• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 213- بحث عن ان شرط الفعل هل يولد حقاً ؟ وعن انه لو ولده فهل يستلزم حق النقل وان كان له حق الاسقاط ؟ .

213- بحث عن ان شرط الفعل هل يولد حقاً ؟ وعن انه لو ولده فهل يستلزم حق النقل وان كان له حق الاسقاط ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(213)


كيف يولّد شرط النتيجة الحكمَ الوضعي؟
وحاصل دعوى ان الشرط يولّد الحق، بعبارة أخرى، هي: ان الشرط اما شرط النتيجة واما شرط الفعل، اما شرط النتيجة فانه يولّد الحكم الوضعي بالبداهة فكما ان البيع يولد الملكيّة (وهي حكم وضعي) والوكالة تنتج كونه وكيلاً عنك وهو حكم وضعي، فكذلك شرط النتيجة فانه بمنزلة الأسباب الأخرى لمسبباتها الوضعية كما لو اشترط عليه حين البيع ان يكون وكيلاً عنه فانه يكون وكيلاً عنه أو اشترط عليه ان تكون هذه الدار مؤجرة له أو مملوكة له، نعم بعض المسببات شرع لها الشرع أسباباً خاصة، كالنكاح، فلا يترتب الأثر والحكم والوضعي إلا بألفاظ خاصة لا بمثل شرط النتيجة وهذا ما سيأتي الكلام عنه بإذن الله تعالى.

كيفية توليد شرط الفعل للحكم الوضعي
واما شرط الفعل فانه وإن كان بالمدلول المطابقي لا يفيد إلا الحكم التكليفي فانه إذا اشترط عليه في ضمن عقد البيع مثلاً ان يوكِّله في كذا أو اشترط في ضمن عقد الخلوّ ان يوكِّله في تأجير المحل لنفسه أو لغيره، عند انتهاء المدة لمن شاء بأي ثمن شاء دون الرجوع للمالك، فانه ينتج وجوب الوفاء بالشرط وحرمة التخلف، لكنه بالمدلول الالتزامي، أو بدلالة الاقتضاء، يفيد عرفاً الحكم الوضعي أيضاً، بل قد يقال ان الشرط يفيدهما 1 في عرض واحد.

1- لأن للمشروط له إسقاط الشرط
ويمكن الاستدلال عليه بأمرين:
أحدهما ما ذكره ههنا: من ان للمشروط له إسقاط الشرط، والحكم التكليفي لا يمكن إسقاطه، فهو حكم وضعي إذاً أو يتضمنّه.

2- ولأن له رفع الأمر للحاكم ليجبره على الوفاء
ثانيهما: ما ذكره في موضع آخر – بعبارة أخرى وإن لم يعتبره دليلاً على المقام – من انه ما دام شرط للغير ان يوكّله مثلاً، فإذا لم يفعل أو وكله وعزله (وكان قد شرط الوكالة اللازمة) فان للحاكم الشرعي أن يجبره على التوكيل، هذا ما ذكره، ويمكن أن يُتمَّم بانه لو لم يكن للمشروط له حق وضعي لما صح ان يلجأ، دون غيره، للحاكم ليجبره على التوكيل، إذ لو كان حكماً محضاً فانه وإن أمكن للحاكم ان يجبره، من باب الحسبة، لكن المشروط له وغيره يكونان سيان ككل منكر آخر اجترحه شخص، اما في خصوص المقام فان للمشروط له خاصة المطالبة بالإجبار.

الأجوبة:
ولكن هذا الوجه غير مجدٍ فانه وإن سلمنا تماميته وان شرط الفعل يولد حقاً وراء الحكم التكليفي وان صحة إسقاطه شاهد على انه حق، إلا انه غير مجدٍ لتصحيح السرقفلية ولا غيرها أبداً (كما لو شرط لها في ضمن العقد ان يوكلها في الطلاق).

1- صحة جبره لا ينتج الوكالة بالفعل قبله
إذ يرد عليه أولاً: انه إن لم يوكلها في الطلاق أي إن لم يلتزم بالعمل بالشرط فهل تكون وكيلة عنه قهراً (آلياً)  2 أو إن لم يوكله في تأجير المحل للغير فهل يكون وكيله قهراً؟ وهل له التأجير عن نفسه أو عن المالك؟ لا مجال للقول بذلك، مع ان مبنى السرقفلية على عكس ذلك 3 ومبنى اشتراطها التوكيل على الأكثر من ذلك.

