المشرك ولو للحظة؟

توضيحه: إن الصور المحتملة في الآية الشريفة أربعة:
1- أن تكون ذرية إبراهيم (عليه السلام) التي طلب مِن الله تعالى أن يمنحها عهد الإمامة، شخصاً (أو أشخاصاً) ظالماً سابقاً ولاحقاً أي حين منحه الإمامة (هكذا: ظالم ← ظالم).
2- أن يكون عادلاً سابقاً ظالماً لاحقاً، بأن يُقلَّد الإمامة حين ظلمه (هكذا: عادل ← ظالم).
3- أن يكون عادلاً سابقاً ولاحقاً (هكذا: عادل ← عادل).
4- أن يكون ظالماً سابقاً عادلاً لاحقاً (هكذا: ظالم ← عادل).
أما الصورتان الأوليان: فلا يعقل ان يكون إبراهيم (عليه السلام) قد طلبهما من الله تعالى بالبداهة؛ إذ كيف يعقل أن يطلب من الله أن يمنح الإمامة لبعض ذريته وهو ظالم مشرك([29]) الآن، سواء أكان سابقاً ظالماً مشركاً([30]) أم كان عادلاً مؤمناً؟
وأما الصورة الثالثة: فغير مراده قطعاً؛ لأنها خارج منطوق قوله تعالى ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))؛ إذ كيف يطلب إبراهيم من الله أن يمنح الإمامة للعدول الصالحين من ذريته، فيجيبه تعالى بأنه لا يمنحها الظالمين؟ وبعبارة أخرى: إن الصورة الثالثة هي التي يمنحها الله تعالى عهده بالإمامة، فهي بالضد من الجواب.
فانحصر الأمر في الصورة الرابعة، وبها يتم المطلوب؛ إذ حتى لو فرض أن الأوَّلين كانا عدولاً لاحقاً([31]) فإنهما لا يمكن ان يكونا خليفتين؛ لشركهما وظلمهما السابق باعتراف الخصم.
ثمّ إنَّ كون دلالة الآية على نفي الصورة الرابعة من دلالة الاقتضاء، موقوف على عدم القول بصدق المشتق على ما انقضى عنه المبدأ([32]) وإلا لكانت دلالتها بالعموم أو الاطلاق من غير حاجة للتمسك بدلالة الاقتضاء فتدبر)([33]).
وبعبارة أخرى موجزة: الصورتان الأوليان، لا يعقل أن يطلبها مؤمن عادي من الله تعالى فكيف يطلبهما إبراهيم ((عليه السلام))؟ فهما منتفيتان قطعاً.
وأما الصورة الرابعة (التي تنسف إمكانية إمامة أبي بكر وعمر) فلا مناص من كونها هي المقصود بالبحث، لأن الصورة الثالثة لا يعقل ان تكون مرادة لأنها عن المؤمن – المؤمن (المؤمن سابقاً – وحالياً) فكيف لو كان إبراهيم ((عليه السلام)) قد طلبها، يجيبه الله تعالى بـ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))؟ فيبدو أن إبراهيم ((عليه السلام)) طلب الصورة الرابعة (ولهذا الطلب وجه لأنه عادل فعلاً) أو الثالثة والرابعة معاً فأجابه الله تعالى بعدم إمكانية أن ينال عهدُه الظالمين (أي الظالمين سابقاً وإن كانوا مؤمنين لاحقاً) والحاصل: ان قرينة الطلب والجواب تكشف عن انحصارهما في الصورة الثالثة فقط أو عموم الطلب للصورتين الثالثة والرابعة، وإخراج جوابه تعالى الصورة الرابعة، وذلك كله بعد وضوح شمول ((عَهْدِي)) للخلافة عن رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) إما بإطلاقه([34]) أو بملاكه قياساً له على الإمامة، إلزاماً لهم بما التزموا به!

ثانياً: النقل الصحيح

ذلك ان الرسول الأعظم ((صلى الله عليه واله وسلم)) وسائر المعصومين ((عليهم السلام)) هم الراسخون في العلم الذين قال تعالى عنهم ((وَما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)) وهم الذين نزل القرآن في بيوتهم، والثقلان هما اللذان قال عنهما الرسول ((صلى الله عليه واله وسلم)): ((إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ))([35]) والحديث متواتر لدى الفريقين، وقد روي في المآت من المصادر ولعلها تقارب الـ280 مصدراً حسب إحصاء بعض المحققين وهو من أعلى درجات التواتر.
كما ورد عنه ((صلى الله عليه واله وسلم)): ((أَعْلَمُكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ))([36]) و((أَعْلَمُ أُمَّتِي بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب‏))([37]) و((أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ))([38]) فتفسيرهم ((عليهم السلام)) للقرآن وتأويلهم له حجة.

