• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 432- رواية رضوية ( عليه السلام ) عن خيار العباد ـ امثلة فقهية للتفصيل السابق ـ التفصيل بين المسائل الوفاقية وغيرها ـ التفصيل بين صورة العلم بالخلاف وعدمه .

432- رواية رضوية ( عليه السلام ) عن خيار العباد ـ امثلة فقهية للتفصيل السابق ـ التفصيل بين المسائل الوفاقية وغيرها ـ التفصيل بين صورة العلم بالخلاف وعدمه

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
التبعيض في التقليد 
 
(3) 
 
فروع فقهية تتفرع عن التفصيل السابق 
 
أ- كما يمكن التمثيل للأول (وهو ما استلزم التبعيضُ المخالفةَ للواقع)، بتقليده من يقول بثبوت المسافة الشرعية بشهادة العدل الواحد([1]) فيصلي قصراً حسب هذا الرأي، مع تقليده من لا يرى ذلك أو يستشكل فيه([2]) فيصوم حسب رأيه. 
 
ب- وكذلك التبعيض في تقليد من لا يرى الشياع حجة إلا لو أفاد العلم أو الاطمئنان كما لعله المشهور وتقليد من يراه حجة مطلقاً وإن لم يفد العلم الفعلي فحاله حال سائر الحجج كالبينة، كما صار إليه السيد الوالد في الفقه وان احتاط في حاشية العروة، فيبعض بين الصلاة والصوم أو يصلي الظهر قصراً حسب الرأي الثاني (إذ تثبت به المسافة) ويصلي العصر تماماً حسب الرأي الأول إذ لا تثبت بمجرد الشياع المسافة. 
 
ج- وكذلك التبعيض في التقليد بين من يرى خروج مقدار ساعة أو ساعتين([3]) أو ما لا يستوعب تمام النهار أو الليل([4]) عن خطة سور البلد بل عن حد الترخص بل إلى ما دون الأربعة فراسخ، خلال العشرة التي نوى الإقامة فيها، مُخِلَّاً([5]) بالإقامة وبين من لا يرى([6]). 
 
د- وكذلك لا يصح التبعيض إذا علم استلزامه للمخالفة القطعية حسب ارتكاز المتشرعة القطعي أو غيره وذلك مثل من يترك أجزاء مختلفة من الصلاة ويرتكب موانع متعددة مستنداً في كل منها إلى رأي شاذ أو غيره مما يجعل المجموع بنظر المتشرعة خارجاً عن (الصلاة) المتلقاة من الشارع مثل ان يترك السورة لفتوىً، والتشهد لفتوى أخرى، وجلسة الاستراحة لثالثة، ويقول آمين لفتوىً بالصحة ويقوم بالفعل الكثير لفتوى بعدم مُخلّيته... وهكذا. 
 
ونظيره ما ذكرناه في مبحث آخر من ان مخالفة المشهور وإن كانت مما لا إشكال فيها إذا دل على خلافهم الدليل، إلا ان صيرورة مجتهدٍ مجمعاً للآراء الشاذة في مختلف الأبواب يعدّ مما يفقد رأيه الحجية لبناء العقلاء على العدم إذ يرونه شاذاً ولا يركنون إلى مثله، ودونك شاهداً على ذلك حالهم في التعامل مع الطبيب الذي صار مجمعاً للآراء الطبية الشاذة المخالفة للمشهور في مختلف المسائل فانهم لا يركنون إليه ولا يعتمدون عليه، وكذلك حالهم مع مختلف الخبراء في الفيزياء والكيمياء وغيرها، أو لا أقل من ان البناء دليل لبي لا يحرز شموله لمثل ذلك، ولإنصراف الإطلاقات عن مثل ذلك بل لعدم إحراز كونها في مقام البيان من هذه الجهة. فتدبر 
 
التفصيل بين المسائل الوفاقية وغيرها 
 
وقد يفصل بين أ- المسائل الوفاقية الأعم مما اتفق فيه الفقيهان فله ان يبعض إذ اللازم انطباق حجة على العمل وكونه مشمولاً لحجةٍ من الحجج واما الاستناد إلى حجة خاصة وتعيين المستند إليه فلا دليل عليه، بل لذلك أفتى البعض بجواز تقليد المفضول رغم قوله بوجوب تقليد الأعلم إذا علم توافق الرأيين. 
 
ب- وبين المسائل الخلافية فلا، لما سيأتي في التفصيل اللاحق. 
 
التفصيل بين صورة العلم بالمخالفة وعدمها 
 
وقد يفصل بين صورة العلم بالمخالفة بين الفتويين أو الفتاوى فلا يجوز التبعيض وبين صورة عدم العلم فيجوز مطلقاً حتى في المركب الارتباطي. 
 