فلا يجدي ذلك في أغلب المواطن
غاية الأمر في تلك الأمثلة ان له ولها ان ترجع للحاكم الشرعي ليجبره على التوكيل لكن ذلك لا يجدي في أكثر الأحيان لأن الكثير من الناس يتحرج من الشكوى على شريكه أو صاحبه لدى القضاء، ثم انه كثيراً ما لا يوجد حاكم شرع مبسوط اليد قادر على الجبر، ثم انه كثيراً ما لو وجد واشتكت عليه لا يخضع الشارط لما أجبر عليه فيسجن مثلاً ثم ان عصى وشخّص الحاكم المصلحة أعمل ولايته – على القول بها – ووكّلها أو وكله نيابة، لكن ذلك كله، كما ترى، خلاف مجرى السرقفليات المتعارفة فلا يتكفل تخريج شرط الفعل بحلّ مشكلة كيفية وقوعها صحيحة ونفوذ تصرفات المستأجر في تأجير المحل للغير بدون الرجوع للحاكم الشرعي وبدون جبر الشارط، ثم انه وإن أمكن لكنه في الجملة.
ونضيف: ان للشرط ثمرة أخرى من حيث الحكم الوضعي وهي ان للمشروط له المطالبة بتعويض إن طلب الشارط منه إسقاط حقه، لكن هذا أيضاً وإن كان ثمرة لكنه غير مجدٍ لتصحيح تأجيره لثالث أو لطلاقها لنفسها مادامت مصرة عليه ولا تريد التنازل إلى العوض.

2- صحة الإسقاط لا يستلزم صحة النقل
وثانياً: ان تمكّن المشروط له من الإسقاط أعم من تمكنه من إعمال مقتضى الشرط ومن تمكنه على النقل، وقد فصلنا ذلك في بحث الحقوق فراجع، ونكتفي ههنا بذكر بعض الأمثلة الفقهية الشاهدة على عدم التلازم بين الأمرين وانه قد يصح إسقاط الحق ولكن لا يصح نقله فلا يصح الاستشهاد على الأخير ولا على ان له حقاً في العمل على حسب مقتضى الشرط، بالأول:

صحة إسقاط حق الملامسة وعدم صحة نقله
فمنها: ان الزوجة لها حق الملامسة والجماع مرة في كل أربعة أشهر على المشهور، وحسب المعاشرة بالمعروف على رأي السيدين الوالد والعم، وللزوجة إسقاطه مقابل ثمن أو لا، لكن ليس لها نقله حتى للزوجة الثانية حتى بصلح ونحوه ليكون لها – اي للثانية – على الزوج حقان: حق مجامعتها مرتين: مرة من جهة حقها الذاتي ومرة من جهة الحق المنتقل إليها.

صحة إسقاط حق الاختصاص دون نقله
ومنها: ان من سبق إلى مكان في مسجد أو حرم أو مدرسة فله إسقاطه بان يتخلى عن المكان ويذهب فيزول حق الاختصاص ويرجع للاباحة الأصلية لكل أحد، بثمنٍ صلحاً أو حتى بيعاً خلافاً للمشهور، أو لا بثمن، لكن ليس له نقله حتى بصلح بان يأخذ منه مبلغاً لينقله للغير، بل مادام جالساً فله الحق فان انتقل سقط حقه فكيف ينقل الحق الذي بين ما هو لازم له – مادام جالساً – وما ليس له – إذا انتقل -؟ هذا حسب المشهور وان تأملنا فيه في محله.

صحة إسقاط حق القصاص دون نقله
ومنها: حق القصاص فان له ان يسقطه، لكنه ليس له نقله إلى الغير بان يصالحه بان يعطيه كذا من المال ليكون حق القصاص أو العفو له – أي للثالث الأجنبي -.

حق إسقاط حق الحيازة دون نقلها
ومنها: حق الحيازة فان له ان يسقط حقه في الحيازة مقابل مالٍ أو غيره، فيبتعد عن المنطقة (النهر أو الغابة مثلاً) ليخلو المكان لغيره فيحوز كل ما فيه، لكنه ليس له نقله للغير ليكون لهذا الغير حقان في الحيازة: حقه والحق المنتقل إليه من صاحبه فانه اما تحصيل حاصل ان كان المنتقل إليه هو ما لديه بنفسه، واما اجتماع المثلين إن كان غيره فتأمل.

صحة إسقاط حق التوكل دون نقله
ومنها: - وهذا يطابق المقام تماماً – حق صيرورة كل شخص وكيلاً عن أي شخص فان له ان يسقط حقه في ذلك – فتأمل – لكن ليس له نقله إلى الغير بان يكون للثالث حق الوكالة 5 عن الأول مرتين: مرةً لحقه الذاتي في ان يتوكل عمن شاء ومرة لنقل الثاني حقه في التوكل إليه.                                        

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: (إن الله عز وجل ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغَيبة، ويحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض) الكافي: ج2 ص255.

([1]) الحكم التكليفي بوجوب الوفاء والحكم الوضعي بثبوت الحق.
([2]) أتوماتيكياً.
([3]) على عدم ابتناء تأجير المستأجر الأول، للثاني، على جبر ولا غيره ولا على انه وكّله أم لا، فان له – للمستأجر – ذلك – التأجير -.
([4]) إذ فرق بين ان لا يأخذ بحقه ويتعهد بذلك وبين ان يسقطه، ويجري هذا في بعض السوابق، وقد فصلناه في بحث الحقوق.
([5]) أي حق التوكّل عنه.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2819
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 19 محرم الحرام 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18