من الروايات المتواترة في علمهم ((عليهم السلام)) بالتأويل كله

كما روى في البصائر بسند صحيح عن أبي الصباح قال: ((وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ C إِنَّ اللَّهَ عَلَّمَ نَبِيَّهُ التَّنْزِيلَ وَالتَّأْوِيلَ، فَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ ((صلى الله عليه واله وسلم)) عَلِيّاً ((عليه السلام))، قَالَ: وَعَلَّمَنَا، وَاللَّهِ))([39]).
وأيضاً بإسناده عن يعقوب بن جعفر قال: ((كُنْتُ مَعَ أَبِي الْحَسَنِ ((عليه السلام)) بِمَكَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّكَ لَتُفَسِّرُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا لَمْ نَسْمَعْ بِهِ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: عَلَيْنَا نَزَلَ قَبْلَ النَّاسِ وَلَنَا فُسِّرَ قَبْلَ أَنْ يُفَسَّرَ فِي النَّاسِ، فَنَحْنُ نَعْرِفُ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ وَسَفَرِيَّهُ وَحَضَرِيَّهُ وَفِي أَيِّ لَيْلَةٍ نَزَلَتْ كَمْ مِنْ آيَةٍ وَفِيمَنْ نَزَلَتْ وَفِيمَا نَزَلَتْ، فَنَحْنُ حُكَمَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَشُهَدَاؤُهُ عَلَى خَلْقِهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ فَالشَّهَادَةُ لَنَا وَالْمَسْأَلَةُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَهَذَا عِلْمُ مَا قَدْ أَنْهَيْتُهُ إِلَيْكَ وَأَدَّيْتُهُ إِلَيْكَ مَا لَزِمَنِي فَإِنْ قَبِلْتَ فَاشْكُرْ وَإِنْ تَرَكْتَ فَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ))([40])
 ومن اللطائف الخبر التالي: عن أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي ((عليه السلام)) قال أمير المؤمنين ((عليه السلام)): ((مَا دَخَلَ رَأْسِي نَوْم وَلَا غُمْض عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ((صلى الله عليه واله وسلم)) حَتَّى عَلِمْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ((صلى الله عليه واله وسلم)) مَا نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ فِيمَا نَزَلَ فِيهِ وَفِيمَنْ نَزَلَ.
فَخَرَجْنَا فَلَقِينَا الْمُعْتَزِلَةَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُمْ فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَقَدْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَغِيبُ عَنْ صَاحِبِهِ فَكَيْفَ يَعْلَمُ هَذَا؟ قَالَ: فَرَجَعْنَا إِلَى زَيْدٍ فَأَخْبَرْنَاهُ بِرَدِّهِمْ عَلَيْنَا، فَقَالَ: كَانَ يَتَحَفَّظُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ((صلى الله عليه واله وسلم)) عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي غَابَ بِهَا فَإِذَا الْتَقَيَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ((صلى الله عليه واله وسلم)) يَا عَلِيُّ نَزَلَ عَلَيَّ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَعُدَّهَا عَلَيْهِ إِلَى آخِرِ الْيَوْمِ الَّذِي وَافَى فِيهِ فَأَخْبَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ))([41]).
وفي الكافي عن جابر عن أبي جعفر ((عليه السلام)) أنّه قال: ((مَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ عِنْدَهُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ غَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ))([42])
وفي رواية أخرى عنه ((عليه السلام)) قال: ((مَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَمَا أُنْزِلَ إِلَّا كَذَّابٌ وَمَا جَمَعَهُ وَحَفِظَهُ كَمَا نَزَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ((عليه السلام)) وَالْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ ((عليه السلام)) ))([43]).
وفي تفسير العياشي عن الصادق ((عليه السلام)) قال: ((إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ يَبْعَثُ فِينَا مَنْ يَعْلَمُ كِتَابَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَإِنَّ عِنْدَنَا مِنْ حَلَالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ مَا يَسَعُنَا مِنْ كِتْمَانِهِ مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُحَدِّثَ بِهِ أَحَداً))([44])
وفي رواية عن الإمام الباقر ((عليه السلام)): ((إِنَّ مِنْ عِلْمِ مَا أُوتِينَا تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وَأَحْكَامَهُ وَعِلْمَ تَغْيِيرِ الزَّمَانِ وَحَدَثَانِهِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ خَيْراً أَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ لَوَلَّى مُعْرِضاً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْ ثُمَّ أَمْسَكَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ وَجَدْنَا أَوْعِيَةً أَوْ مُسْتَرَاحاً لَقُلْنَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ))([45]).
وفي كتاب بشارة المصطفى بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: ((لَمَّا بُويِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ((عليه السلام)) بِالْخِلَافَةِ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ مُعْتَمّاً بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ ((صلى الله عليه واله وسلم)) لَابِساً بُرْدَيْهِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَأَنْذَرَ ثُمَّ جَلَسَ مُتَمَكِّناً وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَوَضَعَهُمَا أَسْفَلَ سُرَّتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي سَلُونِي فَإِنَّ عِنْدِي عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ ثُنِيَ لِيَ الْوِسَادَةُ لَحَكَمْتُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْفُرْقَانِ بِفُرْقَانِهِمْ حَتَّى يَزْهَرَ كُلُّ كِتَابٍ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ وَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّ عَلِيّاً قَضَى بِقَضَائِكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ وَتَأْوِيلِهِ مِنْ كُلِّ مُدَّعٍ عِلْمَهُ وَلَوْ لَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ آيَةٍ آيَةٍ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِوَقْتِ نُزُولِهَا وَفِيمَ نَزَلَتْ وَأَنْبَأْتُكُمْ بِنَاسِخِهَا مِنْ مَنْسُوخِهَا وَخَاصِّهَا مِنْ عَامِّهَا وَمُحْكَمِهَا مِنْ مُتَشَابِهِهَا وَمَكِّيِّهَا مِنْ مَدَنِيِّهَا وَاللَّهِ مَا مِنْ فِئَةٍ تَضِلُّ أَوْ تَهْدِي إِلَّا وَأَنَا أَعْرِفُ قَائِدَهَا وَسَائِقَهَا وَنَاعِقَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))([46])
وفي كتاب قوت القلوب قال علي ((عليه السلام)): ((لَوْ شِئْتُ لَأَوْقَرْتُ سَبْعِينَ بَعِيراً فِي تَفْسِيرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ))([47])
وفي البصائر عن الأصبغ قال: قال علي ((عليه السلام)): ((لَوْ كُسِرَتْ لِي وِسَادَةٌ فَقَعَدْتُ عَلَيْهَا لَقَضَيْتُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَأَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ وَأَهْلِ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ وَأَهْلِ الْفُرْقَانِ بِفُرْقَانِهِمْ بِقَضَاءٍ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ يَزْهَرُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَنْ أُنْزِلَتْ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَرَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَوَاسِي مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا وَقَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَسُوقُهُ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ إِلَى النَّارِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِيكَ قَالَ لَهُ: أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: ((أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ))([48]) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ((صلى الله عليه واله وسلم)) عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَأَنَا شَاهِدٌ لَهُ فِيهِ وَأَتْلُوهُ مَعَهُ))([49])