قال في التنقيح([7]) (قد اتضح مما ذكرناه في المسألة الثالثة عشرة من أن المكلف مخيّر بين المجتهدين المتساويين عند عدم العلم بالمخالفة بينهما، جواز التبعيض في المسائل فإن للمقلّد أن يقلّد أحدهما في مسألة ويقلّد الآخر في مسألة أُخرى لعدم العلم بالمخالفة بينهما في الفتوى، بل يجوز له التبعيض في الرجوع بالإضافة إلى أجزاء عمل واحد وشرائطه بأن يقلّد أحدهما في الاكتفاء بالمرّة الواحدة في غسل الثياب ويقلّد الآخر في جواز المسح منكوساً مثلاً، أو يقلّد أحدهما في عدم وجوب السورة ويقلّد الآخر في الاكتفاء بالتسبيحات الأربع مرّة واحدة وهكذا. وذلك لأن فتوى كلا المجتهدين حجة معتبرة وله أن يستند في أعماله إلى أيهما شاءه. هذا إذا خصصنا جواز التخيير بين المجتهدين المتساويين بما إذا لم يعلم المخالفة بينهما في الفتوى كما مرّ. 
 
وأما لو عممنا القول بالتخيير إلى صورة العلم بالمخالفة بينهما، فالمقلّد وإن جاز أن يبعّض في التقليد ويقلّد أحدهما في عمل أو باب ويقلّد الآخر في باب أو عمل آخرين كما لو رجع في عباداته إلى مجتهد وفي معاملاته إلى مجتهد آخر، إلّا أنه لا يتمكن من‏ التبعيض في التقليد بالإضافة إلى مركب واحد، بأن يقلّد في بعض أجزائه أو شرائطه من أحدهما ويقلّد في بعضها الآخر من المجتهد الآخر، كما لو قلّد أحدهما في عدم وجوب السورة في الصلاة فلم يأت بها في صلاته ورجع إلى أحدهما الآخر في الاكتفاء بالتسبيحات الأربع مرّة واحدة مع العلم بالمخالفة بينهما في الفتوى. 
 
و الوجه في ذلك: أن صحة كل جزء من الأجزاء الارتباطية مقيّدة بما إذ أتى بالجزء الآخر صحيحاً، فمع بطلان جزء من الأجزاء الارتباطية تبطل الأجزاء بأسرها. وإن شئت قلت: إن صحة الأجزاء الارتباطية ارتباطية). 
 
أقول: سيأتي تمام استدلاله ومناقشته بإذن الله تعالى، واما توضيح بعض كلامه فبأن يقال انه في صورة عدم العلم بالمخالفة فان الإطلاقات تشمل كلا الفتويين واما احتمال المخالفة فلا يمنع الحجية إذ ينفى بالأصل كما صرح بذلك في موضع آخر([8]). 
 
والحاصل: انه يرى التخيير العام والجزئي أي ان للمكلف في صورة عدم العلم بالمخالفة الالتزام بتقليد هذا كاملا أو ذاك كاملا([9]) وله ان يبعّض. 
 
ثم انه ( قدس سره ) فصّل([10]) حتى على التنزل والقبول بقول المشهور من التخيير حتى في صورة العلم بالمخالفة، بين المركب الارتباطي فلا يجوز التبعيض كما صرح به ههنا وإلا فيجوز. 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) كما ذهب إليه السيد الوالد والسيد القمي وغيرهم. 
 
([2]) كصاحب العروة والسيد الكلبايكاني وغيرهما. راجع العروة صلاة المسافر م 4. 
 
([3]) كالسيد القمي. 
 
([4]) كالسيد الوالد. 
 
([5]) مفعول (يرى). 
 
([6]) كالسيد الكلبايكاني قال (بل لا بد من نية إقامة العشرة بتمامها في البلد وما بحكمه). راجع للتفصيل العروة – في قواطع السفر م 8. 
 
([7]) التنقيح في شرح العروة الوثقى: ج1 ص257 م33. 
 
([8]) التنقيح في شرح العروة الوثقى: م13 ص135. 
 
([9]) أو الاستناد أو الأخذ أو العمل على طبقه أو غير ذلك على الأقوال في حقيقة التقليد، وقد ذهب إلى ان التقليد هو (الاستناد في العمل إلى فتوى الغير) – التنقيح ص58. 
 
([10]) راجع مجموع كلاميه في المسألة 13 ص135 والمسألة 33 ص257.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1345
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأحد 11 ذو القعدة 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29