• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الفوائد والبحوث .
              • الموضوع : 32- فائدة فقهية اصولية: لا تدافع بين العرفية والدقية في الاستدلال .

32- فائدة فقهية اصولية: لا تدافع بين العرفية والدقية في الاستدلال

قد يتوهم التدافع بين العرفية والدقة في الاستدلال الفقهي بدعوى أن التدقيق والتشقيق والمعاني العميقة وطرح الاحتمالات المختلفة، ليس بعرفي فإذا كان الملاك (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) ولسان القوم عرفي فالدقة لا وجه لها وليست مما يحتج بها فهي لغو، إلا أن هذا يعارَض بما دل من الروايات على ((أَنْتُمْ أَفْقَهُ النَّاسِ إِذَا عَرَفْتُمْ مَعَانِيَ كَلَامِنَا))([1]) (( وَإِنَّ الْكَلِمَةَ مِنْ كَلَامِنَا لَتَنْصَرِفُ عَلَى سَبْعِينَ وَجْهاً لَنَا مِنْ جَمِيعِهَا الْمَخْرَج‏))([2]) فالمتوهم هو التعارض بين مثل (بلسان قومه) ومثل (على سبعين وجهاً) و(أنتم أفقه الناس) لوضوح ان الافقهية بل الفقاهة لا تكون إلا بالدقة والتحقيق والتشقيق والجرح والتعديل وكشف الحكومة والورود ونظائرها مما لا يلتفت إليها العرف عادة.

وجواب ذلك من وجوه : نشير إلى احدها فقط وهو إن المرجع في الإطلاق والتقييد والعموم والخصوص... الخ هو العرف دون ريب، واما التشقيقات وطرح المحتملات والفروض والوجوه من تزاحم وتعارض... الخ، مما كان مصداق التفقه في الدين فإنها إذا اصطدمت بالفهم العرفي وعارضته لم تكن حجة (إلا إذا دلَّ نصٌ عليها بالخصوص)([3]) , اما إذا لم تصطدم بالفهم العرفي فان الإطلاقات تشملها (أي التدقيقات التي نشأت منها فروض وصور وشقوق كالتدقيق في نوع الإضافة في مثل شاهد الزور في الفائدة التالية) من غير معارض.

والحاصل: ان فهم العرف للخلاف مسقط للدقة عن الحجية لا عدم فهمه مع اندراج التدقيقات في الاطلاقات التي هي في أصلها أيضاً عرفية، فتدبر جيداً.

================================================

([1]) وسائل الشيعة ج27 ص117.

([2]) معاني الأخبار ص2.

([3]) كدلالة الأدلة على بناء الشارع على فصل المقيدات عن مطلقاتها والتفكيك بين الإرادة الجدية والاستعمالية..

[فائدة أصولية – المكاسب، النميمة، الدرس 31]


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1730
  • تاريخ إضافة الموضوع : 11 شعبان 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28