أما غيرهم ((عليهم السلام)) فجاهل بالتأويل، أبو حنيفة مثالاً

والحاصل: انهم ((عليهم السلام)) لإحاطتهم بالكتاب كله، كان تفسيرهم وتأويلهم حجة عكس غيرهم ممن لم يأخذ عنهم.
وفي علل الشرائع من قوله ((عليه السلام)) لأبي حنيفة بعدما سأله: ((تَعْرِفُ كِتَابَ اللَّهِ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَتَعْرِفُ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ لَقَدِ ادَّعَيْتَ عِلْماً وَيْلَكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ، وَيْلَكَ وَلَا هُوَ إِلَّا عِنْدَ الْخَاصِّ مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّنَا ((صلى الله عليه واله وسلم))، مَا وَرَّثَكَ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ حَرْفاً))([50]).
وقوله ((عليه السلام)): ((مَا وَرَّثَكَ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ حَرْفاً)) ربما يقصد:
أ- حرفاً من تأويله ومن متشابهاته.
ب- أو المقصود انه لا يعرف من معاني كتابه حرفاً من غير طريقهم ((عليهم السلام)) فما عرفه من الكتاب فإنما عرفه من الإمام الصادق ((عليه السلام)) إذ انه تتلمذ على يديه حتى قال: (لولا السنتان لهلك النعمان).
ج- أو المراد المعرفة بحدودها.
د- أو المراد المعرفة التي يعذر فيها وفي إسناد تفسيره للآيات إلى الله تعالى فانه حيث لم يأخذه من الطريق الصحيح فانه حتى لو أصاب أحياناً فانه حينئذٍ يكون كـ((رَجُلٌ قَضَى بِالْحَقِّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ))([51]) وقد روى العياشي أيضاً عن الصادق ((عليه السلام)) قال: ((مَنْ فَسَّرَ الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِ إِنْ أَصَابَ لَمْ يُؤْجَرْ وَإِنْ أَخْطَأَ فَهُوَى أَبْعَدُ مِنَ السَّمَاءِ))([52]).

