• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 117- بحث اصولي: تحديد مواطن مرجعية العرف في النصوص والفاظها .

117- بحث اصولي: تحديد مواطن مرجعية العرف في النصوص والفاظها

بحث اصولي: تحديد مواطن مرجعية العرف في النصوص والفاظها*
قد يقال: ان العرف مرجع في الرجوع الى النصوص والفاظها ونصوصها في مواطن، منها:
 
الاول: العرف هو المرجع في الإطلاق والتقييد والعموم والخصوص
إن المرجع في الإطلاق والتقييد والعموم والخصوص... هو العرف دون ريب، وأما التشقيقات وطرح المحتملات والفروض والوجوه من تزاحم وتعارض... مما كان مصداق التفقه في الدين فإنها إذا اصطدمت بالفهم العرفي وعارضته لم تكن حجة (إلا إذا دلَّ نصٌ عليها بالخصوص)[1]، أما إذا لم تصطدم بالفهم العرفي فإن الإطلاقات تشملها ـ أي: التدقيقات التي نشأت منها فروض وصور وشقوق، كما في ما فصلناه في بحث النميمة عن نوع الإضافة في قوله(عليه السلام) (فإن النمام شاهد زور) من محتملاتها الأربعة ـ من غير معارض.
والمراد من الإطلاقات، إطلاق نفس أدلتها مادامت صادقة بالحمل الشائع، ومشمولة لقواعد البلاغة واللغة وشبهها، مع عدم دلالة (إلا بلسان قومه) على نفيها كما سيأتي، أو المراد منها إطلاقات مثل (عرفتم معاني كلامنا) و(سبعين وجهاً) و(معاريض كلامنا) شرط وجود القرينة الحالية أو المقالية المتصلة أو المنفصلة.
والحاصل: إن فهم العرف للخلاف مسقط للدقة عن الحجية لا عدم فهمه مع اندراج التدقيقات في الإطلاقات، التي هي في أصلها أيضاً عرفية، فتدبر جيداً.‏
 
الثاني: الظهور العرفي المستقر هو المرجع لا  البدوي
إن العرف إن بدا له أمر ـ كاشتراط نقل ما هو نقص في صدق النميمة مثلاً ـ فليس بحجة مطلقاً، بل إنما هو حجة فيما لو أُلفت إلى منشأ استظهاره، وإنه كذا وكذا، وإنه يرد عليه كذا وكذا، فلم يتزحزح وبقي مستظهراً، وإلا فلا.
لكن هذا خاص بما كان فيه نوع خفاء كأنواع الاستدلال، بعكس النقيض أو دلالات الاقتضاء والتنبيه والإيماء، وكذا الإشارة وكالموضوعات المستنبطة العرفية واللغوية، دون ما لم يكن فيه خفاء،  كالموضوعات الصرفة والظهورات المعروفة (كظهور العام في الشمول أو الأمر في الوجوب).
ومنه يظهر: إن أصل الظهور في معنى قد يكون مما لا خفاء فيه، بينما تكون حدوده مما بها الخفاء، فيكون المرجع في الأول العرف دون توقفٍ على التدقيق والتشقيق أو استدلال مركب، بينما يكون المرجع في الثاني الأصول وقواعد التفقه، ومآل هذا لُبّاً إلى مرجعيته بعد التثبت من كون استظهاره مستقراً لا بدوياً[2] يرتفع بالفاته، فلو أُلفت إلى أن اشتراطه ـ  فرضاً ـ نقل ما هو نقص في صدق النميمة إنما هو للغلبة، وإنها هي الموهمة وإن تمام المدار في النميمة هو النقل لإيقاع فتنة أو فساد فصدّق ذلك كان المرجع استظهاره المستقر لا البدوي الأولي.
لا يقال: (بلسان قومه) ظاهر في الاستظهار البدوي.
إذ يقال: بل نصه هو (لسان القوم) وهو أعم من البدوي والمستقر إن لم نقل بانصرافه للمستقر، ولدى التعارض فإن المستقر هو ما يرونه لسانهم.
ويشهد لذلك فنون البلاغة وأنواع الكناية المستخدمة في كلمات العرب، فإن العرف كثيراً ما لا يلتفت إليها وإلى فوارقها ونتائجها، فيحكم بوحدة المعنى في التعبير بمثل (إياك نعبد) و(نعبدك) مثلاً، إلا أنه لو ألفت لأذعن وأقر بأن ذلك هو المرتكز واقعاً، أو أنه هو القاعدة في اللغة العربية،
فإليه إذاً المرجع، فتدبر.
ويؤكد ذلك: مختلف تحقيقات الأصوليين والفقهاء في تشخيص الظهورات، كالقول بالفرق بين المخصِّص المتصل والمنفصل، وإخلال محتمل القرينية المتصل بالظهور دون محتمل القرينية المنفصل، وظهور الأمر بعد الحظر وظهور العام في الباقي.. وهكذا، لكن بقيد عدم اصطدامها بالعرف، فيخرج بذلك المحتملات البعيدة والاستدلالات المناقضة للوجدان أو الفطرة.
 ---------------------------------------
 
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2417
  • تاريخ إضافة الموضوع : 5 ربيع الثاني 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19