• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 320- فائدة لغوية: الاحتمالات في معنى (قول الزور) .

320- فائدة لغوية: الاحتمالات في معنى (قول الزور)

الاحتمالات في معنى (قول الزور)[1].
اعداد: الشيخ محمد علي الفدائي

هناك احتمالات في المعنى الذي وضع له عبارة (قول الزور) تؤثر في صحة الاستدلال بقوله تعالى ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾[2] على حرمة الكذب بقول مطلق.
أول الاحتمالات: ان يكون قول الزور موضوعاً حقيقة للكذب فقط
وذلك لظهوره في الكذب، لكنه استعمل في غيره من المعاني بعلاقة مصححة له، فتكون بقية المعاني كـ الغناء والشرك وغيرهما مجازية.
وعليه: فيصح التمسك بالآية على حرمة مطلق الكذب لكونها دالة على المراد حينئذٍ؛ فإن الاستعمال الثاني المجازي لم يغلب الأول فيبقى المعنى الأول هو الظاهر مع عدم قرينة صارفة.
الثاني: أن قول الزور موضوع للجامع؛ وفي المعنى الجامع وجهان:
الوجه الاول: أن يكون الجامع هو (الباطل)، وعلى هذا يكون الاستدلال بالآية تاماً؛ لأن الكذب باطل، كذلك الكذب مزاحاً لأنه ليس من الحق قطعاً، فيكون من أقسام الباطل إذ لا ثالث لهما، ولو بنظر العرف[3]، وكذلك الحال في القصص المخترعة، وكونها هادفة عنوان ثانوي مزاحم، وكذلك الكذب على الزوجة، فتكون من الباطل الحرام.
الوجه الثاني: أن الجـامع هو (الميل)، كما يظهر من معجم مقاييس اللغة[4]، وعليه يصح الاستدلال ايضاً بها؛ لكون المعنى حينئذٍ: اجتنبوا القول المائل بكم عن الحق والواقع، والكذب منه، لكونه قولاً مائلاً عن مطابقة الواقع.
الثالث: أن قول الزور مشترك لفظي، وحينئذ قد يتوهم عدم صحة التمسك بالآية دليلاً على المدعى، للترديد بين معاني (قول الزور) مع عدم القرينة على احدها، فيكون مجملاً لا يستند إليه.
لكن حتى مع البناء على هذا الإحتمال يصح الاستدلال بالآية على حرمة مطلق الكذب، لأن توهم الاجمال في المراد من المشترك اللفظي غير وارد، وذلك لما حقق في محله من بحث استعمال اللفظ في أكثر من معنى، فقد قلنا بجوازه.
بل حتى على القول بالمنع من الاستعمال كذلك، يمكن الاستدلال به على حرمة مطلق الكذب، لأنه إنما يمنع فيما إذا كان كل معنى منها هو تمام المراد، وأما إذا كان كل من المعاني المتعددة بعض المراد فلا إشكال فيه، كما في دلالة الإنسان على أجزائه، فإن كل جزء منه مرادٌ لكنه ليس تمام المراد من الانسان، بل بعضه، وبالتالي فالاستعمال في اكثر من معنى ممكن؛ لأنه ليس إفناء للفظ في المعنى الواحد، بل هو على نحو الإشارة إلى معانيه المعتددة.
بل وإن كان إفناءً صح؛ وذلك لأن إفناء الواحد في شيء بعد فنائه في آخر انما يكون محالاً لو كان إفناءً حقيقياً، أما الاعتباري كما نحن فيه فلا محالية في ذلك.
وعلى ذلك: يكون الكذب من ضمن المعاني المرادة بالإشارة اليها من (قول الزور)، فيشمله الأمر بالاجتناب المطلق.
والحاصل: إنه على الاحتمالات الثلاث المتصورة في المقام يمكن الاستناد بالآية من هذه الجهة لإثبات حرمة الكذب بقول مطلق.


----------
[1] اقتباس من كتاب "حرمة الكذب ومستثنياته" لسماحة السيد مرتضى الشيرازي: ص٥٩-٦١.
[2] سورة الحج: الآية ٣٠.
[3] وفي هذه الدعوى مجال للتأمل كما قال به سماحة السيد في كتابه: ص٦٠
[4] معجم مقاييس اللغة: ج٣ ص٣٦

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=3391
  • تاريخ إضافة الموضوع : 14 جمادى الأول 1440هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29