قتادة مثالاً آخر

وعن زيد الشحام قال: ((دَخَلَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ((عليه السلام)) فَقَالَ يَا قَتَادَةُ أَنْتَ فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ هَكَذَا يَزْعُمُونَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ((عليه السلام)) بَلَغَنِي أَنَّكَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ فَقَالَ لَهُ قَتَادَةُ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ((عليه السلام)) بِعِلْمٍ تُفَسِّرُهُ أَمْ بِجَهْلٍ قَالَ لَا بِعِلْمٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ((عليه السلام)) فَإِنْ كُنْتَ تُفَسِّرُهُ بِعِلْمٍ فَأَنْتَ أَنْتَ وَأَنَا أَسْأَلُكَ قَالَ قَتَادَةُ سَلْ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سَبَإٍ ((وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)) فَقَالَ قَتَادَةُ ذَلِكَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلَالٍ وَرَاحِلَةٍ وَكِرَاءٍ حَلَالٍ يُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ كَانَ آمِناً حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ((عليه السلام)) نَشَدْتُكَ اللَّهَ يَا قَتَادَةُ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلَالٍ وَرَاحِلَةٍ وَكِرَاءٍ حَلَالٍ يُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ فَيُقْطَعُ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ فَتُذْهَبُ نَفَقَتُهُ وَيُضْرَبُ مَعَ ذَلِكَ ضَرْبَةً فِيهَا اجْتِيَاحُهُ قَالَ قَتَادَةُ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ((عليه السلام)) وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا فَسَّرْتَ الْقُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ فَقَدْ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَهُ مِنَ الرِّجَالِ فَقَدْ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ...))([53])
نموذج لتأويلهم ((عليه السلام)) ((فَلَمَّا آسَفُونا))
وعلى ذلك فان تفسيرهم وتأويلهم ((عليهم السلام)) حجة وإن بدا لنا انه خلاف الظاهر، ولنضرب لذلك مثلاً:
فقد روى الكليني في الصحيح عن حمزة بن بزيع عن أبي عبد الله ((عليه السلام)) ((فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ((فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ))([54]) فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَأْسَفُ كَأَسَفِنَا وَلَكِنَّهُ خَلَقَ أَوْلِيَاءَ لِنَفْسِهِ يَأْسَفُونَ وَيَرْضَوْنَ وَهُمْ مَخْلُوقُونَ مَرْبُوبُونَ فَجَعَلَ رِضَاهُمْ رِضَا نَفْسِهِ وَسَخَطَهُمْ سَخَطَ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُمُ الدُّعَاةَ إِلَيْهِ وَ الْأَدِلَّاءَ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ صَارُوا كَذَلِكَ وَلَيْسَ أَنَّ ذَلِكَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ كَمَا يَصِلُ إِلَى خَلْقِهِ لَكِنْ هَذَا مَعْنَى مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ: مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَدَعَانِي إِلَيْهَا وَقَالَ: ((مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ)). وَقَالَ: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)) فَكُلُّ هَذَا وَشِبْهُهُ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَ هَكَذَا الرِّضَا وَ الْغَضَبُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَشْيَاءِ مِمَّا يُشَاكِلُ ذَلِكَ))([55]).

