• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 35- فائدة اصولية: استحالة تحقق الشهرة العملية على خلاف القرآن .

35- فائدة اصولية: استحالة تحقق الشهرة العملية على خلاف القرآن

يستحيل عادة وجود شهرة عملية بين فقهاء أصحاب الائمة (عليهم السلام) على خلاف كتاب الله تعالى إذ كيف يعقل ان يفتي أكثر أصحاب الإمام (عليه السلام) على خلاف القرآن استناداً إلى رواية، والإمام (عليه السلام) موجود بين ظهرانيهم لا يردعهم؟[1] بل لا يعقل عادة انعقاد هكذا شهرة بدواً؛ ألا ترى انه لا يعقل انعقاد شهرة وكلاء مرجع، على خلاف رأيه في مسألة والمرجع ساكت لا ينطق بكلمة؟ ولئن أُحتُمِل في كذب أو خطأ وكيل على مرجعٍ في فتوى، عدم وصول الخبر للمرجع كي يكذِّب أو يصحح فانه لا يحتمل في انعقاد شهرة وكلائه على الكذب أو الخطأ في نسبة فتوى إليه، عدم علمه وانه لذلك لم يصحح أو يكذِّب.

وإذا كان الأمر كذلك في المرجع فانه أوضح وأكثر بداهة في الإمام (عليه السلام) الذي لا شك في انه أكثر إحاطة وأكثر احتياطاً على الشريعة وعلى الأحكام المنسوبة إليه فكيف يعقل ان تنعقد شهرة أصحابه على خلاف القرآن الكريم استناداً إلى رواية منسوبة إليه؟
ويؤكده ان الائمة وأصحابهم كانوا في مرمى ألسنة علماء العامة وسلاطينهم وترصّد المناوئين لهم وكانوا يتربصون بهم الدوائر ويتصيدون عليهم الأخطاء فكيف يعقل ان تنعقد فتاوى وآراء أكثرية أصحابهم على خلاف القرآن الكريم استناداً إلى رواية منسوبة إليهم؟!
وبذلك يمكن تعليل وتفسير عدم ذكر الترجيح بالشهرة العملية في بعض الروايات واكتفائها بالترجيح بالمرجح الذي لحقها في المقبولة وهو موافقة الكتاب ثم مخالفة العامة:
"سَعِيدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ الرَّاوَنْدِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي أَلَّفَهَا فِي أَحْوَالِ أَحَادِيثِ أَصْحَابِنَا وَ إِثْبَاتِ صِحَّتِهَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ أَبِي الْبَرَكَاتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام) إِذَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ فَاعْرِضُوهُمَا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ- فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَخُذُوهُ وَ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَرُدُّوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ- فَاعْرِضُوهُمَا عَلَى أَخْبَارِ الْعَامَّةِ- فَمَا وَافَقَ أَخْبَارَهُمْ فَذَرُوهُ وَ مَا خَالَفَ أَخْبَارَهُمْ فَخُذُوهُ"([2]).
والحاصل: انه حيث لا يعقل انعقاد الشهرة العملية على الخلاف، لذلك أرجع الإمام (عليه السلام) إلى موافقة ومخالفة الكتاب إذ كل ما خالف الكتاب فانه لا يعقل ان تنعقد الشهرة العملية عليه.
نعم لا بأس بذكر الشهرة العملية كعلامة إثباتية على تحقق موافقة الكتاب، وبذلك يوجّه ذكرها في المقبولة، وعليه: فكلما تحققت الشهرة فقد تحققت موافقة الكتاب فتدبر جيداً.
==============================================
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1735
  • تاريخ إضافة الموضوع : 12 شعبان 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20