إيضاح وبرهنة

وتوضيحه: ان الرضا والغضب والأسف ونظائرها من الصفات النفسية وهي من الحالات المتغيرة التي تتراوح على الإنسان والحيوان وبعض ما يشعر من الممكنات، إلا ان عروضها على الله تعالى وإتصافه بها مستحيل وإلا لكان محلّاً للحوادث ومحل الحوادث حادث.
بوجه آخر: هذه الصفات إما حادثة أو قديمة، فإن قلنا انها قديمة لزم تعدد القدماء (فإن قيل بانها بأجمعها واجبة لزم تعدد واجب الوجود، وان قيل بانها ممكنة قلنا يستحيل ان يكون الممكن قديماً وإلا لما كان ممكناً ولا يكفي القول بالحدوث الذاتي في رفع الإشكال إذ ثبت في محله الحدوث الزماني لكل ممكن وإلا لكان واجباً أو كان لازماً ذاتياً بذاتيِّ باب البرهان لذاته تعالى أو كان الواجب مُقسَراً مجبراً على إصداره وكلها مما تنافي وجوب وجوده أو بساطته أو قدرته. فتدبر).
وإن قلنا بكونها حادثة لزم منه ان يكون تعالى محلّاً للحوادث، ومحل الحادث حادث كما سبق، كما انه يكون حينئذٍ محتاجاً إليها، وهو محال.
وعليه: حيث ثبت استحالة إتصافه تعالى بصفات كالأسف والغضب فلا بد من التجوز بأحد نحوين:
الأول: المذكور في الرواية وحاصله انه من المجاز في الحذف وان معنى ((فَلَمَّا آسَفُونا)) هو: (آسفوا أولياءنا).
الثاني: ما وجّه به بعض العلماء أمثال هذه الصفات بانّ: ((آسَفُونا)) أي فعلوا فعل من يُؤسِف غيره، وإن لم يكن الله تعالى ممن يأسَف بفعلهم، و((غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)) أي فعل بهم فعل الغضبان من غير ان تعتريه صفة الغضب، وهذا من المجاز في الكلمة، والأول أولى لورود النص به.
وقال في البرهان: (وهكذا كثيراً يطلق تجوزاً على مقربي الرجل وأعوانه أسامي جوارحه وأعضائه وسائر ما يختص به في النفع كما يقال للوزير الكامل المقرب عند السلطان النافع له جداً إنه يده وسيفه وعينه، وهكذا بناء على أنه في الدفع والنفع والقرب والعزة مثل ذلك حتى إنه قد يقال إنه روحه ونفسه بل ربما يقال إنه السلطان تجوزاً بمعنى أنه جعل إطاعته ومخالفته مخالفته بحيث لا يرضى بغير ذلك)([56]).
والحاصل: ان أي تأويل ورد به النص الصحيح عن الراسخين في العلم ((عليهم السلام)) فهو حجة لأنهم حملة القرآن الذين أودعوا علمه وظاهره وباطنه والذين أمرنا الله ورسوله ان نأخذ عنهم وبه يشهد حديث الثقلين (( لَنْ يَفْتَرِقَا)) ظاهراً وباطناً، علماً وعملاً، أصلاً وشرحاً وتفسيراً وتأويلاً... وللبحث صلة بإذن الله تعالى.


وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

----------------------------------------------------------------------------------


([1]) سورة آل عمران: الآية 7.
([2]) ونقصد به (لسان القوم) في الآية الكريمة ((وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ)) (سورة إبراهيم: الآية 4).
([3]) استفدنا هذه المسألة من المباحث المنشورة تحت عنوان (التأويل والبطن)، لآية الله محمد هادي معرفة.
([4]) محمد علي الرضائي الاصفهاني/ تعريب: قاسم البيضاني، دروس في المناهج والاتجاهات التفسيرية للقرآن، مركز المصطفى ((صلى الله عليه واله وسلم)) العالمي للترجمة والنشر، ص259-260.
([5])  إرشاد الفحول : ص ١٩٨.
([6]) المصدر السابق.
([7]) المستصفى : ٢ ـ ٥٤.
([8]) السيد محمد تقي الحكيم، الأصول العامّة للفقه المقارن، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، ج1 ص290.
([9]) الإحكام : ٣ ـ ٤.
([10]) سلم الوصول : ص ٢٧٤.
([11]) السيد محمد تقي الحكيم، الأصول العامّة للفقه المقارن، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، ج1 ص290-291 بتصرف بسيط.
([12]) أي بحجية القياس.
([13]) ^ أ ب ت بلقاسم الزبيدي، الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية، صفحة 384-385. بتصرّف.
([14]) موقع https://mawdoo3.com تحت عنوان (تعريف القياس في الفقه الإسلامي).
([15]) فخر الدين الرازي، المحصول، الناشر: مؤسسة الرسالة، ج5 ص20.
([16]) سورة النجم: الآية 28.
([17]) تراجع مباحث التزاحم في موقع مؤسسة التقى الثقافية m-alshirazi.com.
([18]) سورة البقرة: الآية 183.
([19]) سورة مريم: الآية 26.
([20]) سورة الحج: الآية 27-28.
([21]) سورة آل عمران: الآية 130.
([22]) سورة البقرة: الآية 275.
([23]) أو سيارتي أو أي شيء آخر.
([24]) بل هو ثان لدى الدقة، والتركب وهمي، ثم هل الجزء الثاني - إذ لا يمكن تركب الكل من جزء واحد هذا خلف - واجب أم ممكن؟ وعلى الأول يلزم تعدد القدماء، وعلى الثاني يلزم أن لا يكون الكل واجباً؛ إذ المركب من الواجب والممكن ممكن؛ لأن النتيجة تتبع أخس المقدمتين.
([25]) السيد مرتضى الحسيني الشيرازي، المعاريض والتورية، منشورات دليل ما ـ تهران، ص116-117.
([26]) وكونه من المعاريض.
([27]) سورة البقرة: الآية 124.
([28]) من غير توقف احتجاجنا عليهم على إثبات أن إسلامهما كان ظاهرياً فقط، بل يكفي إقرارهم بسجودهما للصنم ولو مرة واحدة قبل الإسلام، وإن ادعوا أنهما أسلما حقيقة فيما بعد، وذلك لأن إقرارهم بشركهما - ولو للحظة قديماً - كافٍ في إلزامهم ببطلان خلافتهما؛ لقوله تعالى ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) بالبيان الآتي في المتن وبغيره.
([29]) إذ ((إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظيمٌ)) سورة لقمان: 13.
([30]) وهي الصورة الأولى.
([31]) أي: في الزمن الذي يراد منحهما الإمامة، أي: بعد شهادة الرسول ((صلى الله عليه واله وسلم)).
([32]) فيكون برهان السبر والتقسيم هو الدليل على التجوز، واستعمال الظالمين حتى فيما انقضى عنه المبدأ، لا بلحاظ حال التلبس؛ إذ يراد نفي العهد عنه حتى بعد انقضاء التلبس.
([33]) السيد مرتضى الحسيني الشيرازي، المعاريض والتورية، منشورات دليل ما ـ تهران، ص102-103.
([34]) والسؤال في الآية الكريمة لا يخصص إطلاق الجواب، إذ السياق ليس بحجة و...
([35]) الاحتجاج، ج1 ص262.
([36]) الكافي: ج7 ص423،  
([37]) المناقب الفصل السابع ص40، ورواه المتقي في منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص33. ورواه البدخشي في مفتاح النجاء ص85 تحفة المحبين ص187، والمتقي في كنز العمال ج11 ص614 طبع حلب.
([38]) الاحتجاج، ج2 ص353.
([39]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ج7 ص442، وبصائر الدرجات، ص295.
([40]) بصائر الدرجات، ص198.
([41]) المصدر، ص197.
([42]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ج1 ص288.
([43]) المصدر.
([44]) محمد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي، المطبعة العلمية ـ طهران، ج1 ص16.
([45]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ج1 ص229.
([46]) الشيخ المفيد، الإرشاد، المؤتمر للشيخ المفيد ـ قم، ج1 ص34، وعنه بحار الأنوار: ج40 ص144.
([47]) محمد بن شهر آشوب المازندراني، مناقب آل أبي طالب ((عليه السلام))، مؤسسة العلامة للنشر ـ قم، ج2 ص43.
([48]) سورة هود: الآية 17.
([49]) محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، بصائر الدرجات، مكتبة آية الله المرعشي ـ قم، ص132-133. وعنه بحار الأنوار: ج35 ص387.
([50]) الشيخ الصدوق، علل الشرائع، مكتبة الداوري ـ قم، ج1 ص90.
([51]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ج7 ص407.
([52]) محمد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي، المطبعة العلمية ـ طهران، ج1 ص17، وعنه بحار الأنوار: ج89 ص110.
([53]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ج8 ص311.
([54]) سورة الزخرف، الآية55.
([55]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ج1 ص144.
([56]) مقدمة تفسير البرهان، حققه وعلّق عليه لجنة من العلماء والمحققين الاخصائيين، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، المقدمة ص21.


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=4375
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 20 ربيع الأخر 1444هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29